أنت هي تلك الأنثى أنت هي تلك الأنثىيا فراشة روحي. هناك عشب مجنون. هناك ليل بأجنحة. هناك مطبخ عبثي للكلام. هناك زليخا ويوسف والبئر المهجورة. هناك بشر كثيرون في شارع أكسفورد. هناك أمي التي أغمضت عينيها على سعادتي المتخيلة. «يُمه» لن يكون في إمكاني أن أقولها يعد اليوم. كانت حياتها مناسبة لارتكاب ما أشاء من الأخطاء النحوية. كان وجودها يسمح بالتعثر البلاغي إذ يشعر المرء بحريته وهو يتعلم فن المشي. لم نكن اثنين يومها. يدها في يدي وفي عيني زهرة تضحك. لم أكن يائسا. توهمت أن الموت سيهبنا واحدة من مفاجآته المدهشة. أن نظل أحياء إلى أن نقرر ما يمكن أن يليق في أن يكون نهاية لتلك الحياة بالطريقة التي نختارها. بطريقة أو بأخرى لم يتأخر الموت عن إبلاغنا أن ذلك ليس هو الحل الذي ينسجم مع دورة الفلك. فكرة أن أراك في المرآة هي معجزة شخصية، بالرغم من إن الله يقف وراءها. لقد خلقك الله من مواد مختلفة. لست ترابية بكل تأكيد. هناك الكثير من النار في شفتيك. هناك الكثير من الماء في عينيك. هناك الكثير من الهواء تحت بشرتك. سيكون الوصف محاولة لإخراج الأنثى من المعطف الاجتماعي. لن تسمع صوتا يقول لك «أين كنت من قبل؟» هناك أنثى من طراز مختلف.أنت هي تلك الأنثى.سأحدثك عن تلك الأنثى كما لو كانت أخرى. لن اضع مرآة أمامك. لا ينفع أن تنظري بعينيك. بل أحاول أن أجعلك تنظرين بعيني. ربما سأمزج حواسي كلها واضعها في خدمة عينك. ما أفكر فيه. ما أحلمه. ما ينساب على أصابعي من أصوات. ومواد أخرى هي أشيه بالأعشاب التي يحملها النهر كما لو كانت وصاياه إلى البحر. (تلك المرأة). سأشير اليك بذلك اللقب. المرأة التي لا تزال مجهولة وستظل غامضة، يضرب توترها بأصابع من فضة مفاتيح البيانو، فيشف العصف عن ضحكتها. هنالك ليل يخفي شيئا من وقع قدميها. يدوزن به أشجار حديقته. هنالك فكرة عن وطن لا يزال قيد التشكل. هناك أمنية، هي أشبه بساحل رملي مبتل. تلك المرأة تجتاز ليلا براري روحي بنور فكرتها لتصل إلي، قادمة من حافات نعاسها. تلك المرأة هي الحجر الخفيف الذي يحلق بجناحين قبل أن يُرمى.تختفي قبل أن تُمس. تغيب قبل أن تُقطف. ما أخترعه في النوم يجد طريقه إلى شفتيها فتتأوه زهرة ياسمين في صدري. أخلقت قبل أن يتنفس النبات الهواء الذي يبتكر حفيفا للأوراق وينسل خفيفا إلى قلب الشجرة مثل مطر ناعم؟ كان حريا بالنوم أن لا يمس عينيها. الفتاة النضرة بثياب المدرسة وهي تضع على ركبتيها دفتر يومياتها الذي تنعم الفراشات بالإقامة فيه. سيكون الهناك سعيدا وهو يخفيك بين مقتنياته النفيسة. ما هذا الهناك؟ ليس مكانا بالتأكيد. يمكنك أن تتحاشي بيسر الوقوع في فخ المكان، بسبب المادة التي خلقت منها. وهي مادة سهلة التحول من حالة إلى أخرى. أنت صلبة كالحديد وسائلة كالماء وغازية كالهواء. لن يكون نافعا أن أفتش عنك في زئبق المرآة التي تحتفظ بصورتك، بالرغم من أنك لم تقفي أمامها إلا مرة واحدة. حدث ذلك بطريقة عابرة، حين شعرت بأن الوردي على شفتيك قد فقد شيئا من بريقه. أعرف أن التنقيب في المكان الخطأ يوجه الأصابع لذلك اكتفي باللمس اليائس. فكرة أن تكوني موجودة هي ليست فكرة أصيلة. ذلك لأنها حسية أكثر مما يجب. ما يتطلبه لقاؤك أن يكون المرء مستعدا روحيا لمغادرة جسده والقبول بكل الحلول التي تنكرها الفيزياء. قانون الفراشة وحده يليق بك. أنت تحلقين في الهناك الذي هو ليس مكانا.