عام 1412هـ (1992م)
أصدر حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم تعليماته السامية بإنشاء أكبر جامع في السلطنة. والهدف من إقامة هذا الجامع لا يقتصر على توفير مكان للصلاة والتعبد فحسب بل يكون مركزا للتفاعل مع روح الاسلام دينا وعلما وحضارة ومع نتاج تاريخه الأدبي والثقافي. ان مبدأ إنشاء المسجد الجامع. توطد مع بداية التطور الحضاري الاسلامي مرافقا تأسيس مدنه العريقة، وهذه الجوامع مازالت تؤكد على أهمية هذا الصرح المعماري عبر العصور الاسلامية (ومنها الجامع الأموي في دمشق وجامع قرطبة في الأندلس وجامع سامراء في العراق وجامع القيروان في تونس).
ولطالما كانت عمارة هذه المساجد مقرونة بتأسيس المدارس والجامعات والتي لعبت دورا متفوقا في الارتقاء ببنية العلوم والمعارف الدينية والدنيوية والعلمية والفنية وتطورها في مراكز المدن الاسلامية.
وبناء على توجيهات صاحب الجلالة – حفظه الله – أوكلت مهمة اقامة مسابقة معمارية الى ديوان البلاط السلطان بمسقط. وتمت دعوة مستشارين عرب وعالميين للمشاركة في تقديم المخططات المعمارية لتصميم مشروع جامع السلطان قابوس الأكبر وكان ذلك عام 1412 هجري الموافق للعام 1993 ميلادي.
ورسا الاختيار على مقترح المهندس المعماري محمد صالح مكية بالاشتراك مع كواد ديزاين Quad Design ومركزهم لندن ومسقط. ولقد جمع هذا المخطط بين أصالة العمارة الاسلامية ومقاييسها وبينها وبين الحداثة العالمية ومتطلبات البناء والتصميم العصرية والمستقبلية.
تم الشروع في بناء عمارة الجامع في عام 1415 هجرية (1995 ميلادية) وانجزت عمارته بعونه سبحانه وتعالى عام 1421 هجرية (ا200ميلادية)، واستغرقت العمارة ما يزيد على ست سنوات من العمل المتواصل.
اختير موقع الجامع في ولاية بوشر على مقربة من الطريق الرابط من السيب إلى قلب العاصمة مسقط بحيث يسهل الوصول اليه من ضواحي المدينة الممتدة ومركزها، كما ان الموقع على اتصال مباشر بالطرق السريعة والتي تربط مسقط بمدن وولايات منطقة الباطنة والداخلية. ويحد الجامع المستشفى السلطاني جنوبا وشارع السلطان قابوس شمالا، والشارع المؤدي إلى غلا غربا بينما يمتد شرقا إلى العمران السكني.
ويحتل الموقع مسافة ألف متر على طول شارع السلطان قابوس وبعمق 885 مترا من الشمال إلى الجنوب، وقد تم تطوير وبناء مساحة إجمالية (بما فيها الشوارع والتشجير) قدرها 416.000 متر مربع. شيد مجمع الجامع على أرضية متسعة ومرتفعة عن سطح الموقع بمقدار 1.8 متر، وفي هذا التخطيط ابقاء على المبدأ العماني السائد في رفع عمارة المساجد التقليدية القائمة في أحياء وقرى المدن القديمة عن مستوى العمارة السكنية أو العامة وأيضا عن مستوى أرض الوديان والأموال).
مساحة أرضية المجمع تغطي ما يقرب من 40.000 متر مربع، ويقع المدخل الرئيسي للجامع عبر طريق الممر الجنوبي الخاص بالموقع، حيث تبرز الواجهة الجنوبية للمجمع بتجردها الحجري المعبر دون أن توحي أو تلوح بفضاءات الداخل وتقاسيم الامكنة، وتؤدي ثلاثة معابر من منطقة الوصول إلى أرضية المجمع عبر ثلاثة مداخل يلي كل منها صحنه الخاص والمرتبط بدوره بسلسلة عقود الرواق الجنوبي.
