أحمال
حمّالات الصدر السوداء
تذكرني بنظارة طه حسين
من غيرها يصبح صدر الأنثى أعمى
مع أن له عينين جميلتين
لكنهما
– كحال الأعمى –
لا تريان المشاهد التي تصنعانها
كل منا يحمل شيئا ما لديه
يستطيع الآخرون حمله
أما الأوزار فلا يمكنها أن تحتمل أكثر من مرتكبها
تمامًا مثل المرأة التي لا تحمل إلا نهديها
والرجل الذي لا يحمل إلا ذَكَره
* «حمّال الأوجه»
لا يستطيع أن يحمل وجهًا واحدًا
إلا في المجاز
* وهنًا على وهن
تحملنا الأمهات
إلا وهن صغير لا يستطعن حمله
عندما يسأل موظف التعداد امرأة:
كم عمرك يا عمتي؟
* عندما تحمل سلطة في يدك
لا تستطيع إلا أن تحمل باليد الأخرى عقول الآخرين
وإلا فما معنى أن تكون سلطويًّا؟
* ابن نوح الذي عصى كلام أبيه
استعصم بالجبل
كي يحميه من الطوفان
لكنه غرق في النهاية
ألم تعجز الجبال من قبل عن حمل الأمانة؟
* عيون
المقص: برجلي الحادتين
أمر مطمئنا على الرؤوس واللحى
مع أن الحلاق يفقأ عيني باصبعين معطرين بالثوم
شبكة الصيد: ممتلئة بالعيون أنا
كعزرائيل خاطف الأرواح
يرميني الصياد لأغربل البحر
عساني أخطف روح سمكة
أو حذاء
رمته امرأة في وجه بحار حاول اغتصابها
في رغبة خاطفة
القمر: عين وخزها أرمسترونج ذات يوم بعلم بلده
فلم تنفقئ
ألأنها عين ميتة اقتلعها الخالق من وجهه بعد أن لم يعد يبصر شيئًا؟
أم لأن سارية العلم لم تكن حادة بما يكفي؟
* أبواب
قد يترك التطفل بابًا مواربًا
حين يتجسس طفل على أشياء أبيه
وهو لا يملك رشاقة اللصوص في إغلاق الباب
بيوت العريش واهية الأبواب وسريعة الاشتعال
وأبواب القلاع غليظة كقسوة الأعداء
رغم ذلك فكثيرًا ما يقتحم الأعداء قلاعًا محصنة الأبواب
ونادرًا ما يفكر لص في اقتحام باب من العريش
لم يكن بحاجة إلى طرق بابها ثلاث مرات في فترة خطوبتهما
لكنه احتاج إلى ثلاث طلقات كي ينفيها عنه تماماً
مع أن حبهما احتاج إلى نظرة واحدة فقط
فائدة بعض الأشجار
أنها تفتح جذوعها العريضة لكلاب ضالة
ثمانية أبواب مشرعة للطائعين على الجنة
وسبع درجات يتدحرج عليها العصاة في النار
مع أن كلا المصيرين منفصلان
فلماذا صعود الدرجات يقودنا إلى الباب دائمًا؟
* كؤوس
يفتتح يومه بكأس ماء
ليتأكد من أن عقله – الذي يعينه على أداء صلاة الفجر – قد عاد تماما
ثم يختتم يومه بكأس خمر
فيحلق بعيدا كطائرة كونكورد
ولأن طائرات الكونكورد لم تعد موجودة
ستختل ساعته البيولوجية حتما
فكأس الماء ليست ككأس الخمر
وليس في وسع طائرات الإيرباص
أن تعود قبل صلاة الفجر دائما
كأس الخليج ليست ككأس أوروبا
وكأس إفريقيا ليست ككأس العالم
لكن الحقيقة التي تجمع كل كؤوس الكرة
أنها الكؤوس الوحيدة في هذا العالم
التي لا يمكن أن يشرب فيها ماء ولا خمر
هل كان سقراط الإنسان الوحيد الذي غير وظيفة الكأس
حين جعل منها وسيلة للموت؟
كل الكؤوس الزجاجية تتحول إلى أسنان مفترسة
حالما تسقط من الأعلى
فلسفة هذا الأمر أن الشيء كلما ارتفع كان أليفا
وكلما سقط أصبح مفترسا
مع العلم بأن الصقور
والنسور
والعقبان
والطائرات المتحطمة
ينطبق عليها الأمر نفسه
كأس الردى المجازية بطبيعتها
لا تتجسد إلا عند المنتحرين بشرب السم.
كاتب من عُمان