ملف من إعداد وحوار: هدى حمد
«العالم مصنوعٌ من الكلمات، والكلمات هي السحر الذي ننجذبُ إليه باستمرار»، ولذا لا تتصور جوخة الحارثي أن ينهض العالم صباحا دون أدبٍ ودون تخييل أيضا. هذا ما صنعه تكوينها الأسري منذ الصبا. إذ لم تكن علاقتها بالكتابة وليدة الصُدفِ العابرة والمؤقتة، بل كانت علاقة تنمو على مهلٍ في بيتٍ يحرصُ على العلم والأدب، حيثُ تترنمُ الأمّ وهي تطبخُ أو تخيط الثياب بأبيات شعر للخنساء والمتنبي ونزار قباني، وفي الظهيرة تقرأ الأمّ في كتاب الأغاني والعقد الفريد، أو تناقش أخاها الشاعر والرحالة – رحمة الله عليه – محمد الحارثي في آخر قراءاته. ويشتعلُ مجلس الجدّ -الذي يعدُّ آخر الشعراء الكلاسيكيين الكبار في عُمان- بالشعر والسمرِ.
في مطلع الألفية الجديدة عرفتْ عُمان القاصة والروائية جوخة الحارثي. كاتبة تتراوح تجربتها بين القصص القصيرة والانفتاح على عالم الرواية وأدب الطفل والدراسات الأكاديمية. وقد تصدّت لما يقربُ من عشرة أعوام من عمرها لمهمة جمع وتحقيق قصائد جدّها الذي توفي عام 1996.
حظيت جوخة الحارثي بجوائز محلية وعربية كثيرة ثمّ تحصلت على جائزة «مان بوكر العالمية» لأفضل عمل أدبي مترجم للغة الإنجليزية عن روايتها «سيدات القمر»، وهي من أرفع الجوائز العالمية ، وبذلك تكون الحارثي أول شخصية عربية تتوج بهذه الجائزة الأدبية الدولية المستحدثة في 2005. وذلك بعد أن نالت جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب عن روايتها «نارنجة» في عام 2016.
تخوض «سيدات القمر» غمار التحولات التي مرّت بها عُمان إزاء التغيرات التي عبرت العالم، وكما قالت لجنة التحكيم: «تطل الرواية على حيوات كانت سابقا في الظل».
حاصلة على شهادة دكتوراه في الأدب العربي القديم من جامعة أدنبره في أسكتلندا، وهي تُدرس الأدب العربي في جامعة السلطان قابوس، وقد تُرجمت بعض أعمالها إلى الإنجليزية والألمانية والإيطالية والكورية والصربية والروسية والسنهالية (سريلانكا).
وكما أشارت صحيفة «ذي ناشونال» إلى وصول موهبة جوخة الحارثي إلى العالمية، نقول معها: «إنجاز منسوجٌ بدقة وبخيال عميق».
وفي هذا العدد تفتح مجلة نزوى عددها المائة ملفاً خاصاً عن هذه التجربة، تُصدره بحوار خاص معها وحوار آخر مترجم عن صحيفة «الجارديان» وشهادات ذات بعدٍ حميمي أو تفنيدي للرواية والمكاسب المتوقعة عقب الفوز.
•• لنقترب أولا من دوافع كتابة «سيدات القمر» ؟
– حلمتُ دائما بكتابة هذه الرواية. كتبتُ قبلها «منامات»، ولكني لم أشعر أنّي كتبتُ الرواية التي أريد حقا. لديّ الأفكار والتصورات وظلال الشخصيات ولكني لم أكتب شيئا. حتى وجدت نفسي في أدنبرة وعمري 27 سنة مُطالبة بكتابة الدكتوراه باللغة الانجليزية، وهو عمر كبير جدا للكتابة بلغة لم أكتب بها من قبل. ولديّ طفلة صغيرة «خُزامى» في ذلك الوقت كان عمرها تسعة أشهر وتُعاني من وحدة شديدة ونظام حضانات صارم جدا، ولم نجد في الفترة الأولى بيتا مناسبا. كنا نتنقل من شقة مؤقتة إلى أخرى، والبرد قارس جدا في أدنبرة، ولذا كنتُ أرغبُ بشدة أن احتمي من البرد والوحدة وغربة لغة الدراسة.
