بصدور عمليه الأخيرين « تضاريس فكرية، نحو فلسفة محايثة» 2012 و«منطق الفكر ومنطق الرغبة» 2013، رسخ حسن أوزال حضوره كواحد من الأصوات الفلسفية الجديدة بالمغرب، التي حررت الانشغال الفلسفي من إرث الجيل السابق، بالتخلص من إشكالية التراث، والانتقال نحو أسئلة أكثر حيوية في مقدمتها سؤال الجسد والفرد و السرعة والرغبة.
في هذا الحوار نقترح على القارئ العربي، سفرا من دون تذكرة في تخوم المعركة الفكرية التي يخوضها المفكر حسن أوزال في عمق التجربة الفلسفية المعاصرة مستحضرا قلق كائن السرعة المحدد جوهر وجوده باعتباره استجابة لنداء الاستعجال.
l متعوية الوجود مقابل متعوية التملك ، تلك هي الوصفة التي تقدمها في عمليك الأخيرين ( تضاريس فكرية ومنطق الفكر ومنطق الرغبة ) كمشروع لتجاوز خيبة إنسان هذا العصر الذي يحدد منبع الإشباع بالنسبة إليه في نهم الاستهلاك ، كيف يمكن أن نقيس الفارق بين هذين النمطين ، إن لم نقل مذهبين ، من النزوع نحو المتعة ؟ وكيف يمكن أن نثبت سمو متعة الوجود على متعة التملك ؟
uv نحن في عصر باتت تسوده الرداءة وتعم أرجاءه قيم العبودية ؛ولعل الشاهد الأكبر على ذلك إنما هو ندرة العلاقات النظيفة وصعوبة الحصول على مَنْ يُمْكنك أن تُعَوِّل عليه عند الأزمة والحاجة. أورد هذا الكلام ،لأني بعد عمر طويل،خَبِرتُ ألا شيء يستحق العناء عدا خلق المتعة وتقاسمها مع الأصدقاء ؛ذلك أن الصداقة بنظري ينبغي أن تمارس كإيطيقا (Ethique) واسيتطيقا (Esthétique) ،إن لم أقل على نحو صوفي ،لأنها فضيلة ومنهج في الآن نفسه؛ فضيلة مادام أن اكتسابها من أصعب وأثمن الأشياء التي تسهم في تحقيق السعادة. ومنهج مادام أن الصداقة هي في الحقيقة ما يدعونا لأن نستفيق من غِلِّنا وحِقْدنا الدفين، لنحتفل بالحياة على نحو جمالي.
على هذا الأساس يمكن للمتعة أن تكون، وأن تولد؛ على اعتبار أن المتعة ليست بأي حال من الأحوال مجانية،كما قد يخال البعض.إنها تتطلب بَدْل مجهود ونهج أسلوب؛أي نحت الذات والاشتغال عليها تأسيسا لسعادة خاصة،نستشعر معها بلوغنا لحالة من الأتراكسيا حيث يَعُمُّنا الهدوء وتَغْمُر أرواحنا طمأنينةٌ ،نعيش بفضلها بسلام وبأقل ما يمكن من المال،بعيدا عن المؤاخذة والإحساس بالذنب . إن هذه الحالة الباطنية التي أتكلم عنها أشبه ما تكون بحالة البحر الهادئ ،وهي نفسها التي عبَّر عنها بيير شارون ذات مرة كالتالي :»peu et paix» .ولا أخفيك أن تأثري الكبير بهذه العبارة،إن لم أقل الحكمة الشذرية،هو ما جعلني أُصِرُّ على تعليقها منذ عامين أو يزيد عند مدخل غرفة نومي،إيمانا مني أنها اللبنة الأولى لتشييد صرح قصرنا الداخلي ،استعارة مني لمارك أوريل.
آيتي في ذلك ،أن الحياة علمتني أن السعادة والمتعة أمور صعبة المنال ،ولا يمكن للمرء أن يتحصل عليهما إلا إذا أدرك المسلك الصحيح،وحسم في الاختيار بين مطاردة المال و الشهرة والجنس أو النزوع نحو البحث عن شيء آخر،وحده اكتشافه و حيازته هو ما يُمَكِّنه من الاستلذاذ بمتعة والغوص في فرح دائم ومتسام طيلة الحياة.على هذا النحو إذن، وجوابا على سؤالكم ،لا بد لي من التوكيد على أن التمييز بين هذين النوعين من المتعة يقوم أول ما يقوم، على تبنينا للفلسفة الواحدية مع كل ما يترتب عنها من نتائج : أقصد المادية والمتعوية والذرية وغيرها من الفلسفات المنتصرة للحياة.
