منذ عشرة أيام تقريبا، غادرت باريس- متعبا ومريضا بعض الشيء- وجئت إلى سهل الشمال الكبير، الذي يمكن أن يساعدني على التعافي، بامتداده وصمته وسمائه، ولكني أدركت أمطارا طال هطولها، ولم يتفق لها- إلا اليوم- إن تميل قليلا عن البلاد التي تهتز- كئيبة- تحت هبوب الرياح. وإني استغل لحظة الصفاء الاولي لأحييك، سيدي العزيز. عزيزي، السيد كابيس (kapplis)،
لقد تركت أحدى رسائلك – مدة طويلة – دون رد. ولم يكن ذلك بسبب أني نسيتها؟ إذ هي من الرسائل التي نعيد قراءتها، عند العثور عليها بين رسائل أخرى، ولقد وجدتك فيها، كما لو كنت أراك في الحقيقة. إني أقصد رسالتك المؤرخة في 2مايو، التي لا شك انك تذكرها، عندما اقرأها في الصمت الكبير، الذي يلف هذا "القصي"، فان انشغالك الجميل بالحياة، يهزني اكثر مما فعل عندما كنت في باريس، حيث يرف كل شيء بطريقة مختلفة ويضيع، نتيجة الصخب العظيم، الذي يهز كل الاشياء. فهنا، حيث تلفني أرض مترامية تعبرها الرياح القادمة من البحار.. هنا، أشعر إن لا أحد- في أي مكان كان- يقدر على الاجابة، عن هذه الاسئلة والاحساسات، التي تحمل في ذاتها حياة خاصة، لان افضل الناس ينخدعون "في" الكلمات، عندما يتعلق الامر بالكشف عما هو عظيم، يكاد لا ينقال. ولكني اعتقد – رغم هذا- انك لن تظل بدون حلول، اذا ما تشبثت بأشياء شبيهة بهذه التي تمتع- الآن- عيني. واذا ما بقيت متشبثا بالطبيعة، وبما فيها من بسيط ودقيق لا يكاد أحد يرده؟ رغم انه يمكن ان يصبح "العظيم" و"الرحب". واذا كانت لك هذه القدرة على حب الأشياء الدقيقة، واذا حاولت ببساطة، ان تكسب – مثل خادم – ثقة ما يبدو عديم القيمة، فان كل شيء- حينها- يتبدى لك اسهل واكثر تناغما، واكثر قابلية للمصالحة – ليس مع الذكاء الذي يتراجع بفعل الدهشة – وانما مع وعيك (2) الاشد حميمية، وذاتك المتيقظة، ومعرفتك، انك شاب بعد؛ فأنت قبل كل شيء بدء، واني اود لو تسمح لي بأن أدعوك، الى ان تتحلى بالصبر امام كل ما لم يجد طريقه الى الحل، في قلبك، والى ان تحاول حب الاسئلة في ذاتها، كما يمكن ان تحب غرفا مقفلة، او كتبا مكتوبة بلغة شديدة الغرابة (3) عنك. فلا تبحث الآن عن الاجوبة التي لن تأتيك، لانك لا تستطيع أن تحياها، والحال انه ينبغي ان نحيا كل شيء. حاول – الآن – ان تحيا الاسئلة. وربما يتسنى لك تدريجيا، ان تحيا- يوما ما ودون ان تدرك ذلك – تجربة المثول، في حضرة الجواب.
ربما تكون تحمل في ذاتك القدرة على الخلق والابداع، وفي طريقة الحياة هذه، سعادة عظيمة وصفاء فريد، وانت مطالب بأن تربي نفسك على هذه الحياة، ولكن عليك ان تتقبل بكل ثقة ما يحدث بمعزل عن كون هذا الحدث نابعا من ارادتك، او من بعض الاحزان والمخاوف الكامنة فيك.. تقبله، ولا تكره شيئا. نعم، الجنس أمر مهم: أهمية كل ما هو مفروض علينا، ان كل ما هو جدي، مهم، وان كل شيء جدي.
اذا اعترفت بهذا الامر، وتوصلت بنفسك- وحسب قدراتك وطريقة كينونتك، وبفضل تجربتك وطفولتك وقوتك- الى ان تفوز بعلاقة خاصة بك مع الجنس (أي خارج دائرة تأثي المواضعات الاجتماعية والاخلاق ) فانه لن يكون من حقك – بعد ذلك – ان تخشي من ان تضيع او تصبح غير مستحق لاغلي ما تملك. ان الشهوة الجسدية المحمومة، تجربة حسية، لا تختلف في شيء عن النظرة الصافية او الاحساس الخالص الذي تغمر به اللسان ثمرة طيبة.
انها تجربة عظيمة ولا نهائية، وهبت لنا، وهي معرفة بالعالم، وامتلاء، وتوهج لكل معرفة.
وليس السيئ ان نفتح ذراعينا لهذه التجربة: انما السيئ، ان معظم الناس يستغلونها بطريقة فجة ويهدرونها، جاعلين منها مثيرا في لحظات الارهاق – التي تعتري حياتهم – وتثشتتا: ( 4) بدل ان تكون تكثيفا يطلب الاعالي.
الاكل، هو الآخر، صيره الرجال شيئا آخر: حرمان هنا وتخمة هناك، لقد شوهوا صفاء هذه الحاجة؟ بل ان كل الحاجيات العميقة والبسيطة التي تتجدد الحياة بها، صارت مشرفة، هي ايضا، ولكن الفرد ( 5) وحده هو القادر على أن يجليها لنفسه ويعيشها في صفائها، (وان لم يكن الفرد قادرا على ذلك لعدم استقلاليته، فسيكون المتوحد قادرا عليه، بالتأكيد!). انه بامكانه ان يتذكر ان كل جمال في الحيوانات، أو النباتات هو- وفي هيئة تمتد في صمت – (محض ) حب ورغبة. وهو قادر على ان يرى الحيوان – مثلما يرى النبات – يجامع ويتكاثر وينمو في هدوء ورقة: ليس من اجل اللذة الجسدية، ولكن رضوخا لضرورات، أعظم من اللذة والرجع، واقوي من الارادة والصمود.
آه، لو يستطيع الانسان ان يفتح ذراعيه بأكثر خشوع، للسر الذي ترشح به الارض حتى في أصغر الاشياء، ليته يستطيع ان يحمله ويتحمله بقدر اكبر من الجدية، ويحمى بثقله الهائل، بدل ان يتخف به ! ليته يتعلم احترام خصوبته – التي هي بالحق خصوبة – سواء كانت روحية او جسدية، لان الابداع الروحي متأت – هو الآخر- من الابداع الجسدي، وهو من ذات الجوهر، مع فارق بسيط: وهو ان الابداع الروحي يشبه ترديدا- أكثر هدوءا وانتشاء وخلودا- للشهوة الجسدية.
"ان فكرة، كوننا مبدعين نهب الحياة، ونبدع"، عديمة القيمة، من دون تأكيدها العظيم الدائم، وتحقيقها في العالم. وهي لا تساوي شيئا، من دون الرضا(6)، الذي يميز الاشياء والحيوان، واذا كان الانتشاء الذي تورثه هذه الفكرة جميلا وثريا، بشكل لا يوصف، فان مرد ذلك الى كونها ترشح بذكريات، موروثة عن ملايين حالات الخلق والولادة. ففي فكرة خلاقة واحدة، تعود آلاف ليالي الحب المنسية الى الحياة، لتملأ تلك الفكرة عظمة ورفعة، وان اولئك الذين يلتحمون- ليلا- ويتعانقون والشهوة تهدهدهم، انما ينجزون عملا جديا.