تولعتُ بأطروحتي للدكتوراه ثم كرهتها، طفلتي تركض وراء أي شيء في حجمها ولو كان جروا من شدة توقها للعب مع أطفال، والأمهات يذدن صغارهن بإصرار عن الطفلة الغريبة، أو يمنحن الوقت المقطر المحسوب، وأنا التي قضيت كل طفولتي في حشد من الجيران والأقارب نلعب منذ الصباح حتى المساء، ربيتُ الغربتين بداخلي: غربة المكان وغربة اللغة.
أسير في الشوارع الأثرية لأدنبرة، ولساني لا تعتدل لكنته، وطفلتي لا تخفت وحدتها، تاريخي بعيد، ولوني قاتم، وحين أصعد لمكتبي في الطابق الخامس من بناية بلا مصعد عاش فيها والتر سكوت، أخبط رأسي في الجدار حين تتدفق كل الكلمات في رأسي وتعجز عن الدخول في اللغة الأخرى.
هكذا ولدت «سيدات القمر»، روايتي. كانت الكتابة هي اللسان المقطوع، أفرغ من أطروحتي، أنيم طفلتي، وأدخل في الرحم السري الذي سيمدني بالحياة ويدفئني لأتحمل الصقيع، كتبت بأمل لا ينتهي في إيجاد عالم داخل العالم، وحياة موازية للحياة، في القبض على ينابيع الدفء وإيداعها الورق، في الاتصال بروح الفلج وسر النخلة وعظمة اللغة التي عذبني حبها.
•• يظن البعض أنّ «سيدات القمر» تشكلُ موقفا يُحاكم العبودية؟
– العبودية ليست مُعضلة محلية. كانت نظاما عالميا. بالنسبة لي، كنت دائما مسكونة بالأسئلة والرغبة في الفهم، كيف ينشأ نظام من هذا النوع اللاإنساني، وكيف قبل البشرالاستمرار فيه لقرون؟
استمعتُ إلى حكايات الناس، كما درستُ بعض الوثائق التي تتحدث عن تجارة الرقيق في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وأفدتُ منها في وصف الرحلة من أفريقيا إلى عُمان في «سيدات القمر»، وبدرجة من الصدق علينا أن نقول بأنّ الدول الاستعمارية كان لها دور في استمرار هذه التجارة على الرغم أنّها كانت تحاربها ظاهريا آنذاك.
•• ألم يكن هذا موضوعا حساسا لطرحه في رواية؟
– أعتبر أن الأدب هو المنصة المناسبة التي يمكن عبرها عرض تفاصيل بهذه الحساسية.
•• جوخة الحارثي المُعجبة بجيل الجدّات وقد عاصرت عددا منهن. المُعجبة بالنساء المُتحصنات بقوتهن الداخلية.. هل تفعل ذلك عن قصد؟
– ببساطة شديدة أنا اكتب ما أعرف، فقد نشأتُ وسط حشدٍ من النساء. النسوة المُتحليات بالقوة والصبر والايثار والتضحية، إلى جوار نساء هشّات أيضا. لكل امرأة حكاية فاتنة وكل حكاية لا تشبه الأخرى، رأيتُ المرأة وهي تصنع الحب وتصنع الكراهية، تصنعُ الطعام والنسيج والأطفال، تعلقتُ بهذه العوالم وعرفتُ المرأة عن قرب، ولا يعني كل هذا الافتتان بالمرأة أنّي اتخذ موقفا عدائيا من الرجل أو أنّي أتعمد تهميشه.
أود كذلك أن أقول إني أعتقد أن النظرة النمطية إلى المرأة العربية قبل عصور التحديث باعتبارها مجرد إنسان مقموع وجاهل ليست دقيقة. في التاريخ العماني لدينا نساء عالمات وفقيهات ومحاربات وقائدات جيوش، بالإضافة إلى آلاف الصامتات بألسنتهن الناطقات بأعمالهن في الحقول والبيوت والمراعي والكتاتيب.