يقع المدخل المركزي وصحنه على المحور الافقي للمخطط منتهيا بالمئذنة التي تقف حرة وشامخة وسط الرواق الشمالي على ارتفاع 91.3 متر أو 300 قدم، وتجتمع ثلاثة أقواس منفصلة في تشكيل إيقاع الوصول من خلال أفق هذا المشهد المعماري.
والى الشرق والغرب من المدخل الرئيسي يقع المدخلان الثانويان وكلاهما يؤديان إلى الصحن الخارجي الرحب للمجمع والمحيط بمباني الصلاة، ويمتد الصحن على مساحة 24.400 متر مربع منحصرا بين الأروقة الشمالية والجنوبية ويبقى منفتحا غربا حول جدار القبلة وشرقا على مدى الحديقة.
ويشكل بلاط الصحن بداية أرضية حرم الجامع المفتوحة ويقع المصلى الرئيسي في شق الصحن الغربي. وهو مبنى أبعادا الخارجية (74.4×74.4متر) بقبته المركزية التي ترتفع عن سطح البلاط بخمسين مترا والتي تشكل مع المئذنة الرئيسية المنظور المميز للجامع على مرأى من المدى المديني المفتوح. ويقع إلى الشرق من المصلي الرئيسي مصلى النساء (أبعاده 18×31مترا) مشكلا امتدادا للمصلى الرئيسي عبر الصحن الداخلي (أبعاده 37×50 مترا) والمرتبط بصحن مدخل المصلى.
وتحيط بالصحن الداخلي ومصلى النساء مجموعة من الأروقة المعقودة وست قباب تبرز على مداخل الواجهات.
وقد صمم المصلى الرئيسي ليضم أكثر من 6500 مصل بينما تبلغ سعة مصلى النساء 750 مصلية، ومع إمكانية احتواء الصحن الخارجي لثمانية آلاف مصل، بالإضافة إلى الصحن الداخلي والأروقة، فان السعة الإجمالية للمجمع تصل إلى إمكانية احتواء 20.000 مصل ومصلية.
وقد استخدم الحجر الرملي الأبيض القشدي (أو المائل إلى الصفرة) ارابسكاتو لكساء مباني حرم الصلاة لتميزها عن الحجر الأرجواني الفاتح، تاج ليلك، الذي يلبس جدران الأروقة ومرافق المجمع الأخرى. والتمايز في لون الحجر يشكل بحد ذاته تحولا هادئا بين مناطق العبادة (حرم الصلاة) وخطوط الأروقة المحيطة بالحرم والحاوية للفعاليات العامة المرتبطة بالمجمع. ولقد تم استخراج الحجر من مقالعه الطبيعية في الهند ومن ثم تم قطعه وتشذيبه وصقله ونقشه في مسقط.
تشكل الأروقة الشمالية والجنوبية الفضاء الانتقالي الفاصل بين أماكن العبادة ومرافق المجمع الأخرى، ويمتد كل منها على مسافة داخلية طولها 221 مترا. بتواصل وأفق الرواق منسق عبر تقاطعه مع عقود المداخل الثلاثة التي ترتفع بفضائها كفاصل عودي بعد فسحة خمسة أقواس متتالية. تسقف فضاءات الأروقة سلسلة من القباب الهندسية القوام المستلهمة من قباب مسجد بلاد بني بوعلي الفريدة معماريا، الواقع في المنطقة الشرقية من السلطنة، وشكلت قمة كل قبة بفتحة منور مسطحة ومربعة لإدخال ضوء الشمس. تكون جدران الرواق الجنوبي ساترا مرئيا مزدوجا يضم مجموعة من أمكنة مرافق المجمع الوظيفية، ومنها المكتبة (والتي تضم 20.000 مجلد مرجعي في شتى العلوم والثقافة الإسلامية والإنسانية) التي تقع في الشق الشرقي من الرواق. وتقع قاعة الاجتماعات والندوات (سعتها 300 شخص) إلى الغرب من الرواق بينما تم تصميم أماكن الوضوء في الوسط حول باحات وقاعات خاصة لها على طول خلفية الرواق المحاذية للصحن الخارجي.
