أوكلا إليوت(**)
الشخصيات:
– ميغن: في أوائل العشرينات – جاسبر: أخو ميغن الأكبر– أواخر العشرينات.
المشهد:
الفناء الأمامي لمنزل ميغن
ميغن تعدل وضعية دميتي عرض. ميغن تقوم باعادة تصوير مشاهد من ألبوم صور عائلية وتقوم بإدخال نفسها في المشاهد. كاميرتها مثبة على حامل. بعد أخذها لعدة صور يدخل جاسبر يلبس بدلة سوداء رسمية. ميغن تقف مستعدة مع دمى العرض لتصوير مشهد. الكاميرا مؤقتة للتصوير ، يومض الفلاش وتلتقط صورة تضم جاسبر
ميغن: (تلاحظ وجود جاسبر) انظر ما فعلت، لقد افسدت الصورة
جاسبر: آسف
ميغن: لولاك لكانت الصورة ممتازة. هذه أمي وأبي في شهر العسل. انظر كم كانا سعيدين، يبدو أنها شعرت بالبرد فأحاطها بذراعه. (تعيد تعديل وضعية الدميتين بالنظر والمقارنة مع ألبوم الصور) خذ، التقط انت الصورة التالية، اثبت جيداً واضغط الزر حينما أقول لك. (تقف مع الدمى) اوكي ، الآن.
جاسبر: بالله ما الذي تفعلينه؟
ميغن: هلا صّورت بلا أسئلة رجاءً؟
جاسبر: (يصور) من اين اتيت بالدمى؟
ميغن: سرقتهم من استوديو قسم الفنون في الكلية حين تخرجت
جاسبر: ستعزز هذه الفعلة من فرصة قبولك في كلية الدراسات العليا. ما هذا؟
ميغن: تعال، ساعدني في ترتيب هذا المشهد.
جاسبر: (يساعدها على مضض) هل هذا جيد؟
ميغن: أعتقد ؛ من الأفضل أن يكون كذلك فأنا على وشك الانتهاء.
جاسبر: جميل. للمرة الثانية ، ما الذي تفعلينه؟
ميغن: هل رأيت يوماً صورة لأشخاص تعرفهم ولم تكن معهم في الصورة، لأن الصورة التقطت قبل ولادتك؟ لطالما أخافتني هذه الفكرة؛ أشعر وكأني غير موجودة. كأني ميتة.
جاسبر: لا أعتقد أن الفكرة خطرت على بالي يوماً
ميغن: تحزنني هذه الصور. كأنها عوالم صغيرة يستحيل أن تكون جزءاً منها مهما تمنيت ذلك. لهذا أنا أصلح هذا الوضع.
جاسبر: تضعين نفسك فيها؟
ميغن: أسمعت قصة القارب؟ يقال أن رجلاً كان يسرق منه كل يوم قطعة ويستبدلها بقطعة تشبه المسروقة القديمة، ويبني بنفس الوقت من القطع المسروقة قارباً آخر لنفسه. بعد مدة اكمل السرقة وصار القارب كله لديه، ولم يعرف مالك القارب الفرق. هكذا هو الموضوع، أيهما القارب الحقيقي؟ (صمت) أذكر هذه القصة من مادة الفلسفة. الظاهر أن الفلاسفة يشغلون انفسهم بأسئلة مثل هذه، أنا صراحة اضطررت لأخذ المادة لأنها مقررة علي. سأحمض الفلم وأملأ ألبوماً كاملاً بهذه الصور
جاسبر: ميغن … لم تفعلين هذا؟
ميغن: أتعلم أنهما استلذا بكل يومٍ من حياتهما، حتى قبل ولادتنا؟ أتستوعب هذا؟ كان لديهما بعض العادات الشاذة نوعاً ما. أمي كانت تحب وضعيات معينة أكثر من غيرها، تماماً كما أنت أو أنا. وربما كانت تحب أن تتكلم ببذاءة أثناءها… تتخيل مدى رومانسية هذا؟
جاسبر: ميغن هذا غير لائق أبداً. لا أريد أن أتكلم عن عادات أمي.. ولا حتى عن عاداتك أنت في الواقع. خاصةً اليوم
ميغن: (تكمل وكأن جاسبر لم يقل شيئاً) أتذكر البطاطا المقطعة التي كان أبي يخزنها في السرداب؟ كانت تنمو منها أغصان خضراء صغيرة وطويلة؟ ما اسمها؟
جاسبر: عيون
ميغن: آه صحيح، عيون. اسم غريب. وكنا نزرع تلك القطع متى ما كبرت تلك العيون. وتنبت من هذه القطع الصغيرة نبتات بطاطا جديدة وكأنها نجمة بحر غريبة تُنبت لها جسداً جديداً من ذراع واحدة (صمت) لكم أحببت براعم البطاطا. ضحكت أمي عندما أخبرتها أن زهرتي المفضلة هي زهرة البطاطا. ما رأيك باختك؟ زهرتها المفضلة هي البطاطا القذرة (تضحك فجأةً ضحكة تشوبها الكآبة).
جاسبر: ميغن، يجب أن نرحل بعد قليل. وانظري لنفسك، لست مستعدة إلى الآن.