l كيف ؟ وهل يستطيع ذلك أن يمنحنا مسلكا جماليا في حياتنا؟
uv هذا التصور هو ما يجعلني أرى أن ما يحدد كينونة كلٍّ منا باعتباره إنسانا،إنما هو كونه جسدا واحدا ليس إلا.خلافا للفلسفات المثالية التي تنطلق من تصور إثنيني ، يغدو الإنسان بموجبه هو من يتكون من جزءين اثنين منفصلين هما الروح والجسد.و إذا كان التصور الأول ،يركز أساسا على أهمية الجسد،فذلك ليس يعني أنه ينفي البعد الروحي كما يخال البعض،بل بالعكس ،من ذلك، فهو يرى أن الجسد أعقد مما يُتصور،حتى يُختزل في الروح أو يُفصل عنها بشكل ساذج.ذلك أن الروح، إن صح التعبير،هي إحدى تجليات المادة،التي تدخل في تنسيق عجيب مع باقي الأجزاء،من الجسم لتصوغ نسقا ،بموجبه يضحى الجسد قويا أو ضعيفا،مرحا أو كئيبا،سعيدا أو حزينا…
لنقل بالأحرى أن الجسد ليس، كما هو معلوم منذ سبينوزا ،شيئا بسيط التحديد ،بل هو من يستطيع المستحيل ،ردا على سؤال صاحب علم الإيتيقا الشهير :»ما الذي يستطيعه الجسد؟».هذا بالطبع خلافا لمُزدريه ،الذين مافتئوا يعتبرونه مجرد وعاء للروح ،بل ومدنس يستدعي الأمر كبحه على الدوام وتطهير الروح من رذائله المقيتة.
على هذا النحو يتضح أن ثمة فلسفة تدافع عن الجسد باعتباره ،أغلى ما نملك ، وتروم عبر نهجها تطوير إمكاناته نحو الأفضل والكمال وفلسفة نقيضة تبغي تحطيم قدراته ،و الغوص به في الوعي الشقي وتبكيت الضمير،والذحل وكل الأهواء الحزينة ،باعتبار الروح هي الأسمى والخالدة.
الفلسفة الأولى كما لا يخفى عليك ،فلسفة جاءت تثمينا للحياة ،وانتصارا للرغبة، لأنها تدرك ،أيما إدراك ،حقيقة الجسد الفاني ،وتعرف جد المعرفة ،أن الروح الخالدة، تتحول إلى فكرة الغرض منها إنما هو زرع الرعب في النفوس والحط من قدر إرادة القوة التي هي مُحركنا في الوجود .
l هل يعني ذلك الانتقال من الحياة إلى أسلوب الحياة؟
uv نعم.. ذلك أن إرادة القوة ليست هي الرغبة في البقاء والاستدامة أكثر مما هي الرغبة في الحياة المتصاعدة. لنقل بتعبير أوضح إنها الرغبة الدائمة في حياة أكبر و أفضل ،حياة لا تكف تزداد غنى وثراء .مما يستدعي المران الدؤوب، بحثا عن أسلوب للعيش نسهر على بنائه معرفيا واختباره عمليا باستمرار. لعل هذا الجدل البرغسوني ،الذي يصهر بين الممارسة والفكر،هو ما يضفي على الوجود متعة أبعد ما تكون عن متعة التملك السائدة في عصرنا الحالي على نحو مضجر. فالحقيقة أن الناس من فرط الغباء والجشع ،كثيرا ما ينسون أن السعادة كما وضَّح سبينوزا في كتابه :»مقالة في إصلاح العقل « ليست تكمن في الثراء والشهرة والجنس ،أكثر ما تكمن في المعرفة المرحة على حد استعارة نتشه ؛تلك المعرفة التي علينا أن نكد في كل يوم من أيامنا لإبداعها وأن نجتهد في صياغتها ،تجميلا وشعرنة لهذه الحياة ،التي ليس لنا سواها.
l تبدو الأفكار التي نحمل عن الحياة والجسد حاسمة في تحديد الحياة التي نحيا، هل يسمح لنا ذلك أن نستنتج بأن فن صياغة الذات ونحتها (la sculpture de soi) رهين بالفلسفة التي نتبنى؟
uv في هذا الإطار،يمكننا الاستعانة بالحكمة الإغريقية ،على شتى تلاوينها : الأبيقورية ، الرواقية ، القورينائية ، السقراطية ، الكلبية ،السفسطائية والإرتيابية …وذلك ،ليس فحسب لأنها تعلمنا حقا كيف نجعل الأشياء جميلة حتى عندما لا تكون كذلك ، بل أيضا لأنها تُيَسِّر لنا أن نبني لنا منظورا خاصا ،ونشيد رؤية قمينة بتوجيهنا الوجهة الأفضل في الوجود .