وتبدو الأروقة بمثابة سور أمين حول عمارة الجامع، إلا أنها تختتم بالمآذن الأربع التي ترسم حدود الموقع بارتفاعها إلى 45 مترا والمؤدية بدورها إلى الحدائق والمدرجات من جهة الغرب والشرق، مما يضفي طابع الانفتاح المعماري لفضاء المجمع وارتباطه بالنسيج المديني المحيط به بصريا.
وتجتمع المآذن الخمس في الجامع لترمز إلى أركان الإسلام الخمسة، تشرف المئذنة الرئيسية وقبة المصلى بارتفاع كل منهما كعنصرين أساسيين ضمن بيئة الجامع وتتخلل الجدران البيضاء المهيبة مجموعة من الأقواس والكوات المفتوحة والسماء مع دعامات تستهل واجهة المصلى الرئيسي. وهذا الدعامات لها وظيفة إنشائية فضلا عن أنها ملاقف للهواء على غرار عناصر الأبراج المناخية التقليدية والسائدة في العمارة المحلية. وللقبة غشاء مخرم متشابك منمقة خطوطه بشعرية ذهبية. وتنجلي من خلال شفافية هيكل القبة الخارجية القبة الثانية المكسوة بقشرة من أحجار الفسيفساء الذهبية بأكملها.
وتتوج جدران المصلى الرئيسي شرفات يتأصل طرازها في عمارة القلاع العمانية خاصة ومسننات الشرفات في العمارة الاسلامية عموما.
جدار القبة يتميز بكوة المحراب البارزة في نتوئها عند الواجهة كما هو التقليد في وضوح التعبير عن حائط القبلة في تصميم المساجد العمانية، مما يضفي البعد الثلاثي لفضاء المحراب على حركة الواجهة. ويعتلي المحراب من الخارج نصف قبة مماثلة في تكوينها لتشكيل القبة المركزية. كما يحتوي جدار القبلة على مدخل جلالة السلطان (جنوب المحراب) ومدخل الامام المؤدي إلى المنبر (شمال المحراب).
وللمصلى الرئيسي مداخل مركزية ثلاثة يشكل كل منها بائكة في الواجهات الشرقية، والجنوبية والشمالية، كل مدخل يحتوي على ردهة معقودة وواجهتها مؤلفة من ثلاثة أقواس. كما هنالك أربعة أبواب منفصلة في كل ركن من المبنى.
وتتصل بائكة المدخل الشرقية بصحن المدخل ممثلة المدخل الرئيسي للمصلى. وتحتوي كل بائكة ايوانين وضع في كل منهما كوة بزخارف هندسية ومورقة مطعمة بالفسيفساء. وقد استخدمت مجموعة غنية من الزخارف الإسلامية في تصميم النقوش المحفورة في ابواب المصلى الخشبية التي تعلو كل منها آيات قرانية بخط الثلث، أما الأبواب الخشبية المحفورة التي تربط الصحن الداخلي بمصلى النساء فإنها تحتوي على مشربيات، مبطنة بألواح الزجاج الملون، لتؤكد على تواصل ووحدة المكان المخصص للصلاة، وهنالك مدخل مخصص لمصلى النساء عبر بائكة على الجدار الشرقي مفتوحة بدورها على فسحة الحديقة الهندسية التصميم.
أركان الصحن الداخلي ومصلى النساء محددة بمداخل تعلوها 6 قباب تم تبطينها من الداخل، على غرار سقف العقود المتصلة بها بزخارف من الفسيفساء الحجرية بنمط هندسي زخرفي.