انهم يجمعون لذات وعمقا وقوة، يهبونها لنشيد شاعر آت، سوف يطو ليخبر عن لذات عارمة لا تنقال، وهم يدعون المستقبل – الذي هو آت لا ريب – حتى وان اخطأوا واعتراهم العمى، فان انسانا جديدا(7) سينهض، وعلى خلفية الصدفة التي تبدو- هنا- منجزة، يصحو القانون (الطبيعي)، الذي بمقتضاه تبحث بذرة – قوية وصامدة – عن طريق، يقودها الى البويضة التي تأتي الى لقائها "مفتوحة".
لا تكترث لسطوح الأشياء، ففي الأعماق يغدو كل شيء قانونا. ان الذين يحيون هذا السر، بطريقة خاطئة "وما أكثرهم !"، يضيعونه على أنفسهم فقط: لأنهم ينقلونه – مثل رسالة مغلقة – دون علم بذلك.
لا تته وراء تعدد الأسماء، وتعقد الحالات: لأن فوق كل شيء تمتد أمومة (8) رحبة وشهوة مشتركة.
ان جمال عذراء، أي "الكائن" الذي لم ينجز شيئا بعد – مثلما عبرت بطريقة جميلة – هو أمومة تعد نفسها، وتنتظر متعبة قلقة. وان جمال الأم، يكمن في أمومتها، وفي أعماق امرأة مسنة، تقبع ذكرى عظيمة. ويبدو لي أن في الرجل – أيضا – أمومة حسية وروحية: اذ الاخصاب عنده، هو شكل من أشكال الولادة، وهو يلد عندما يبدع، انطلاقا من الامتلاء الأشد التصاقا بأعماقه. وقد يكون بين الجنسين درجة قرابة أكثر مما نعتقد، وربما يتمثل التجديد العظيم للعالم في أن الرجل والفتاة سوف لن يطلبا بعضهما- بعد التخلص من الاحساسات الخاطئة والتنافر- باعتبارهما ضدين، وانما باعتبارهما شقيقين أو جارين. فيجتمعان اجتماع كائنين بشريين، لينهضا معا بمهمة حمل ما في الجنس من عظمة – سلطت عليهما- ببساطة وصبر وجدية. ولكن كل ما يمكن للمجموعة أن تنجزه، يوما ما، بامكان المتوحد أن يشرع – من الآن – في اعداده وتشييده، بيديه اللتين هما أقل عرضة للخطأ.
أحب – اذن – سيدي العزيز- عزلتك وأحمل اوجاعها بشكوى موقعة النشيج جميلته.
تقول ان اقاربك بعيدون عنك: وهذا يعني ان رحابة قد نشأت حولك، فاذا كان قريبك بعيدا عنك، فان الرحابة – التي أدركت النجوم – من حولك مترامية، تمتع بنموك الذي لا يمكن ان يرافقك – فيه- أحد. وكن ودودا مع أولئك الذين خلفتهم وراءك، كن واثقا من نفسك وهادئا في حضورهم: فلا تجلدهم بشكوكك، ولا تفزعهم بثقتك بنفسك، ولا بفرحتك، التي لن يكون بمقدورهم فهمها.
اسع الى ان تعقد معهم نوعا من الحياة "الجماعية " (9) البسيطة والوفية التي لن تتغير- بالضرورة – وان تغيرت أنت، مرات ومرات. أحب فيهم الحياة، في هيئة غريبة، وكن رحيما مع الشيوخ الذين، ترهبهم العزلة التي وضعت فيها أنت، شقتك. حاول أن تتجنب تلك الفجيعة ( 10 ) التي توتر- دائما- علاقة الآباء بالابناء، لأنها تأتي على قوة الأبناء، وتستهلك حب الآباء، هذا الحب الذي يعتمل ويتصرف دون فهم، لا تطلب منهم نصيحة، ولا تنتظر منهم أن يفهموك، ولكن (حاول ) ان تؤمن بحب يحفظ لك مثل ميراث: ان في هذا الحب قوة وبركة، هو ليس في حاجة لاظهارها! انه من الأفضل – أولا- أن تجد منفذا، الى مهنة تجعلك مستقلا وتمنحك اكتفاء تاما بذاتك، انتظر بصبر حتى تعرف فيما بعد، اذا كانت هذه المهنة ستضيق على حياتك الداخلية، وان كنت أجد المهن صعبة وكثيرة المتطلبات، لانها مثقلة بمواضعات كبيرة، ولا تترك مجالا- البتة – لتصور خاص، للواجبات. ولكنك ستجد في وحدتك – حتى في أشد الظروف غرابة – سندا وملاذا، وانطلاقا منها هي ستجد على طرقك.
تصحبك كل أماني وثقتي.
المخلص لك وينير مارياريلكه
روما في 15 ماي 1904
كايبس
سيدي العزيز كايبس ,Kappus لقد انقضى وقت طويل، منذ أن تسلمت رسالتك الأخيرة، فلا تؤاخذني على عدم الرد عليها لأسباب ثلاثة: أولها كان العمل وثانيها أني كنت مضطربا، وآخرها مرض خفيف، وفضلا عن كل هذا، فقد تعذر علي لأكثر من مرة أن أقدم لك جوابا، وددت أن يصلك في أيام هادئة وجميلة. أما الآن فاني أشعر مرة أخرى، بأن حالتي قد تحسنت (علما أن بداية الربيع بتحولاته الماكرة وتقلباته، كان لها وقع كبير هنا).
وانها لمناسبة لكي أحييك وأحدثك عن أشياء شتى لكي أجيب
عن رسالتك بأفضل ما استطيع.
وجع عميق، قاتم يرتجف خلال حياتي
بلا شكوى ولا آهات.
ومن أحلامي، يبارك الثلج المزهر الصافي
أهدأ أيام حياتي…
ولكن غالبا ما يقاطع السؤال العظيم طريقي…
أتصاغر وأمر أمامه باردا
وكأني على ضفة بحيرة
لا أجرؤ على قيس موجها
ثم تحل في معاناة قاتمة
قتامة ليالي صيف بلا بريق
تشقها نجمة لماعة هنا وهناك:
حينها – وعلى نمير هدى- تبحث يداي عن الحب
لأني كم أحب أن أصلي بأصوات
يعجز فمي المتوهج عن ايجادها.
لقد أعدت – مثلما تلاحظ – كتابة ( 11 ) رباعيتك، لأنني وجدتها جميلة وبسيطة، ووليدة شكل تنامت فيه بانضباط أخلاقي هادئ. انها أفضل أبيات لك، تمكنت من قراءتها، وإني أسلمك الأن هذه النسخة، لأني أعرف جيدا أنه أمر مهم وتجربة جديدة، أن يجد المرء عمله الخاص مكتوبا بيد غريبة. اقرأ هذه الأبيات كما لو إنها ليست لك، وستشعر من أعماقك كم أنها أبياتك أنت. لقد كانت قراءة هذه الرباعية ورسالتك سعادة لي، فشكرا على هذه وعلى تلك. عليك الا تتيه في عزلتك، بحجة أن في ذاتك شيئا يتوق الى الخروج منها.