يستوجب ذلك ولوج مدرسة الحياة ، واقتناص فرص التعلم ونحت الذات أنى وحيثما كان ،بحثا عن التأسيس لحياة رائعة أشبه ما تكون بحياة الغندور عند بودلير.ذلك أن الشغل الشاغل بالنسبة لهذه الكائنات ،بحسب الشاعر(أقصد الناس التي تعيش فن الغندرة )،إنما هو زرع فكرة الجميل في ذواتهم ،وإشباع أهوائهم بل وإعمال الإحساس والتفكير.كيف لا والنجاح الأكبر بالنسبة للغندور،هو طريقة استعماله لزمانه لا طريقة صرفه لماله . فبقدرما يمقت الذهب الذي يَعْبُدُهُ البرجوازيون ،يبقى الهم الأكبر بالنسبة إليه إنما هو حريته ؛على اعتبار أن الحرية التي هي العنصر الحاسم في تحديد ماهية الإنسان ،تتوقف على تفاصيل وحيثيات صغيرة من قبيل مسألة توظيف المرء لزمانه ،وإيقاعات العمل ،وترسبات الغذاء الأخلاقية ، وآثار المناخ على الجسد،والموسيقى التي يُنصتُ إليها و كذا جملة التجارب الشخصية التي عرفها في نطاق الحياة الاجتماعية ،والصداقة والحب وكل طرقنا في العيش .
هاهنا إذن يكمن الرهان ،فإما أن تخرج من المعركة معافى قويا وإما مريضا سقيما.لا حل ثالث لمن يرتمي في فوهة بركان الأحداث ،غير الصمود أو الانهيار.هذا نفسه ما استشعره نتشه عندما كتب «ما لا يقتلني يقويني «.فالرجل عاش الأمَرَّيْن ،صحيح ،لكنه تمكن من التخلص من حياة المريض،ليلوذ بصحة الفيلسوف.لقد استطاع الرجل بالرغم من كل شيء أن يعيش دونما واجبات ،و بلا عائلة تتقل كاهله،أو عمل يشقي أيامه،و يرهنه في موضع محدد؛عاش دون دَيْن يُسدده لغيره،مستغرقا في هَمّ واحد هو بناءه لذاته و إبداعه لحريته.
وقبل نتشه بكثير ،كان أبيقور يؤسس لمتعويته المادية من خلال علاجه الرباعي الذي يقوم أساسا على فكرة عدم الخوف من الآلهة لأنها لا تكترث بمشاكل الناس وعدم الخوف من الموت لأنه مجرد تمثل ذهني ،فحينما نكون لا يكون الموت وحينما يكون الموت لا نكون ،وأخيرا ،لزوم اعتبار أنَّ المتعة والسعادة شيئان سهلا المنال،ويكفينا لنيلهما التحلي بحكمة حساب الملذات ومعرفة ثاقبة لأنواع الرغبات،لأنها متفاوتة من حيث القيمة والطبيعة والضرورة.
l قد نتفهم الاعتماد على الأبيقورية كمورد فلسفي لتغذية هذا النزوع نحو جمالية الحياة، لكن بالنسبة للكلبيين يبدو الأمر صعبا على الأقل في ظاهره؟
uv الكلبيون لما جاءوا يتقدمهم ديوجين ببرميله، أفادونا بمنظورهم الفاضح والساخر من الأعراف الاجتماعية ورتابة التقاليد ،تماما مثلما أفادنا الرواقيون ،الذين لَقَّنُونا كيف نكون في مستوى الأحداث ،بعد أن نحسم في أمر التعامل مع الأشياء بحسب موقعها منا وما يتوقف منها علينا وما لا يتوقف علينا ؛أما السفسطائيون فلقد أسسوا لفكرة نسبية المنظورات، ففضحوا كل ادعاء ذاتي للحقيقة ؛لنقل بشكل موجز على أن كل تيار فلسفي من هذه التيارات ،اشتغل على منظورات ، نحن اليوم أحوج ما نكون لأن نغرف منها ،لأنها تقترح علينا زوايا نظر عديدة، وتسعفنا على أن نأخذ لنا موقعا للرؤية ونبتكر لذواتنا بَوْصلة تفيدنا في التحرك وسط هذا السديم ،حتى تكون لنا في كل مرة نظرة أخرى جديدة للأمور غير تلك التي ألفناها من ذي قبل . إلى هذا الحد ، يتبدى أن ما دأبنا على تسميته بمتعوية الوجود،هي فلسفة للحياة تأخذ بعين الاعتبار كل هذا الثراء الحكمي الذي عمر أزيد من 25 قرنا ،وظل يروم تجميل الوجود وزرع روح الغندرة في عالم يسوده نهم الاستهلاك ،ويطغى عليه نزوع التبضع .