وتقتصر تفاصيل عناصر الجدران الخارجية على تقاسيم الزخارف المحفورة بأنماطها الهندسية والورقية (النباتية) والآيات القرانية المخطوطة بالثلث. وتتخلل الجدران الفتحات التي تشغلها شمسيات حجرية (نافذة مؤلفة من لوح حجري مفرغ بزخارف هندسية ونباتية) بنقوش رفيعة تخترق صمت سطح الحجر.
وتزداد كثافة الزخارف ودقة إيقاعها تدريجيا مع الانتقال من فضاء عمارة الخارج إلى داخل المجمع وحرمه، وفي جدران المصلى تعتلي شبابيك الزجاج الملون بتقاسيم هندسية ومورقة الشمسيات الحجرية متصدرة الواجهة الشمالية والجنوبية. بينما يقع تحتها الأقواس الصماء المحفورة بإطاراتها الفاتنة والمرتدة عن سطح الجدار في عمق الحجر. ويحزم قمة جدران المصلى والصحن الداخلي شريط غني بالآيات القرآنية الكريمة بخط الثلث الممشوق. وكأن هذا الزخم اللطيف من انسياب الخط بحروفه المنسوجة في الحجر يجمع بين تلاقي الجدران بالسماء.
تملأ الزخارف الإسلامية الهندسية أطر أقواس الأروقة والمتوجة بطنف (حزام أو فرز) من السور القرآنية عند العقود وطبيعة التشكيل الفني هذه تنتشر إلى جميع أقواس المداخل الرئيسية حيث تتكاثف الآيات القرآنية، التي تم انتقائها نسبة لموقع المكان، والزخارف بحسب أهمية عناصر العمارة ومكانتها من حرم الجامع. أسماء الله الحسنى تحتل موقعها بين أقواس واجهات الاروقة (الشمالية والجنوبية وعلى جدران اصحن الداخلي ومدخل مصلى النساء الشرقي) وجميعها محفورة بالخط الديواني.
أما قاعدة المئذنة الرئيسية فتحتوي الواجهة الجنوبية منها على نص التكبير والدعوة الى الصلاة، فيما حفر اسم الجامع على واجهتها الشمالية عند المدخل بالاضافة إلى الآيات القرآنية الكريمة التي تملأ الأقواس فى كل من الجهتين الشمالية والجنوبية. وكتبت على الأوجه الثمانية لجميع المآذن التسابيح مع أسماء الله الحسنى بخط الثلث.
ورصفت أرضية المجمع برمتها ببلاط الرخام بترتيب ونمط هندسي متناسق ابتداء من ممرات العبور الجنوبية والأروقة حتى مدرجات الحدائق. ولقد صمم قطع البلاط الصحن الخارجي والداخلي الرخامي بمقياس وحدة سجادة الصلاة.
وضعت هندسة الجنائن في خدمة حديقة صممت شرق المجمع مع امتداد الشجير إلى جنوب الموقع، بما يقترن بمبدأ تصميم الحديقة الاسلامية، وفي نهاية الحديقة بنيت مقصورة بصحن وأروقة وايوان في وسطها بركة (فسقية) رخامية بمجرى مياه (فلج) تربط المقصورة مع وسط الحديقة.
العمارة الداخلية
إن جدران قاعة المصلى الرئيسية مكسوة بكاملها من الداخل برخام "البيانكوبي" الابيض و "البارديليو" الرمادي الغامق، وتتألف الجدران من خانات مؤطرة في أقواس صماء تشكل كل منها جدارية من خزف في أقواس صماء تشكل كل منها جدارية من خزف القيشاني (الكاشي الايراني) مشغولة بزخارف مورقة (نباتية) بنمط هندسي وتشكل الخانات مجموعة متكاملة من التصاميم التي يغلب عليها أسلوب الفن الصفوي.
