إن القصد من هذه المداخلة – وهي مجازفة – البحث عن شعرية "النفاذ إلى دواخل النص الشعري المعاصر"(1) لما نجده في نصوص الناقد محمد لطفي اليوسفي من خصوصيات تعين كتاباته النقدية لتنحني بها إلى مصاف الشعرية، حتى ان قارئ كتاب المتاهات والتلاشي في النقد والشعر ولحظة المكاشفة الشعرية يجد فيها متعتين، متعة شعرية اللغة ومتعة مضمون النقد، على اننا لا نقصد بالحديث عن المتحين الفصل بينهما، متلازمتان، وإذا كان صاحب المتاهات يرنو إلى هتك سر "القوانين المتسترة في أقاصي النص وأغواره ورصد ترائيها وتواريها "(2) فإننا سنحاول تبين خصائص هذا الرصد وميزاته وسنهتم أساسه بمستوى لغة النص لنكشف خصائص الشعرية فيه.
الشعرية علم موضوعه الشعر، بهذا المعنى تكور الشعرية متعلقة بجنس أدبي واحد هو القصيدة المتميزة باستعمال النظم، هذا هو المعنى الأول للشعرية وهو فهم أصبح الأن كلاسيكيا باعتبار أن الشعرية تجاوزت الاتصال بجنس الشعر فقط، إن هذه الكلمة كما يقول كوهين "قد أخذت ولو عند جمهور المثقفين فحسب معنى أوسع وذلك عقب التطور الذي بدأ فيما يبدو مع الرومانسية ".(3)
لقد استعملت الكلمة في كل موضوع يثير في النفس إحساس الانفعال الشعري والعاطفة، إذن يمكن أن ننظر في النقد باعتباره يحمل فيما يحمل سمات الشعرية وهذا طبيعي باعتبار إن النقد نص في لغة قد تتجاوز المألوف وتنزاح عن المعهود.
1- تأصيل المبحث:
يغلب في ذهن المتقبل أن النقد إما أن يكون تقصيا لسقطات الشاعر أو الكاتب وإما إبرازا لشاعريته وقدرته على الكتابة دون اكتراث لطبيعة النص النقدي لغته، وخصائصه الفنية وهو نوع من ترسيخ تبعية النص الناقد للنص المنقود، يقول محمد لطفي اليوسفي: "يخطىء من يعتقد أن النقد مجرد وقوف على مطبات نص ما أو إشارة إلى أبعاده الجمالية، انه كلام على كلام " و"الكلام على الكلام صعب" كما يقول التوحيدي، وهو من هذه الزاوية على الأقل مغامرة محفوفة بالمخاطر، إذ كيف يقي الناقد نفسه من فتنة الكلام؟ كيف يضمن لنفسه أن يفكك النص ثم يعيد تركيبا دون أن يسقط منه ما به يكون هو".(4)
على الناقد أن ينوجد من خلال لغة نصه عليه أن ينحت كيانه عبر فعل الكتابة وهذا ما نحسه إحساسا قويا في كتابات الأستاذ اليوسفي.
في هذا السياق يرى جون كوهين في كتاب بنية اللغة الشعرية ان النظر عند نقاد اليوم يكون إما في مستوى ايديولوجي مرتبط بالمعنى والمحتوى والمضمون دون غيره، وإما في مستوى لغوي يبحث في خصائص القيمة الجمالية وحدودها وهو ينقد قصور تصورات النقاد وإصرارهم على المحتوى والمضمون دون مستوى اللغة وأسرارها، يقول "يصر نقاد اليوم على البحث في هذا المحتوى القوي والجاد لدى الشاعر كما لو كانت القيمة الجمالية لقصيدة تكمن فيما قيل لا في الطريقة التي قيل بها فالقصيدة تحلل في مستواها الايديولوجي، أما المستوى اللغوي فيهمل أو ينظر اليه باعتباره مؤشرا أو عرضا"(5)، يؤكد كوهين اذن على آن نظر الناقد يجب أن يهتم أساسا بالقيمة الجمالية للقصيدة ومدخل هذا الاهتمام هو المستوى اللغوي. بذلك يتجاوز النقد آن يكون جملة انطباعات وملاحظات بالنظر حول النص ليستحيل نظرا فيه.
