(1)
كسر النادل كأسي
وليس بإمكاني معاتبته
فالمرأة الجالسة بجانبي
ضحكت،
وجبّرت خطأه.
ليس بإمكاني منع العيون
عن مغازلتها
فقد كنت يومًا أنتمي
لهذا السرحان الطويل
في سحرها.
«الناس يحبّونك،
ولهم الحق في أن يتأملّوك
مثل مشهد المغيب من النافذة»
أقول هذه الجملة التي
ظاهرها أنّي أخفّف توتّرها
وأطفئ بابتسامةٍ ناعمة، غيرتي الحارقة
فلا يمكنني أن أحجب الشمس
عن تلالهم القصيرة
ولا أن أمنع الخريف
الذي يلمع في عيونهم.
أن تكون بجانبك امرأة جميلة
يعني بالنسبة للنادل المرهف
أنك ضيف الملكة،
والعناية التي ستحظى بها
لا تُشترى
ومهما ستدفع بعد ذلك من دونها
لن يتعدّى كونه مجرّد طاولة.
فاتورة النادل
التي ينحني إليك بها
خجولاً،
كما لو أنّه يفضّل دفعها
ليست سوى
قصيدة نثر.
(2)
في دربك
لا أستطيع الغيرة!
الكون يجعل الناس تحبّك
مثلما يفعل بالفراشة
واللون الزهري
ورائحة الخيل.
تتبدّل طقوسهم
وطريقة شربهم للقهوة
وتصير ضحكاتهم
خجولة مثل صوت زرافة
جريئةً مثل الموج
عصبيّةً مثل مزامير السيارات.
في دربك
تتفاهم الشمس مع الليل
وتُصالح الحربُ الحبّ
وتُصافح اللقاءات الغياب.
تجتاح العالم اللطافة والأناقة
يلبسون ملابس العيد
يتعطّرون بحضروك فيهم
يجلسون فوق قمرك
وتحت نافذتك
يختبئون في حقيبتك
وتحت سريرك
وبين خصلاتك،
يراقبونك بالمناظير
والأقمار الصناعية
وآلات التسجيل،
وحين تخرجين من النافذة
كما اتفقنا
-وكما عرفوا-
ينطفئ القمر في كفّي
وتركبين على ريشتي
ونمضي.
مثل آلهتيْن
حيثُ لا أحد يخسر.
هم أعطونا
جوًّا ساحرًا
لهذه الليلة
ونحن
أعطيناهم
-بدون مقابل-
هذه
القصيدة.
أنيس فوزي *