القاعة مصممة بمخطط مفتر-:ق أربعة أعمدة رئيسية حاملة لهيكل القبة الداخلي. وتمتد بمحاذاة كل من الجدارين الشمالي والجنوبي بائكة (رواق) تنفتح على قاعة المصلى بأقواس لها ازار متعاقب من الرخام الأبيض والرمادي، تشكل فقرات مزررة على غرار الزخرفة في العمارة السلوكية ويتصدر المحراب المعقود موقعه في جدار القبلة كعمل فني خالص. ولقد صمم بإطار مرتفع بضم كوتين بتقاسيم متراجعة في عمق الجدار بمقرنصات وعقود. ويترادف تكوير الكوة الداخلية مع نتوء هيكل المحراب خارج واجهة جدار القبلة. ولقد تم تطعيم رسوم المحراب وزخارفه الإسلامية بأعمال خزف القيشاني التي تغلف الجدران والمقرنصات وطاسات المحراب (أعلى تكوير الكوات). ويحيط بإطار المحراب حاشية خط من آيات القرآنية الكريمة وثنية خزفية فاتنة على شكل حبل مفتول مصنوع من الخزف المطلي بالذهب.
وتعتلي فتحات الجدران الجانبية شبابيك الزجاج الملون بزخارف مكملة في تصميمها لطبيعة ونمط زخارف الجدران، إن منظومة كل عنصر معماري في الداخل تجمع أنماطا من الفنون والحرف الاسلامية الاصيلة ولكن في بنية حديثة ومعاصرة لسياق عمارة الجامع. وأفضل دليل متكامل على هذا يكمن في تصميم وصناعة القبة الداخلية للمصلى والسجادة. حيث كان كل منهما مشروعا فنيا ضخما ومستقلا بحد ذاته مشكلا تحديا على صعيد التصميم والابتكار والتنفيذ الانشائي.
القبة مجمعة بمقرنصات تشكل مثلثات كروية هندسية ضمن هيكل من الاضلاع والاعمدة الرخامية الخالصة المتقاطعة (بأقواس مدببة) مرصعة في جميع عناصرها بألواح من القيشاني. تأخذ الأضلاع الرخامية المقوسة والمعقودة هيكل القبة الكروي والمرفق بنظام إنشائي خفي من الحديد والحامل للقبة الداخلية عبر ربطها بالقبة الخارجية.
وقد تم تصميم الخزف وصناعة من قبل حرفيين تقليديين في أصفهان وطهران. ثم قام هؤلاء بجمع الألواح الجدارية والعناصر الهندسية المختلفة بأشكالها وقياساتها الفريدة أحيانا في ورش خاصة في مسقط وداخل الجامع. ويحيط بجدران المصلى فرز (حاشية) من الآيات القرآنية الكريمة على ارتفاع عند نقطة الأقواس وتحت ألواح السقف. ولقد كتبت الآيات بخط الثلث وصنع الشريط الزخرفي من قطع القيشاني بألوان الكحلي والذهبي الجذابة. أما المنبر فهو مبني في جدار القبلة من الرخام المنقوش وموقعه في مكان الخانة الجدارية المتاخمة للمحراب (على يمين).
السجادة
احدى مقومات التصميم الداخلي هي السجادة العجمية التي تفرش بلاط المصلى بقطعة واحدة. تبلغ أبعادها أكثر من 60×70 مترا وتغطي مساحة 4263 مترا مربعا. والسجادة مؤلفة من 1700 مليون عقدة وتزن 21 طنا. ان رقة وتعقيد نسيجها الرفيع يعود الجودة عقدتها التي تصل إلى 40 عقدة في كل 6.5 سنتيمتر. واستهلكت صناعة وانتاج السجادة مدة أربع سنوات استغرق منها 15 شهرا لإعداد التصاميم والخيوط والصباغة واقامة ورش الحياكة الخاصة بها. أما عملية الحياكة فبلغت مدتها 27 شهرا متواصلا تبعها فترة 5 أشهر في الإنهاء والقطع والغسيل التقليدي. عدد القطع المؤلفة للسجادة 57 زائد السجادة الخاصة بالمحراب والمتصلة بها. وتمت عملية تجميع وضبط التوصيل والحياكة لأطراف وحواشي السجادة داخل قاعة المصلى.
