توم كينت وهانز–هارالد مولر
ترجمة: ربيع ردمان – كاتب ومترجم يمني
«انقضى عهد البنيوية» وأما علم السَّرد narratology فما انفكَّ، منذ الأُفُول المحتوم لمرحلة النظرية الأدبية التي صاغتْ أساسه، يُغْمَر بالاقتراحات بصورة مستمرة لتغيير اتجاهه أو حتى لتحويل نموذجه المعرفي بالكامل(1). وبصرف النظر عما يظهر في بيانات manifestoes علم السَّرد «الجديد» من اختلافات واضحة في منظوراتها، إلا أنها تنطوي على مواطن ضعف مشتركة في التأسيس الجدالي. إذ تفترض جميعها بدون استثناء تقريبًا أن ما يقتضيه وضع أساس برنامج بحثي جديد في ظل الاسم القديم «علم السَّرد» هو فقط تحديد نطاق موضوع النظرية ذات الصلة من خلال مصطلح «السَّرد»، ومن ثم تحديد الأهداف التي من المفترض تحقيقها بواسطة تلك النظرية. لكن، فيما نتصور، لا يمكن تقديم تحديد مقنع لعلم السَّرد إلا بتجاوز مسألة نطاق موضوعه وإيلاء عنايةٍ خاصة بمسألةٍ من النادر حتى اليوم أن جرى التَّطرق إليها، ناهيك عن معالجتها بطريقة منهجية، ألا وهي مسألة علاقة النظرية السَّردية بغيرها من مجالات النظرية الأدبية التي قد تماثلها أو تجاورها.
تستكشف ورقتنا هذه المسألة متخذةً من علاقة النظرية السَّردية بنظرية التأويل نموذجًا لها. سوف نسجّل تأملاتنا حول الموضوع عقب قيامنا بالتفسير المنهجي للمفاهيم، محاولين تحديد المصطلحات بقدرٍ أكبر من الدقة في ضوء استخداماتها السابقة(2). والغاية من فحص بعض تعريفات علم السَّرد المقبولة بشكلٍ عام أن نتوصَّل إلى تشخيصٍ أكثر تحديدًا لموقعه في الدراسات الأدبية. سنقوم أولًا بفحص الاختلافات النوعية التي تقتضيها المجالات الفيلولوجية بين النظرية السَّردية ونظرية التأويل؛ فنقدِّم أولا بنقدٍ موجز لهذه الاختلافات يعقبه نقاش مستفيض لوجهة نظر معينة حول العلاقة بين التفسيرين اللذينِ يقدمهما كلٌّ من علم السَّرد ونظرية التأويل.
1- علم السَّرد والتأويل
بعد استعراض النقاش الدائر حول وضع علم السَّرد قمنا بفحص ما يلي: (أ) ما إذا كان يُعتبر الإسهامُ في تأويل النصوص الأدبية -على أيّ نحوٍ جرى– مهمةً ملائمة لعلم السَّرد، (ب) ما طبيعة العلاقة بين علم السَّرد والتأويل إن كان قد تم تحديد أيّ شكل من أشكال هذه العلاقة. وبصورة عامة، تلوح أمامنا طريقتان أساسيتان لتوصيف العلاقة بين النظرية السَّردية ونظرية التأويل. هناك رأي من النادر مصادفته في الوقت الحاضر مفاده أن علم السَّرد لا يهتم بتفسير النصوص الفردية وإنما يعنى بتحديد الخصائص العامة للسَّرد. ويؤيد جيرالد برنس هذا التأكيد على استقلالية علم السَّرد، فكثيرا ما حذَّر من النظر إلى البحث في موضوع السَّرد على أنه مجرد أداة تأويلية: «أثبت علمُ السَّرد أنه شريك مُهمّ في معارضة وجهة النظر التي تعتبر مهمة الدراسات الأدبية في المقام الأول هي تأويل النصوص»(3). وفي إطار هذا الفهم للنظرية السَّردية، قدَّمتْ نيلي ديينجوت Nilli Diengott صياغةً أكثر وضوحًا في معرض ردها على اقتراح سوزان لانسر بالدَّمج بين علم السَّرد والنِّسوية. تعتبر ديينجوت النظرية السَّردية جزءا من منهجية الشعرية، ومن ثم تَحْكُم على فكرة لانسر أنها خطأ تصنيفي: «ينصبُّ اهتمام لانسر على التأويل، لكن علم السَّرد عملية مختلفة تمامًا»(4). غير أن هناك رأيًا أكثر شيوعًا في الدراسات الأدبية مفاده أن الإسهام في تأويل النصوص من الإمكانيات التي تنطوي عليها النظرية السَّردية أو حتى من مهامها الجوهرية. ومع ذلك، فأَنصار هذا الرأي لا يصِلون إلى اتفاق حول التحديد الدقيق لطبيعة مساهمة علم السَّرد –الفعلية أو المحتملة– في تأويل الأعمال الأدبية.
