(الحلمُ .. مهْنة!!)
يسألها..
ملتفة، كانت، بشالٍ أحمرٍ،
والبردُ ما يزالُ عجينةً في الفرن المجاور…
[الذي يحبهُ الناس في باب توما]
أتأكلين؟
عيناها دامعتان، كما هي أعينُ المحبين في أول الحب.
وعلى رصيفٍ مجاورٍ جلستْ على مصطبةٍ…
وتبلل فستانها بماءٍ متروكْ!
كانوا يمرون، غزارتهم تدلُ على التكاثر الفذّ.
كان الحبُ يمرُّ عادياً في المكان الأثري…
[ومن هنا مرّتْ حروبٌ، فعلى الطريق
بقايا غزارةٍ ملموسين في الحجارة السوداء]
وكانتْ تريدُ أن يضمها بين أوراقِ المؤرّخِ البصري…
يضمُها بين المخاوف…
أتطلبين الصمت؟
قالت: يدُكَ اليمنى، أرى ما في مفتاحها، وقد صدئتْ تفاصيلهُ،
الذي تدّلى، في المجازات، من خصرِ صبيّةٍ، كانت ترى
في ظل الموارباتِ وظلِّها… باباً!
قلتُ لها، في الحقيقة، حاولت أن أقول لها:
«نحن نمشي منذ هذا المساء، على ضفّةِ نهرٍ تظّنُه نهراً.
في الخيال هو زورقٌ من ورق الطفولة، مجرّدُ ماءٍ تسيلُ
على سطحه آفاقنا نحو ما سيغدو، ذات يوم، مياهَ الأطلسي
أو المتوسط… حينما تنمو خرائطُنا.
أو…
هذا الذي يضّمنا تَحتَ رذاذٍ يُدفئُ أحلى ما لدى أعضائنا…
فراشة الضوءِ
أو ظلامَ ما ستؤول إليه
فراشةُ الضوء!!
أضّمكِ… فجأةً
أضمّكِ من فرط البرودةِ هذا المساء المكرّر.
سوف أضمّكِ، كما لو أنني ذاهب الى حرب
سوف أقْتل فيها.
سوف أضمّكِ، كما لو أنني أعرفُ نوايا العصر…
الذي يغرقنا، [لأنه يجمّعُ الخلافَ اللغويَّ
غيرَ الخلافِ اللغوي…
لكي يحذفَ الحبْ…]
ثم
نمارسُ جنس اختلاف بسيط
على فراش مستعار!!
………
أتأكلين … هذه النار أنضجت رغيفنا؟
هذه النار أنضجتْ وقوفنا الزخرفيَّ في «باب توما»
أمام فرنٍ يحبهُ شعبُ العابرين.
واقتنعي، كما ينبغي لمنتصرٍ أن يصرخ، أو يدقَّ طبلاً
اني… أحبك!!
يسألها..
ما زلتُ أراه يسألها، ملتفة بشالٍ أحمرٍ،
والبردُ يخبزُ في الفرن…
اراه …. [أنا المصوُّر الصحفيُّ
الذي يرى ازدواج معايير الجمالِ مع الخبز]
أتأكلين؟
وتجيبُه….
[كما يفعلُ المحبّون في النّمو المعافى لحبٍ على مصطبةٍ
عاديةٍ… وتبللّ فستانها]
وفي ضجةِ المواربات،
في ازدحام الاختلاط العبثيّ للتكاثر،
في ازدهار ما يضجُ على الخبز…
في الجبنة السائلة على الدفء…
وحلوى عليها… تقول كثيراً:
«النار طاهيةُ الروائح»
تجيبه، ملتفة بشالٍ أحمرٍ،
وأنا اسمع كيف ما يزال يسألُها.
وتجيبُهُ…
ولكن ما ليس يسمعه أحدٌ
ما لن يعرفه احدٌ… الى الأبدْ!!
عـــادل محمـــود
شاعر وكاتب من سورية