يقول الأستاذ اليوسفي "ان القراءة ليست مجرد شرح للنص المدروس آو تقييم له بل انما تعني الوقوف مند الآسئلة المركزية التي يثيرها حضور نص ما في ثقافة ما عبر مجمل تاريخها غير أن الدارس لا يمكن آن يقي نفسه التيه ومكره الا متى تمثل الاشكاليات التي يثيرها النص المدروس ".(6)
إن طبيعة النقد بما هو خطاب على خطاب تجعله في مدار خطر والخطورة تكمن في أن الخطاب الثاني يجب أن يكون متصلا بالخطاب الأول مفارقا له في أن، وجه الاتصال يتمثل في إدراك العلاقات داخل النص الشعري ومعرفة آهم خصائصه ومميزاته وأسئلته المركزية، ووجه الانفصال يتمثل في استقلال خطاب النقد عن خطاب الشعر وان استند اليه ولا يمكن آن يحصل هذا التواصل والانفصال إلا بالاهتمام بالنص في ذاته دون الاستناد إلى منهج مسبق معلوم آو نظرية محددة مسقطة عليه من خارجه سواء أكانت نظرية العرب القدامى آو رافدة من مناهج الثقافة الأوروبية.
إن مدار الخطورة في النقد يتمثل أيضا في طبيعة نمط القراءة التي يجب أن تكون والأستاذ اليوسفي يعبر عن موقفه من هذه القراءة مستندا إلى مقولة الخلاف فهو يؤكد على أن النص يجب آن يكون مخالفا – ولم لا يكون خلافيا- لذلك كان التصور النقدي عنده مخالفا للمعهود منزاحا عن المألوف وكانت لغته ساعية إلى نحت كيانها وهو يؤكد كل ذك من خلال تصدير دراسته: "لحظة المكاشفة الشعرية عند الشابي" في كتاب دراسات في الشعرية بمقولة لم. هايدجير "ان القراءة الحق لا تفهم النص أحسن مما فهمه صاحبه، إنها تفهمه فهما مخالفا، ولكن الفهم المخالف ينبغي آن يتم على نحو ندرك من خلاله في ذات الشي".(7)
إن المخالفة هي التي تجعل للنص قيمة فلا يكون نسخة لنص سابق أو تكرارا له بل يصبح نصا مستقلا له لغته الخاصة ونظامه الخاص، نجد هذا الموقف مند ادونيس في زمن الشعر في حديثه عن النقد الجديد فهو يصنف النقد العربي السائد إلى اتجاهين رئيسيين، مدرسي أيديولوجي، الاتجاه الأول يرتبط بالنص المنقود وصاحبه ويرفض كل تأويل أيديولوجي والاتجاه الثاني يؤول ويبحث في الدلالات استنادا إلى منظور أيديولوجي.ثم يبين أدونيس بعد الاتجاه الأول عن البحث في الأدب ويصف الثاني بالنقد الآلي ليكشف عن ملامح النقد الجديد وسماته المميزة.
يقول: "النقد الجديد هو في الخروج عن هذين الاتجاهين لا يصدر من موقف مدرسي يضيق أفقه، وإنما يحاول أن يقرأ النص بذاته، ويقدم هذه القراءة باعتبارها ليست إلا احتمالا نقديا – تقويميا- من احتمالات عديدة، انه إذن لا يقدم مجموعة من الأحكام القاطعة وإنما يكشف في النص عن نظام متراط من الدلالات لا يلغي إمكان قراءة ثانية تكشف عن نظام أخر، أي أنه يؤكد استقلا لية النص ولا يعتبره أداة أيديولوجية وإنما يتناوله كأفق أو تحول أو صقل "(8) بهذا يكون النقد نصا على نص، لغة على لغة "نسيجا نقديا يحتضن أعظم قدر من نسيج النص المنقود"(9) خلقا وتأصيلا, خلقا لنص جديد من خلال لغته وتأصيلا لنص قديم،النص المنقود.
2- شعرية النقد في المتاهات ولحظ المكاشفة الشعرية:
أ – في مستلزمات النص: (العنوان)
اذا كان العنوان دليل النص / الكلام فلا يمكن أن نمر إلى النظر في النصوص دون الاهتمام بعناوينها، إن الناظر في كتابات الأستاذ اليوسفي ليجد خصوصية في اسماء كتبا والأسماء هنا موافقة لمسمياتها: المتاهات والتلاشي فهو يبحث عن فعل التيه والتلاشي في النص الشعري وهو فعل وجودي لا يدركه إلا الشعراء والمعنى هنا ليس منحسرا ضيقا فالشعراء هم الذين يحسون بالشعر وينوجدون فيه وليسوا كاتبيا فقط بهذا يكون الشعر تيها وتلاشيا فهو تيه باعتبار أن التيه هو اللحظة التي "يحاول فيها الشعر أن يكون ولا يكون ".(10) وهو تلاش في الاسطورة، تلاش في الالتزام، تلاش في الوجود وهو بهذا التلاشي يحقق وجوده.
