يبدو أن النص الشعري كيان لغوي منسوج بإبرة الاستعارات، التي تمنحه شحنة في التصوير والخيال، وتُطَعِّمُ رؤاه، إنَّها الزاد الذي يزوّد الصورة الشعرية بِمُسْحَاتٍ جمالية وفنّية؛ تمْنح له أفقا رحْبا للقراءة المنصتة والعميقة وللتأويل. و لعَلَّ بعض المتون الشعرية المعاصرة تفتح هذا الأفق الزاخر بالتعدد والاختلاف في الرؤى والقراءات، نظرا لما تحمله من خطاب شعري خارج عن الهيمنة النمطية ولا ينسلخ عن الواقع، بقدر ما يسعى إلى تخطّيه، واضعا أسئلة الواقع في تواشج مع الصّوْغ الجمالي للتجربة. منطلقُه التعبير عن الذات بالمعنى الواسع للكلمة، مما يعكس جوهر الشعرية المبتغاة والمقصودة. فكل تجربة شعرية تخلق معجمها الشعري، من خلال هجرة المعجم الشعري والصور المسجلة في أعماق الوعي الثقافي -كما قال جمال الدين بن الشيخ-بإبداع معجم منسجم مع اللحظة التاريخية التي يوجد فيها الشاعر؛ ومتساوق مع الأسئلة الجمالية والفنية سواء على المستويين الشكلي والأسلوبي، وهنا مكمن غنى كل تجربة. هذا المعجم الشعري المُبتَدَع يعطي للغة ” أبعادا مجازية أو تصويرية غير مألوفة” (1).
والتجربة الشعرية التي سنتناولها تمكّنت من الخروج على المعيار والانزياح عنه؛ بِخَلْق نصّ شعري ينتمي إلى سؤال الحداثة الشعرية العربية، وإلى قلق الكتابة المتّقدة بالبحث الأبدي عن الكينونة في وجود تصدأ فيه الأحلام وتُقبر فيه الآمال، وتثكل فيه الأماني ويشيع الاغتراب والضياع والتيه، وتلك سيرة شاعر خرج من بين قضبان التقليد إلى عوالم مُشْرَعة على الحلم والرؤى النابضة بالحياة، وهذا لا يعني تجاوز الموروث النصي، وإنّما العمل على إبداع نصية تؤكّد الارتباط به على اعتبار ” أن الممارسة الشعرية تنشأ ضمن نصوص أخرى، أفقيا وعموديا معاً. وهذا ما تكشفه الاستراتيجيات الشعرية ” بتعبير محسن جاسم الموسوي، التي ترتضي الحفاظ على الخيط الرابط بين القطيعة والاستمرارية، فـ«إدراك الحاضر، هو إدراك للماضي» كما يعبّر عن ذلك إليوت. هذا المعطى يبين أن أي إبداع يستحيل عليه الإتيان بالجديد دون استيعاب المنجز النصي للأسلاف، وعندما يدركه يعطيه القدرة على الخلق المؤدّي إلى الخرق، ويحطم قيود الاتباع، مما يزكّي الطرح القائل إن كل إبداع حقيقي لا يتخلّق إلا من رحم النص السالف، بعد الهضم وتجسير الصلات معه، عبْر، القراءة الواعية المدركة لمغالقه. وهنا مكمن الإضافة التي تبتغيها كل تجربة تؤمن بأحقية السابق على وجود اللاحق. فقيمة التراث ليس في السير على هَدْيِهِ، وإنما في الانزياح عنه من أجل بذر بذور الخلق والإبداع ، الحياة والديمومة، وتلك شيمة الشاعر المجدّد.
ممّا يدفعنا إلى القول إن نصّ السّلف تطعيم وتخصيب لنصّ الخلَف، بمنحه القدرة على امتصاص السابق وخلق نصّ يتمتع بكامل هويته الإبداعية، وبدون هذا المعطى يستحيل على الإبداع الاستمرار ية وابتكار الجديد، لأنه سلسلة مترابطة بعيدة عن التقاطعات المفتعلة، وقريبة من نبض الخلق كإرادة وجودية لكينونة النص المُبتَدَع. وعندما نؤكد هذا الأمر لا يغيب عن أذهاننا أن النص لا يتشكّل من جوانب اللغة والشكل فقط، بل ينفتح على كل ما يُسْهِمُ في إثرائه. فتجربة الشاعر في الحياة وخلفياته المعرفية المترسبة في اللاوعي، وكذا المتخيل كلها عوامل تخصّب النص، وتفتحُه على آماد قصية، فكل نص يترك للآخر فجوات يقوم بردمها، عَبْرَ عملية الإضافة، وتلك صفة من صفات العملية الإبداعية.” ومن هنا يمكن القول إن جوهر الإبداع هو في التباين لا في التماثل”(2)إضافة إلى أن النص جمّاع خطابات ونصوص وتجارب وتاريخ وحياة.
