دائما ما كان الاهتمام بالمواهب في مراحل مبكره مساعداً على تطوير أي تجربة انسانية ابداعية ولذلك لعديد النقاط الايجابية التي يفرزها هذا الاهتمام وبالذات ما إن كان مستمرا ولأجيال متعاقبة. أحد هذه التجارب هي تجربة فن التصوير الضوئي في السلطنة، والذي يشهد تزايداً في عدد المهتمين بممارسته.
في هذه الاسطر نسلط الضوء على تجربة متفردة ما زالت مستمرة وهي تجربة جماعة التصوير الضوئي في جامعة السلطان قابوس.
جماعة التصوير الضوئي في جامعة السلطان قابوس تأسست في العام 1990 وهي تتبع عمادة شؤون الطلبة، كمختلف البدايات كانت نشأة هذا الكيان متواضعة أخذت معه في التطور بجهود مجموعة من الاعضاء المؤسسين منهم معالي عبدالمنعم الحسني وميرفت العريمي وناصر الحوسني وسالم المحروقي. ساهم في تطور جماعة التصوير مجموعة من المصورين العمانيين الذين لم يدخروا جهداً للوقوف مع أعضاء الجماعة، نذكر منهم خميس المحاربي وعبدالرحمن الهنائي وسيف الهنائي وبدر النعماني ومحمد المعولي وزهرة المنذرية وخميس الريامي وسليم العبري ونبيل الرواحي.
بدأت الجماعة نشاطها من خلال تطوير برنامج أسبوعي يركز على اكساب الاعضاء مهارات التصوير الضوئي الاساسية والتعرف على مختلف مدارس التصوير. تطور مع هذا الحراك المستوى الفني بشكل بطيء مع وجود صعوبات تنظيميه وفنية مختلفة منها ما يتعلق بالأشراف ومنها ما يتعلق بشح الموارد والمصادر المتوفرة للتعلم واكتساب المعرفة.
أول المعارض الفنية للجماعة كان في العام 1991 لكن العام الاكاديمي 1996/1997 كان علامة فارقة في مسيرة جماعة التصوير في الجامعة، اذ فيه بدأت أسابيع التصوير سلسلة الضوئي في الظهور، والذي انتقلت من خلاله الجماعة من مجرد تنظيم معرض إلى تنظيم مجموعة من الفعاليات المتزامنة والمتعلقة بفن التصوير الضوئي تزايد الزخم وتطورت النوعية بها عاما بعد عام. ومن ابرز الطلاب الذين بدأوا هذه السلسلة من الفعاليات تحت اشراف الاكاديمي معالي عبدالمنعم الحسني هم مبارك الرحبي وليلى الحارثي وشيخة الأخزمي وعبدالله الربخي وشمسة النعماني وموسى الكشري.
الجدير بالذكر أن اسبوع التصوير لجماعة التصوير وصل في العام 2014م إلى نسخته الثامنة عشرة، ولا زال يحظى باهتمام واسع من جمهور في التصوير الضوئي من داخل وخارج الجامعة. وقد أسهمت هذه المنظومة في رفد حركة فن التصوير الضوئي في السلطنة وبشكل مستمر بالعديد من المواهب التي تواصل عطاؤها من خلال جمعية التصوير الضوئي أو حتى من خلال مواصلتهم المسيرة الابداعية بشكل مستقل أو تطوير هذه المخرجات لمؤسسات تجارية إبداعية تسهم في تطور مختلف الفنون في السلطنة.
عاماً بعد عام ومع اقتراب اليوبيل الفضي لجماعة التصوير (25 منذ التأسيس)اكتسبت تجربة جماعة التصوير المزيد من النضج وعلى مستويات مختلفة، نجملها في النقاط التالية:
التكامل الفني والابداعي
تطور مستوى الادراك الفني مع تعمق التجربة الفنية لمختلف أجيال الجماعة، مع الاخذ في الاعتبار تفاوت المستوى الفني من جيل لآخر بحكم أن أعضاء الجماعة ليسوا دائمين، فالعضوية مرتبطة بكون العضو مقيدا كطالب/ طالبة في جامعة السلطان قابوس. لكن ما ميز الجماعة هو التواصل المستمر بين مختلف أجيالها حتى بعد التخرج بما يضمن نقل المعرفة والخبرة ونقل التجربة الفنية والحس الفني من جيل لآخر.
التكامل الإداري
لم يكن بالإمكان أن يتطور المستوى الفني والابداعي دون وجود استقرار إداري يضمن تطور التجربة، ويساهم في اسناد العمل الطلابي بشكل منظم. إذ أوجدت الجماعة نظم مختلفة لتناقل إدارة الجماعة اختلفت حسب الاجيال وحسب متطلبات واهتمامات الاعضاء، حيث أخذ الهيكل الاداري للجماعة أشكالا مختلفة تبعاً للمجالات التي نشطت بها الجماعة، وبما يضمن مرونة تنفيذ المهام.
هنا لا بد أن نشير إلى أن الاشراف الاداري من قبل عمادة شؤون الطلبة ساهم وعلى فترات مختلفة في ايجاد استقرار من ناحية الاشراف المباشر على الأعضاء، وقد برز من الاسماء التي أشرفت على الجماعة الاستاذة وردة المحروقية والاستاذ عوض العلوي والدكتور يوسف البلوشي.
تطور المعرفة التقنية والتكنولوجية
تطورت المعرفة التقنية والتكنولوجية لدى أعضاء وعضوات الجماعة بما أسهم في مواكبتهم للتطور التقني المتسارع الذي يعيشه العالم جيل بعد جيلا، ورغم أن الانجراف إلى التقنية كان واضحا في بعض الفترات بما أثر سلباً على روح الفكرة الفنية والابداعية، إلا أن مواكبة التقنية كان لها الاثر المهم في تواصل تجربة الجماعة، اذ لم يؤثر التحول الرقمي في التصوير الضوئي على انتاج الجماعة الفني إنما ومن خلال هذه الجاهزية لمواكبة التقنية كان هنالك تزايد في كمية المنتج ونوعيته أيضا.
نقل المعرفة
بحكم أن هذا الكيان ينتمي إلى المؤسسة الاكاديمية والتعليمية الأولى في سلطنة عمان، كان من الطبيعي أن تكون التجربة محل اهتمام سواء عن طريق الفعاليات المنظمة أو عن طريق الزيارات الميدانية التي يقوم تقوم بها مختلف الجهات. ساهم في ذلك أيضا أن خريجي الجماعة ومع انخراطهم في سوق العمل وبالذات في مجال التربية والتعليم، اسهموا في نقل المعرفة التقنية المتطورة التي اكتسبوها إلى بيئاتهم، وبالأخص في جماعات التصوير الضوئي التي توجد في بعض المدارس.
المصادر
عبدالمنعم الحسني، (2011) دراسات في التصوير الضوئي، كتاب مجلة نزوى الـ (14)، سلطنة عمان.
——————–
رشاد الوهيبي