ان هذا التوق بالذات، هو الذي سيساعدك على ان تجعل عزلتك منتصبة فوق أرض شاسعة، اذا ما استخدمته بهدوء ووجاهة، استخدامك لآلة موسيقية.
لقد حسم الناس – بمساعدة المواضعات – كل الأمور في اتجاه التساهل، واتجاه "أسهل" مظاهر التساهل، والحال انه بين أنه علينا ان نلتزم الصرامة، لأن كل ما هو حي مرتهن بها، وأن كل ما في الطبيعة ينمو ويقاوم بطريقته، وهو- انطلاقا من ذاته – شيء بذاته يجهد ليكون كذلك أيا كان الثمن وهو يفعل ذلك ضد كل العراقيل.
اننا نعرف القليل، ولكن يقينا واحدا لا يفارقنا، وهو أنه علينا أن نكون من انصار الصرامة و
"الصعب": ولأن العزلة" صعبة "، فانه أمر جيد أن يكون الانسان متوحدا؟ أن يكون أمر ما صعبا، فذلك سبب اضافي لكي ننجزه. انه أمر جيد – كذلك – أن نحب، لأن الحب قاس وصعب، أن يحب كائن بشري كائنا آخر هو أصعب أنواع الحب وأقساما، وهو أمر مفروض علينا، انه الأقصى، منتهى التجربة والاختبار، وهو العمل الذي يكون كل عمل آخر تمهيدا له. لهذا السبب نجد أن كل الشباب – الذين هم مبتدئون (12) في كل شيء- غير قادرين على الحب (13 ) وعليهم أن يتعلموه، عليهم أن يتعلموا الحب بكل كيانهم وبكل قواهم مجتمعة حول قلبهم المتوحد، القلق الذي تطواقاته. ولكن وقت التدريب طويل دائما ومغلق (…)
يمثل الحب – بالنسبة الى الفرد- مناسبة عظيمة، ليصبح شيئا ما بذاته، وليغدو- حبا لآخر- عالما بذاته، الحب ضرورة عظيمة وغير هينة للفرد، انه شيء يختاره ويدعوه نحو "الرحب" . انه بهذا المعنى فقط: معنى المهمة والاشتغال على الذات (نصفي ونطرق ليل نهار) ( 14)، يجب على الشباب أن يستخدموا الحب الذي منح لهم. وأما أن يذوبوا ويهبوا أنفسهم، فهذا ما ليس مسموحا لهم به (انهم يحتاجون الكثير الكثير من الوقت كي "يدخروا" و"يجمعوا" )…
وهذا هو الأقصى، الذي لا تكفي لانجازه – ربما- حيرات بشرية عديدة. ولكن – هذا- غالبا ما يخطئ الشباب (الذين يفتقرون – أساسا- الى الصبر): انهم يرتمون بعضهم على بعض عندما يغشاهم الحب، وينتشرون – كما هم – بكل عدم توازنهم وفوضاهم وعدم أمليتهم للتمييز. ولكن ماذا يمكن أن ينتج عن ذلك؟ ماذا يمكن أن تصنع الحياة بهذا الكم من نصف "الفضلات" الذي يدعونه "مجموعتهم" والذين يحبون تسميته، سعادتهم ومستقبلهم؟
مهنا يضيع كل واحد نفسه – حبا للآخر- ويضيع الآخر، وآخرين كثيرين… انه يضيع الفضاءات الرحبة والامكانات (15 ) مستبدلا القرب والهروب من الأشياء الصامتة التي ترشح بالاحساسات المسبقة، باضطراب عقيم لا يرجى منه شيء غير بعض القرف والخيبة و"الفقر"(16 ) وحينها يبحث عن خلاصه، في واحدة من المواضعات (17 ) الكثيرة التي تمتد بعدد كبير على طول هذا الطريق الموغل في الخطورة، مثلما تنتشر الملاجئ العمومية. ولا تخلو منطقة من مناطق التجربة البشرية من "مواضعات". ولقد رصدوا لها حشدا هائلا من الاختراعات: أحزمة أمان وزوارق انقاذ وزلاقات مائية: واذا استطاع التصور الاجتماعي ان ينشئ هذا الكم من الملاجئ، فلأنه – وانطلاقا من ميله الى اعتبار الحياة العاطفية ضربا من التسلية – وجب عليه أن يمنحها شكلا هشا، قليل التكلفة وبدون مخاطر، مثلما هي الملاهي العمومية. وبدون شك، فان كثيرا من الشباب الذين يحبون بشكل سيئ، أي بلا مبالاة وعلى حساب عزلتهم، يشعرون أن خطأ يسحقهم ويريدون بطريقتهم الذاتية الخاصة ان يجعلوا الحالة – التي تردوا فيها- خصبة وقابلة لأن تحيا، لأن طبيعتهم ترشدهم الى أن أسئلة الحب – وبارجة أقل من كل ما يكتسي أهمية ما- لا يمكن أن تجد حلولا عمومية، ولا حلولا مطابقة لهذا الاتفاق أو ذاك. وليتعلق الأمر- هنا- بأسئلة حميمية: أسئلة من كائن بشري الى آخر تتطلب في كل مرة جوابا جديدا ومتميزا، وشخصيا فقط: ولكن كيف لهؤلاء الذين "ارتقوا" معا وضيعوا كل الحدود والتمييز(8ا) فلم يعد لهم أي شيء ذاتي، أن يجدوا في ذواتهم ما به يخرجون من عمق عزلتهم المقبورة. ان أفعالهم تنبع من هم مشترك، وهم اذا ارادوا أن يفلتوا بكل ارادتهم، من المواضعات الاجتماعية التي "تحاصرهم" (كالزنوج مثلا)، يسقطون في حبائل حل أقل صخبا ولكن حيث للمواضعات نفس القدرة على القتل.
لا شيء اذن من حولهم ليس مواضعة: هنالك حيث نزعة جماعية مبكرة ومضطربة تكون منطلق أفعال: كل فعل متواضع عليه وكل علاقة تقود اليها فوضى(9ا) كهذه، لها مواضعتها أيضا: بل ان القطيعة نفسها تكون خطوة متواضعا عليها، وقرارا موكولا الى الصدفة.
واذا نظرنا عن كثب وبجدية، نجد انه في الحب الصعب – مثلما في الموت ( 20)، الذي هو صعب – لا يوجد أي بصيص حل، كما انه لا يوجد رأي طريق أثبت شجاعته، وبالنسبة لهاتين المهمتين – الموت والحب – اللتين نحملهما مخبوءتين وننقلهما دون أن نفتحهما، فانه لا توجد قاعدة مشتركة ومؤسسة على اتفاق، تسمح بالكشف عن نفسها.
ولكن اذا شرعنا في تجربة الحياة فرادى، فان هذه الأشياء العظيمة ( 21) تأتي الينا- نحن الذوات – وتقترب منا كأشد ما يكون الاقتراب.