قامت حياكة السجادة في نيسابور من محافظة مشهد (الواقعة شرق ولاية خراسان في ايران) على يد 600 امرأة محترفة تحت اشراف خبراء في تصميم ونسج السجاد. ويتألف النسيج من الصوف الرفيع الجودة بينما مدت الخيوط الطولية (السداة) والعرضية (اللحمة) من فزل القطن. وقد غزلت خيوط السداة وهي مبلولة زيادة في متانة حبك النسيج وقوة تحمله. مركز السجادة دائرة تقسيمها الهندسي يعكس تصميم وزخرفة قبة مسجد الشيخ لطف الله في أصفهان. ولقد تم تنسيق واعادة تصميم العناصر الهندسية بنسبة تتناسب وأبعاد قبة مصلى جامع السلطان قابوس الأكبر وأبعاد القاعة، وتم تقسيم حواشي السجادة لترافق التقسيمات المعمارية للمخطط داخل الأروقة وحول الأعمدة المركزية والجانبية. أما باقي حقل السجادة فقد رسمت بمجموعة غنية من الزخارف المورقة المتأثرة بأسلوب الفن الصفوي والمبنية على منظومة هندسية في الابتكار وتصرف التشكيل. وتضم كل زهرة مرسومة في تركيبها ونسيجها العديد من الأزهار مضنية قيمة نادرة وفريدة على التصميم. ولقد جمعت هذه السجادة في تأليفها ونوعية تصميمها سجادة تبريز وكاشان واصفهان الأصلية واستخدم في نسجها 28 لونا بدرجات متنوعة تمت صناعة غالبيتها من الأصباغ النباتية والطبيعية فالأحمر تم استئصاله من جذر نبتة الفوة والأزرق من النيلة ولون القشدة (البيج: الأبيض المصفر) من قشر ثمرة الرمان والجوز وأوراق العنب.
الإضاءة
صممت مجموعة من الثريات (عددها 35 ثرية) خصيصا للمصلى الرئيسي مصنوعة من كريستال سواروفسكي ومعادن مطلية بالذهب، وتتدلى هذا حول قاعة المصلى من سقف الأروقة وعند جدار القبلة والمدخل الشرقي. وتتدلى الثريا المركزية من قعع طاسة القبة بقوام يبلغ طوله 14 مترا وقطر 8 أمتار. وهي تشمل 1122 مصباحا وترن بهيكل فولاذها الصامد 8 أطنان.
مصلى النساء
تم تصميم مصلى النساء بنمط متآلف ومنسجم مع التصميم المعماري للصحن الداخلي المجاور ومع عمارة الجامع، وفي ذلك تغاير تصميمي متعمد ولطيف مع الداخل المبهر للمصلى الرئيسي، تم انشاء الجدران بحجارة (الباينسيبرابور) الوردية (قرنفلية اللون) والتي صقلت خصيصا في الموقع. وقد رصعت بخانات زخرفية مطعمة بالرخام المتعدد الألوان. واستخدم نمط محدود من تشكيل الزخارف الهندسية المحفورة بعناصرها المفردة والمتكررة لكسر رتابة سطح الحجارة اللامعة وخلق حلية من النتوءات النافرة. ويلتف شريط منحوت من الآيات القرآنية بخط الثلث أعلى الجدران عند تلاقيها بالسقف. ألواح السقف الخشبية تمتد، كرديفتها في المصلى الرئيسي، بطراز ينبثق عن تطوير السقوف العمانية الأصلية والمرسومة بنقوش فاتنة ومتراجعة ولقد انعكس تصميم وألوان السقف في السجادة بأرضية قوامها لون البرتقالي المصدأ الداكن (أو الطيني المحمر).
وتم تصميم السجادة في وحدات من خانات الصلاة المتتالية بصفوفها تفصل بينها حواشي زرقاء وبيضاء بزخارف مستمرة من النسيج العماني التقليدي.