فإذا كان من طبيعة كل إنسان أنه كائن يسعى دوما باحثا عن المتعة و متفاديا للألم ، فذلك ليس يعني البتة ،أن المتعة سهلة المنال (كما أسلفنا)،ويكفيك حشد ما يكفي من الثروة للحصول عليها .أبدا .لأنه لو كان الأمر كذلك لغمرت السعادة كل الناس الميسورة الحال ولعمَّت البشاشة كل الوجوه التي نلتقيها في الشوارع كل يوم .السر في ذلك كما أسلفتُ ،إنما هو كون السعادة لا تشترى ولا تباع .ذلك أن السعادة كما عرَّفها نتشه ،»هي إحساسُ المرء بقُوَّته وهي تزداد؛وشعورُه بتجاوزه لحاجز ما «.
l يدفعنا هذا للتساؤل عما يكون هذا الحاجز؟ وما تكون هذه القوة التي تزداد ؟
uv «إنها المتعة ذاتها لأن فيلسوف العِلم المرح ، يكاد لا يفصل بين المتعة والحياة.وحيثما تغيب الأولى تنتفي الثانية بنظره .لذلك يؤكد على أن الصراع من أجل المتعة هو صراع من أجل الحياة .فالمتعة كغاية في حد ذاتها ،شيء مقيت ،بل وبذيء.المهم بالنسبة إليه هو الحياة المتسامية ،الحياة التي لا يكف مُنحناها عن الصعود.على هذا النحو إذن ،يغدو التمييز بين متعوية الوجود ومتعوية التملك واضحا ،سيما وأن متعوية التملك هي نزوع متعوي شعبوي إن صح التعبير، يكاد لا يتطلب أي جهد فكري ولا أدنى عمل يومي .فهي بذلك متعوية الجموع التي لا عقل لها ،لنقل أنها المتعة البهيمية التي يكفينا أن نفسح لها المجال لتطلق العنان لنزواتها ،إشباعا لجوعها وإرواء لعطشها .
متعة التملك إذن هي متعة تقوم على النقص ،والحاجة بينما متعة الوجود محكومة بمنطق الرغبة المشبعة والباحثة عن التسامي ازديادا لقوتها في الوجود .الأولى ما أن تُشْبِع عوزها وتردم هُوَّتها حتى تعود إلى حالها الأول أو أدنى ،خلافا للثانية التي لا تعرف إلا الزيادة،ولو بخطوات سلحفاة ،لأن المهم بالنسبة لها إنما هو الإحساس بالصعود والنمو باستمرار لا العكس .
l «أنا سريع إذن أنا موجود «هذه هي الصيغة التي تحددها للكوجيطو الجديد ، كما تؤكد في الفصل الأخير من كتاب « تضاريس فكرية» حيث تعتبر أن السرعة أداة فعالة لتحليل المجتمعات . هل يغير هذا الكوجيطو بهذا الشكل الذي يتحمل ثقله كائن هذا العصر، من فكرة الحياة نفسها ونمط الإشباع الذي تطلبه السرعة أو تفرضه ؟ وهل يتعدى ذلك إلى تغيير فكرة الوجود ذاتها ؟ وهل تعتقد أن الواجب المنبثق من هذا الوضع الوجودي يتلخص في الأمر الآتي : أسرعوا أكثر لتكونوا أفضل» ؟
uv عندما صُغتُ هذه العبارة، كنتُ تحت تأثير كتاب رائع لبول فيريليو (P.virilio) بعنوان : «فن المحرك».والحال أن عالمنا المعاصر،عالم سبيرنطيقي بامتياز،لذلك لا يمكننا أن ننفلت قيد أنملة من هيمنة التقنية التي صارت في كل لحظة تنخرط في تشكيل أدق تفاصيل حياتنا،بدءا بالساعة اليدوية حتى الـ» pice maker» الذي يضبط دقات قلبنا، مرورا بالمواد الغذائية المصنعة و المُعدَّلة وراثيا وغيرها من الوسائل التي صارت ضرورية لتدبير أبسط حركاتنا اليومية.على هذا النحو إذن ،أصبحنا نعيش بُعدا آخر من أبعاد الزمان،حيث السرعة هي العنصر الحاسم سواء من حيث توليد الأحداث أو تغيير استراتيجيات التحكم أو بناء الرؤى. هذا ما يختصره فيريليو في قولة وجيزة و دقيقة عندما يقول «إن السرعة هي الحرب «،مؤكدا على أن المجتمعات الحالية صارت فجأة مجتمعات «دروموقراطية» مستعيرا لفظة «dromos» الإغريقية التي تفيد السرعة ،لتوصيف عالمنا الراهن حيث الكل مشمول بمنطق التسارع الذي وفق ديناميته غدت تحسم الأمور؛ذلك أن من يمتلك السرعة يمتلك القوة .