ان المتطلبات التي يفرضها عمل الحب الصعب على تطورنا، تتجاوز حدود حياة واحدة، ونحن – باعتبارنا مبتدئين – لا نستطيع الاجابة عنها، غير انه، اذا ما أصورنا وحملنا هذا الحب تكليفا ودربة، بدل أن نتيه في هذا اللعب الزائف عديم القيمة، حيث جانب البشر أهم ما في وجودهم – محتمين به – فان تقدما طفيفا وارتياحا قد يسعفان أولئك الذين يأتون – زمنا- من بعدنا. وفي الواقع فاننا شرعنا- من وقت قصير فقط – في النظر الى علاقة فرد بآخر، بموضوعية ودون أفكار مسقة. وان محاولاتنا(22) لكي نعيش علاقة مماثلة لا تجد أمامها أي نموذج، غير ان تحولات المرحلة (23) أتاحت لنا ما به نستعين في بداياتنا المترددة.
إن الفتاة والمرأة – في جدة انتشائهما الذاتي- لا تمنحان نفسيهما الا قليلا، الى تقليد(24) الأساليب الذكورية السيئة، وكذلك المهن الذكورية.
وقد اتضح بعد ضبابية هذه التحولات، أن النساء لم تمررن بهذا الحشد من التنكرات المتحولة – السيئة غالبا- الا لتطهير جوهرن الذاتي من التأثيرات المشوهة للجنس الآخر. ان النساء – وهن اللائي تقيم فيهن الحياة وتمكث بأكثر حميمية وخصوبة وثقة – صرن في جوهرهن كائنات بشرية أكثر نضجا، بل أكثر انسانية من الرجل: هذا الرجل الهش الذي لا تستطيع وطأة أي من ثمار الجسد أن تسحبه تحت سطح الحياة: هذا المختال الوقح المندفع، الذي يحتقر ما يعتقد انه يحيه.
ان انسانية المرأة التي استهلكتها الاوجاع والاهانات، ستولد من جديد عندما تعري المرأة المواضعات الاجتماعية التي تفرض عليها أن تكون "امرأة ولا شيء غير ذلك "- في خضم هذه التحولات التي تطرأ على وضعيتها الخارجية. وأما الرجال الذين لا يستشعرون اليوم حدوث أي شيء، فانهم سيصدمون بذلك صدمة عنيفة، وفي يوم ما ستكون الفتاة بيننا، وكذلك المرأة، وستكف أسماؤهن عن الاشارة الى نقيض المذكر وتصبح شيئا كائنا بذاته لا ينظر اليه باعتباره مكملا وحدا فاصلا، وانما باعتباره حياة ووجودا، أي: الكائن البشري الانثوي.
(ومن الضروري أن أشير الى أن مؤشرات مؤكدة على ذلك سارت الآن تبرق مشعة، لا سيما في البلدان الشمالية )، وسيغير هذا التطور الطريقة الالتباسية التي نعيش بها الحب تغييرا جذريا، وسيحولها لتصبح علاقة بين انسان وانسان، وليس بين رجل وامرأة.
وان هذا الحب الأكثر انسانية لم الذي سينجز بقدر كبير من الاحترام والرقة، هذا الحب الطيب والواضح في انعقاده وانفصامه )، سيشبه ذاك الحب الذي نعد له بصراع مرير، ذاك الذي يتمثل في عزلتين تحتمي كل منهما بالأخرى، وتحترم حدودها. ومع ألك، فاياك أن تظن ان ذاك الحب العظيم الذي فرض عليك – صبيا- كان بلا فائدة: فهل انه بامكانك ان تزعم ان الكثير من الرغبات العظيمة والنوايا التي ما زالت تسكنك الى اليوم، لم تنضج فيك؟
اعتقد أن هذا الحب لم يزل قويا و"قادرا" الى هذا الحد، الا لكونه مثل عزلتك العميقة الأولى، وأول عمل داخلي أنجزته في حياتك.
أطيب تمنياتي لك عزيزي السيد كايبس.
المخلص: وينير مارياريلكه orgeby gard Fladie 8 السويد في 12/8/1904(25)
(…) لقد كان لك كثير من الأحزان العظيمة التي انقضت، وها أنت تقول إن هذا الطابع العابر، هو ما صعب عليك احتماله لقسوته.
وأنا أدعوك الى أن تفكر جيدا: ألم تخترقك هذه الأحزان في الصميم؟ ألم تتغير فيك أشياء كثيرة؟ بل ألم تتغير أنت ذاتك، في نقطة ما أو موضع ما من كيانك، فيما كنت حزينا؟ ان الأحزان التي نحملها فتطغى على أصواتنا(26) ونحن بين الناس، هي وحدها الأحزان الخطرة والسيئة. انها تشبه تلك الأمراض التي تعالج علاجا سطحيا وسخيفا فتتراجع قليلا ليكون ظهورها- بعد ذلك – مرعبا. انها تتراكم في الداخل، وهي من الحياة؟ ولكنها حياة لم تحي، حياة يمكن أن تقتلنا. لو كان بامكاننا أن نرى أبعد قليلا مما تتيحه معرفتنا، وخلف الأبواب الأمامية لحدسنا، لكان بوسعنا أن نحتمل أحزاننا بثقة أكبر من تلك التي نحتمل بها أفراحنا.
ولعل مرد ذلك، الى أن أحزاننا تمثل اللحظات التي ينفذ- خلالها- الى داخلنا شيء جديد(ا2) ومجهول. وفي تلك اللحظة تصمت أحاسيسنا، في تردد خجول، ويتراجع فينا كل شيء، فيخيم سكون ويستوي ذاك الجديد الذي لا نعرفه، صامتا، هناك في الوسط.
وإني أعتقد أن جل أحزاننا هي لحظات توتر تشعرنا بالعجز عن الحركة، فرط ما بنا من صمم تجاه حياة احساساتنا الموسومة بالغرابة. ومعنى ذلك أننا وحيدون مع ذاك الغريب الذي نفذ الى داخلنا(28)، ومعناه أيضا، أن كل ما هو مألوف ومعتاد لدينا، قد أخذ منا، وأننا نجد أنفسنا وسط مرحلة تحول، حيث لا نقدر على الوقوف دون حراك. وسأفسر لك الآن لماذا يكون الحزن عابرا؟ ان ذاك الجديد الذي انضاف الينا فصار فينا، قد نفذ الى قلبنا، الى أكثر مخابئه حميمية، حيث ينتفي ليمتزج بالدم فنكف عن ادراك ما هو، ويمكن أن يخيل الينا أن مشيئا لم يحدث، والحال أننا تغيرنا مثلما يتغير بيت بدخول ضيف. لا نستطيع أن نقول من الذي دخل، وقد لا نعرف ذلك أبدا، ولكن مؤشرات عديدة تجعلنا نفكر في أن المستقبل هو الذي اقتحم دواخلنا(29) بهذه الطريقة كي يتحول فينا، زمنا طويلا قبل حلوله الفعلي.
لهذا السبب يكون من المهم أن يبقى الانسان وحيدا ومنتبها، عندما يكون حزينا: لأن اللحظة التي يبدو أن لا شيء يأتي خلالها او يتحرك، هي اللحظة التي يدخل مستقبلنا- خلالها- فينا. وهذه لحظة أقرب الى الحياة من اللحظة الأخرى الصاخبة حيث يأتينا المستقبل كما من خارج.