يقول في كتاب المتاهات والتلاشي في النقد والشعر، "هذا هو هدير الشعر هذا ما عيناه بهدير الشعر، إن الشعر حين يرتاد هذه العتبات المعتمة ويطال هذه الذرى، يكف عن كونه مجرد كلام ينقل لحظة من وجود ما، ويصبر محملا للوجود أو لما تبقى منه".(11)
هذه العتبات المعتمة المظلمة المضيئة المرعبة هي الإطلالة على مدار الرعب، هي لحظة المكاشفة الشعرية لحظة الانطلاق والمعلق، لحظة تخرج عن حيز الزمان إلى زمن غير زماننا تتأسس في مكان ملامحه كالسماء "تحيط به المعرفة ولا تدركا الصفة" إن المتأمل في هذه العناوين يلمس خروجا عن المألوف وتجاوزا لما هو معهود وانزياحا عن الدالة العادية، ملامسة لحس الشاعر بحس الشاعر.
ب – شعرية اللغة:
إن قيمة كل نص سواء أكان شعريا، او نقديا، او حضاريا، او تاريخيا تتجلى في لغته وتظهر في أسلوب كتابته ومن الجوانب التي يعيرها الأستاذ اليوسفي كثير اهتمامه لغته في الكتابة فهو يسعى إلى خلق خصوصية تميز نصه وتجعله مصطبغا بصبغته حتى إننا يمكن أن نذهب إلى أنه توصل إلى ايجاد معجم / لغة خاصة يميزها القارئ عن غيرها في كتب النقد، فان عبارات مثل ان القصيدة طافحة بالتخان الى حد التلاشي شظايا، وعبارة عتمة الأغوار، عتمة الغياب، لحظة متشحة بالتعتيم، لغة قداس يقام في حضرة الغياب، هذه التراكيب وغيرها كثيرا ما تشير عند المتقبل إلى ساحبها وصانعها، فالأستاذ اليوسفي يملك لغته ينحتها كالصنم لتعبده ويعبدها وهي الى عبادته أقرب لأنها معبرة عنه كاشفة عن متاهات نقده.
إن الخلق عنصر أساسي في كتابات صاحب المتاهات فهو ينزاح باللغة إلى غير المألوف فيركب بالتالي لغة جديدة يجمع فيها ما لم يعتد جمعه من الألفاظ يقول مبرزا أن الشعر شطح للحياة ورقص "ههنا تتراجع قتامة هذا العالم الى حين فتطفح الصور التي تحيل عليه بطعم الغبطة"(12) إن الانزياح "هنا يوحي بشعرية اللغة" و" والأسلوب انزياح يعرف كميا بالقياس إلى معيار"(13)المعيار هو المتداول في الكلام وبالتالي فان قول طعم الغبطة يتضمن تأسيسا لعلاقة جديدة، إننا لا نعرف للغبطة طعما وهذا التأسيس لهذه العلاقة كشف عن شعرية الكلام، قس على ذلك عدة تراكيب تطفح بالشعرية والجمالية مثل عبارة أحشاء الفناء/ لغة قداس يقام في حضرة الغياب / عصارة الكيان / هوس الخلق / هدير الشعر… الخ.
إن صاحب المتاهات في تعامله مع جدول الاختيار يميز الألفاظ وينتقيها ليضعها في سياقاتها ويتخير لها مقاماتها لكنها مقامات مخلوقة مصنوعة تتراكب في لغة تنبئ عن صاحبها وتشير اليه فاختيار عبارة التلاشي والمتاه توائم حالة الشاعر لحظة صراعه مع اللغة لغاية نحت كيان القصيدة وإن انتقاءه لعبارة أديم النصوص يعبر عن إحساس الشاعر فأرض الشاعر نصه، وتمييز الأستاذ اليوسفي للفظة المكاشفة عن غيرها يوحي بإحساس الشاعر واصطدامه مع الشعر واصطراعه به وإذا كان " الفن الكامل هو الذي يستغل كل ادواته" فان فن النقد مند محمد لطفي اليوسفي كامل أضاف إلى نفعية مضمون النقد جمالية اللفظ فيه فتحققت فيه ثنائية النافع والجميل.