l لكن ما هو منتهى هذه السرعة التي تتحكم في كل شيء؟
uv المفارق في منطق السرعة إنما هو أنَّ التسارع على مستوى الزمان قد أدى إلى السكون الكلي أي إلى موت الزمان ذاته،وبالتالي انعدام الوعي . كل هذا يطرأ إذن بعدما حلَّت سرعة التواصل محل سرعة التنقل،مما بخَّس من قيمة المكان ،وجعلنا نعيش نهاية العلاقات الاجتماعية سواء منها علاقات التعايش أو المضايفة. فنحن صرنا نعرف جيدا ما يطرأ لدى أناس هم جغرافيا أبعد ما يكونون عنا أكثر مما نعرف أحوال جيراننا في الحي وأهلنا في البيت.كل ذلك ،يحدث طبعا، بعدما بلغنا مستوى أضحى فيه اضمحلال المكان حتميا من أجل زمان مافتئ بدوره يتعرض للسحق والإتلاف. فاليوم صرنا ككائنات افتراضية وعائلات أنترنيت بامتياز،لأقل بالأحرى ،عائلات فيسبوكية وتويترية وغيرها… نعيش دونما عناوين إقامة أو سكن ،ونتواصل مثلما نحب ونكره دونما حاجة إلى الإلتقاء في فضاءات بعينها عدا فضاء الأنترنيت، مادام أن كل واحد في العصر المعلوماتي الحالي يقطن عالما رقميا ،هو وحده ما يؤشر على تواجده وكينونته .فبدل أن أمنحك عنوان مسكني ، صرت بيسر أتواصل معك ومع غيرك عبر رقمي الهاتفي وعنواني الإلكتروني.
إننا اليوم نعيش الزمن الواقعي بتعبير فريليو،متنكرين كليا لبعد الزمان المكاني .وهذا بطبيعة الحال جراء أدوات التواصل والقنبلة المعلوماتية التي خلخلت نظاما عالميا بأسره لما عملت على عولمة الزمان دونما عولمة المكان ،فصرنا مرهونين بحواسيبنا ،نجري كل تفاصيل حياتنا دونما حاجة للحركة :العمل عن بعد،الجراحة عن بعد،البيع والشراء عن بعد،التعلم عن بعد…على هذا النحو إذن فكرتُ في الربط بين السرعة و فعل الكينونة،ذلك أن الزمان ليس ولا يمكننا التفكير فيه على نحو كانطي(نسبة إلى إيمانويل كانط) ، فهو كما ترى اليوم ليس حدسا قبليا في شيء أكثر مما هو حدس بعدي. وقد أجرؤ على القول أنه مجرد مفعول للوعي،ونتاج ما يتشكل بداخلنا من صور.إن الزمان بهذا التحديد،زمان يُصنع ويفبرك.وهو إن رغبت، الشكلَ المجرد الذي فيه تصاغ لحمة التغيرات و الأحداث الطارئة في الكون. بوسعنا الحديث إذن عن وجود جينيالوجيا ما للزمان،على اعتبار أن ما وصلنا إليه اليوم ،هو نتاج تراكمات علمية،بدَّلتْ لا التاريخ البشري فحسب بل كينونة الإنسان وجوهره .
l كل هذا يرتبط بوضعنا ككائنات توجد على نحو تقني، هل أضحى هذا الوضع مصيرا لا رجعة فيه؟
uv يقودنا هذا للرد عن الجانب الآخر من سؤالك المتصل بمدى تأثير السرعة في حياة الإنسان،وهل تمضي به نحو الأفضل أم عكس ذلك،فبوسعي القول،فضلا عما سلف، بأن التقنية شيء إيجابي، وثمرة جهد إنساني متأصل في العبقرية البشرية.إلا أن المشكلة هي ما يعود ،إن كان لا بد لنا من الحديث عن المساوئ ،إلى طريقة التوظيف ليس إلا. آيتي في ذلك كون اختراع القنبلة النووية ،اختراع هائل بفضله استطاعت البشرية،ثقب الجبال،وتمرير قنوات وتشييد طرق سيارة اختزلت فيها وبفضلها المسافات بين الأجناس،لكن هذا الاكتشاف لم يتوقف استخدامه عند هذا الحد،بل تجاوزه حتى انقلب إلى نقيضه تماما وصارت القنبلة النووية ومن يمتلكها مثار استعراض العضلات وترعيب الأقوام انتصارا لعقلية الهيمنة والاستعمار،وبسط النفوذ بل والقتل مثلما جرى في هيروشيما.
l نجدك أيضا ، تعتبر أن من نتائج هذا التحول ، أن البطء صار مرادفا للموت ؛ كيف ذلك ؟
uv أقصد بذلك، المجتمعات لا الأفراد.ذلك أن المجتمعات التي تحيا بوتيرة بطيئة ،هي مجتمعات آيلة للزوال، مادام أنها لا تستطيع أن تواكب التقدم الحاصل بكل ما يحمله من مبتكرات وأدوات ليس من السهل التأقلم معها وبالأحرى استدماجها. أي علينا كمجتمعات عربية ،نعيش كما سبق للخطيبي أن أكد تخلفا مركبا ،من اللازم علينا الإنعتاق منه ما أمكن، إن أردنا بطبيعة الحال أن نساير العصر ونخرج من التأخر التاريخي الذي نتخبط فيه جراء عوائق عدة حان الوقت لتفكيكها. أما على مستوى الأفراد،فالبطء من زاوية النظر الأنطولوجي ،مرادف عندي للذة،ويستحيل لكائن العصر التقني أن يستلذ إلا إذا عرف كيف ينفلت من أسر السرعة القاتلة.هذه السرعة التي جعلت فعل الكينونة يرتبط بالفرجة بدل الفعل .