(1) محمد الثبيتي الشعر السعودي:
تقترن حداثة الشعر السعودي اقترانا وجوديا؛ مع شعراء مؤسسين لهذه النّصيّة، التي عبّرت عن الرغبة الجموح في ارتياد أفق شعري خارج عن السلفية الشعرية القائمة، في مشهد شعري يمُور بتحوّلات عميقة؛ انسجاما مع صوت الذات، الذي ظل رهين أصوات ضاربة في القِدَم، وهذا لا يعني رفض هذه الأصوات، وإنّما إحداث حَلْحَلَة في بنية النص الشعري، فكانت مرحلة الثمانينيات بداية حقيقية لهذه الإبدالات التي سيشهدها المشهد الشعري السعودي، فبرزت تجارب شعرية كان لها الوقْع البيّن في هذا التجديد، نشير إلى بعضها كمحمد العلي ،عبد الله الصيخان، غازي القصيبي،محمد عبيد الحربي، على الدميني،محمد الدميني، إبراهيم الحسين وغيرهم. ومجلى هذا التحوّل يكمن في إحداث ” ثورة على الجانب غير الحتمي من اللغة أعني أنها دعوة لخلق عالم شعري مواز لهذا العالم ، من خلال إنشاء علاقات تعبيرية وتصويرية جديدة” (3) وهذا ما لمسناه في التجربة الشعرية السعودية. لكن صوت محمد الثبيتي تميّز عن هؤلاء بكونه صوتا ” يبحث عن أفق شعري جديد لكي يبدأ البدايات الحقيقية لكتابة القصيدة الحديثة، والتي تعني إنجازا حقيقيا ومتجاوزا” (4) هذا الأفق الشعري المختلف والمغاير منح للتجربة مكانتها في سياق حداثة الشعر السعودي التي تميّزت بالثورة على السائد الشعري؛ وعدم الركون إلى الاجترار ، فمثّل صوتا سعوديا بعيدا عن الاحتذاء بالنماذج الشعرية العربية المكرَّسَة، وهنا مَكْمَنُ القيمة الجمالية والفنية لتجربة هذا الشاعر. وقُيِّضَ لي الاطلاع على الأعمال الشعرية الكاملة له، فتملَّكني إحساس غريب ومدهش تجاه تجربة وجدتها أكثر نضجا، وأبهى جمالا، وأعمق أصالة، نظرا لما يتميّز به من رؤى شعرية تنفتح على اللانهائي؛ منطلقة من تصور جليّ ومتجذّر في الشعرية العربية. ولا غرابة في ذلك فالشاعر من سلالة أرض الشعر والحياة، أرض مترعة بالعطاء الثقافي والفكري، وبالتالي فَرَحِمُهَا لن يلد غير أمثال محمد الثبيتي وغيره. كما أن التجربة الشعرية لديه تنهل من منبعين شعريين أصيليْن خالصين: رافد التراث الشعري القديم والثاني يكمن في الحداثة الشعرية التي انبنت على هاجس التخطي والتجاوز. فهذان الرافدان كانا مطعّمين ومُثْرِيَيْنِ لهذه التجربة، التي نسعى إلى الكشف عن المضمرات الثقافية التي تغتني بها وتثويها.
(2) حداثة الشعر والمضمرات الثقافية:
أ- حداثة الشعر السعودي :
إن حداثة الشعر سمة من سمات الجدّة والابتداع، والسعي نحو آفاق جديدة في الكتابة الشعرية، سواء داخل عمود الشعر – كما وضعه المرزوقي-أو في إطار الشعر التفعيلي، وعليه فالمقصود من وراء ذلك، العمل على تبيان هذه الخِصّيصَة الحداثية، والتي نلمسها من خلال رغبة الشاعر محمد الثبيتي كسْر كل الثوابت المرتبطة بكل منهما، من خلال التجديد والتحديث، وهذا ما حقَّقته شعرية الحداثة التي ” هشّمت اللغة الفقهية، لأنها لا تعني إرادتها التعبيرية، وترى أنه ليس هناك أنماط وأنساق أو مفردات شعرية وأخرى غير شعرية” (5) ، هذه الشعرية هي الكاشفة عن أهم الخصائص الجمالية والفنية للنص الشعري ، بعبارة أخرى تبيان ما الذي يجعل النص المبدَع متميّزا؟