وفيما يخص هذه المسألة أيضا، يمكن التمييز بين موقفين أساسيين. أولًا، هناك رأي يعتبر علم السَّرد مقاربةً تأويلية قائمةً بذاتها أو على الأقل بإمكانه أن يغدو كذلك؛ ثانيا، توجد فكرة تقول إن النظرية السَّردية هي نوع من المجالات المساعدة في خدمة نظرية التأويل. يتجلَّى الرأي الأول في العديد من المساهمات المعاصرة التي تنحو منحى علم السَّرد السِّياقي. ومن بين الأمثلة التي تتبادر إلى الذهن علم السَّرد النسوي لسوزان لانسر المذكور أعلاه، أو مشروع أنسجار نوننج Ansgar Nünning لعلم سرد يدمج التاريخي بالثقافي(5)، أو مشروع علم السَّرد المعرفي الذي وضعه ورسم أبعاده بصورة أولية كلٌّ من مانفريد يان Manfred Jahn وديفيد هيرمان(David Herman (6. ومع أن هذه المقاربات قد تفتقر إلى التجانس فيما بينها غير أنها تنطلق من اعتقاد مشترك يجمعها وهو أنه لا يتوجب على النظرية السَّردية أن تقصر اهتمامها على النصوص نفسها، وإنما ينبغي أيضا أن تأخذ في الحسبان سياقاتها، كما يتعين عليها في الوقت نفسه أن تخطو بدراسة الأدب إلى مدى أبعد فتنتقل به من التحليل البنيوي إلى التحليل الوظيفي(7). وما يظهر كقاعدةٍ عامة في هذه المقاربات السِّياقية لعلم السَّرد أنها تُحْجِم عن تناول ما تنطوي عليه من علاقات تصلها بالمقاربات التأويلية الأخرى أو بأية نظرية عامة في التأويل.
أما الموقف الثاني، فتبعًا لما هو متوقع من النظرية السَّردية أن تسهم في تأويل النص دون أن تقدّم قراءةً كليةً له، فإنه يتعين عليها أيضًا أن تعمل على تحليله بشكلٍ فاحص، بالنظر إلى التنوع الكبير في الوظائف المعزوة لعلم السَّرد الذي صُمِّم كمجال مساعد في تأويل النصوص. وضمن الموقف الثاني يمكن أيضا التمييز بين موقفين فرعيين أو فريقين، فالفريق الأول يرى أنه ليس في وسع علم السَّرد أن يقدّم قراءةً كليّةً للنصوص لكنه يستطيع مع ذلك أن يقدِّم نوعا من التفسير الأولي الذي يمكن من خلاله أيضا بلورة معايير لتقييم التأويلات بقدرٍ أكبر من التفصيل. وقد صاغ هذا الموقفَ صياغةً حاسمةً أمبيرتو إيكو، فطالما أظهر أنه بالإمكان استخدام أية نظرية سردية عملية في تحديد مقاصد النص السَّردي ومن ثم إرساء أساس لتقييم تأويلات ذلك النص(8). في حين يرى الفريق الثاني أن علم السَّرد ليس نظريةً في التأويل بل هو بمنزلة أداة استكشاف للتأويل. ويرى مؤيدو هذا الرأي أن التأويلات لا تُسْتَمدُّ من النظرية السَّردية ولا يتمّ دحضها عن طريقها؛ فالتحليل الذي يتوفّر عليه علم السَّرد لا يمكنه أن يُقدِّم في أفضل الأحوال سوى جوانب مرجعية لتحفيز التأويلات وبنائها وأشْكَلَتها problematizing. ويعبر عن رأي هذا الفريق المقاربة السَّرديةلـ»البنيوية المصغّرة» التي تجسّدها أعمال فرانز شتانزل وجيرار جينت، وهي المقاربة التي هيّمنتْ على نقاش النظرية السَّردية على مدار سنوات عديدة(9). ويؤكد شتانزل مجددًا في مقدمة مقالات له نُشِرتْ منذ وقتٍ قريب أن الهدف من إسهاماته في علم السَّرد كان دائما «تقديم المفاهيم والنظريات التي ثبتت نجاعتها بوصفها «أدوات استكشاف» للتعامل مع أعمال محددة، وذلك بتمكين القارئ من إنجاز الأفكار التي ما كان لها أن تتحقق […] بدون تلك الأدوات النظرية»(10). كما يميز جينت في كتابه «خطاب الحكاية» المقاربة نفسها باختصارٍ مفيد بوصفها «إجراء للاكتشاف، وطريقة للوصف»(11).
وتلخيصا لما ذُكر أعلاه، من الممكن التمييز بين أربعة مفاهيم لطبيعة علم السَّرد ومهامه التي يمكن توصيفها تباعا: المفهوم الاستقلالي autonomist، والسياقي contextualist، والتأسيسي foundationalist، والاستكشافي heuristic.