•• روايات جوخة الحارثي، تُحركُ عصبها الأساسي النساء، بينما الرجال قلّما يفعلون ذلك، على الرغم من أنّها – كما يبدو جليا- لا تتبع أجندة نسوية ؟
– الرواية في رأيي ليست للصراخ والكليشيهات والانتصار المباشر الفج للقضايا النسوية، وإنّما الكتابة هي فسحة تأمل بالنسبة لي على الأقل، ومن خلال التأمل نتيح لصوت المهمّش أن يُسمع، ولوجه المُلثّم أن يُرى.
ربما أكون محظوظة إذ أتيحت لي فرصة ثمينة في طفولتي لقضاء أوقات مع شرائح اجتماعية مختلفة في عُمان وأن أستمع لحكايات كثيرة من نساء ورجال على حد سواء. تفاصيل من التاريخ الشخصي والجمعي. أشياء قد لا نجدها في الكتب. تعلمتُ أشياء كثيرة وأنا صغيرة، وتربى لديّ شغفٌ خاص بالتاريخ العُماني، أحب أن أتصور حياة الناس وقصصهم وأن اكتبها.
•• «العوافي» القرية التي يتبدى لنا أنّها مركز الرواية، غير موجودة على خريطة عُمان فعليا؟
– ربما لأنّي أردتُ مكانا افتراضيا يُمكن اسقاطه على أي قرية من قرى عُمان، تمر بظروف وتغيرات متشابهة، في حين أن مسقط لا يمكن أن تكون إلا مسقط ولذا كان اسمها صريحا في الرواية.
•• التاريخ كان هو الخلفية الذي نسجت على أرضيتها الأحداث؟
– تأملتُ في الحكايات الشفوية، وفي تخييلها، بالإضافة إلى البحث. بحثتُ في الأرشيف البريطاني ورجعت إلى رسائل ووثائق محفوظة تعود إلى أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي. أحب أن يكون التاريخ خلفية لرواياتي لا مسرحا. ولكن حتى هذه الإضاءة الخافتة عليها أن تكون دقيقة، بالطبع أنّ الروائي ليس مؤرخا، ولكنه يُعيد كتابة التاريخ برؤى جديدة.
•• لا تختزن رواياتك نهايات صادمة تقلبُ الأحداث رأسا على عقب، وإنّما تبقى وتيرة السرد مُحتفظة بتأزمها ودورانها الذي يُشبه دوران الحياة؟
– حقيقة أنا لا أنهي الرواية – كما قلتُ من قبل- أنا أتخلى عنها، لأنّ الكتابة بالنسبة لي مشروع غير منته. أفكر فيها دوما، أفكر في الشخصيات والأحداث، وفي لحظة ما يغدو التخلي هو الخيار الذي ينقذ العمل ليخرج من حيزي إلى حيز المُتلقي.
•• هل يحضر شرطي المتلقي معكِ لحظة الكتابة ؟
– لو حضر المتلقي في ذهني أكثر من حضور الحاجة الحقيقية للكتابة والشغف بها، لفقدتُ الحرية وعندها لن استطيع الكتابة حقا.
•• كتبت صحيفة «ذي جارديان» البريطانية، «الرواية توفر نظرة على ثقافة غير معروفة بشكل جيد في الغرب».فهل كانت هنالك صعوبة في تلقي الآخر لتفاصيل نُدرك أنّها في غاية المحلية؟
– أرى أنّ القارئ العالمي يمكنه أن يشعر دوما بالقرب من القيم الإنسانية مثل الحرية والحب والصداقة، مهما كانت التفاصيل مغرقة في المحلية، وقد سنحت لي الفرصة لقراءة بعض ما كُتب عن «سيدات القمر» باللغة الإنجليزية، فوجدتُ أنّ كثيرا من القراء لا يعرفون شيئا عن عُمان وكانت هذه أول نافذة يُطلون من خلالها على بلدي. وقد عبر هؤلاء عن تعطشهم لهذا الأدب، ولذا كنتُ أفكر، إذا كان القارئ العادي يُفكر على هذا النحو، فما بالك بالناشر، من الأكيد أنّه سيفكر هو الآخر بأن هذه البقعة من العالم جديرة بالقراءة.