l هل يمكن أن نعتبر أن هيمنة التقنية رسخت شكلا جديدا من العزلة؟
uv لقد حولتنا التقنية اليوم كما أسلفت إلى كائنات سلبية،مغتربة عن دواتها وعن فضاءاتها الأكثر حميمية.كل منا صار حبيس حاسوبه أو هاتفه أو تلفازه الذي يقذفه بوابل من الأخبار والصور،فيشل قدراته على التفكير أو الفعل ،ليرده مجرد كائن رقمي ينضاف إلى عالم من الأرقام المحسوبة بدقة متعالية ،حتى لا تنفلت ولو لحظة واحدة خارج الريزو الشبكاتي الغريب. فبدل أن نفكر وأن نحس وأن ننصت ،ونتفاعل ككائنات إنسانية ،صارت الآلة هي التي تنوب عنا في كل هذه الأمور ؛مما يحرمنا ويفوت عنا كل فرصة للاستلذاذ على اعتبار أن المتعة ليست هي ما يتطلب جهدا ،و يستدعي منظورا فحسب بل هي ما يقوم أيضا على التقاسم المتبادل والفعال لفن سام ورفيع يجعل الحياة أبهى مما كانت عليه لا العكس.لقد دمرت التقنية اليوم كل هذه الأبعاد للأسف،ويكفينا تأكدا من ذلك، أن نمعن النظر في أحوال شباب العصر الراهن الذين صار معظمهم غليظ الإحساس،و عديم الذوق،لا لشيء إلا لأنه تشرب ثقافة فن رخيص،واستغرق في متع لقيطة ،لم يبذل فيها أدنى مجهود. والواقع أن السرعة لم تلعب دورا كبيرا في تسطيح العقول، وتنميط الأذهان فحسب بل تعدت ذلك كثيرا،حد قضائها على كل تلك الفنون التي تسعف على بناء الذات ونحتها من قبيل فن الاجترار الذي سبق لنتشه ،أن فصل حيثياته في كتابه العظيم هكذا تكلم زرادشت؛إذ يقتضي فن الاجترار بحسب الفيلسوف الألماني،الاقتداء بالأبقار ، أي أن يعمل المرء على تمرير الغذاء الفكري ،الواجب هضمه ، من العقل ،لمرات عديدة .إن عليه أن يمضغ ،ويسحق ،يطحن ويقطع ،يفكك ويجزئ ،ويقسم كل ما تبقى ،مُحوِّلا إياه قبل أن يبْلعه ،إلى مواد سهلة الهضم . وإذا كان نظير هذا الفن ،هو ما يتطلب البطء والتريث ،فإن ترادف الوقائع ، وتسارع الأحداث ، والأخبار،أمور جعلت الكائن المعاصر،غارقا في دوامة النسيان والتلف، حد اضطراره إلى الانخراط المسترسل في أحداث جديدة حتى ولو أنه لم يستوعب بعد الأحداث الماضية .إن السرعة من هذا الجانب تكاد تنسينا الماضي وصِلته بالحاضر،مما يحول دون استيعابنا لمجريات الأمور ضمن نسق تاريخي مسترسل ترتبط فيه العلة بالمعلول،ويسمح برصد مفعول الأحداث على نحو عقلاني،تسوده الكثير من الواقعية بدل الطوباوية المتنكرة للمايحدث.
l تعتبر أيضا أن السرعة والحفاظ على حماس الكائن ، هما الأثر الحي في كائن العصر ، لهذه الصيغة في الوجود التي تحكم إنسان عصرنا ، والذي تحدده بكونه مفعولا للتسارع التكنولوجي . بل ترى أن ذلك أدى إلى ولادة كائن جديد هو مابعد الإنسان . ماهي ملامح هذا الكائن الجديد ، الذي أنهى تجربة الإنسان بأسسه العتيقة ؟
uv إن التحولات الطارئة على المستوى العلمي ،جعلت الإنسان موضوعا خصبا للعلوم البيوتقنية،التي سارعت إلى تعديل طريقة عيشه وكذا ماهيته حتى. ولما صار من الممكن بالنسبة للإنسان أن يُعدَّل لا جينيا فحسب بل أيضا من حيث الإيقاع ويُؤجَّج من حيث الأحاسيس،صارت المتعة تبعا لذلك،تتحقق خارج القوانين الطبيعية المعهودة،مما حدا بالإنسان إلى الانزياح عن دلالته الأولى،حد التماهي بين جسمه والمحرك:هكذا بوسعنا القول بأننا اليوم أمام إمكانات تحقق إنسانا متعددا يكاد يمتزج بالحديد والبلاستيك،ويتغذى على الكهرباء،والمواد التكنولوجية التي قد نسوق من بينها المنتجات البيوتكنولوجية والأقراص المنبهة القادرة على إثارة قوانا العقلية. إننا اليوم أمام الاختراعات الجديدة التي عرفها مجال البيوتقنيات،من قبيل مسألة اختراع الـ pace-maker cardiaque القادر على إعادة إنتاج إيقاعات القلب وتعويضها حتى ؛و ظهور تقنية التطعيم سواء بأعضاء حيوانية «xénogreffes» أو بمواد تقنية « Technogreffes»، قلت إننا بهذا وغيره،نلج مرحلة حاسمة في تاريخ البشرية،هي مرحلة صارت فيها الغيرية العضوية تسكن جسد الإنسان،بل وتحدد ماهيته ،متحكمة في إيقاعاته الحركية،وأحاسيسه العاطفية.