وبقدر ما نكون هادئين وصابرين ومنفتحين – في حزننا- بقدر ما ينفذ فينا هذا الجديد عميقا دونما معكر. وبقدر امتلاكنا له، بقدر ما يكون قدرنا: قدرنا الذي عندما يطلع يوما ما من ذاك "الجديد"، ليقترن ببقية الأقدار، نشعر في أعماقنا كم نحن أهل وأقارب. انه من الضروري الا يداهمنا شيء غريب، عدا ما هو لنا منذ زمن بعيد: وفي هذا الاتجاه بالذات يتشكل تطورنا تدريجيا، في هذا السياق وجب أن نعيد التفكير في عدة مفاهيم متعلقة "بالحركة" ( 30).
ولقد تسني لنا أن ندرك تدريجيا، أن ما نسميه قدرا، يخرج من الانسان، ولا يداهمه من الخارج، ولم يدرك عدد كبير من الناس ذلك: لأنهم لم يمتلئوا بقدرهم – فيما هو يحيا داخلهم – ولم يحولوه فيهم، لقد بدا لهم "غريبا"، الى حد جعلهم يجزمون – في رعبهم المربك – انه لم يحل فيهم الا للتو: وهم يقسمون على أنهم لم يجدوا في ذواتهم شيئا شبيها به، قبل ذلك.
و مثلما أخطأنا طويلا بخصوص حركة الشمس، فإننا نتمادى في أوهامنا حول حلول (هذا الغريب ).
ان المستقبل ثابت، يا عزيزي، وأما نحن فاننا نسبح في الفضاء اللانهائي( ا 3) فكيف لا يشكل الأمر علينا؟ وحتى نعود الى موضوع العزلة، فانه بات جليا- أكثر فأكثر- انها ليست مشيئا يمكن أخذه او تركه، نحن متوحدون، ويمكن أن نوهم أنفسنا بأن الأمر ليس كذلك، بيد انه يحسن أن نفهم اننا متوحدون، ويحسن بكل بساطة أن ننطلق من هنا، وحينها سيعترينا الدوار بالتأكيد، لان كل النقاط التي ألفت عيوننا ان تقع عليها، ستسحب منا؟ فينتفي كل قريب، ويتناص كل بعيد في بعده. ان كل من ينقل – فجأة ودون سابق انذار- من غرفته الى قمة
جبل شاهق، يعتريه نفس الاحساس بالدوار: انه يشارف على الامحاء بفعل حالة من الضبابية لا مثيل لها، ويفعل كونه تحت رحمة شيء لا مسمى. انه يخيل اليه انه سقط أو ألقي به في الفضاء فتحطم وتناثر ألف قطعة: فاي الأكاذيب، لا يبتدعها عقله، في هذه الحالة، حتى يستعيد حواسه؟! ويهذه الطريقة تتغير- بالنسبة الى من يغدو متوحدا- كل المسافات والمقاسات، وتحدث هذه التغيرات فجأة.
وتماما مثل الرجل الذي فوق قمة الجبل، فانه يشكل تخيلات غير معتادة و إحساسات غريبة، يبدو وكأنها تنمو فوق كل ما هو محتمل. غير انه من الضروري أن نحيا(32) هذا أيضا. علينا ان نحتمل وجودنا أكثر ما يمكن، وحتى ما كان شديد الغرابة، ينبغي ان يكون ممكنا في هذا الوجود. وهنا تكمن الشجاعة الوحيدة التي نحن مطالبون بها:
ان نكون شجعانا أمام ما هو أغرب وأبعث على الدهشة، وأقل قابلية للايضاح. واذا كان تخاذل الناس – بهذا الصدد- قد ألحق ضررا بالغا بالحياة؟ فان التجارب المعيشة التي نسميها "انبثاقات"، وكل ما نسميه "عالم الأرواح"، والموت: كل ما هو شديد الالتصاق بنا.. وجد نفسه بفعل المقاومة اليومية خارج الحياة، الى حد أن الحواس(34) التي كانت تسمح بالامساك به، اعترافا الضمور. دون أن نتحدث عن الله، بيد أن الخوف مما هو غامض لم يفقر وجود الفرد فحسب: وانما ضيق بفعل تأثيره العلاقات بين البشر، فاجتثت من مجرى نهر (34) الامكانات اللانهائية، لترفع فوق ضفة نهر جرداء، لا شيء يدركها. لأن الكسل ليس وحده القادر على جعل العلاقات البشرية تتكرر رتيبة، لا تتجدد، وانما هنالك ايضا الخجل أمام كل تجربة جديدة وغير منظورة، نشعر اننا دون مستواها. وحده، من هو مستعد لكل شيء ولا يرفض أمرا، حتى ما كان غامضا: سيعيش العلاقة مع شخص آخر مثل شيء حي يستنفد تجربته الخاصة.
واذا مثلنا هذا الوجود بغرفة(35) كبيرة نسبيا، فان معظم الناس لا يتعلمون سوى معرفة زاوية من الغرفة، أو مكان ما من النافذة، او جزء (صغير من الأرضية )، يمشون عليه ويجيئون، وهكذا، فهم يجدون نوعا من الأمان، ومع ذلك، فكم هو انساني هذا اللاأمان المحفوف بالمخاطر، والذي يدفع السجناء- في حكايات بو( 36) Poe الى بس أشكال زنزاناتهم (37) المعتمة والمرعبة، حتى لا يكونوا غرباء عن مخاوف اقامتهم.
ولكننا لسنا سجناء، وليست هناك أية فخاخ حولنا: لا شيء هنا ينبغي أن يخيفنا او يعذبنا، فنحن في الحياة مثلنا في أكثر العناصر ملاءمة لوجودنا، فضلا عن أن آلاف السنين من التكيف (38)، جعلتنا نشبه هذه الحياة، الى حد أننا- اذا بقينا ساكنين – بالكاد نميز أنفسنا عن كل ما يحيط بنا بفضل نوع من التماهي(39) السعيد. ولسنا محقين في أن نكون حذرين من عالمنا، لأنه لا يناصبنا العداء، واذا كانت فيه مخاوف، فهي مخاوفنا نحن، أو فيه مغاور، فتلك المغاور لنا. واذا كانت في هذه المغاور مخاوف، فعلينا ان نحاول حبها. ويكفي أن ننظم حياتنا وفق المبدأ الذي يدعونا الى التمسك بالأصعب حتى يستحيل ما يبدو لنا اليوم شديد الغرابة، أكثر الأمور ألفة وأوفاها.
كيف لنا أن ننسى الأساطير القديمة التي كانت في بدء كل الشعوب: أساطير التنينات(40)التي تنقلب، في اللحظة القسوى أميرات؟ فربما تكون كل التنينات في حياتنا أميرات جميلات ومقدامات، تنتظر رؤيتنا يوما ما ربما يكون كل مرعب يحتاج مساعدة، ويريد منا أن نساعده.