لا غرابة في الأمر من القول إن حداثة تجربة محمد الثبيتي الشعرية منبعها عمق الرؤية الشعرية التي تعتبر الركيزة الأساس عنده، نظرا لما تزخر به من خطاب شعري يزاوج بين النبوءة والرؤيا مُسْتَغْوِرا الأعماق الدفينة للذات وخبايا الوجود، مما أعطاه الأسبقية في هذا التجديد، الذي وَسِمَ النص الشعري، وذلك ،من خلال المغامرة، سواء تعلق الأمر بالمستوى الشكلي أو المستوى اللغوي والأسلوبي ، إذ استطاع خلق لغة شعرية تفصح عنه، وتعبّر عن مكنوناته الغامضة. والمتأمل في منجزه سيخلص إلى أن الشاعر تميّز بهذا، وهو الشاعر الباحث عن المعنى في وجود اللامعنى، والمحطّم كل القيود للاحتفاء بحريته ووجوده بعيدا عن وصايا الأصنام الشعرية، الجوّاب صحراء الدجى، المبارك من صباحات الحجا، وهو الصانع الجمال من عيني حبيبته؛ وتلك آية من آيات إبداعه يقول: “في الصباح/ وقفت مليا/ فألفيت صومعتي منزلك/ فاستشاطت عرى القلب/ لكنني حين أبصرت عينيك/ ردّدتُ: لله ما أجملك”(6) فالشاعر يخلق لغة العشق عن طريق التنسّك والعبادة كإحالة ضمنية على التَّعالق الحاصل بين روحين توأمين؛ معتمدا في ذلك على الرمز الموحي والدال الذي يعطي للنص زخما دلاليا وتأويليا متعددا لأن ” الشاعر ، من خلال الرمز، يحاول خلق وسائل تعبير لغوية عن طريق الإيحاء تكتسب فيها اللغة معان جديدة، وقيمة الرمز الشعري مرتبطة بالتجربة الشعرية الخاصة والسياق الخاص”(7) وعلى هذا المنوال في الخلق والإبداع نهج الشاعر طرقا تعبيرية مختلفة تمنح للنص شعريته وحداثته في الآن ذاته. فالتعبير عن تكلس المشاعر ، وبرودة الروابط الإنسانية استطاع الشاعر تصويرها بلغة شعرية قريبة من اللغة اليومية، مما يزكّي أن الثبيتي يمتلك عينا ثالثة هي عين الحدس والقدرة على الالتقاط يقول: ” غرفة باردة/ غرفة بابها/ لا أظن لها أي باب / وأرجاؤها حاقدة / غبش يتهادى على قدمين/ وصمت يقوم على قدم واحدة/ لا نوافذ/ لا موقد/ لا سرير/ ولا لوحة في الجدار ولا مائدة” (8) بلغة شعرية باذخة تعتمد على التصوير السينمائي والتشخيص أو أَنْسَنةِ الأشياء، عبَّر الشاعر عن التحولات الإنسانية التي فقدت كل القيم ، حيث الشعور بالاغتراب هو المعبّر عن ذلك، وفي هذا النموذج الشعري نعثر ، بما لا يدع مجالا للشك شعرية الثبيتي ، فلغته لا تعبّر بقدر ما تخلق عوالم متخيّلة ومنتقاة من الواقع ، وهنا جوهر حداثة تجربته الشعرية . وما يزيد من اقتناعنا بجدارة الثبيتي الإبداعية أنّه اختار طريق الهدم من أجل بناء/ خلق نص شعري خارج عن طوع الثابت الشعري، ولعلّ تساؤله العميق والمُربك للذائقة الكهنوتية للشعر – إن صح القول-خير شاهد على رغبته في منح القصيدة روحا جديدة ونفسا آخر لتطهيرها من عطانة القصيدة الميّتة يقول: أيرضى الشعر أن يبقى أسيرا/ تعذّبه محاصرة الخليل/ وأغلال الوليد أب عبادة/ ويبقى كاهنا من عصر عاد/ تلاشت في ملاحه الأماني / فلا شقاء / يلوح بناظريه ولا سعادة ) (9)، إنها دعوة جرّيئة صريحة من الشاعر لتكسير كل الأغلال التي تحدّ من الدفق الشعوري والتعبير عن كل الهواجس والأحلام والرؤى ، منطلقا من فكرة أساس ” أن التاريخ الأدبي تاريخ متغيّر ومتجدّد، إنه لا يعرف الثبات أبدا فهو ديمومة مستمرة ومختلفة من عصر إلى آخر” (10)
ب-المضمرات الثقافية في تجربة الثبيتي الشعرية:
توقّفنا سالفا عند حداثة الشعر السعودي بإيجاز، لننتقل إلى تناول السياقات المرجعية التي لعبت دورا مهما في تشكيل تجربة محمد الثبيتي الشعرية، ويتعلق الأمر بالمضمرات الثقافية، معتقدين أن النص، في عمقه، يحيل على ” ذاكرة لإرث تاريخي واجتماعي ونفسي عام وخاص، وتمظهر لحمولة وجدانية تحيل على الذات المنتجة للخطاب حينا، وتحيل على الذات الجماعية أحيانا أخرى. ” (11) بتعبير آخر إن الأمر متعلّق بالأنساق الثقافية المهيمنة داخل العمل الشعري، من خلال الوقوف على الروافد الثقافية