تمشي تلك السيدة فيرقص العالم. علينا أن نراقب أقدام الراقصين وأرداف الراقصات. شيء من الوعد بالجنة. هناك ارائك لمَن يتعب من الرقص. لن تخلو الحلبة من عاشقين قررا الموت في قبلة. «يا عمري» لن يقولها إلا شخص يعرف أن ما تبقى من عمره لا يكفي لتدخين سيجارة. ولأن تلك المرأة تجيد تدريب الغزلان على الجري فقد دأبت على أن تقفز حالما تشعر أن قدما ستقع تحت ظل قدمها. في حقولها تهب الأعشاب دموعا شبيهة بالندى وتجلس مثل مريم تحت نخلة في انتظار أن يخطب ودها الغيب بنبي صغير. يميل جسدها إلى حليبه وهو يموسق المسافة بين ضدين. الليل والنهار. الأسود والأبيض. الأنثى والذكر. يلذ لها أن تقيم في الفاصلة بين عالمين. تعثر على الثقب لتقيم فيه باعتباره كهفا. «أين اختفى ذلك الكلب؟» والكلب أعمى. تعرف أن الكلب أعمى. كل الحواس في خدمة كلب أعمى. سيندم العالم سيدتي إن لم بنظر بعيني ذلك الكلب الأعمى إلى ساقيك. هناك خيط يقود إلى قلبك. خيط يمر بشفتيك. خيط يلمع حين يمر بعينيك. يمزج ذلك الخيط عسلك بشمعه فتصرخ ملكة النحل قبل أن تموت «هي ذي وريثتي». على جذع الشجرة، في صمغها يسيل شيء منك. ذلك الشيء الذي يمكنني أن ألمسه بحذر، متوهما أنه لن يتسرب إلى أصابعي. وحين أقع مغشيا علي، يكون الوقت قد تأخر. كان علي أن لا اقترب من محيط تلك الشجرة التي صارت تتشبه بك وهي تطلق أبخرة أنوثتك العاصفة. لن ينصحني بذلك أحد سواك. يخيل إلي أن زمن النصيحة لم يعد ممكنا. لن يكون هناك سوى يوسف في البئر. أخوة يوسف لم ينصتوا إلى هذياني. راعية الغنم الوحيدة التي مرت بي هي أنت. لم يبطل إيقاع نايها سوى تأوهي. كنت أجلس في العتمة في انتظار المسرات. وهي خلاصة الخبر السعيد. زليخا ستكون في انتظارك بعد أن تماهيت مع يوسف كما لو أنك هو. لقد انتظرتك. انتظرت تلك السيدة لتعد المائدة لنساء لامنها فيه، في ما فعلته بنفسها من أجله. لن أضحك سيدتي وأنا أراك حزينة. سيكون هدفي دائما أن أضحكك. تصلني ضحكتك فأطلق بالوني الأبيض ليضيع بين الغيوم. أنا غيمتك. لقد خُلقت من أجل أن أمطر. اترك حقولا سعيدة حين أختفي. سيدتي أنت شهادة براءتي. شهادة نومي في قارورة العطر. لن يكون ذلك اليوم بعيدا حين استدعيك لكي تكوني شفيعتي. فأنت قريبة من الله. إن لك أن تكوني بوصلته في الأرض. الأرض هي بحرك الذي تتحرك أمواجه بمشيئة قدميك.أكنا دائما على أرض واحدة؟ الجملة الموسيقية تمر كما لو أنني لم أعزفها من قبل. أراك في كل مرة امرأة أخرى. أنت جمع من النساء. المرآة هي التي تكذب. أنت تقيمين في قلب تلك المرآة. أنت قلبها. لذلك فإنها لا تراك. لن يرى المرء قلبه. فكرة أن تكوني قلبي هي فكرة مدهشة غير أنها لا تصلح للحب. «ما الذي يصلح للحب إذن؟» تسألين. ربما الموت وحده لا يتكرر. «للنساء فقط» ذلك الموت الجميل من أجل الحب. أنت أجمل من الموت. ستمشين بي بقدمي آلهة قررت أن لا تمس الأرض بقدميها رغبة منها في أن تغمر السماء بسعادة جناحيها. تحلقين بي فأنسى الكائن الذي كنته وأصغي لنشيدك فأظن أن إسرافيل قد وهبته العناية الإلهية صوت أنثى. في انتظار قيامتك أقف مشدودا إليك.