2- ضد مفاهيم علم السَّرد الاستقلالي والسِّياقي والتأسيسي
قبل أن نتحول إلى إمعان النظر في مفهوم علم السَّرد بوصفه مفهومًا استكشافيًا للتأويل، لا بد لنا أن نبيِّن بإيجاز لماذا أحجمنا عن مناقشة المفاهيم الثلاثة الأخرى لتوضيح العلاقة بين علم السَّرد والتأويل. وما يدفعنا إلى إغفال المفهوم الاستقلالي لعلم السَّرد المنبثق عن «البنيوية الرفيعة» ليس له تعلُّق بمكانته الهامشية في النقاش الدائر حول مستقبل النظرية السَّردية، وإنما يرجع في الأساس إلى موقف المفهوم الاستقلالي من العلاقة بين علم السَّرد والتأويل فإمّا أنه غير متوافق بشكلٍ مطلق مع تحديدنا الخاص لتلك العلاقة أو أنه متوافق معه. وتذهب النزعة الاستقلالية autonomism، في نسختها الراديكالية، إلى الفصل المطلق بين علم السَّرد والتأويل –وهو ما يتعارض في تقديرنا مع ما تعتبره الأوساط العلمية المعنية بالنصوص الأدبية من الأمور البديهية. يتبنى المعتدلون في المعسكر «الاستقلالي» الرأي ذاته؛ فهم يصرون فقط على أن علم السَّرد يجب ألا يُختزل إلى مرتبة فرع مساعد في خدمة التأويل– وهو مطلب يتوافق مع وجهة نظر النظرية السَّردية بوصفها أداة استكشاف للتأويل.
لا ريب أن الأسباب الباعثة على تجاهل المفهوم «الاستقلالي» لعلم السَّرد تبدو واضحةً أكثر من تلك الداعية إلى إغفال تناول وجهات نظر المفهومين السياقي والتأسيسي؛ فالأخيران لم يتمتعا فحسب بشعبية متزايدة في النقاشات التي دارت مؤخرا، بل يعارضان أيضا إضفاء طابع وظيفي استكشافي مَحْض على الجهاز المفاهيمي للنظرية السَّردية. غير أنه يتعين علينا، فيما يخصنا الآن، أن نحصر أنفسنا في الحديث بإيجاز عن مشكلات علم السَّرد الذي صُمِّم كأداة لمساعدة مستخدميه على التوصُّل إلى التأويلات المعقدة للنصوص أو على الأقل إلى تأويلاتها الأساسية.
إن الهدف الذي يرمي إليه دُعَاةُ علم السَّرد السِّياقي هو تأويل النصوص في إطار سياقها التاريخي والثقافي. وينطلق هؤلاء من الوعي بأن تحقيق هذا الهدف لا يمكن أن يتم بالاعتماد فقط على الأدوات التقليدية التي قدمتها النظرية السَّردية البنيوية. لكن، هل من الممكن أن يكون حلُّ هذه المشكلة في توسيع نطاق علم السَّرد ووصله بنظرية التأويل؟ حتى الآن لم يجب دعاة النزعة السياقية contextualism عن هذا السؤال أو حتى يسعون إلى طرحه. إن مدّ نطاق النظرية السَّردية سوف ينجم عنه عدد من المشكلات، فهو لا يولي اعتبارا للاختلافات الإبستمولوجية التي يمكن تقديرها بديهيا بين طريقتي كلِّ من علم السَّرد ونظرية التأويل في معالجة النصوص الأدبية(12). كما أن توسيع النظرية السَّردية بحيث تشمل تأويل النص وكتابة التاريخ الأدبي يثير مسألة إشكالية أيضا وهي أن هذا سَيُثْقِل كاهل النظرية السَّردية بكلّ القضايا الشائكة التي كانت تُواجه في العادة التأويل وعلم التاريخ الأدبي(13). وإذ نضع ذلك في الاعتبار، فمن اللافت للانتباه أن الاقتراحات المنتظمة في علم السَّرد السياقي تتطور باستمرار بيد أنه من النادر أن تم تطبيقها؛ فعلى المستوى العملي يظهر أن التحليل السياقي للسَّرد اقتصر على استخدام مصطلحات علم السَّرد الكلاسيكي في السياقات التأويلية، وإجراء كهذا لا يكشف عن مفهوم جديد لعلم السَّرد وإنما يُجسِّد فحسب الاستعمالات الاستكشافية في المقاربة القديمة(14).