المختلفة المُشكّلة للمرجعية الأساس في هذه التجربة المتميّزة على أساس أن ” الشعرية العربية لم تتخلّق بمعزل عن سياقها التاريخي والاجتماعي والديني واللغوي أبدا، ولم تكن مخلصة لهذه السياقات، متعلقة بها بشكل قطعي أيضا، بل منفتحة على غيرها منذ أمد بعيد” (12)، وبالتالي فالشاعر المُفْلق – بلغة القدامى- هو الذي يمتلك خلفيات ثقافية تضرب في بطون الأراضي الإنسانية المتنوعة العطاء فكرا وشعرا وفلسفة ، هذه الخلفيات تؤدي بالتجربة إلى معانقة كل التخوم في حضارة الإنسان، ومراودة المتخيّلات التي ترثها الشعوب والأمم من أجل إضفاء طابع الخصوبة ومنح التجربة بعدها الكوني، حتى لا تظل مرتهنة لثقافة محدودة ومقيّدة ذاتها في زاوية ضيّقة؛ لن تزيدها إلا رسوخا في التقليد والاحتذائية القاتلة لكل خلق وإبداع ، فالشعر الخالد هو ” ما له من القدرة على العطاء والتجدّد ما يضمن له البقاء حيّا على مرّ السنين، بعد زوال ظروفه وملابساته” (13) وفي هذا السياق نؤكد على أن تجربة الثبيتي الشعرية تمتلك هذه الديمومة الإبداعية – بتعبير برغسون – و مردّ ذلك قدرة الشاعر على النهل من روافد مختلفة وثرية مكّنت من ضخّ نَفَسِ الجِدّة في التجربة ، وعليه نشير إلى أهم المضمرات الثقافية ومنها :
المضمر الأسطوري :
يعتبر استثمار الأسطورة وسيلة تعبيرية، من خلالها، يمرّر الشاعر رؤيته للعالم وموقفه من عصره، وهي من الظواهر الفنية البارزة التي منحت للنص الشعري زخما آخر ، ولعل ” العودة إلى الأساطير القديمة إحدى الخصائص التي ميزت الشعر الحديث. وكان الشعراء والفلاسفة الرومنطيقيون الألمان وبخاصة فردريك شلنغ (1770/ 1854) وأوغست شليغل(1767/ 1845) وجوهان هردر (1744/ 1803) من أوائل الذين دعوا إلى استخدام الأسطورة في الشعر في مطلع القرن التاسع عشر” (14) وقد كان لهذا التوظيف تجلياته في الشعر العربي المعاصر حيث صارت ظاهرة فنية تبرز ما يأمله الإنسان وما تتغياه الإنسانية، وعليه ” لا يمكن أن نرى شاعرا معاصرا لم يتعامل مع الأساطير القديمة ذات المغزى الإنساني، ولكنّه لا يعيد صياغة هذه الأساطير كما هي، وإنّما يستغلّها في إبراز مضمون اجتماعي عصري ” (15) مما يعكس رغبة الشاعر العربي المعاصر في فتح أفق شعري منفتح على الموروث الإنساني شعرا، أدبا، سردا، خرافات ، أغاني شعبية، أساطير ، والغاية من وراء هذا التوظيف إثراء التجربة الشعرية والسَّيْر بها نحو عوالم الإبداع الممتدة في الزمان والمكان. والاتّكاء على الأسطورة يجعل الخطاب الشعري أكثر تجدّدا وخلقا وتخصيبا للدلالات، مما يعكس أن هذه الوسيلة قد تحفّز الشاعر على خلق أسطورته النابعة من تصوره للعملية الشعرية. والشاعر محمد الثبيتي لم يخرج عن هذا الإطار، فهو الآخر اختار طريق التوظيف الأمثل للأسطورة في تمظهراتها المختلفة والمتنوعة. ومن بين الأساطير التي وظفها أسطورة العنقاء التي تحيل على البعث والولادة الجديدة الدالة على التحول والصيرورة، فالشاعر ينادي العنقاء لتعلن ميلادا جديدا، فالسندباد غارق في بحر التيه والترحال، السفر والرحيل بعثا عن وجوده، بل إنها كائن أسطوري غير محدودة بحدود زمانية أو مكانية ، للدلالة على كونها تتحوّل وتتغيّر حسب سياقها في القول الشعري يقول: ” هيه يا عنقاء/ يا بعثا جديدا وشبابا من لهيب ورماد/ هيه يا عنقاء / يا بحرا غريقا تاه فيه السندباد/ هيه يا عنقاء/ هزّي شجر الريحان، يهمي شعرك العملاق أمطار الشتاء/ مزّقي نهري البنفسج و العقي / وهج الدنان / واشرقي من لا مكان. ولا زمان “(16).