عزيزي السيد كايبس، لا ينبغي أن تخاف، عندما ينهض أمامك حزن أكبر من كل الأحزان التي صادفتك؟ أو عندما تمر كآبة على يديك وعلى جميع حركاتك، مثل النور وظل السحب، ينبغي ان تشعر ان شيئا ما يحدث لك، وأن الحياة تحضنك ( 41)، ولم تنسك ولن تتخلى عنك، لماذا تزيد أن تطرد من حياتك كل نوع من الاضطراب، أو الرجع والاكتئاب، وأنت لا تعلم شيئا عما تعمله هذه الحالات فيك؟
لماذا تجلد ذاتك بالتساؤل عن مصدر كل ذلك، وعن ماله؟ وأنت تعلم أنك في مرحلة تحولات، وانه لن تكون لك رغبة أكبر من رغبتك في أن تتحول.
واذا كان ما يحدث لك مشوبا بالمرض، فاعلم اذن، أن المرض وسيلة يتمكن بها الجسم من التخلص من كل ما هو غريب عنه؟ ومن ثمة، فليس علينا الا أن نساعده على ان يكون مريضا كليا وعلى أن يعبر عن نفسا، لأنه بذلك يستطيع أن يتطور.
عزيزي السيد كابيس، كثير من الأشياء تحدث الآن في ذاتك، وينبغي أن تكون صابرا مثل مريض، وواثقا مثل من يتماثل للشفاء: لأنك قد تكون هذا وذاك معا، وفضلا عن ذلك فأنت – أيضا- الطبيب الذي ينبغي أن يسهر على نفسه.
وفي كل مرض هنالك أيام لا يستطيع الطبيب خلالها الا ان ينتظر، وهذا ما ينبغي أن تفعله اليوم باعتبارك طبيب نفسك.
لا تراقب نفسك كثيرا، ولا تخرج باستنتاجات متسرعة مما يحدث لك: دعة – فقط – يحدث. والا فانك ستنقاد ببساطة الى القاء نظرات لوم (42) (أي أخلاقية ) على ماضيك، الذي يساهم بالتأكيد، بكل ما يهب الآن للقائك، في حين أن كل ما يعتمل فيك الآن من تيه ذاك الولد الذي قد كنت، ومن أمانيه وتطلعا ته، ليس هو ما تتذكره، وتدينه.
ان الوضعية الاستثنائية (43) لطفولة متوحدة ومحرومة، وضعية في غاية الصعوبة والتعقيد، فهي منذورة الى تأثيرات مختلفة في نفس الوقت.
يجب ان نكون حذرين ازاء الاسماء، فكثيرا ما تتحطم حياة على اسم الجريمة وليس على الفعل ذاته. هذا الفعل الذي هو بدون اسم، والذي قد كان ضرورة دقيقة من ضرورات الحياة، وكان يمكن أن يدمج فيها دون صعوبة.
واذا بدت لك القوى المبذولة كبيرة، فذلك لانك تمنح الانتصار أكثر من قيمته: فهذا الانتصار ليس الأمر "العظيم" (44) الذي تعتقد أنك أنجزته، حتى وان كنت محقا فيما تشعر به، العظيم هو أنه كان هنالك شيء أمكن لك أن تضعه مكان هذه الحماقة، شيء حقيقي وواقعي.
وبدون ذلك فان انتصارك ما كان يمكن أن يكون الا ردة فعل أخلاقية عديمة القيمة؟ في حين أنها غدت بهذه الطريقة مرحلة من مراحل حياتك. حياتك – عزيزي السيد كايبس – التي أفكر فيها حاملا لك كثيرا من الأماني الطيبة.
هل تذكر كيف كانت حياتك تتطلع الى الخروج من الطفولة والتوجه نحو "الكبار"؟ اني اراها الآن وهي تتطلع – منفصلة عن الكبار- الى الأعظم، لذلك فهي لا تكف عن أن تكون صعبة، ولكنها لذلك أيضا، لن تكف عن النمو. واذا كان لي أن أقول لك شيئا آخر، فهو ما يلي:
لا تعتقد أن من (+) يحاول مراساتك يعيش دون عناء، بين الكلمات السهلة والهادئة التي تمنحك الراحة أحيانا. ان في حياته الكثير من العناء والحزن.. حياته التي تظل بعيدة، دونك.
ولو كان الأمر على غير ذلك، لما كان له أن يجد كلماته أبدا.
المخلص: وينير مارياريلكه فوروبوج، السويد في 4نوفمبر 1904
عزيزي السيد كايبس Kappus)
كنت طيلة هذه الفترة التي انقضت – من دون رسائل – مسافرا حينا، أو مشغولا حينا آخر: فلم أستطع الكتابة اليك. وما تزال الكتابة ترهقني حتى اليوم، لأني كتبت رسائل كثيرة، الى حد أن يدي صارت متعبة، ولو كان متاحا لي أن أملي لم أفكاري) لقلت لك أشياء كثيرة؟ ولكن في غياب ذلك، أرجو أن تتقبل مني هذه الكلمات القليلة، جوابا على وسالتك الطويلة.
عزيزي السيد كايبس، كثيرا ما أفكر فيك، وبأمنيات علي قدر من التركيز، يجعلها قادرة – بالتأكيد- على ساعدتك، بطريقة ما. هل أن رسائلي اليك قادرة – فعلا- على تقديم مساعدة؟ كثيرا ما أشك في ذلك، لا تقل: نعم، هي قادرة، استقبلها بهدوء، دون مضاعفة الشكر، ولننتظر ما يريد أن يحدث.
ليس من الناجع الآن، أن أتطرق الى تفاصيل ما ذكرته؟ لأن ما يمكن أن أقوله عن نزوعك الى الشك، أو عجزك عن توحيد حياتك الداخلية، وحياتك الخارجية، أو عن كل ما يكبلك، سبق ان قلته: أتمنى أن تجد في ذاتك ما يكفي من الصبر كي تتحمل، وما يكفي من البساطة كي تؤمن (45) أتمنى أن، تتمكن من اكتساب قدر أكبر من الثقة، في كل ما هو عظيم وصعب، وفي الوحدة التي تلفك وسط الآخرين، وقيما عدا ذلك، دع للحياة هجراها، صدق ما أقول: الحياة محقة في جميع أما عن الأحاسيس، فأقول: خالصة هي، كل الأحاسيس التي تجمعك وتهزك، وهجين كل احساس لا يلتقط إلا جانبا من ذاتك، فيمزقها.
كل ما يمكن أن تفكر فيه ازاء طفولتك جيد، كل ما يمكن أن يضيف الى ذاتك شيء عادل، كل زيادة في العنفوان تكون جيدة، اذا شملت دمك (46) كله، ولم تكن سكرا او انغلاقا في وجه الضوء، وانما فرح شفاف يرى قاعه. هل تفهم ما أريد قوله؟
ان شكك يمكن أن يصبح ميزة اذا أحسنت "تربيته" عليه ان يكتسب معرفة فيصبح نقدا، اسأله في كل مرة يريد ان يفسد عليك شيئا. لماذا اعتبرت هذا الشيء قبيحا، أطلب منه ادلة وامتحنه، ربما تجده مربكا ومنزعجا، وربما يتمرد، لا تتراخ واطلب منه البراهين.
تصرف هكذا في كل حالة على حدة، متسلحا بالانتباه والمنطق، وسيأتي اليوم الذي يكف فيه عن كونه هداما، ليصبح واحدا من أفضل عمالك، وقد يكون أذكى أولئك الذين يعملون من أجل بناء حياتك.