•• هل يمكننا الرهان بأنّنا سنُرى من قبل الآخر الآن ؟
– هذا الفوز سيفتحُ الباب ليس للأدب العُماني فقط بل للأدب العربي أيضا. الأدب العربي عمره ألف وسبعمائة عام تقريبا، وهو جدير بأن يُقرأ وأن يعرفه العالم. ما نحتاج إليه الآن ربما هو الاشتغال الرصين من قبل المؤسسات، واستثمار رغبة العالم في التعرف على أدبنا.
•• ندركُ أنّ النشر ليس عملا سهلا لدى الغرب، وقد أشارت لجنة الجائزة إلى أن سيدات القمر تتحدى التصورات النمطية، فهل كان هنالك من سبب جعل الناشر مُرحبا بروايتك رغم أنها لا تغذي التصورات النمطية الاستشراقية ؟
– كانت هذه هي المرة الأولى التي ينشرُ فيها ناشري الاسكتلندي عملا عربي الأصل، وعندما سُئل عن السبب قال: « لأنّها رواية مُتعاطفة»، والتعاطف غير العطف، لقد وجد في سيدات القمر تعاطفا مع الشخصيات كلها على اختلافها واختلاف وجهات نظرها في الحياة.
ولكن قبل «ساندستون برس» لم ينجح وكيلي الأدبي في إيجاد ناشر لي، لمح له بعض الناشرين أنهم يرغبون في نشر رواية عن بلد تذاع عنه الأخبار باستمرار مثل سوريا أو العراق، وليس عن عمان الهادئة.
•• البطء والتأني يرافقان جوخة الحارثي، إذ يمضي وقت طويل قبل أن نرى لها عملا جديدا؟
– ولم العجلة؟ أنا أكتب للمتعة، لا للتسويق. «سيدات القمر» استغرقت خمس سنوات. «نارنجة» استغرقت ثلاث سنوات، «صبي على السطح» كذلك استغرقت كتابته بضع سنين، وحققتُ ديوان جدّي أحمد بن عبدالله الشاعر في عشر سنوات. أحب التكثيف في الكتابة وأنفر من الثرثرة. ربما يعود الأمر لأسباب تتعلق بي من جهة وأسباب أخرى تتعلق باحترامي للقارئ.
•• ماذا تعني لكِ الـ «مان بوكر العالمية»؟
– تعني أنّ الأبواب انفتحت للأدب العُماني خاصة وللأدب العربي عامة. تعنى أن نُقرأ عالميا، منذ الفوز وأنا أوقع عقودا جديدة للترجمة إلى لغات مختلفة، كالفرنسية والبرتغالية والإيطالية، واليونانية، والأذرية، والكاتلونية والبلغارية والفارسية والميلاليم. الفوز ليس لي وحدي، إنه للأدب العربي المعاصر كله. المترجمون يريدون قراءة المزيد من الأدب العُماني، الناشرون سيبحثون عن الأدب العربي، وهذا في غاية الأهمية.
•• لنتحدث عن اللحظة الحاسمة .. قبل إعلان النتائج ؟
– في «المان بوكرالعالمية» ترشح دار النشر الرواية دون علم الكاتب، ولذا أنا لم أعلم بالأمر حتى قرأتُ اسمي في القائمة الطويلة، حيث بدأت المراجعات العالمية تُكتب حول الرواية، ثم دخلت القائمة القصيرة، ودعيت لحضور حفل الإعلان في لندن، ترددت في السفر، ولكن عائلتي كانت متحمسة فشجعتني. اطلعتُ على الكتب المتنافسة، خاصة رواية «السنوات» لـلفرنسية آني إرنو و «حق الانتفاع» للكاتبة التشيلية آليا زيران. الحقيقة كانت الكتب المتنافسة رائعة ولذا لم يكن من السهل توقع الفوز.