ففي سبيكة شعرية يستحضر الشاعر معاناة كل من سندباد الذي يشقّ البحار من أجل الغنيمة، وقصة مريم وهي تتكبّد الخوف من قومها بمجرد حملها بالمسيح، ففي هذا التمازج بين الأسطوري والديني قمّة شعرية الثبيتي، ومدى سعة ثقافته الإنسانية. فهذا التوظيف أسهم في انبثاق حياة جديدة لكل من السندباد ومريم. ومن تمّ الوجود برمته. هذا التوظيف المباشر لأسطورة العنقاء يجسّد التواشج والتعالق بين الذات الشاعرة الباحثة عن كينونتها والراغبة في معانقة القصيدة المحلوم بها ، والتي لن تتأتى إلا بعد مكابدات واحتراقات، ولعل تجربة الشاعر هي من تجربة كل من السندباد ومريم. لكن الشاعر لم يكتف بالتوظيف المباشر للأسطورة، بل عمد إلى نهج طريق الإيحاء يقول:
” هوى فوق قارعة الصمت/ فانسحقت ركبتاه/ تأوّه حينا/ وعاد إلى أوّل المنحنى باحثا عن يديه / تنامى بداخله الموت / فاخضر ثوب الحياة عليه “(17) ، إنه طائر الفينيق/ العنقاء الذي يحترق ويعود ويبعث حيا من رماده، مستلهما إيّاه الشاعر للتعبير عن التجدد والأمل والحياة ، فبعد الموت حياة ، فالثبيتي يدرك الإدراك اليقين أن ثنائية الموت والحياة سيرة تاريخية أبدية أرَّقت الإنسانية منذ البدايات ، ولعل أسطورة تموز حاضرة في تجربة الشاعر ، والدليل قصيدة ” البابلي” التي تتقاطع مع محنة سيدنا أيوب الذي عانى من مرضه الذي أحاله ميّتا لكن القدرة الإلهية خلّصته من موت محقق، وفي هذا سرّ النبوة ، وهذا يحيل على تموز الدال على البعث بعد الموت يقول: ” مسّه الضرّ هذا البعيد القريب/ المسجّى/ بأجنحة الطير/ شاخت على ساعديه الطحالب/ والنمل يأكل أجفانه../ .. والذباب / مات وأناب/ وعاد إلى منبع الطين معتمرا رأسه الأزليّ. / تجرّع كأس النبوءة/ أوقد ليلا من ضوء/ غادر نعليه مرتحلا في عيون المدينة”(18) ، فبعد الموت يخضر ثوب الحياة، وتلك مشيئة هذه الأسطورة. لكن الشاعر مؤمن إيمانا قويا بأن القصيدة أسطورة، من خلالها، يولد الشاعر بعد الموت، وتتجدد التجربة الشعرية بفعل القراءة والتأويل. كما أن الشاعر استطاع خلْقَ رموزه الأسطورية ككاهن الحي، العرّاف، القرين، المغني، الصعلوك، الفرس التي شكلت قناعا شعريا للشاعر الثبيتي، وقد أفلح في هذا الأمر. إن كل هذه الرموز تمت أسطرتها من لدن الشاعر، وفي أسطرتها “صورة للتجربة بدلالاتها ورموزها وأبعادها. وليست مجرّد استثمار أسماء وشخصيات أو استعارات حتى.”(19) . كما أن توظيف الأسطورة هو بحث عن الذات وهي تجابه الواقع، التاريخ، والحضارة الإنسانية في ظل منعطفات وجودية تشعر فيها الذات أنها معرّضة لكل أشكال النفي والاغتراب.
المضمر الديني :
تمثّل الخلفية الدينية خصّيصة من خصائص التجربة الشعرية للشاعر محمد الثبيتي ، ولا غرو في ذلك مادام الشاعر ينتمي إلى بيئة عمودها الفِقَري الدين عقيدة وممارسة وحياة وهويّة، فكان لهذا أثره وبَصْمَتُهُ في شعرية التجربة، حيث نجد حضور الآيات القرآنية في الخطاب الشعري، مما يعطي للتجربة أصالتها و تجذرها في تربة إسلامية يقول الشاعر: ” قل لليلى تجيء صباح الأحد/ إنها تقف الآن بين الزلال وبين الزبد/ قل لها : ظاهر الماء ملح وباطنه زبد/ قل لها : أنت حلّ بهذا البلد”(20) نجد الشاعر ، في هذا القول الشعري قد تعامل مع الآية القرآنية بطريقة يغيب فيها الجانب الجمالي ، بمعنى آخر تعامل بطريقة مباشرة معها والتي تحيل على قوله تعالى : ” لا أقسم بهذا البلد، وأمن حلّ بهذا البلد”(21) ، غير أن الأمر لم يقف عند هذا الحد، وإنّما استطاع الشاعر أن يَعْمَدَ الأسلوب الإيحائي الترميزي في توظيفه للنص القرآني وحجتنا على ذلك قوله: ” فرقتنا النوى زمنا/ ثم لمّت شتات نوانا/ على بقعة من حلَك / قلت: هيت لك/ هيت لك/ سرتُ خلف خطاك أجرّر خطو المساكين / لم أسألك” (22) ، فهذا يدل على قوله تعالى في قصة يوسف عندما حاولت زليخة مراودة سيدنا يوسف عن نفسه، ليسقط في شرَكها، لكن برهانا من الله أنقده من هذا المكيدة : ” وراودته التي هو في بيتها عن نفسه، وغلّقت الأبواب وقالت : هيت لك، قال معاذ الله، إنه ربّي أحسن مثواي، إنه لا يفلح الظالمون، ولقد همّت به، وهمّ بها لولا أن رأى برهان ربّه، كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء” (23) إن استدعاء هذه القصة الغاية منها تصوير كل أشكال الإغواء والإغراء التي لازمت الذات وقد تعرّضت لفتنة شيطان الشعر، كما وقع سيدنا يوسف عليه السلام لتأثير زليخة رمز الغواية والفتنة، هذا التماهي شحن التجربة بطاقة شعرية مذهلة، ذات أبعاد جمالية، وأسهمت في تخصيبها، فالشاعر في حالة هيام وانجذاب أمام سلطة شيطان الشعر مقارنا إياها بوضعية يوسف وهو يتعرّض لكل أساليب السحر والافتتان من لدن امرأة العزيز.
