سأنجو بجلدي
هنا الطلح في كل حقل ، وفي كل منحدر. . طلح روحي
الذي هزني إذ سكنت ولا سكن أنا فيه ، ولا صدر أمي
علي ،ولا ولدي والدي.
سأنجو بما بقي الآن مني ..
أمامي بلاد هي الأرض أجمع . . فيها مرايا حياتي ، وفيها
مماتي ، ولا شيء أصفى من النفس حين ترى نفسها في
البكاء ولا شيء أبقى سواي ، ولا عزلة مثل وحدي .
سأنجو ، وليس معي غير يأسي . .
ترى أي رمل مررت به وأقمت وعمرت فيه ولكنني لم
أعمر سوى كلماتي شقيقات هذا الغبار الذي صغته
ذهبا، وذهبت لابتاع منه متاعا . . وإذن ، هكذا
الكلمات : لفائف من وبر أو جلود، سجاجيد من
زخرفات يدي .
سأنجو على قشة قد رمتها النوارس لي . .
ترى هل خر من دون ريش ، والعشأعرف لم جت من
الآن.. من قال أكتب.؟.. من نشرالشعر؟ من طير
الكلمات بعشرين لونا كما طار طيري، كما خسرتني
الحديقة، تلك الحديقة.. حيث يطيب المقام، وحيث أنا
الرجل الأبدي.
سأنجو ولا منزل بانتظاري،
ولا أخوة سأحل عليهم كما الضيف في أي ضاحية
نزلوا.
سأنجو..
لدي من العمر ما استطيع به أن أدبر يومي الذي هو
أجمل من أي يوم مررت به. يوم يوسف، يوم الفواكه
تسقط ذابلة في إناء الكتابة مثل الفراش القتيل بأنسجة
النور. يومي أنا يوم سيدة لست أعرفها أبدا، وأراها
بزاوية الليل خض اء ينقصها الورد…
(سيدتي بائع الورد يقطن
في آخر الليل.. هلا
ذهبت هناك قليلا) تقول المرايا..
ولا ينتهي الليل إلا بها امرأة تتحدث عنها المرايا الى
بعضها وأنا أسمع الكلمات، وأصغي الى جسدي.
سأنجو.. هناك على طرف الأرض ينطرني مولدي.
أمن حجر أتمدد كالعشب حتى أقاصي الحياة.؟.. وأبصر
ما بعد هذا التراب، وما بعد هذا التراب.؟ أنا بعده، بعد
ماء الزمان وبعد الكتابة، بعدي.. أنا اثنان : يوسف في
البئر، يوسف في البحر، والماء بينهما زمن لا يقدم رجلا
كما لا يؤخر أخرى.. ألا لا نبيذ سوى من كرومي لهذا
صرت الى أن صرت عودا
يغني علي المغني،
ويختط بي
كاتب الخط.. صرت كتابا، وما فك رمزي وعقد لساني
سوى صاحبي الشعر، أنطقني صاحبي.. هزني هزتين
تساقطت بعدهما بلحا وحصى.. خذ لأهلك يا قمر
الشهر،خذ ما تشاء لأولادك العشرة الشقر.. خذني
إليهم، وقل هوذا ولدي.
سأنجو… ولو ببقايا دمي.
كم الصحراء.؟ كم الموت.؟ كم هذه الأرض.؟
كم قطرة من ندى سقطت فوق ليمونة البيت (حارسة
البيت )؟ كم كنت أجمل أمسى،ولم تبصريني، وكم قد
عشقت سواي ولم تعشقيني، وكم أنا أجمل من كل من
عشقوك، وأجمل من كل من قد عشقت، وأجمل منك،
وأجمل من كلماتي ومن حسناتي ومن سيئاتي.. وأجمل من
ريشة البحر، أجمل من زوجة الجنرال.. ولم تبصريني..
فأية عمياء أنت، وأي حياة أنا شيخها ورئيس مسراتها
الذهبية.. أحنو عليك إذا العمر شد عليك وعض الهواء
حواليك.. أنجو وأنجو من امرأة لا تراني.. أيامها
مرض، ولياليها قبة للحداد.. لماذا الحداد؟ أما آن أن
نلبس الورد كالورد؟.. وما آن أن نعرف اللون.؟ ما أجمل
اللون.. ما أجمل الله.. من أجل هذا سأرمي بخوري الى
النار. لا تتوقف ولو لهبا واحد عن بخوري يا موقدي.
سأنجو،ولا سبب للنجاة، ولكنني سوف أنجو..
وردت الى الماء، لا السرج تحتي، ولا الريح، لا دب بي
عطش أو صهيل، ولكنني قد وردت الى الماء. من بعد،
قد ردني موردي.
سأنجو….
ما الذي أستعين به من قواف لأكمل هذي القصيدة،
وانتهت الدال، حتي الدلالة صارت الى غير ما ينجي
المرء من نفسه، والدليل اختفى وأضل رفاقه في الرمل.
يا رمل كن وطنا.. كن ولو مرة بلدي.