تعتلي أبواب المصلى عند المشربيات ألوان الزجاج الملونة بتقاسيم مماثلة في نمطها لباقي الزخارف والنقوش. ولقد صممت ثريات مصلى النساء التسع بطراز عثماني وهي مصنوعة من الكريستال التركي. أما الصحن الداخلي فان فضاءه يتميز بجاذبية وقوة إيقاع لون الحجر الأبيض الشاحب في تأليف الجدران الحاوية للمكان. وحجارة الفسيفساء التي تبطن قناطر عقود الأروقة تدخل اللون الهادئ والوحيد على تجريدية زخرفة المكان. وتحل الشمسيات الحجرية المخرمة على الجدران الخارجية مع الأقواس الصماء متوجة بزخم شريط خط الآيات القرآنية أعلى جدران الصحن الداخلي المفتوح على السماء مطلقة روح التألق المعماري الهادئة على المكان. ومما لاشك فيه أن نسبة وتناسب أبعاد الصحن هي التي تعضد ظاهرة السكون المركزة فيه. ولقد صممت مظلة متحركة لتمتد عبر الصحن حين تدعو الضرورة لتوفير الظل داخل الفضاء المكشوف.
نظام التصميم الداخلي للمكتبة وقاعة المحاضرات والندوات ينبثق من الطراز المعماري للمجمع. تم إستيحاء أشكال العمارة العمانية في العناصر الزخرفية والهندسية المستخدمة.
في تصميم الجدران والسقوف والشمسيات المغشاة بالزجاج الملون. ومنها أسلوب الزخارف الجصية التقليدية والمحفورة في خانات سقف قاعة المحاضرات. وكان الميل إلى تركيز الزخارف الهندسية في المكتبة والنباتية أو المورقة في قاعة المحاضرات. صنعت الأبواب والسواتر المتحركة من خشب شجرة القيقب الصلد مغلف بقشرة زينية من عقد الأشجار. ويضفي لون الخشب المائل إلى العسلي تأثيرا دمثا على نصاعة الجدران البيضاء.
الأروقة الشمالية والجنوبية
تضم الأروقة مجموعة من القاعات إجمالي عددها 12 قاعة، صممت كل قاعة بكوات تحمل طرازا معماريا فنيا خاصا يعود إلى حقبة تراثية مميزة. وانتقاء الأعمال الفنية جاء من الفنون العربية المحلية والإسلامية ومن حضارات ما قبل الإسلام لتمثل نماذج تطور وتعدد أشكال الزخارف المعمارية وثقافتها التي انتشرت بأنماط غنية من الأندلس الى الصين.
الرواق الشمالي يحتوي (من الغرب إلى الشرق على التوالي) قاعة لفنون سلطنة عمان والجزيرة، يتبعها قاعة الفن العثماني ثم فن عمارة المماليك في سوريا ومصر يليها قاعة فن الزليج المغربي ثم فنون بلاد ما بين النهرين ومصر القديمة وأخيرا الفن البيزنطي الذي انتشر في عصور الإسلام الاولى.
قاعات الرواق الجنوبي تبدأ (من ناحية الغرب إلى الشرق على التوالي) بفن بلاد الحجاز، ثم الفن الإسلامي الهندي، يتبعه قاعة الفن التيموري في آسيا الوسطى ثم الفن الايراني الصفوي والفن الإسلامي المعاصر وأخيرا نموذج من أعمال إسلامية فنية حديثة.
وتمت صناعة تصميم وزخارف الكوات المختلفة بمواد خالصة من الرخام الملون والرخام الهندي الأبيض المطعم بالأحجار الكريمة ومن الفسيفساء والخزف بأنواعه الزليج والقيشاني المزجج وقطع الخزف الحديثة والمصقولة، كل بحسب أصول حرفته او تقاليد صنعت حيث مصدره ومنشئه.