ليس هناك غد في الحبنحن نطير يا سيدتي. عليك أن تصدقي ذلك. تعرفت على تلك المرأة وكنا في حالة طيران. أحيانا تفقد الجاذبية الأرضية قوتها. غالبا ما يكون الحب هو السبب. ولأن الحب هو الآخر وهم لا يمكن الاسترسال طويلا في البحث عن حقيقته. نشعر بالحب فنطير. لا يخفى طيراننا عن الآخرين. الحب يفصح عن رقته ونضارته. عطره يضوع وابتسامته تضيء. لذلك تبدو وجوه العشاق والعاشقات مختلفة. يتدفق الوردي تحت بشرتها. تبدو السعادة كما لو أنها قناع. يوزع الحب أقنعته على بشر محظوظين بعينهم. لا يهم إن كان ذلك الحب عابرا. كل حب مؤقت هو تتمة لحب سبقه وتمهيد لحب سيليه. نحن نمشي على زجاج صقيل وهو ما يجعلنا نخشى دائما الانزلاق، من غير أن نعرف شيئا عن الجهة التي سننزلق إليها. سيكون علينا أن نستعد للغياب في أية لحظة. الكائنات الشفافة التي نكونها حين نحب هي آخر الكائنات التي تمحو أسرارها من على الطاولة كل أثر يذكر بها. لذلك يقال إن الحب أعمى. بعد أن حدثتني تلك السيدة عن السطر الساقط من التاريخ صرت أنظر إليها جانبيا. كانت تجلس في مكان مواز للمكان الذي كنت أجلس فيه. في قارة أخرى، تنعم يابستها بالكثير من الأمطار. إلا أن المطر كان يفصل بيننا حدث لي أن استسلمت لنوع من كسل الحواس؟ يقف المرء على شاطئ البحر ولا يفكر في الأسماك. هناك حصاة تلمع في الأعماق. بريقها يصل متقطعا. يحدث أن تنقطع صلة المرء بحواسه حين تكون الذبذبات ضعيفة. وهو ما وقع لي في ذلك الوقت. كانت السيدة قد عادت إلى مكانها حاملة سطرها الذي سقط من التاريخ من غير أن تلتفت. وهو ما جعلني أقع في حيرة. كان من الصعب علي أن أجتاز المسافة التي تفصل بين فكرتين. فكرة السيدة التي استرجعت سلتها ممتلئة بالفاكهة وفكرتي عن عالم ازداد غموضا، بسبب كسلي الخيالي. ولأن الحب الأعمى ليس في حاجة إلى الشرح وكان الوقت يمر سريعا فقد كنت في حاجة لبضعة جمل أقولها قبل أن أغادر. لمَ لم أقل لها «أحبك»؟ ستكون الصفحة كاملة ولن يقع سطر. يصلح كل وقت للحب. لا وقت بعينه للحب. لا يملك الحب وقتا. يصنع الحب وقته من مواد لم تستعمل من قبل. فهي مواد وهمية لا يكتشفها المرء إلا حين تضع نفسها بين يديه. يقع الحب قبل أوانه لينضج في التجربة وقد تفسده التفاتة غير مقصودة. كيمياء الحب لا تستعمل العناصر نفسها في كل مرة تدخل فيها إلى المختبر. قوة الحب تكمن في ما نجهله منه. لذلك فإنه فن وليس صناعة. الالهام فيه هو السيد. نغيب حين نحب. نتأمل التفاحة. نلمس قشرتها بأصابعنا. أيخطئ اللسان الطريق إلى تلك الخبرة بعد ذلك؟ لا يوصف، لا يُعرف، لا ينصح به وليس من وصفة ثابتة للانغماس فيه أو النجاة منه. الحب شتاؤه لا يقيم في الحقول وبيته مزرعة للصبار. يصح أيضا أن يملك الحب سريرا وخزانة ملابس ومصباحا أرضيا وآنية زهور ونافذة ومرآة وأحمر شفاه وحقيبة صغيرة لأدوات التجميل وقمصان نوم وقرطا بلؤلؤة وقفازا أبيض ومناديل ورقية وفساتين وملابس داخلية. الغرفة التي يسكنها الحب تقع في مكان ما. ذلك الحي بأزقته الضيقة هو جزء خفي من متاهة الجمال التي لا تخلو من الوحوش الرقيقة. وحوش من ورق تلمع عيونها في العتمة لتطلق شررا. يا له من مكان موحش نغامر في ارتياده بحثا عن القشة التي ستجرح قرنية العين. أنت تضع ريشة بيضاء بين أهدابك إذ تسعى لكي ترى مغمض العينيين. لا يحتاج الحب إلى الحواس التي نستعملها في حياتنا اليومية. للحب حواسه. وهي من تين ودخان وعشب وزعفران. فما للجسد سوى أن يفارق ماكنته لكي يتماهى مع الذبذبات التي تعصف به. فما يجلبه الحب معه من تحولات من شأنه أن يطيح بالجسد، ملكا للحواس. فما يراه وما يشمه وما يلمسه ويسمعه يفوق قدرته على أن يمارس سيطرته على الوقائع من حوله. «سأراك غدا» وهي كذبة.