عزيزي السيد كايبس، هذا ما أردت قوله لك اليوم، ولكني سأرسل اليك أيضا نسخة من كتيب (47) صدر مؤخرا في أبراج ) عن eutsche Arbeit de Prague) وفيه أواصل الحديث عن الحياة والموت، وما في كل منهما من عظيم ورائع.
المخلص: وينير مارياريلكه باريس (48) اليوم الأول بعد عيد الفصح 1908
عزيزي السيد كايبس – كم كنت سعيدا بوصول رسالتك الجميلة هذه، ان الاخبار التي تضمنتها، بدت لي جيدة، بما اتسمت به من واقعية ووضوح، وبقار ما فكرت فيها، بقدر ما بدت لي جيدة، وعن هذا وددت أن أحدثك ليلة عيد الفصح: غير أني وفي خضم العمل الذي انخرطت فيه هذا الشتاء في عدة مجالات، داهمني الاحتفال "القديم"، بسرعة لم توفر لي فرصة الاستعداد الضروري لها، أو فرصة للكتابة. ولكني فكرت فيك طويلا، وتمثلة حجم السكون الذي يلفك وأنت في عمق وحدتك، وسط الجبال الخالية، التي تلفحها الرياح الجنوبية العاتية، كما لوانها تريد التهامها قطعا كبيرة.
ينبغي أن يكون بلا حدود، هذا الصمت الذي يجد فيه كل ذاك الصخب مكانا له، واذا انضاف الى ذلك حضور البحر ليسهم بصوته الحميمي في هذا التناغم البدئي، فانه لا يسعنا- حينها- إلا أن نتمنى أن تدع هذه العزلة العظيمة، تشتغل في ذاتك.
وهي عزلة لن يكون متاحا لك – اطلاقا- محوها من حياتك: إذ انها ستواصل – خلال كل ما سيتاح لك ان تحياه – تأثيرها اللامسمى بصمت وحزم، مثلما يسري دم الاسلاف فينا دون هوادة، ممتزجا بدمنا، حتى يغدو الواحد الذي لا يتكرر، الذي هو نحن، في كل منعطفات حياتنا.
نعم ! تغمرني نشوة حين أسمع عن وجودك المستقر، بهذه الرتبة، وهذه البدلة (العسكرية )، وهذه المهنة، كل هذا الملموس والمحدود، يمكن ان يتخذ طابع الجدية والضرورة، حين تكون وسط كتيبة من الرجال معزولة هي الأخرى، وقليلة العدد.
بعيدا عن عنصرا للعب في الوظيفة العسكرية، وعن الزمن الذي نقضيه فيها، فانها مهنة، ليست ملكة الانتباه فيها، مقبولة فحسب، وانما هي مسألة تتعلم. ان كل ما نحتاجه (49) هو أن نكون في ظروف حياتية تمارس علينا عملا، وتضعنا من حين لآخر في مواجهة أشياء طبيعية عظيمة. ليس الفن الا طريقة حياة ( 50) ويمكن أن نعد أنفسنا لها- دون علم – بأن نحيا بطريقة او بأخرى.وفي الحقيقة، فاننا لا نكون أقرب اليها أكثر مما نكون ونحن نمارس مهنا غير واقعية وقريبة من الفن، وهذه المهن لا تسيء الى الفن ولا تنكره – فيما هي تلمح الى نوع من التشابه معه – مثلما تسيء اليه كل الصحافة تقريبا، ومعظم النقد ( 51) وثلاثة أرباع ما نسميه، أو ما يريد أن يتسمى أدبا. وأنا سعيد بأنك تجاوزت خطر السقوط في ذلك، وبأنك تحيا واقعا صعبا، وأنت متوحد وشجاع. عل السنة الجديدة ترسخك أكثر في هذا الواقع. الى الأبد.
المخلص: وينير ماريا ريلكه الهوامتنق
1- منذ سنة 1884 استقر في هذه البلدة قرب B reme مجموعة من الفنانين، من بينهم clara westhoff,@ Paula Becher التي ستصبح زوجة ريلكه.
2 – انظر "ضجيج أصلي" ص 124.
3 – "للغرابة " درجات، كما يظهر في رسالته الى Clara في 13/8/1902 "باريس التي هي مدينة غريبة، هي شديدة الغرابة عندي.. هي مدينة غريبة.. غريبة ".
4 – ظل ريلكه – طيلة حياته – يخشى فكرة. "التشتت ".
5 – التمييز بين "الفرد" (d er Einzeine) و..المتوحددد Einsame) ,(Der لم يتوضح في (اليوميات الفلورانسية، سنة 1899): "الفن هو الوسيلة التي تمكن الفرد المتوحد من تحقيق ذاته ".
6- أليس"الرضا" متصلا بالبشر أكثر من اتصاله "بالأشياء" او "الحيوانات "؟ ولكن في مثل هذه الاوقات تذوي التغريقات المألوفة.
7- هذا: "الانسان الجديد" يحيلنا على نيتشه.
8~ تحدث ريلكه عن "الأمومة" في "كتاب الفقر والموت ".
9-"يلعب" ريلكه على الكلمتين الألمانيتين: (G emeinsamkeit) ()(المجموعة ) Einsamkeit) )(العزلة )، عندما يريد فرض احترام رغبته في "العزلة"، كتب الى شقيق زوجته الأصغر، يقول: "كل حياة وسط الجماعة، لا يمكنها الا ان تقوي عزلتين متجاورتين" 23/ 4/ 1904.
10 – من بين المسرحيات القليلة والمبكرة التي كتبها ريلكه، نذكر: "أمنا الصغيرة "
(1896/ 1897) و"يتامى" ( 1901)، وقد كتبت بأسلوب المسرح الطبيعي.
11-70
12-71
13-72
14 – هي قولة مقتطعة من الكتاب الذي خص به ريلكه،
رودان: "طيلة ألفيتين كانت الحياة قد تركته بين أيديها،
واشتغلت عليه، وطرقته، وأصغت اليه ".
15 – رسالة (وستهوف ) المؤرخة في 23- 4- 1904، تقول:
"علينا ان نحيا داخل ذواتنا وان نفكر في الحياة في كليتها؛ في هذه الملايين من الاماكن، والمستقبلات…".
16- "الفقر" هنا له قيمة سلبية، والاكيد أن ريلكه قد ميز بين فقرين، مثلما ميز بين الموت "الكبير" والموت "الصغير".
17- رسالة وستهوف: "حاولت المواضعات ان تجعل من هذه العلاقة القسوى والمعقدة بسيطة وغير جدية…".
18-غياب التحديدات، وامحاء بعض الحدود سيولد تجارب فريدة في "لحظة معيشة "ا و اا
19-كلمة (امتعاض ) كثيرة التواتر عند ريلكه.
20-" ينبغي ان نتعلم كيف نموت: هذه هي الحياة كلها، علينا ان نعد من بعيد عمل موت فخور وعظيم، موت ليس للصدفة فيه أي مكان، موت سعيد ومتحسس.. مثلما فعل القديسون…. "(من رسالة كتبت بالفرنسية الى ,M.Romagneiii يوم 8/12/1907.
21 – في كتابه "رودان" استشهد ريلكه بما يلي: "الكلمات التي يبدو أن أحد رجال الدين، قد تفوه بها- على ما يبدو- مخاطبا الشابMichel Colonbe: ( ( اعمل أيها الصغير (…) انظر واحب الله، ومتكون لك رحمة الأشياء العظيمة " euil الجزء..