l يبدو أن التكنولوجيا في طريقها لأن تصبح هي بيئة الحياة، أليس كذلك؟
uv إذا كان الصراع بالأمس القريب ،يتم خارجيا،كما أوضح داروين،بحيث تتعرض الكائنات غير القادرة على التأقلم للانتقاء الطبيعي، والإقصاء، فهذا الصراع هو الذي امتد اليوم على نحو مذهل ليطال جوانية الكائن الإنساني ذاته، حاسما بين الذي ينبغي أن يتبقى من الأعضاء و الذي يستوجب العزل و الإقصاء.هكذا نلاحظ أن السرعة أصبحت عنصرا،رئيسيا لتحليل هذا النوع من العنف المُدبَّر في كل المجالات والذي يفيد أيضا في فهم تطور المجتمعات. الحاصل أن ما أتينا على ذكره،هو ما يعبر عنه الأسترالي «ستيرالك»عندما يقول:»إنني أُطَوِّرُ قُدراتي الجسدية باستخدام التكنولوجيا.فأستعملُ مثلا،تقنيات طبية وأجهزة صوتية ويدا ميكانيكية وذراعا اصطناعيا.أما النتائج التي أتحصَّلُ عليها فتتجلى في أربعة أنواع من الحركة:الحركة الارتجالية للجسد،حركة اليد الميكانيكية المُتحكَّم فيها بواسطة إشارات عضلات مَعِدتي وسِيقانِي،الحركة المُبرمَجة العائدة للذراع الاصطناعي،وأخيرا حركة يَدِي اليُسرى التي تَهْتَزُّ دونما إرادتي بفعل التيار الكهربائي.» وبتحليلنا لهذه المتغيرات والتجارب العلمية المتاحة حاليا،يتبدى أننا أمام إمكانات إنسان جديد،جديرة بالتأمل،لأن هذا الكائن،لم يعد نفسه كما كان من قبل،وذلك سواء من حيث سلوكاته و زمنه و فضائه و تكوينه أو من حيث حركاته و إيقاعاته و قِواه و رغباته.أفلا ترسم التقنية اليوم إذن،سواء منها تقنية الازدراع أو الاستنساخ ،معالم إنسان جديد ،صار يمتزج بالحيواني والحديد والبلاستيك ويتغذى بالمواد المُعدَّلة وراثيا ؟ وألا يستدعي المايحصل ،التفكيرَ في أفق يَخْدُم أجندة البشرية بدلا من أجندة سماسرة السوق ، المهووسون بمنطق الربح المادي على حساب إنسانية جديرة بالتحسن والسعادة؟
l تؤكد كتبك ، أنك لست مقتنعا بأن الفلسفة مسألة خطاب فقط ، بل تدفع بها إلى ماهو أهم ، و هو الحياة . إنها قضية أسلوب يختبر في تفاصيل أسلوب العيش . ألا ترى أن هذا التصور يجعل من كل الناس فلاسفة طالما أنهم يحيون على نمط معين ، ينضبطون له ؟ هل تعتبر أن خبرة التأمل والحرية كسند رئيسي لفعل الحياة هو ما يقيم الفاصل مابين حياة / فلسفة الفيلسوف ، وحياة العامة ؟ يدفعنا هذا أيضا للتساؤل عن كيفية اختبار تصورك الخاص عن الفلسفة في حياتك الشخصية ؟
uv إنني بكل صراحة،إن كنتُ لا استطيع أن أتبنى الدفاع عن سلسلة من الأفكار لا أثر لها في حياتي ، فمَرد ذلك إنما هو اشمئزازي من كل ضروب التجريد ،على اعتبار أن فكرة بسيطة قابلة لأن تُعاشَ أفضل بكثير عندي من صَرْحٍ فِكري مُعَتَّم لا علاقة لصاحبه به .
