راسم المدهون
1
فاجأتني
أضع الموعد الذهبيَ في الساعة الرملية
وأعرف
حين تغيب الشمس
تنام الساعات الرملية كأن لم تكن
وينام الموعد الذهبي
في سرير النسيان
سأغفو هنا
أقول ربما أفعل
أغفو وحيدا
كذئب عجوز في عاصفة ثلجية
هل أضعت مرايا الجليد؟
كنت أحدّق في البياض
وكانت صورتي ترتجُ
بيضاء
وترتجُ
والأرض ثابتة
وكنت أغفو وحيدا
كذئب عجوز
تمنيت ريحا
ولم تجئ الريح
قلت كيف تكون عاصفة ثلجية بلا ريح عاصفة؟
لا أعرف الآن
هل هذا البياض نهار
أم مرآة الثلج تعلن احتفالاتها؟
لا الموعد الذهبيُ ينهض من ساعة الرمل
ولا الساعة تنهض من نومها
سيمرُ طائر تائه
وسأزعم أنه نورس أضاع البحار
ويبحث في الليل الفضيّ
عن شجيرة ورد
ولا ورد
وتمرُ صورة امرأة
(لا نساء)
أتخيل صورة امرأة
وأنادي بأعلى الصوت
لا تنتبه
تمشي على مهلها نحو تل صغير من الرمل
يشبه ساعة رملية
وألمحها تدفن شيئا له رائحة العشاق
هل تراها تدفن موعدا ذهبيا
وتمضي لنوم طويل؟
2
تضع الشاعرة أصابعها في حروف القصيدة
وتنام ..
أنا رأيت نعاسها يدور
يطفىء الأقمار
واحدا واحدا
قلت سيدة تستقيل من أنوثتها فجأة
وتقشّرها ليلة ليلة
نعاسها يدور
هل غادر الشعراء؟
هبي أنني الآن أمشي وحيدا
في أزقة القصيدة
هل أقول لأبوابها غفت هناك
قبل الجملة الأخيرة؟
هبي أن لحنا ترجَل من جملته الموسيقية
وسألني عنك
ماذا أقول ؟
أأقول غفت؟
تركت أصابعها تنام في القصيدة هكذا
ومضت تطفئ الأقمار
واحدا
واحدا
واستقالت من أنوثتها فجأة؟
لا كلام يليق بفاكهة لا تهبُ في مواسمها
لا ريح تليق بنوافذ مغلقة
قلت تنام شهرزاد في أسطوانتها
واعتذرت من شاعر الجدارية
أنا لا أنام هناك
سريري ليس في الكلام
رأيت حلما من ورق الأشجار
تبعته عاليا
وتسلَقت الأغصان
سألت العصافير الصغيرة
كانت ترمقني قليلا
تحكُ مناقيرها
وتتركني صامتة
أتعرف العصافير الصغيرة
أن شاعرة تركت أصابعها تنام في القصيدة
في رابعة النهار
وتتركني ساهرا هكذا؟
دعي الريح تدحرج الكلام من أعاليه
دعي أسطوانة تنامين فيها تدور
سأعفو عن النعاس
آخذه من ضواحي عينيك إلى الحلم
قولي لشهرزاد أن تنام
لا أريد راوية الحكايات أن تقصَ حكايتنا
أنا أخاف كلام النساء الغيورات
أحلم أن تنهضي أنت
أن تصعدي درج السماء بالأقمار
أن تعلقيها هناك
واحدا
واحدا
سأقول غفت ليلة تقارب دهرا
ولم أزل أراها
تعلّق أقمار قصيدتنا في أعالي السهر
هل غفت ؟
سكوت
يعود المغنون من أغنياتهم متعبين
يعلقون ناياتهم وكمنجاتهم على جدار اللهاث
ويعود الشعراء واحدا واحدا
من حرائق الشعر
لم أكن بينهم
كنت أرسم فاكهة تليق بسيدة الأرض
لم تتذوقها امرأة
أراها بعيني عاشق
وأقول حامضة
وأرسمها مرَة أخرى
وأقول لا ضوء فيها
فأنا أريد فاكهة يتململ الضوء في عروقها
كي تضيء يديك
أرسمها إذن من جديد
وحين يعود الشعراء
واحدا واحدا
من حرائق الشعر
سألقي عليك سلام المرايا
وأدعوك لفاكهة النار
لا تطلع الريح من الأشجار
تطلع من مرايا تمور بطيف امرأة
تراها الريح فتشهق
هل أنت كريمة الأشجار والريح؟
ابنة القصائد البرّية
والأقحوان؟
دعي المغنين يطلقون أغنياتهم
وينامون
والشعراء
دعيهم يترجلون من قصائدهم
وينامون
أنا لا أنام
تمرُالدهور بي
وتمرُ النساء
فأغض البصر والقصائد عنهن
وأرسم فاكهة تليق بامرأة
يتململ الضوء في عروقها
وتنام في المرايا
قولي لمرايا الريح أن تطلق النساء
من ألف عام
سأرمقهنَ بعين الشر والعشق
وأقول أنا أنتظر امرأة
من اللغة المستحيلة
رأيتها في أقاصي الحلم
فانتبهت
قلت سيدة الأرض
كريمة المحتدين
مرايا النساء
ونساء القصائد
هل أنت فاكهة العمر والكلام البهيّ؟
سأرسم روحك في دفتر الشعر
وأغفو قليلا
لأرى الريح
زرقاء
زرقاء
زرقاء
لا صباح يشبهك
لا مساء
ولا فاكهة تحملها الأشجار
أنت سيدة الأرض
وأنا سيد العاشقين
فانهضي من سرير السكوت .