ينطبق النقد الموجَّه إلى المقاربة السياقية بشكلٍ مثالي على نظيرتها التأسيسية. وتنطلق الأخيرة من ملاحظة مؤداها أن التحليلات السَّردية يمكن أن تُفهم –كقاعدة عامة– «بطريقةٍ تفاعل الذوات» intersubjectively، ومن ثم فهي توفِّر درجة مقبولة من المرجعية عموما للتأويل الأكاديمي للنصوص. وانطلاقًا من هذه الملاحظة فإنّ التأسيسية تواصل هدفها لتطوير علم السَّرد لكي يغدو مقاربةً قادرة على تنسيق تأويلات النصوص وتقييمها. غير أن محاولات وضع المشروع التأسيسي موضع التطبيق قد لفتت الانتباه إلى معضلة أساسية للغاية؛ إذا أُرِيد للنظرية السَّردية أن تلعب أيّ نوع من أنواع الوظائف في تقييم التأويلات، فلا بد من مدّ نطاقها لتشمل مفاهيم أخرى مثل مفهوم «القصد النصي» أو «المؤلف الضمني». ومدّ نطاق النظرية على هذا النحو بنتائجه غير الملائمة في ضوء نظرية التأويل سوف يُجرِّد علم السَّرد من ميزته كطرفٍ غير إشكالي في مرجعيته للتأويلات بمنظوراتها المختلفة. وبعبارة أخرى، إن ميزة الفهم القائم على «تفاعل الذوات» intersubjective سوف تُفقد عند محاولة تطبيق علم السَّرد التأسيسي في ميدان التأويل(15).
3- علم السَّرد بوصفه أداة استكشاف
إن مواطن الضعف في المخطط النظري لتلك المفاهيم الثلاثة لربط النظرية السَّردية بنظرية التأويل ليستْ الحافز الوحيد لميلنا إلى التركيز على المفهوم الاستكشافي لعلم السَّرد. وهناك حافز آخر يسوِّغ هذا التركيز هو التفاوت الواضح بين الانتشار الواسع لعلم السَّرد بوصفه أداة استكشاف وقلة ما كُرِّس تجاهه من اهتمام نظري منهجي. وعلى الرغم من استخدام علم السَّرد بوصفه كيانًا ناجزًا في الدراسات الأدبية كلغة وصف ومساعد على الاستكشاف، فإنه قلَّما حظي بالاعتراف بوجوده في النقاشات النظرية الأكثر تقدمًا للعلاقة بين الوصف والتأويل. وإذا ما أُريد استخدام مفاهيم علم السَّرد وأوصافه في مجالات تتجاوز مجرد كونها أساسًا مخصصا للتأويل الأكاديمي للنصوص الأدبية، فإنه يتعين أن نحدد الصيغة التي يجب أن تكون عليها تلك المفاهيم. وبعبارة أخرى، ينبغي أن يكون الهدف هو تحديد المقتضيات الخاصة التي يجب أن يتوفَّر عليها علم السَّرد بوصفه أداة استكشاف للتأويل، بالإضافة إلى تحديد مجموعة من المعايير العامة التي لا بد أن يتقيد بها باعتباره لغة وصفية علمية (من هذه المقتضيات، مثلا، أن تكون المفاهيم واضحة وقابلة للتطبيق بيسر، وأن تُستخدم بطريقة مقتصدة وخالية من التناقض)(16).
يبرز من بين هذه المقتضيات مقتضى أساس ويمكن بسهولة صوغه بعبارات عامة. يجب أن يُبنى الجهاز المفاهيمي بطريقةٍ تجعله متساوقًا مع طيفٍ واسع من التوجهات التأويلية، فيغدو قابلًا للاستخدام على حدٍ سواء من قبل دُعاة البنيوية، والقصدية intentionalism، ونظرية التلقي، والنسوية وغيرها من المقاربات الأكاديمية المعنية بتأويل النصوص الأدبية. وللوقوف على الآثار المترتبة عن هذا المقتضى، يتعين علينا أن نستذكر الخصائص البنيوية الجوهرية للنظريات التي يقوم عليها التأويل الأدبي.
تتألف نظريات التأويل بوجهٍ عام، فيما نتصور، من عنصرين أساسيين: «تصوُّر المعنى» الذي يحدّد نوع المعنى المقصود، و«تصوُّر التأويل» أيْ مجموعة من الافتراضات والقواعد المتعلقة بالكيفية التي يمكن بها تحديد هذا المعنى. فاختيار تصوُّر محدَّد للمعنى لا يُنظر إليه باعتباره خطوةً يمكن الدفاع عنها من الناحية المعرفية المحضة، بل باعتباره قرارا يستند إلى الأهداف والقيم التي يحتكم إليها المُؤَوِّل المعني بالأمر، أي بناء على وجهات نظره/ها فيما يتعلق بمفهوم الفن، وبنية اللغة، والهدف من البحث الأكاديمي، وما إلى ذلك(17). إن اختيار تصوُّر للمعنى وفق معايير محددة يُقدِّم إرشادات عامة لبنية تصوُّر التأويل، لكنه لا يُحدِّد كل تفصيلٍ في تلك البنية بصورة مسبقة(18).