•• يكثر الكلام حول أنّ الانتباه العربي جاء بعد الانتباه الغربي للرواية؟
– أظن أنّ هذا الكلام غير دقيق . «سيدات القمر» كُتب عنها عشرات المقالات وصدر عنها كتاب نقدي وأطروحات جامعية. نقاد كبار عربيا التفتوا للرواية وكتبوا عنها. المسألة أنّها لم تكن ضمن قوائم ومعايير «الأكثر مبيعا». أما عوامل الانتشار والترشيح للجوائز العربية فهي عوامل مُعقدة، ولستُ مشغولة بهذا.
•• لكن الترجمة صنعت مجد الرواية، لكي تُرى بعين جديدة؟
– الترجمة هي جسر العبور للعالم بالتأكيد، شريطة أن لا نكتب لكي نترجم وحسب. إذا كان الكاتب يكتب ليترجم فهذا يعني أنّه لم ينجح أصلا في لغته الأمّ. من وجهة نظري أرى أنّه بعد أن يصير الأدب أصيلا في لغته الأمّ يصبحُ قادرا على أن يترجم للغة أخرى.
من جهة أخرى التفكير بالترجمة ليست مسؤولية الكاتب. يكفي الكاتب أن يتحمل أعباء الكتابة، يجب أن تكون هنالك مؤسسات ثقافية حقيقية قادرة على تفنيد الأعمال، ودعم ما يستحق منها.
•• بعد أن أعاد القارئ العام قراءة العمل بعد مرور عقد من الزمان عليه.. كانت هنالك بعض وجهات النظر تُحاكم العمل بطريقة تُخرجه من دائرة السرد وتعامله معاملة الوثيقة؟
– أظن أن هذا التلقي مرتبط بالتكوين الثقافي للشعوب العربية عموما، حيث لا يوجد – في كثير من الأحيان – تصور واضح للأدب يفصله عن مستوى الوثيقة الاجتماعية أو السياسية أو الدينية.
•• الفوز قوّض العزلة، قوّض التنائي الذي لطالما كان خيارك؟
– اللاعب والممثل والمطرب يقوم بعمله مُحاطا بالضوء أمام الناس، ولذا فهو لا يستنكر الأضواء. أما الكاتب فهو على عكس ذلك. يكتب في جوٍ خاص من العزلة والفردية، ولذا من الصعب أن يُعرّض لكل الضوء الذي يقدمه بذخ الحضور الاعلامي. أظن صراحة أنّ ذلك يُناقض جوهر الكتابة. بالتأكيد لا يمكنني نكران إغواء الانزلاق الناعم والألاعيب النفسية التي تقدمها وسائل التواصل الاجتماعي خاصة، ولا أنتقد من يذهب إليها من الكتاب بإرادة تامّة، ولكني ببساطة لا أشعر بالإغواء. أنا مع كاواباتا القائل: «الشهرة تخترق حياة الكاتب وتصادرها على نحو غير إنساني».
•• تُرجمت الرواية إلى الإنجليزية من قِبل الأمريكية مارلين بوث وصدرت بعنوان مختلف «سلستيال باديز» ؟
– المترجمة مارلين بوث على درجة عالية من الدقة والتمكن، وهكذا ظهر في ترجمتها استيعاب روح العمل . أمّا الابتعاد عن ترجمة العنوان كما هو، فلأن الترجمة الحرفية لـ «سيدات القمر» تُعطي تصورات عن «نساء القمر» في الثقافة الغربية في القرن التاسع عشر وهي تصورات غير موجودة أصلا في الثقافة العربية. ولذا وبعد عناء تمّ الاتفاق على عنوان «أجرام سماوية».
•• عادة يشعر الكُتاب بعلاقة متوترة مع المترجمين لأنهم لا يتفقون على الكلمات أو المقاصد أو الخيانات – لو صح لنا قول ذلك ؟
– أنا أتفهم المترجم، له لغته ومساحته، له تصوراته الخاصة في اللغة الأخرى. وعلينا أن نتحلى بقدر من المرونة وهذا ما حصل بيننا حقا. وساعد على هذا انفتاح مارلين على النقاش؛ كنتُ على سبيل المثال أرسل لمترجمتي صور المندوس والفلج والحلوى التي تخص الثقافة العُمانية ولم يسبق لها رؤيتها من قبل، لكي تتصور كيف تبدو هذه الأشياء حقيقة.