انه من غير المعروف متى بدأت كتابة اللغة السواحلية أما المؤكد فهو انها تمتلك، من بين لغات البانتو الاخرى، اقدم مادة مكتوبة. كتبت الرسائل السواحلية قبل ثلاثمائة سنة على الارجح وهي الان محفوظة في ارشيف جوا وضمنها المدونة الاقدم للنثر السواحلي المكتشف. والظاهر انها لم تدرس من الناحية اللغوية. يحاول هذا المقال معالجة ذلك القصور بشكل جزئي.
نتيجة لرحلة البروفيسور بوكسر الى بانجي عام 1950 فان الدارسين من قراء الانجليزية توفروا على لمحات عن ارشيف جوا (Boxer, 1952: 199-325) كانت زيارته قصيرة وكانت جولته بالارشيف سريعة. ورغم ذلك فقد تمكن من القاء نظرات سريعة الى سلسلة Lives das Moncoes do Reino (M.R.) وحيث ان السلسلة تضم 467 مجلدا ملفيا (تغطي السنوات من 1574 الى 1914) فقد غادر جوا غير مدرك انه خلف في تلك المجلدات بعضا من اقدم النصوص النثرية السواحلية (هذا غير النصوص الاخرى) يعود الفضل في اكتشاف الرسائل السواحلية جوا للمرة الاولى الر ادوارد البرس الذي زار بانجي في عام 1967. وقد تكتشف في سلسلة Macau رسائل اقدم تاريخيا من التي نعرفها الان. في الواقع هناك سلسلتان من مراسلات M.R. بين التاج في لشبونه ونائب الملك في جوا. كلا السلسلتين بها نواقص ولم نتمكن من الجزم بان ملفات جوا ي نسخ مطابقة لما في لشبونة.
يشير الدارسان عمر وفرانكل الى أهمية الملف رقم 102 لما يحويه من نصوص سواحلية، وبالنسبة لأدبيات التاريخ العماني فإن هذه الرسالة وصقيباتها ذات قيمة على نحو خاص منه أنها تكشف لنا العلاقة بين دولة اليعاربة وولاتهم في شرق افريقيا عبر مواد مكتوبة قد تسهم في توضيح صورة الحضور العماني هناك. ومن ناحية أخرى فهي تضيق مزيدا من الأدلة على أن اللغة السواحلية كانت تكتب بالحرف العربي الذي يلقى الآن هجوما عنيفا لمحو واقعه التاريخي. أشير هنا الى ملاحظتين فنيتين الأولى أنني استخدمت المعكوفتين لما أضفته الى النص المترجم، أما القوسان فهما من النص الأصل، والملاحظة الثانية هي أنه في مطلع القرن الثامن عشر كان "مجال التأثير الجنوبي العماني (في مقابل الشرقي لساحل لافريقيا) متمركزا في جزيرة قديمة هي كلوة التي تمتد حتى موزمبيق حيث لم يتمكن العمانيون من طرد البرتغاليين" (Wilkinson, 1987: 49) الملف الذي اخترناه رقمه (fl. 102 in M.R. 77/78) وقد كتب في كلوة كيسواني في عام 1711. قبل قرن واحد من ذلك كانت الجزيرة محتلة من قبل العمانيين و "شهدت السبعون سنة اللاحقة منافسة شديدة بين العمانيين و البرتغاليين" (Chittick, 1974: 1, 16) الملف رقم 102 يلقي ضوءا على هذه المنافسة.
يحيى علي عمر وب.ج.ل. فرانكل
ترجمة: محمد المحروقي (باحث من سلطنة عمان)