عينان باتساع السماء
قضى الكثير من لياليه في المعادلات
الهندسية
يصنع الأمكنة في أرقام ورموز.
… وحين كان يدخل سريره
بعد أن يغلق أبواب المباني في أوراقه
ونوافذها
خوفا من الطيور واللصوص
كان الحلم يتكرر:
يرى نفسه
يسقط في فراغ لامتناه
وما من حجر يتشبث به!
ذات صباح
أعد فنجان قهوته
وجلس قبالة النافذة المطلة على
ناطحات السحاب
طفل حزين
لم تعد تدهشه
ألعابه القديمة.
أغمض عينيه
وشرد بعيدا…
رأى بيتا صغيرا
نافذتاه عينان باتساع السماء
بابه ضحكة ملونة.
ارتعشت روحه.
عصفور
حط على رموشه
ليتأمل الحديقة المشمسة
ليطمئن على الزهور
بعد كل هذا المطر!
يوم أزرق
نافذتها الصغيرة
مواربة
على يوم أزرق.
تحب هذا اللون.
اختارت العصفور
لحفته
لبساطته
لأنه روح حرة
الجنس
في سريرها
محيط شاسع، نحيف، مجهول.
هذا الولد الذي يتنقل بين السطور
كفراشة
يعيد الى ذاكرتها
ابن حزم
وهو يلاحق جاريته
بين القناطر
طيف حرير وألوان.
مثلها
يحب الجلوس في المقاهي
برفقة فنجان
و جريدة
وظل وحيد.
ركوة الليل باردة.
في المجمرة، نامت النجوم
أوراقه التي تطبعها
وترقمها بالأزرق
لا تقول
سوى أنهما وحيدان
وحيدان جدا في العالم
وأن الحنان
أشبه بمعطف على مقعد
يتوسل أي آخر
البرد، الريح، البعيد في غربة ما-
أن يرتديه.
الصباح منفضة
تطير في فراغ عصافيرها.
يبدو أن القمر
دخن طيلة أرقه
في المرآة!
ثمة ملاك
في زاوية الشاشة
يبتسم
برقة شخوص الكارتون.
لم يضع عمره هدرا.
تعارفا.
سوزان عليوان (شاعرة من لبنان)