ومن تجليات المضمر الديني اشتغال الشاعر على متن قرآني به تستطيع الذات من تطعيم خطابها الشعري و تثويره نحو ارتياد آفاق التجديد والخلق، و جعل الممارسة الشعرية أكثر حيوية وذات فاعلية شعرية، إن صح التعبير، يقول الشاعر: “يا أيها النخل/ يغتابك الشجر الهزيل/ ويذمك الوتد الذليل/ وتظل تسمو في فضاء الله / ذا طلع خرافي/ وذا صبر جميل” 24 ، فالمقطع الشعري يزخر بإحالات قرآنية منها قوله تعالى:” ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء” 25 ، كما أن عبارة( تظل تسمو في فضاء الله) تدل على قوله عز من قائل:” من كان يريد العزّة فلله العزة جميعا, إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه. والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد ومكر أولئك هو يبور” 26 ،كل هذه الآيات تحمل في طياتها رغبة الشاعر في السمو بالذات والتعبير عن الشعر الذي ينفع الناس ، وهي رسالة كل مبدع مرتبط بواقعه وملتحم بقضايا الأمة .
والشاعر الثبيتي نذر حياته الوجودية والشعرية لمساءلة تاريخ شبه الجزيرة العربية والوقوف عند الرابطة التي تصلها بالحضارات الضاربة في القِدَم ، والتي كان لها الأثر في مسيرة الجزيرة ، لكن حين يتأمل في واقع الجزيرة الحالي يجد تمة فرقا جليّا بين ما يقوله التاريخ وما يعيشه الشاعر على أرض الواقع، وهذا ما يثبته في قوله: ” هذا الدم الخولي/ منصوب على تيماء/ من يلقي بوادي الجن شيئا من نحاس/ من ذا يغني: لا مساس من ذا يريق الراية الحمراء/ من يحصي الخطا/ من ذا يعرّي قامة الصحراء من سرب القطاء”27 ، فلفظة (لا مساس) تثوي بين ثنايا قول موسى عليه السلام للسامرائي الذي أضل قومه: ( قال: فاذهب فإنك لك في الحياة أن تقول لا مساس، وإن لك موعدا لن تخلف وانظر إلى إلهك الذي ظللت عليه عاكفا ، لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا) 28، فتاريخ الجزيرة الذي يتم تحوير معطياته يشبه إلى حد كبير فعل التضليل الذي قام به السامرائي تجاه قومه.
ويقول الشاعر:” يا أرض ابلعي تعب العراة/ هذا كتاب الرمل والشيطان مصلوب/ على باب البنات” 29 ففي قوله امتصاص للآية الكريمة ” وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي ةغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي ، وقيل بعدا للقوم الظالمين”30 ، ويقول الشاعر أيضا : ” اخلع هنا نعليك / ثم انهض على قدم الثبات/ واصعد إلى العتبات وارفع يديك إلى السماء”31 ، فهنا تدليل على قوله تعالى ” وهل أتاك حديث موسى إذ رأى نارا فقال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بقيس ، أو أجد على النار هدى، فلما أتاها نودي يا موسى إني أنا ربّك فاخلع نعليك، إنك بالواد المقدس طُوى” 32 ففي هذا التوظيف إعلاء من شأن وقيمة وقدسية الشعر ، من خلال اعتباره وادا مقدسا، ولِمَ لا مادام الشعر تطهير للروح من دناسة الأرض ومعراج إلى الأعالي الربّانية الطاهرة .