ذلك أن حياة الفيلسوف ومشروعه الفكري ينبغي أن يشكلا وجه وقفا الورقة الواحدة؛مادام ألا وجود للفكر إلا من حيث هو سيرة ذاتية،تروي تجربة جسد تخترقه الأفراح والأحزان،النجاحات والانكسارات ؛ لتغدو الفلسفة بهذا المعنى تأويلا للجسد بل وسوء فهم له حتى بتعبير نتشه.وهل أضيف أنها أيضا تطبيب واستشفاء بل و علاج للروح؟أكيد؛ مادام أن كل خطاب فلسفي يعجز عن إتيان هذه الجرعات العلاجية، يغدو بنظري خطابا فارغا، لا يرجى منه أي خير.أسوق هذا الكلام لأني أرى أن للأفكار دورا في حياة الناس، وأن للفلسفة مهمة أشبه ما تكون بمهمة الطبيب الذي يستطيع أن يخفف عنهم عبء الألم ،ويمنحهم حلولا لمشاكلهم المضجرة.ولعل مَنْ يقرأ رسائل أبيقور،مثلا يدرك أن فعل التفلسف ليس نشاطا مجانيا البتة،بل هو ما به نستطيع التخلص من الطابوهات وطرد العديد من التمثلات الخاطئة التي قد تجعل حياة المرء مَهْما طال عمره أكثر سوداوية. وبعيدا عن التنميق اللغوي الذي صار اليوم موضة في الحقل الفلسفي،كثيرا ما دعوت أصدقائي إلى التمعن جيدا في الفلسفة الإغريقية التي كانت ذات تأثير بالغ الأهمية لا في حياة الأفراد فحسب بل في حياة الجماعة و النظم السياسية . فمَنْ منا يعرف أن مفهوم التعاقد الذي تبناه روسو ،كان في الأصل مفهوما صاغه أبيقور ونقله عنه هوبز؟ و هل نعلم أن الجرأة المعرفية (Aude saper) التي دعا إليها كانط، مستعيرا إياها من» بيير غاساندي « تعود في جدرها إلى هوراس ؟ لعل،هذه الأمثلة و غيرها ،كفيلة بحسبي بأن تجعلنا نستوعب مدى التقهقر الذي حصل لنا على المستوى الفكري ،سيما لما بزغت على السطح تيارات ترى ألا شيء يصل الفكر بصاحبه،وأن النصوص ينبغي أن نعمل على فهمها بعيدا عن سياقاتها (un texte sans contexte). لكن لحسن حظنا أن ثمة نتشه ومونتاني وبيير هادو وميشيل أنفري وآخرون استطاعوا أن ينبهونا إلى فظاعة و هول الأمر.
بعد هذا كله ،يبقى أن أشير إلى مسألة جد هامة في هذا الصدد،مؤداها أن الفلاسفة ذاتهم يلزمنا لا أن نقرأهم فحسب ، بل أن نحياهم. حاوِلْ مثلا أن تحيا إحدى شذرات نتشه ،لتدرك مغزى و صعوبة التعامل مع الأفكار.قرأت مرة إحدى شذراته حيث يحدد معنى الإنسان الحر،وحاولت أن أختبر كل تفاصيلها فوجدتني أمام رهانات حقيقية ،لا أخفي عليك أنها كادت تقلب حياتي رأسا على عقب.لكن إن كان ثمة فلاسفة جديرين بالاهتمام و القراءة،فثمة آخرون يستحيل التعامل معهم على نفس النهج،لا لشيء إلا لأنهم كما أسلفنا كانوا يكتبون ويفكرون على نحو مغاير تماما لحيواتهم .وعلى هذا الأساس جاءت فلسفتهم نَصِّيَّة ،تكاد لا تصلح إلا للاستظهار والترتيل ، استعدادا لنيل دبلوم في الدراسات الجامعية العليا ، وإحرازا لشهادة تَفَوُّقٍ تؤهل صاحبها للاندماج الاجتماعي.
لعل الفرق الشاسع إذن بين الفيلسوف و المشتغل بالفلسفة، هو ما حدا بنا إلى اعتبار أن حجة الفيلسوف هي حياته لا غير.أما تحديد الفيلسوف باعتباره صاحب مؤلفات وكتب،فهو لعمري ،ضرب من ضروب الجنون؛لأن المبدع هو من يستطيع أن يعطينا نموذجا مفارقا للمعتاد،الحاسم الأكبر فيه هو أسلوبه في الحياة،وطريقته في التعاطي مع المعيش والتفكير في الراهن و خلخلة الطابوهات.فمن منا اليوم يستطيع أن ينفي صفة الفيلسوف عن إبكتيت وسقراط على الرغم من أنهما لم يُخَلِّفا كتبا أكثر مما خلَّفا حياة مليئة بالحكمة؟
حاوره: عبد الصمد الكباص *