22 -هذه الـ( "نحن" كثيرة الاستعمال عند ريلكه، يبدو انها- وفي مقاطع مثل هذا- توحد المرحلة بأكملها، مع عزلة حياة تركت ("محاولاتها".
23 – هل ينبغي أن نفكر في الصحرة البيداغوجية لسنوات 1900؟
24- في التقرير الذي كتبه سنة ) 1902عن كتابين كتبتهما امرأتان اسكندينافيتان، كان ريلكه قد طور هذه الأفكار: "بامكان المرأة ان تكون كاتبة دون ان تقلد الرجل او تنافسه، ان لها وللرجل – في الثقافة الشمالية " هدفا مشتركا يتجاوز التمييز بين الجنسين، وهو هدف ان يصيرا كائنين بشريين. (Borgeby gard) غادرريلكه روما في شهر يونيو، ومرورا بكوبنهاجن (مدينة Jakobsen زار Hanna Larsso Ernest N وقد كانت Ellen Key (التي كان ريلكه يراسلها منذ 1902)، وراء هذه الرحلة.
26- هذا ما يخشاه ريلكه من الحماس المبالغ فيه في النقاش والمرارة التي تنتج عنه: "من منطلق مطلق – ودون الحديث عن النقاشات التافهة التي تغمر العالم – فحتى ارقي النقاشات تفعل في- اليوم – فعل التخمة " (الى Clara في 27/6/1902).
27 – يعكر "الجديد" بانبثاقه، الفرق بين الذاتي والغريب ويوحد الحميمي والاشد بعدا.
28- هذه الـ("نحن" يمكن ان تكون هنا، حيز "التحول" ونتيجته.
29- اختلال المقاسات الزمنية، نلمسه في "كراسات")(وخاصة عند الكونت العجوز Brahe: (تعقب الزمن عنده ليس له أي دور (…) بنفس الاصرار يرى في الاشياء المستقبلية أشياء حاضرة. Seuil. ج 1.
30- بالحديث عن "مفاهيم الحركة "، فان ريلكه يشير هنا الى الثورة الكوبرنيكية والجاليلية، والى الجديد الذي قد تشكل حينها، عن "حركة" الاجرام السماوية، او عن الحركة في ذاتها. ويمثل العلم – هنا- نموذج الفكرة القادرة على التجديد الجذري.
31- فكرة "لا تناهي الفضاء"، كانت واحدة من أهم نتائج الثورة الكوبرنيكية، وهنا يعبر ريلكه – مرة أخرى- عن الزمن بعبارات تخص المكان، وهو بذلك يذكرنا oust
32- أن "نحيا شيئا ما" وان "نقلبه" يعني ان نمنحه مكانا، وأن نجعل نوعا من العلاقة معه ممكنا، حتى وان تعلق الامر بالموت.
33- يحلم ريلكه بامكانية وجود حاسة أخرى، عدا الحواس الخس (…).
34- صورة "مجرى النهر" توجد أيضا في رسالة الى Lou بتاريخ 8/ 8/1903.
35- هذه "الغرفة" هي واحدة من أشكال المكان المتعددة، التي تتشكل لتدعم للحظة تفكير ريلكه، ثم تذوي.
36- Edgar Allam Poe (9081- 9481): انظر مثلا (البئر و"البندول" ) التي ترجمها بودلير.
37- الى جانب Poe فان هذه الصورة تكشف عن قراءة مبكرة لشوبنهاور: "أحيانا، من درج الجدار/ أحمل (كتاب ) شوبنهاور/ "زنزانة ترش احزانا"/ هكذا سمى هذا الوجود/
واذا كان محقا، فاني لم اخسر شيئا/ سعيدا مثلما كان قديما alibor). قصيدة "رغم كل شيء"، 1896
38 – يعمد ريلكه هنا مثلما يفعل غالبا في رسائله الى الاستعانة بلغة علوم الحياة، فقد تعرف على عالم الطبيعة والاحياء الكبير، الالماني At% ) yakob Von Uexkiii 1944) الذي بلور مفاهيم "العالم الداخلي" و"العالم الخارجي"، والذي حاول الوقوف على الكيفية التي تدرك بها الحيوانات العالم.
39- في علوم الاحياء، تعني كلمة irnetisrne) رد فعل ازاء خطر". وقد يستخدمها ريلكه احيانا بطريقة سلبية.
40 – في رسالة كتبها ريلكه (بالفرنسية ) الى M imi Roagneiii بتاريخ ,N@-A/A/Vo يذكر حشدا كاملا من الشخصيات الاسطو رية: "الاشياء العذراء تنتظر الى الآن قدوم الامراء
ليحولوها الى نجوم (…) لماذا لا أجد- أمام هذه الاعمال – أنا الذي لم أحقق شيئا وأنا شاب، قوة وهش أو تنين أو ملاك؟
41 – كثيرا ما يذكر ريلكه "اليد" ويسحب عليها نوعا من الاستقلالية.
42- نستحضر هنا نقد نيتشه "للذكرى السلبية " ازاء الزمن.
43- هذه "الوضعية الاستثنائية" يمكن ان تكشف او تحجب – في الوقت نفسه – ذكرى شخصية لريلكه، وهي وضعية عندما كان طالبا في المدرسة العسكرية، التي فصل منها لأسباب لا نعلمها جيدا.
44 – "كراسات Malte "هذا ما ألهمني اول رعب عميق، عندما كنت طفلا، وتمكنت مني الحمى: ذاك الشيء العظيم ".
46-ما الذي ينبغي ان يحتمل؟ بماذا يجب ان نؤمن؟ تظل الجملة معلقة هكذا.لا يتعلق الامر بالايمان بأي شيء ممكن تسميته، وانما بما سيأتي (انظر "كتاب الساعات، (نحن نبنيك بأياد مرتعشة").
46- "الدم " هذا العنصر الداخلي، هو عند ريلكه، عنصر حقيقة الفرد الآتية و" الكلية".
47 – المقصود هنا، هو الكتابة الثنائية في اغسطس 1904.
48 – كان ريلكه قد عاد الى باريس سنة 1905 وعمل مع (رودان ) الى حدود القطيعة بينهما في مايو906ا ثم تصالحا في خريف 1907، فرجع ريلكه الى باريس في الوقت نفسه الذي رجعت فيه C lara.
49-انظر رسالته المؤرخة في 23ديسمبر903ا: "ما يمكن ان يفتقر اليه الانسان: الوحدة.. الوحدة الداخلية العظيمة ".
50- في "×" (Paula Beker), الى (Requiem يعمد ريلكه الى المقابلة بين هاتين الكلمتين: "لانه هنالك، في مكان ما/ حميمية عميقة بين الحياة والعمل / فساعديني كي أتمكن من معرفتها وتسميتها".
51-كانت هذه المراسلة مع الشاعر الشاب قد بدأت برفض "كلمات النقد" وهو يعود في نهايتها الى ذاك الرفض.
a Requiem: * هي صلاة للميت في الكنيسة الكاثوليكية –
المترجم.
يتحدث ريلكه – هنا – عن نفسه، المترجم
ترجمة: شهاب بوهاني (مترجم من تونس)