لقد صار بوسعنا الآن، بعد هذه الإيضاحات التمهيدية، أن نتوصّل إلى صياغة أكثر ضبطًا للشروط التي ينبغي أن تتوفر عليها أية نظرية سردية بإمكانها أن تعمل كأداة استكشاف للتأويل. ويمكن إجمال الشرط الرئيس على النحو التالي: ينبغي أن تكون مفاهيم النظرية السَّردية «محايدةً» حيال نظرية التأويل، وذلك ليظل استخدامها مستقلًا عن اختيار مقاربة تأويلية عملية؛ وبمعنى آخر لكيلا ينطوي استخدام النظرية السَّردية على قرار باعتماد تصوُّر محدَّد للمعنى.
وتوخيًا للإيضاح، نود أن نسجل ملاحظتين إضافيتين حول مطلب «الحياد». أولا، من الواضح أن أيّ مناقشة طموحة إلى حدٍ ما للنصوص (ومن ثم أيّ تحليل سردي) تقوم على «التأويل» بمعناه الأساسي المجرّد، لا بمعنى الصيغة المعروفة للتأويل على نحو ما يمارسها دارسو الأدب(19). إن الغرض من مطلب الحياد هو تعيين نطاق التحليل النصي الذي قد يُنظر إلى عملياته على أنها متميِّزة عن ذلك النمط الخاص من التأويل، كما يظهر في المقاربات التأويلية التي ارتبطت بالبنيوية أو القصدية أو نظرية التلقي أو النِّسوية(20). ثانيا، نود أن نوضِّح ذلك بجلاءٍ تام أن معيار الحياد حيال نظرية التأويل لا يُقصد منه في المقام الأول أن يكون مجرد وسيلة لتحديد ما إذا كانت المفاهيم المستخدمة في دراسات السرد «سرديةً» حقًا بالمعنى الضيق للمصطلح أم لا. فالغرض الحقيقي من المعيار هو تحديد خصائص الإطار لتوضيح المفاهيم السَّردية الحاليّة.
غير أن معيار الحياد إزاء نظرية التأويل ليس الشرط الوحيد المحدّد للكفاءة الذي يجب الالتزام به وتحقيقه من خلال علم سرد قادر على النهوض بأهدافه الاستكشافية. وفي حين أن هذا المعيار يحقق إمكانية تطويع مفاهيم النظرية السَّردية لطائفة واسعة من المقاربات التأويلية، فمن الواضح أنه لا يفي بالغرض لتحديد النطاقات لصياغة نظرية علم السَّرد لاستخدامه كأداة استكشاف. ومن الممكن، بأدنى مستوى من المجهود، بناء علم سَرْد يلبي شرط الحياد الذي يتضمن أولا، مفاهيم ليس لها ارتباط بأي من التصورات الشائعة للسَّرد(21)، ويركِّز ثانيا، على السمات النصية التي تفتقر إلى كل ما هو وثيق الصلة بالتأويل(22). وكما يلاحظ توماس بافل Thomas Pavel، فـ«قيمة الاستكشاف بمفردها هي بمنزلة محاججة ضعيفة حين يجرى اعتمادها كنسق رسمي في العلوم الإنسانية»(23). ولذلك، فالأمر يقتضي صياغة شرط محدد إضافي يضمن أن الجوانب التي يتعيّن دراستها بمساعدة علم السَّرد تكون من الخصائص المميِّزة للنصوص السَّردية ويُحتمل أن تكون ذات صلة بتأويلها. ومن الطرق التي يمكن من خلالها الوفاء بهذا الشرط، تفسير مفهوم «الخصائص السَّردية» Narrativity الذي قد تقام على أساسه مناقشة مقاربات علم السَّرد. ومع ذلك، فمن المحتمل بسبب السِّجال الذي لا يكاد ينتهي حول مسألة «الخصائص السَّردية» أن يكون هذا الإجراء غير مثمر(24). وعوضًا عن ذلك، فالفكرة التي تقول إن علم السَّرد لا بد أن يركز على ملامح النصوص السَّردية التي لها علاقة محتملة بالتأويل هي فكرةٌ قابلة للتطبيق بطريقة بسيطة إلى حدٍ كبير وستنجح على الأرجح، وذلك من خلال إرساء المبدأ التالي: على النظرية السَّردية أن تولي عناية كبيرة بتلك النماذج والمفاهيم ذات الصلة بتوصيف النصوص السَّردية التي جرى تطويرها منذ القرن التاسع عشر في مجالات الشعرية والبلاغة والتحليل المتخصص للنصوص الأدبية.