ج – شعرية الصورة:
إن الحديث عن شعرية الصورة النقدية مرتبط ارتباطا وثيقا بالصورة الشعرية بل هو متأسس عليها نابع منها وهي تكشف من مدى تمثل الناقد للصورة والانفعال بها وتحويل هذا الانفعال إلى المتقبل لذلك نجد تشكيلا لصورة من درجة ثانية تحاكي الصورة الشعرية وتتكئ عليها لتنهض بها عبر التفكيك والتفصيل فيها وإبراز ما يطالها من هنات.
وقبل أن نرصد الصورة النقدية عند الآستاذ اليوسفي سنسعي إلى كشف علاقة الصورة بالتخييل حسب جابر عصفور.
يقول في "الصورة الفنية في التراث النقدي والبلاغي. "إن قوة التخييل تتمكن من الجمع بين الأشياء المتباعدة التي لا تربط بينها علاقة ظاهرة فتوقع الائتلاف بين أشد المختلفات تباعدا وتلقي حدود الزمان وآطر المكان وتنطق إلى أفاق فسيحة لتصنع الأعاجيب ".(14)
نتبين إذن قيام الصورة الفنية على قوة التخييل ومساوقة ما لا يتساوق وهذا يؤسس نظاما جديدا لغة، نظام غير مألوف ينحته الشاعر أو المبدع، وأن المتأمل في كتابات محمد لطفي اليوسفي النقدية يتبين حضور هذه السمات في لغته، تظهر في تشكيل الصورة، صورة جديدة غير مألوفة سيما في النقد فيحاكي نص النقد النص المنقود.
يقول في كتاب المتاهات والتلاشي:
"يأتي الحديث عن الظلمة عند درويش مقترنا بالرعب من التلاشي"
مر عصفور على الأحجار ظلا
هل يعيش الظل
جاء الليل.. جاء الليل..جاء الليل
وحدنا لا نخل الليل
وأتاني الليل من منديلها
لم يأت ليل مثل هذا الليل "
ويرد الحديث عن النور كما لو أن النور يسقط في العتمة ويدلج فيها"(15)
ان عبارة صاحب المتاهات "النور يسقط في العتمة ويدلج فيها" على درجة من الشاعرية متأسسة على التقابل بين النور والظلمة أكد عليها من خلال فعل يدلج وهي أيضا تختزل المقطع الشعري فصورة النور تظهر في العصفور وتظهر صورة الظلمة في فعل الادلاج وفي كثافة ترديد عبارة الليل (سبع مرات) والإدلاج هو سير الليل كله:
جاء في لسان العرب "وقيل الدلج، الليل كله من أوله إلى أخره حكاه ثعلب عن أبي سليمان الاعرابي وقال "أي ساعة سرت من أول الليل إلى أخره فقد أدلجت".
يقول محمد لطفي اليوسفي في سياق أخر. "يعلن الشاعر الأصيل بأن شعره منغرس في لحظة البدء في تغريبة الإنسان معلقا ويقول: لحظة الميلاء تسكنني من الأزل
أحزاني ليست أحزاني درويش
هي جرح ينزف من تاريخ الإنسان أدونيس
فالقصيدة لا تنشغل باللحظة المفتنة الهاربة (أي تجربة الشاعر) إلا لتغرسها في نهر الأبدية عندما ترتقي بها إلى رحب التجربة الشاملة ومن ثم تكبس الأشياء والموجودات بأبعادها الرمزية التي كانت تملؤها حياة".(16)
مدار الحديث هنا تجربة الشاعر لحظة تشكل القصيدة وقد شبه صاحب المتاهات القصيدة بالشجرة تغرسها القصيدة في نهر الأبدية والنهر خصب والأبدية مطلق فالصورة معبرة عن لحظة إنتاج القصيدة باعتبارها لحظة إخصاب ومعاشرة للمطلق والمثال، فصورة النقد تزيد صورة الشعر وضوحا وتجليها وتكشفها وبذلك تقوم بوظيفة الإفصاح والبيان والايضاح وهي وظيفة يتأسس عليها الخطاب النقدي وبها يكون، وتواصلا مع نفس القضية يقول لطفي اليوسفي "الشاعر يدرك أنه يدلج في التيه ويعلن:
وليس الامام أمامي
وليس الوراء ورائي در ويش
إلى أين أذهب
ولا وراء هناك ولا أمام، انه المتاه، هكذا يخبر الشاعر عن مدار الرعب حين يرتاده ويجاهر في لحظة الرعب القصوى.
