»فاننا نحن بنو أمس ولا علم لنا/ إنما أيامنا ظل على الأرض«
(سفر أيوب 8: 9)
1 – مرايا
1
لم تغط المرايا
بأغطية بيض
عند رحيله
خشية ألا ترحل معه, قالوا
خشية أن يضل الطريق, قالت
2
صورته,
بالقلبق الفرو,
جعلتها قبالة الأريكة
المطمئنة الى مخملها النبيذي القديم,
لكي تحادثه,
أحيانا,
بين التكايا المطرزة برفق,
وهي ترفو قمصانه
ومناديله الناصعة
وسأم اليوم الذي
كان يوما
ذات يوم
3
ذاك
أن وحده العابر
المدرك عبوره
يريد أن يبقى
ها هنا,
حيث الزوال
4
جلبة بيضاء
كما في نومه الجراحي
جلبة بيضاء
كما تناهت إلينا,
أمس فقط,
من سهوه المتمادي بين عبارتين,
في منتصف عبارة واحدة,
بين صمت طويل وصمت طويل
5
خذ معطفه
وقبعته
وعصاه,
أشياء أمسه,
خذ حيرة عينيه
ورقة يديه
خذ الألم الذي لم يبرح جسمه,
واحرص,
أن تطرق بابي,
كل يوم,
ذات يوم
6
جفت عيناي
لفرط ما أبصرتا جفافا
جفت عيناي
7
كل
هذا
جفاف
قالت:
8
هات الصور من الخزانة
واجلس بقربي
واحك لي
ما كان
ذات يوم
9
ثم
أعدها, تلك الصور,
الى الخزانة
واحفظها بين أثوابي وقمصاني وغلالاتي
ومناديلي
واذهب, إذا شئت,
واغلق الباب وراءك,
أو ابق, ان شئت, بقربي
أريد الآن أن أنام
قالت:
01
لم أكن هنا,
أو هناك,
مجرد صور لما أردت أن أكون,
لما أراد, هو, أن أكون
لما لم نكن, نحن
ذات يوم
11
ذاك,
أن, وحده, العابر
إذ يدرك عبوره,
يريد أن يبقى
قالت:
2 – (. . . خزانة)
هذه السترة,
هذا القميص,
هذه القبعة,
هذا المعطف,
هذه المنشفة,
هذا المغلف,
هذه المفكرة,
هذا القلم,
هذه المحبرة,
هذا الجراب,
هذه الورقة,
هذا السروال,
هذه الرسالة,
هذا اللاشيء,
هذا المفتاح,
هذه الصورة
. . . الخ
لا نبالي بأعوام طويلة,
لأعوام طويلة,
فقط لا نبالي,
لأننا نعلم
إنها هناك,
تبقى
إن رحلنا
عندما نرحل
بعد أن نرحل
أمس
كأن صدى
يتردد في صوتي
وما عشت
كان ذكريات
كأن أثرا
تلك الخطى التي مشيت
محوا
تلك الدروب
حياة
أمس كانت
وبقيت
في أمس
لم أدر
أكان ذاك سهوا
في نظرتي الكابية
أم وجها قديما
لا أراه الآن
بل أحياه مثل ذكرى
لم أدر
أكان ذاك شحوبا
في الوجوه التي أرى
أم هو النور الواهن
في عيني
لم أدر كم أقمت على الجدار
قبالة الكنبات التي هرمت في
مخملها النبيذي
ولم أدر كم أقاموا
قبالتي
في أمسيات ساكنة
حين جعلوا لي حياتين
لما أقمت بينهم
– لبعض الوقت –
ولما غادرتهم
حياة
ها هنا
أقضيها مثل ذكرى
وحياة
هناك
للذكرى
بسام حجار شاعر ومترجم من لبنان