ميغن: (بسخرية وغضب) انظر انت إلى نفسك! انت مستعد جداً، بدلة الحداد هذه علامة حبك وبرك بوالديك (تمسك ربطة عنقه) وهذه كرافته جديدة. بالطبع فمناسبة مهمة جداً تتطلب كرافتة جديدة جداً.
جاسبر: كفي عن تصرفات الاطفال واعقلي رجاءً.
ميغن: لا أريد أن اعقل، أريد أن أكون مجنونة في هذا الوقت.
جاسبر: ميغن (يحتضنها) لا تقلقي، كل شيء سيكون على مايرام.
ميغن: لا، لن يكون كذلك (تبتعد عنه) انتهى! امكانية أن يكون أي شيء على ما يرام تدمرت (تتابع عملها مع الدمى).
جاسبر: كفي عن هذا يا ميغن، لن يفيدك بشيء، بل سيضر بصحتك.
ميغن: (تحاول عبثاً تعديل وضع الدمى بلا جدوى) لم لا أفقد عقلي؟ العالم كله مجنون. كل هذا حدث فعلاً يا جاسبر. وأن اتعامل مع هذا الموضوع بتحضر وعقلانية ورباطة جأش لن يغير من هذا الأمر اللعين شيئاً.
جاسبر: كان حادثاً، ليس بيدي أو بيدك أن نصنع شيئا.
ميغن: تسميه حادثاً؟ سكران لعين يقود جرافة … حادث؟
جاسبر: اخرسي! أتظنين الأمر هين علي يا ميغن؟ أنا فقدتهم كذلك، وكون المصيبة جعلت منك معتوهة لا يعني أنها لم تصبني. (صمت). لومكِ أو صراخك علي الآن لا يفيد أحداً منا أكثر مما تفيدنا لعبتك المنحرفة مع هذه الدمى القذرة
ميغن: (صمت) أنا آسفة، كنت فقط….
جاسبر: لا، بل أنا آسف
ميغن: ما نمر فيه صعب جداً
جاسبر: أدري (يأخذ ألبوم الصور، يتصفحه) كانت أيامهم سعيدة. انظري لهذه الصورة. أبي بابتسامته العريضه وأمي تضحك على احدى افعاله البلهاء.
ميغن: انظر – اين هي – ها هي. انظر، أحب الصور الفورية القديمة. وانظر الى هذا الولد المجعد الشعر ذي الغمازات!
جاسبر: كانا صغيرين في هذه الصورة. كلنا صغار في هذه الصورة.
ميغن: لكم نحن عائلة عادية. أتذكر أنني كنت دائماً أفكر في عاديتنا. كان يتهيأ لي بأن كل عائلات أصدقائي تعاني من طلاقٍ أو سكّير أو ابنٍ مدمن أو شيء من هذا القبيل؛ إلا نحن. بالمقارنة كنا عائلة مثالية كاملة.
جاسبر: كم ألبوماً لديك؟
ميغن: ستة أو سبعة.
جاسبر: أود أن أتصفحهم يوماً ما؛ معاً – أنا وأنت
ميغن: سيسعدني ذلك كثيراً. (صمت) لدي فكرة، فلنعد أخذ هذه الصورة.
جاسبر: ميغن.
ميغن: جارني (صمت) أرجوك (بعد تردد، يقوم جاسبر بمشاركة ميغن في اعادة ترتيب الدمى والمشهد ويقوم بتوقيت الكاميرا. يومض فلاش الكاميرا. يقفان في صمت. يضع جاسبر ذراعه على كتف ميغن بحنان)
ميغن: جاسبر (صمت) شكراً.
جاسبر: اذهبي الآن واستعدي. (تخرج ميغن. يظل جاسبر يوضب الكاميرا وحامل الكاميرا. يتأمل الدمى ثم يخرج. تبقى الدمى على المسرح – إظلام).
تعريف الكاتب
[[ أوكلا إليوت: كاتب أمريكي, عضو منحة امتياز إلينوي في جامعة إلينوى. حاصل على ماجستير الفنون الجميلة من جامعة اوهايو ستيت، استاذ مساعد زائر في جامعة اوهايو ويسلين للعام 2008-2009 .
نشرت مقالاته النقدية، أشعاره، قصصه وترجماته في عدة مجلات منها:
Indiana Review, The Literary Review, Natural Bridge, New Letters, New York Quarterly, A Public Space
نشر له ديواني شعر: العجلة المتحولة ، والأجساد الشفافة وقصائد أخرى
وأعد (بمشاركة الكاتب الامريكي كايل مينور) انتولوجيا بعنوان تشيخوف الآخر، والتي تقدم قصصا غير مشهورة للكاتب الروسي.
أسس مجلة ميدي الأدبية وهو حالياً كبير محرريها، وهو كذلك محرر استشاري في New American Press
تم انتاج هذه المسرحية ثلاث مرات:
– عام 2006 على مسرح جامعة اوهايو ستيت
– عام 2007 على مسرح كلية لويزيانا التقنية
– عام 2007 في نورث كارولينا – فرقة منتدى مسرحيو غرينزبو.
قاص ومترجم من الكويت