إن النقاش الدائر حول مستقبل النظرية السَّردية منذ ثمانينيات القرن العشرين صار يُلْمِح بوجهٍ عام إلى افتراضٍ موحٍ بواجب الاختيار بين بنيوية مقيَّدة بطريقةٍ دلالية semantically وسياقية مُتْرَعة بوعود تأويلية؛ أيْ الاختيار بين علم السَّرد الكلاسيكي وعلم السَّرد ما بعد الكلاسيكي(25). وهذا البديل، على نحو ما سعينا إلى إظهاره، يُغْفِل مفهوم النظرية السَّردية –أيْ فكرة علم السَّرد بوصفه أداة استكشاف للتأويل– وهي فكرة كان لها في الماضي أهمية عملية هائلة، ولا تزال في الواقع تحظى بهذه الأهمية. وقد حاولنا في هذا المقام توضيح مفهوم النظرية السَّردية بشكلٍ موجز من خلال وضع معيارين للكفاءة: يجب أن تكون مفاهيم علم السَّرد قابلة للاستخدام إلى جانب مقاربات التأويل المختلفة (معيار الحياد)، كما يتعين على النظرية في مجموعها أن تستقي منحاها الأساسي من المفاهيم ذات القيمة الاستكشافية التي أرست دعائمها النظرية السَّردية في القرن العشرين (معيار الاستمرارية).
الهوامش
الهوامش:
(1) انظر المسح العام الذي قام به تولّيفر Tolliver (1997)؛ وHerman (1999)؛ وFludernik (2000)؛ وNünning (2000)؛ وNünning and Nünning (2002).
(2) عن منهج تفسير المفاهيم انظر: كارناب Carnap (1950)؛ وPawlowski (1980)؛ وDanneberg (1988)؛ وMüller (1988).
(3) Prince (1995: 130). وفي هذا السياق، من المفيد أيضا أن نأخذ بعين الاعتبار مناقشة سيمور تشاتمان النقدية لمحاولة جوناثان كلر تفكيك آليات علم السَّرد. وحسب وصف تشاتمان، فإن إغفال التمييز الذي رسمته النظرية السَّردية بين المعاني والقيم ما هو إلا محاولة «لإعادة إدراج التأويل في علم السَّرد ومن ثم في الشعرية بصورة عامة»،Chatman(1988: 15).
(4) Diengott (1988: 49). وانظر أيضا: Lanser (1986)، (1988)؛ Prince (1996).
(5) انظر: Nünning (2000).
(6) على سبيل المثال، انظر: Jahn (1997)، (1999)؛ وHerman (2001).
(7) تقدم المقالات الواردة في الهامش رقم (1) أعلاه دليلًا عامًا على فيضان علوم السَّرد «الجديدة» التي غمرت الدراسات الأدبية منذ منتصف الثمانينيات. ويشير داربي Darby إلى هذه التطورات في النظرية السَّردية حين يتحدث عن تحول نحو علم السَّرد «الوظيفي»، انظر: Darby (2001). غير أن المصطلح العام «سياقي» الذي اقترحه تشاتمان يبدو الأكثر مناسبة، لأن السمة المميزة لهذه المقاربات الجديدة المختلفة لعلم السرد تقوم على المطالبة بإدراج السياق [ضمن التحليل]، وليس على الاهتمام بوظائف كل عنصر من عناصر النص. انظر: Chatman (1990b).
(8) انظر، على سبيل المثال، Eco (1987)، (1990)؛ وانظر أيضا: Chatman (1990a)، و Danto(1986).
(9) للتمييز بين البنيوية «الرفيعة» و»المصغرة»، انظر: Scholes (1979).
(10) Stanzel (2002: 19 – 20) [الطبعة الأصلية الألمانية]. وتوجد صياغة مماثلة لدور علم السَّرد في نهاية كتاب «النظرية السَّردية» لشتانزل، مصحوبا ببيان أن نسقه المكون من أشكال سردية فعلية وممكنة يمكن استخدامه أيضا لتحليل العمل السردي الفردي ومن ثم «يستخدم كإطار مرجعي مفاهيمي للنقد التطبيقي»، Stanzel (1986: 237).
(11) Genette (1980: 256).
(12) انظر: Kindt/Müller (2003b).
(13) بالطريقة ذاتها التي تتجاهل بها النزعة السياقية الاستعمالات الاستكشافية الممكنة لعلم السَّرد في التأويل، يبدو أيضا أنها تغض بصرها عما سبق أن ناقشه فعليا باستفاضة منظرو التأويل من مشكلات معقدة تعتبرها داخلة ضمن نطاق اختصاص النظرية السَّردية.
(14) لمناقشة هذا الأمر، انظر على سبيل المثال تعليقاتنا على مقالة داربي Darby (2001) في: Kindt/Müller (2003a).
(15) عن نقد «التأسيسية» foundationalism، انظر: Rorty (1994)؛ Kindt/Müller (1999)، و Müller (2000).
(16) لم تتطرق نظرية العلم حتى اليوم إلى معالجة هذا الموضوع إلا ضمن نقاش ضيق للغاية؛ فلم يتم بصورة موسعة استقصاء بنية الاستكشاف ووظيفته وتقييمه. توجد بعض الملاحظات حول التاريخ اللغوي والفكري للمفهوم في: von Matuschka (1974)، و Hartkopf (1987).
(17) انظر: Danneberg/Müller (1984a)، و Danneberg (1999).
(18) انظر: Danneberg/Müller (1984b).