ان جميع المواد الخالصة المستخدمة والحرف التي اجتمعت في تكوين عمارة الجامع جاءت بعد ابحاث ودراسات في مواقع مصادرها المتعددة. وجاءت التصاميم الحديثة والعالمية مع التطوير والإبداع أو التعديل في تفاصيل وفنون عمارة هذا الجامع. وأنجزت معايير تقنية في أساليب الإنشاء والبناء والزخرفة من أجل تحقيق النوعية الفنية والبنية المتينة المرغوبة لتواصل عمارتها عبر العصور.
انبثق عن تطوير مشروع الجامع الأكبر بفعالياته الثقافية ومهامه الدينية والروحية معهد للعلوم الإسلامية، وقد تم إنشاء المعهد في مبنى مستقل بمرافقه التعليمية الخاصة جنوب مجمع الجامع.
ان رعاية حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم وتوجيهاته السديدة في كل مراحل العمل للفريق المسؤول في ديوان البلاط السلطاني ارتكزت على إخراج مشروع يكون معلما روحيا وصرحا معماريا ثمينا متواصلا مع حقبات التراث الإسلامي العريق. جامع السلطان قابوس الأكبر في مسقط (المساحات المختلفة لمرافق الجامع)
مساحة الأرض الكلية 933000 متر مربع
مساحة الموقع المطورة 416000 متر مربع
مساحة الدكة المقام عليها المجمع المركزي 39840 مترا مربعا.
أبعاد الدكة من الداخل (باستثناء المعابر) 166 × 240 مترا.
– الأبعاد الخارجية 74.4 × 74.4 متر
– الأبعاد الداخلية 71 × 61 مترا
– مساحة بيت الصلاة الصافية 4000 متر مربع.
– ارتفاع الواجهة الخارجية الأول 16.7 متر.
– ارتفاع الواجهة الخارجية الثاني 19.3 متر
الارتفاعات الداخلية لسقف القاعة
– الارتفاع الأول (إلى سطح القنطرة الأدنى) 14.65 متر.
– الارتفاع الثاني للسقوف الخشبية 16.15 متر
– الارتفاع إلى طبانة القبة (قاعدة رقبتها) 23 مترا
القبة
– ارتفاع القبة عن سطح الأرض إلى نهاية القمة 50 مترا
– ارتفاع القبة دون قمة الهلال 42.85 متر
– الارتفاع الى قاعدة الطبانة 40 مترا
الصحن الداخلي
المساحة الكلية للصحن 1941 مترا مربعا
– أبعاد الصحن الخارجية 37 × 50 مترا
– أبعاد الصحن الداخلية 19.5 × 36.7 متر
– مساحة الصحن الداخلية 730.3 متر مربع
مصلى النساء
– أبعاد المصلى الداخلية 18× 31 مترا
– مساحة المصلى الكلية 558 مترا مربعا
صحن المدخل
– أبعاد الصحن 17.6 × 21.5متر
– المساحة الكلية 378.4 متر مربع
الأروقة الشمالية والجنوبية
– الأبعاد الخارجية 6.5× 337.2 متر
– الأبعاد الداخلية 4.8 × 221 مترا
– ارتفاع الجدران الخارجية 8 أمتار
– ارتفاع الجدران الداخلية 7 أمتار
الصحن الخارجي
– المساحة الإجمالية 24400 متر مربع
– ارتفاع دكة الصحن عن المنسوب الأرضي 1.8 متر
المئذنة المركزية
– الارتفاع عن سطح الأرض إلى نهاية القمة 91.5 متر (300 قدم)
– طول ضلع القاعدة 10.9 المربع متر
المآذن الأربع
– الارتفاع عن سطح الأرض إلى نهاية القمة 45 مترا
المكتبة:
مبنى من ثلاثة أدوار وتتسع لعدد 20000 مجلد.
سلمى سمر الدملوجي (باحثة واكادمية في مجال المعمار عراقية تقيم في لندن)