إن المضمر الديني جليّ في تجربة الشاعر الثبيتي، ودليل ساطع على قوّة المرجعية الدينية التي تتشابك في نسيج النص . لهذا اكتفينا بهذه النماذج وأغفلنا أخرى، على دوره في تحقيق فاعلية شعرية للخطاب الشعري ،
*المضمر الإبداعي:
إن التطرق إلى هذا الجانب لا نقصد من وراءه الوقوف على طبيعة ما هو أسلوبي أو جمالي، فهذا الأمر لا يعنينا في هذه القراءة، بقدر ما نسعى إلى استنباط مضمر التراث بتجلياته المختلفة، على اعتبار “أن الاستعانة الجزئية بالتراث، أو التوظيف الجزئي لبعض معطياته يفترض أنه سبيل تدعيم البنية الكلية للقصيدة. وذلك يعني ألا يخرج هذا التوظيف الجزئي عن التكوين الشامل بأن يكون فكرة جزئية هي خطوة في اتجاه المضمون الكلي أو أن يكون صورة( بيانية أو رمزية) كاشفة أو برهانية تقوّي إحدى الأفكار الجزئية أو المضمون الكلي للقصيدة” 33 ، وبالتالي فالاسترفاد من التراث يخصّب الخطاب الشعري على اعتبار أن النص الشعري أرض مجهولة تستدعي استغوار مجاهلها المتوارية واستنطاق المضمر أو الخفي والمطمور منها. وعليه فالشاعر الثبيتي لا يخرج عن هذا السياق فتجربته تنهل من هذا الموروث سواء كان شعرا أو تاريخا أو حضارة من أجل تطعيم خطابه الشعري؛ وتجسير أواصر التفاعل بين حاضر التجربة ماضيها التراثي الذي لا ينفصل عنها . هكذا يفتح حوارا عميقا مع النص الشعري القديم ،عبْرَ، التعامل المباشر معه كما هو الأمر عندما يقول الشاعر : ” قالوا بأنك في الحياة مجاهد**”تبني وتنشئ أنفسا وعقولا”/ ضحكوا لشوقي حين قال مفلسفا**”قم للمعلم وفّه التبجيلا” 34 فهذا المقول يبرز مكانة المعلم في حياة الشاعر والأمة فهو باني إنسانها وخالق فكرها ، وعلى يده يتم تكوين بناة المجتمع، لهذا يستحق المعلم الاحتفاء به شعريا ووجوديا، وفي هذا استحضار لقول أحمد شوقي: ” قم للمعلم وفّه التبجيلا **كاد المعلم أن يكون رسولا/ أعلمت أشرف ، وأجلّ من الذي** يبني وينشئ أنفسا وعقولا” 35 كما أن الشاعر أفلح في امتصاص الموروث وعجنه ثم خلقه في سبيكة أسلوبية إيحائية يقول: ” أمضي إلى المعنى / وأمتصّ الرحيق من الحريق فأرتوي/ وأعِلُّ / من ماء الملام” 36، فالشاعر هنا يمتصّ بيت أبي تمام بطريقة عكسية ، فإذا كان أبو تمام يطلب صاحبه/ عاذله بعدم سقيه بماء الملام فإن محمد الثبيتي يكرع من ماء الملام من أجل التعبير عن مكابداته لخلق نص شعري ، يقول أبو تمام: ” لا تسقني ماس الملام فإنني**صبٌّ قد استعذبت ماء بكائي” 37 . والتجربة الشعرية لمحمد الثبيتي تعكس بما لا يدع مجالا للشك ثقافته الواسعة واطلاعه الواعي للتراث العربي ، وهذا ما زاد من ثراء هذه التجربة، وجعلها تحتلّ مكانة قمينة بالقراءة والحياة، كما أن هناك مضمرات ثقافية شكّلت لبنة من لبنات العمل الشعري عنده؛ نشير إلى المضمر التاريخي، حيث يستثمر الشاعر داخل بنية النص أحداثا تاريخية كالإشارة إلى حرب البسوس بين داحس والغبراء، حكاية شهرزاد التي تحوّلت إلى منقذ للمرأة من حتمية الموت، إضافة إلى رموز تاريخية وأدبية كعنترة بن شداد الذي صوّره الشاعر في غير الصورة المعهودة عليه، فهو شخصية مهزومة مدحورة، وشخصية حاتم الطائي وغيرها ، وهذا برهان على أن تجربة محمد الثبيتي تحتاج إلى التأمل والقراءة الحصيفة لكشف كل هذه الدرر الإبداعية والشعرية.
خاتمة:
لم تكن الغاية ، من هذه المناولة، الكشف عن جماليات التجربة الشعرية لدى الشاعر محمد الثبيتي، وإنما مقصديتنا مجلاها البحث عن الخلفيات الثقافية التي تؤثث الخطاب الشعري وتتفاعل في نسيج النص الشعري عند الشاعر ، إن شعرية الخطاب أبانت عن تمكّن الشاعر من خلق رؤى شعرية تستحق الحياة والاستمرارية لإغناء الشعرية العربية ، معتبرين أن المضمرات الثقافية من بين المداخل الأساس لمقاربة التجارب الشعرية الجديرة.