(19) انظر: Kindt/Müller (2003b).
(20) هناك فكرة مشابهة لها للغاية عند: Slawinski (1975: 69)، وCurrie (1990: 105).
(21) على سبيل المثال، من الطبيعي أن المفاهيم المستقاة من دراسة وزن الألحان تفي أيضا بشرط الحياد فيما يخص نظرية التأويل.
(22) بهذا الخصوص، انظر: تعليقات دانبرج Danneberg (1996: 223).
(23) Pavel (1989: 103).
(24) انظر: مساهمات برنس Prince (1999)، وSternberg (2001)، وWolf (2002).
(25) فيما يتعلق بهذا التمييز، انظر: Herman (1997) و(1999).
المراجع:
Carnap، Rudolf
1950Logical Foundations of Probability (Chicago، New York: The University of Chicago Press).
Chatman، Seymour
1988“On Deconstructing Narratology،” in Style 22.1: 9–17.
1990a “What Can We Learn from a Contextualist Narratology?،” in Poetics Today 11: 309–28.
1990b Coming to Terms. The Rhetoric of Narrative in Fiction and Film (Ithaca، London: Cornell UP).
Currie، Gregory
1990The Nature of Fiction (Cambridge، New York: Cambridge UP).
Danneberg، Lutz
1988“Zwischen Innovation und Tradition: Begriffsbildung und Begriffsentwicklung als Explikation،” in Zur Terminologie der Literaturwissenschaft، edited by Christian Wagenknecht، 50–68 (Stuttgart: Metzler).
1996“Beschreibungen in den textinterpretierenden Wissenschaften،” in Betrachten – Beobachten – Beschreiben. Beschreibungen in den Natur- und Kulturwissenschaften، edited by Rüdiger Inhetveen and Rudolf Kötter، 193–224 (Munich: Fink).
1999“Zum Autorkonstrukt und zu einem methodologischen Konzept der Autorintention،” in Rückkehr des Autors. Zur Erneuerung eines umstrittenen Begriffs، edited by Fotis Jannidis et al.، 83–120 (Tübingen: Niemeyer).
Danneberg، Lutz / Müller، Hans-Harald
1984a “Wissenschaftstheorie، Hermeneutik، Literaturwissenschaft. Anmerkungen zu einem unterbliebenen und Beiträge zu einem künftigen Dialog über die Methodologie des Verstehens،” in Deutsche Vierteljahrsschrift für Literaturwissenschaft und Geistesgeschichte 58: 177–237.
1984b “On Justifying the Choice of Interpretive Theories. A Critical Examination of E. D. Hirsch’s Arguments in Favor of an Intentionalist Theory of Interpretation،” in Journal of Aesthetics and Art Criticism 43: 7–16.
Danto، Arthur C.
1986The Philosophical Disenfranchisement of Art (New York: Columbia UP).
Darby، David
2001“Form and Context: An Essay in the History of Narratology،” in Poetics Today 22: 829–52.
Diengott، Nilli
1988“Narratology and Feminism،” in Style 22: 42–51.
Eco، Umberto
1987 Lector in fabula. Die Mitarbeit der Interpretation in erzählenden Texten، translated by Heinz G. Held (Munich، Vienna: Hanser).
1990 The Limits of Interpretation (Bloomington: Indiana UP).
1992 Interpretation and Overinterpretation، with Richard Rorty، Jonathan Culler and Christine Brooke-Rose، edited by Stefan Collini (Cambridge، New York، Melbourne: Cambridge UP).
Fludernik، Monika
2000“Beyond Structuralism in Narratology: Recent Developments and New Horizons in Narrative Theory،” in Anglistik. Mitteilungen des Deutschen Anglistenverbandes11: 83–96.
Genette، Gérard
1980Narrative Discourse. An Essay in Method، translated by Jane E. Lewin (Ithaca، New York: Cornell UP).
Hartkopf، Werner
1987“Historischer Überbick über die Entwicklung der Heuristik،” in Dialektik – Heuristik – Logik. Nachgelassene Schriften von Werner Hartkopf، edited by Hermann Baum، 107–49 (Frankfurt/M.: Athenäum).
Herman، David
1997 “Scripts، Sequences، and Stories: Elements of a Postclassical Narratology،” in PMLA 112.5: 1046–59.
1999 “Introduction: Narratologies،” in Narratologies: New Perspectives on Narrative Analysis، edited by David Herman، 1–30 (Columbus: Ohio State UP).
2001“Narrative Theory and the Cognitive Sciences،” in Narrative Inquiry 11: 1–34.
Jahn، Manfred
1997 “Frames، Preferences، and the Reading of Third-Person Narrative: Towards a Cognitive Narratology،” in Poetics Today 18: 441–68.
1999 “‘Speak، friend، and enter’: Garden Paths، Artificial Intelligence، and Cognitive Narratology،” in Narratologies: New Perspectives in Narrative Analysis، edited by David Herman، 167–94 (Columbus: Ohio State UP).