"لا أرض تحتي كي أموت كما أشاء
ولا سماء
حولي لاثقبها وأدخل في خيام الأنبياء درويش
هل جسدي واسغ
أم ترى عالق في فضاء من الرعب مستسلما أتدلى" ما هو هذا المتاه وما هي الهاوية المرعبة التي يتردى فيها الشاعر في منحدراتها أن تألق حدث الكتابة (….) يرتاد ذلك المدار ويرى ما لا يحب أن يرى، يعلق بجسمه منه ما يكفي ليخبر عما ينفتح عليه لحظة تألقه ".(17).
إن الصورة التي يعبر بها محمد لطفي اليوسفي عن الصورة في المقطع الشعري قريبة من العدم المطلق، من اللاوجود أو من الوجود المعلق صورة غائمة عبر عنها "بالهاوية المرعبة " برؤية ما لا يجب أن يرى" وبلحظة المكاشفة وهي لحظة تتأبى عن الوصف، لحظة الاعتصار، والمخاض فالنقد هنا يتجاوز المعيارية وضرورة الإعلان عن موقف من القصيدة ليساهم في الكشف عنها وعن خباياها وإيضاحها وإجلاء ما انستر منها، يتضح ذلك في قراءة الأستاذ اليوسفي لمقطع شعري لمحمود درويش.
"أغنية
لا شيء يعنيها سوى ايقاعها
ريم تهب كي تهب لذاتها
أغنية
ترسي لتعرف نفسها، قانون غبطتها وتوحل. إن النص الذي تشكل على هذا النحو قد تمكن من تحقيق متعلق الشعر ومبتغاه، الامتلاء بصخب لحظته التاريخية دون أن يتلاشي في غيره ".
يلاحق الكلام الكلام وتكشف صورة النقد صورة الشعر تتراكب الأخيلة وتتوالد تنهض صورة النقد على صورة الشعر لكنها تتجاوزها لتكشف عنها وتعري خباياها وتهتك سترها تناغم بين شعرية النقد وشعرية الشعر، كلام عن كلام، لغة عن لغة، صورة تعبر من صورة، إبداع / شعرية من درجة ثانية هي شعرية النقد.
ننتهي إذن إلى ان كتابات محمد لطفي اليوسفي جاوزت مألوف النقد لتخلق لغة جديدة قائمة على مبدأ الاختلاف وبذلك جاءت نصوص صاحب المتاهات متفردة غريبة لكنها قريبة من نضر المتقبل باعتباره نصا أصيلا بمتانة لغته لكن أصالته لم تلغ حدود المجاوزة فيه ,فكان الإبداع فيه تجربة خارقة جاوز فيها حدود الإبداع المألوفة لكنه نهل منها فكان نصا متجاوزا للحدود راسما حدودا للتجاوز.
الهوامش
(1)اليوسفي محمد لطفي: كتاب المتاهات والتلاشي في النقد والشعر دار سيراس 1992ط 1 ص5.
(2) المصدر نفسه ص 5.
(3) كوهين جون: بنية اللغة الشعرية، دار توبقال 1986ط 1،ص5.
(4) اليوسفي محمد لطفي:دراسات في الشعرية، بيت الحكمة قرطاج عام1988ط1. ص 57 (مؤلف جماعي).
(5) كوهين جون بنية الغة الشعرية ص 39.
(6)اليوسفي محمد لطفي: المتاهات التلاشي ص 7.
(7) اليوسفي محمد لطفي: دراسات في الشعرية ص55 .
(8) سعيد علي أحمد:زمن الشعر، دار العودة د.ت الطبعة الثانية منقحة ومزيدة ص 297.
(9) نفس المرجع: ص 297.
(10) اليوسفي محمد لطفي: المتاهات والتلاشي ص43.
(11) نفس المصدر ص201.
(12)اليوسفي محمد لطفي،لحظة المكاشفة الشعرية، الدار التونسية للشعر 1992ط 1 ص 58.
(13) كيروبيار Problemes et methodes de la statique ورد في بنية اللغة الشعرية ص 16.
(14)عصفور جابر: الصورة الفنية في التراث النقدي والبلاغي عند العرب المركز الثقافي العربي، الطبعة الثالثة، 1992ص38.
(15) ابن منظور، لسان العرب، الجزء الثاني،دار صادر بيروت، د.ت ص 272.
(16) اليوسفي محمد لطفي، المتاهات والتلاشي في النقد والشعر ص 168- 169.
(17) اليوسفي محمد لطفي: لحظة المكاشفة الشعرية ص 294-295.
(18) اليوسفي محمد لطفي، المتاهات والتلاشي في النقد والشعر ص 178.
سمير سحيمي (كاتب من تونس يقيم في سلطنة عمان)