– أدونيس : الثابت والمتحول: بحث في الاتباع والإبداع عند العرب .صدمة الحداثة، دار العودة، بيروت، ط1،1978،ص16.
– محمد الثبيتي: الأعمال الكاملة، ص 96. 27
– القرآن الكريم: سورة طه الآية 97. 28
– الأعمال الكاملة، ص 94. 29
30- القرآن الكريم: سورة هود الآية 44.
– الأعمال الكاملة ، ص 214. 31
32- القرآن الكريم: سورة طه الآية 12.
33- سعاد عبد الوهاب الرحمان: الشعر العربي الحديث البنية والرؤية، دار الجرير، ط1، الكويت، 2011، ص46.
– الأعمال الكاملة ، ص 226. 34
35- أحمد شوقي: الشوقيات، دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان، 2010،ج1، ص 145.
– الأعمال الكاملة، ص 21. 36
37- التبريزي الخطيب: شرح ديوان أبي تمام، دار الكتاب العربي، بيروت، 1992،ج1، ص24.
أدونيس : الثابت والمتحول: بحث في الاتباع والإبداع عند العرب .صدمة الحداثة، دار العودة، بيروت، ط1،1978،ص16.1
– ن.م.س، ص57.2
– عزالدين إسماعيل: اتجاهات الشعر العربي المعاصر، عالم المعرفة، الكويت، 1988، ص112-113.3
– شاكر النابلسي: رغيف النار والحنطة، المؤسسة العربية للدراسات، 1986 ،ص 181.4
– د.عبد الناصر هلال: في جماليات شعر الحداثة، دار الحرم للتراث،2006، ص 7.5
– محمد الثبيتي: الأعمال الكاملة، الانتشار العربي، بيروت، لبنان، ط1،2009،ص39.6
7- زيد دبيان غلب الشمري: محمد الثبيتي: شاعرا، رسالة مقدمة إلى عمادة الدراسات العليا استكمالا لمتطلبات الحصول على درجة الدكتوراه في الأدب العربي، قسم اللغة العربية وآدابها، جامعة مؤنة، 2014، ص 136.
– محمد الثبيتي : الأعمال الكاملة، ص 35.8
– ن.م .س ، ص 253.9
10 – د. بشر تاوريرت: الشعرية والحداثة بين أفق النقد الأدبي وأفق النظرية الشعرية، دار ومؤسسة رسلان للطباعة والنشر والتوزيع،دمشق،سوريا،ط1، 2008، ص 37.
11- تأليف جماعي (مترجم) : مدخل إلى السيميوطيقيا، إشراف سيزا وقاسم ونصر حامد أبو زيد، منشورات عيون، الدار البيضاء، ج2، ط2، 1987،ص 172.
– ن.م.س ، ص 148.12
– عبد الله الغذامي: تشريح النص، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب، ط2،2006،ص153.13
– عوض ريتا : بدر شاكر السياب: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بغداد، ط3، 1987، ص 5.14
– عز الدين إسماعيل: الشعر في إطار العصر الثوري، دار القلم، بيروت، ط1،1974، ص 14.15
– محمد الثبيتي: الأعمال الكاملة، ص 191.16
– ن.م.س ، ص82.17
– ن.م.س، ص 81.18
19- د. عبد الله عمير: محمود درويش : شعرية الخلق الجمالي، مقدمة لقراءة تحولات قصيدته الجديدة رؤيويا وجماليا، مجلة القصيدة، ع1، خريف 2017، تصدر عن بيت الشعر/ وزارة الثقافة ، فلسطين، ص 32.
– محمد الثبيتي: الأعمال الكاملة، ص 127.20
– القرآن الكريم: سورة البلد ، الآيتين 1/2.21
– محمد الثبيتي: الأعمال الكاملة، ص 38.22
– القرآن الكريم: سورة يوسف الآيتين 23/24.23
– محمد الثبيتي: الأعمال الكاملة ، ص 18.24
– القرآن الكريم: سورة إبراهيم الآية 24.25
– القرآن الكريم: سورة فاطر الآية 10.26
– محمد الثبيتي: الأعمال الكاملة، ص 96.27
– القرآن الكريم: سورة طه الآية 97.28
– الأعمال الكاملة، ص 94.29
– القرآن الكريم: سورة هود الآية 44.30
– الأعمال الكاملة ، ص 214.31
– القرآن الكريم: سورة طه الآية 12.32
– سعاد عبد الوهاب الرحمان: الشعر العربي الحديث البنية والرؤية، دار الجرير، ط1، الكويت، 2011، ص46.33
– الأعمال الكاملة ، ص 226.34
أ- أحمد شوقي: الشوقيات، دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان، 2010،ج1، ص 145.35
– الأعمال الكاملة، ص 21.36
– التبريزي الخطيب: شرح ديوان أبي تمام، دار الكتاب العربي، بيروت، 1992،ج1، ص24.37
صالح لبريني*