Kindt، Tom / Müller، Hans-Harald
1999“Der ‘implizite Autor.’ Zur Explikation und Verwendung eines umstrittenen
Begriffs،” in Rückkehr des Autors. Zur Erneuerung eines umstrittenen Begriffs، edited by Fotis Jannidis et al.، 273–87 (Tübingen: Niemeyer).
2003a “Narratology and Interpretation: A Rejoinder to David Darby،” in Poetics Today، 24.3: 413–21.
2003b “Wieviel Interpretation enthalten Beschreibungen? Überlegungen zu einer umstrittenen Unterscheidung am Beispiel der Narratologie،” in Regeln der Bedeutung، edited by Fotis Jannidis et al. (Berlin، New York: de Gruyter) [forthcoming].
Lanser، Susan S.
1986“Toward a Feminist Narratology،” in Style 20: 341–63.
1988“Shifting the Paradigm: Feminism and Narratology،” in Style 22: 52–60.
von Matuschka، Michael
1974Heuristk. Geschichte des Wortes und der Versuche zur Entwicklung allgemeiner und spezieller Theorien von der Antike bis Kant (Düsseldorf: Diss.-Phil.).
Müller، Hans-Harald
1988“Probleme des Anwendungsbereichs eines Definitionsprogramms in der Literaturwissenschaft،” in Zur Terminologie der Literaturwissenschaft، edited by Christian Wagenknecht، 69–79 (Stuttgart: Metzler).
2000“Eco zwischen Autor und Text. Eine Kritik von Umberto Ecos Interpretationstheorie،” in Ecos Echos. Das Werk Umberto Ecos: Dimensionen، Rezeptionen، Kritiken، edited by Tom Kindt and Hans-Harald Müller، 135–48 (Munich: Fink).
Nünning، Ansgar
2000“Towards a Cultural and Historical Narratology: A Survey of Diachronic Approaches، Concepts، and Research Projects،” in Anglistentag 1999 in Mainz. Proceedings، edited by Bernhard Reitz and Sigrid Rieuwerts، 345–73 (Trier: Wissenschaftlicher Verlag Trier).
Nünning، Ansgar / Nünning، Vera
2002“Von der strukturalistischen Narratologie zur ‘postklassischen’ Erzähltheorie. Ein Überblick über neue Ansätze und Entwicklungstendenzen،” in Neue Ansätze in der Erzähltheorie، edited by Ansgar Nünning and Vera Nünning (Trier: Wissenschaftlicher Verlag Trier).
Pavel، Thomas G.
1989The Feud of Language. A History of Structuralist Thought، english version by Linda Jordan and Thomas G. Pavel (Oxford، New York: Blackwell).
Pawlowski، Tadeusz
1980Begriffsbildung und Definition (Berlin، New York: de Gruyter).
Prince، Gerald
1995“Narratology،” in The Cambridge History of Literary Criticism، Vol. 8: From Formalism to Poststructuralism، edited by Raman Selden، 110–30 (Cambridge: Cambridge UP).
1996“Narratology، Narratological Criticism and Gender،” in Fiction Updated: Theories in Fictionality، Narratology، and Poetics، edited by Calin-Andrei Mihailescu and Walid Harmaneh، 159–64 (Toronto، Buffalo: Toronto UP).
1999“Revisiting Narrativity،” in Transcending Boundaries: Narratology in Context، edited by Walter Grünzweig and Andreas Solbach، 43–51 (Tübingen: Narr) Scholes، Robert
1974Structuralism in Literature. An Introduction (London، New Haven: Yale UP).
Slawinski، Janusz
1975“Probleme der literaturwissenschaftlichen Terminologie،” in Literatur als System und Prozeß. Strukturalistische Aufsätze zur semantischen، kommunikativen، sozialen und historischen Dimension der Literatur، edited by Rolf Fieguth، 65–80 (Munich: Nymphenburger Verlagsbuchhandlung).
Stanzel، Franz K.
1986A Theory of Narrative، first paperback edition (Cambridge، New York، Melbourne: Cambridge UP).
2002“Eine Erzähltheorie für Leser،” in F.K.S.، Unterwegs. Erzähltheorie für Leser، 9–109 (Göttingen: Vandenhoeck & Ruprecht).
Sternberg، Meir
2001“How Narrativity Makes a Difference،” in Narrative 9: 115–22.
Tolliver، Joyce
1997 “From Labov and Waletzky to ‘Contextualist Narratology’: 1967-1997،” in Journal of Narrative and Life History 7: 53–60.
Wolf، Werner
2002“Das Problem der Narrativität in Literatur، bildender Kunst und Musik: Ein Beitrag zu einer intermedialen Erzähltheorie،” in Erzähltheorie transgenerisch، intermedial، interdisziplinär، edited by Vera Nünning and Ansgar Nünning، 23–104 (Trier: Wissenschaftlicher Verlag Trier).