نجاة علي
الخذلان
المدينةُ التي لم تتسعْ
لأحلامك
ظلتْ تطاردك في كل
مكان هاجرتَ إليه
قد أطفأت أنوارها الليلة
مبكرًا
-على غير عادتها-
كي تسمحَ لك
بالهروب سريعًا
سوف تعبر- إذن- الجسر
وحدك
هذه المرة
ويدك ملطخة
ببقايا حناني معك
في آخر مرة التقيتكَ
حيث جلسنا لساعات
-غير عابئين بالزمن-
في مطعم الحي الذي
تتوه فيه عمدًا
كنت أتأمل خطوط كفك
التي تؤلمك
وتوهج العينين اللتين
لا يفهم سرهما
أحد
لكنهما تقولان كل شيء
تخفيه
حين تردد اسمي بخذلان.
لذا سأقنعُ نفسي بأنك لستَ
سوى بحار بائس
لا وطن له
لا تجيدُ قراءة الحكايات
ولا الوجوه المنكسرة
ولا القصائد التي مزجتُها
بيأس يقبعُ بروحي.
لعلك لن تفهم أبدًا
أن الكراهيةَ بداية الشفاء
من الجرحِ.
عاطلون عن الحياة
لا يوجد هنا نهر
لتغتسل فيه روحي
من الألم
فأعود طفلةً
تلهو على ضفّتيه
بلا خوف.
تكتب الرسائل الطويلة
إلى أبيها
فلا يرد عليها أبدا.
لا يوجد هنا نهر
ولا بحارة قساة القلوب
يكسرون قلوب أبنائهم
ثم يصبحون بعدها
عاطلين عن الحياة
وعن كل شيء
ما عدا التسكع
بالقرب من بقع
تتسع في جسدي
لا يوجد هنا نهر
ولا سماء رحيمة
تنصت إليَّ.
هنا فقط ما يدل
على أنني إحدى المومياوات
التي استيقظت فجأة
وسط الأحياء
فجربت أن تقلد أصواتهم
في الضحك والغناء.
قسوة
لن أنشغل بطيفك الذي مرَّ
سريعًا من هنا
رغم أنني فعلت ما يكفي
لتنظيف البيت من الأشباح
لذا سأنتشي بالقسوة
وأنا أمحو اسمك
من كل الأساطير التي
سأرويها عني
وربما أتسلى بتمزيق
القصائد التي كتبتها لأجلك
وسأبتهج حين أدهن حوائط
البيت باللون الأبيض
ثم أردد في نفسي عبارة:
“إن الأيقونات الكاذبة
لا تصمدُ طويلا أمام الزمن”.
فهل تدرك أن هذا العدم
لا يثير رهبتي حقًّا؟!