في الحب ليس هناك غد. الحب هو ما نفعله اليوم. ما نتخيله. هذه هي الحياة. ماضي الحب عبء ثقيل، غير أن مستقبله لغز، من الصعب العثور على مفاتيحه. التفكير في مستقبل الحب يفقدنا لذة العيش فيه. الإنصات إلى حفيف أوراق شجرة خير من التفكير في ثمارها. قلت لإحدى الصديقات ذات يوم «غالبا ما أحلم أني أجلس في قطار، كنت قد قطعت تذكرة لا تحمل اسم المحطة التي يصلها. واشد ما أخشاه أن يعلن السائق أن قطاره قد وصل إلى المحطة الأخيرة وعلى الركاب مغادرته» أخشى ما أخشاه أن يقال لي إن زمن الحب قد انتهى. كل تجربة في الحب هي الحب كله. أن يفقد المرء حبيبته فذلك يعني الفقدان كله. ما من حبيبة إلا وأخذت معها الحياة كلها. سيُقال إن الحب لا يبقي سوى عذابه. وهو استنتاج صحيح، لولا أننا نختلف في تصريف مفردة العذاب، حيث تقترب تلك المفردة لدى البعض من معنى اللذة. ولكنها في كل الأحوال لن تكون لذة مطلقة. فللحب مطبخه. وهو مطبخ يستجيب لمزاج الأصابع التي تحمل الفواكه واللحوم والخضروات إليه من حقول غير مرئية. ما من وصفة جاهزة. ما من قائمة للأطعمة معدة سلفا. التبولة كما قطعة اللحم المشوية، كلاهما يمارسان تأثيرهما ليمتزج الهواء بالنار وليكون ظهور آدم ممكنا في الجنة التي قررت حواء أن تهرب به منها. أما كانت النار ضرورية لكي يولد أول حب؟ولأني دخلت إلى المطبخ فلم أخف عن تلك السيدة حيرتي وانا أراها تجلب الطعام. قلت لها «لا أستطيع أن اصدق أن الفراشات تأكل» الطعام هو ما لا يحتاجه الجمال. النساء يهبن ولا يأخذن. لذلك تبدو علاقتهن بالطعام غريبة. واقعيا فإن الطعام شرط حياة. ولكن هل في إمكانك أن تثبتي لي أنك كائن واقعي؟ لست جزءا من المشهد الذي يحيط بك. انت كل المشهد. ذلك المشهد الذي يمكن أن يختفي في أية لحظة. أحاول أن أثبتك في صورة فوتوغرافية فأفشل. كل الصور لا تشبهك. صورك ليست أنت. كل شيء يظهر إلا أنت. كل شيء منك يبدو عصيا على أن يستسلم للاحتواء بعيدا عنك. موجودة أنت فيك. لا يعمل جسدك بمنطق الآلة. ما أخفق في القبض عليه الكثير الذي أحتاجه منك. القليل كثير علي. وأعرف أنك تشفقين علي. ذلك لأنك تعرفين أن قليلك يغمرني بكثرته فتخافين علي. قد أغرق في مياهك أو أمتزج بغيومك أو أختفي بين اصبعين من أصابع يدك. تلك الأصابع التي أحبها. عزيزة علي تلك الأصابع. هل هي عشرة؟ ما هذه العشرة التي لا تنتهي، مثل كل شيء فيك. أبدأ بالعد من إصبع، لكنني لا أنتهي إليه. أصل إلى العشرة فأتعثر وانا أقول لنفسي «لقد أخطأت في العد». هناك أصابع لم أعدها. لا تزال أشباحها تومئ إلي. إنها منك، غير أن كل واحد منها هو كائن مستقل. كائن تحتاج معرفته إلى الكثير من الشقاء. ضحكت تلك السيدة حين أخبرتها أنني لم أنته بعد من العد. ولا أخفي عنها رغبتي في أن تترك يدها في يدي حين تذهب. من أين يهب كل هذا الهواء حين يضرب أصبعان على أوتار كمنجة خفية فتمتزج زرقة السماء بخضرة حقولك. ضعي يدك على رأسي واهمسي بدعاء الغياب. لن يصدق جسدي شيئا مما أقول. ليس له سوى أن يطيعك. أن يهذي بأسماء القارات والمحيطات والأنهار والهضاب والبحيرات والغابات والآبار التي تنعم برعاية جسدك. أمشي بقدمي عصفورك على أغصان شجرتك لأصل إلى فمك. هناك تقيم الكلمة التي لن يقلها أحد من قبل. «أنا» التي هي أنت. كلاهما من لغة واحدة. لغة تشتق مفرداتها من الماء. غسلت عيني بزئبق مرآتك تمتزج في مرآتك الأصباغ المائية بخيوط الحرير. أرى آثار أصابعك على المياه. هل تحتمي الأسماك بظلالها؟ كانت تلك السيدة نائمة. ستبقى كذلك دائما. لأنها وهي نائمة وهبت النوم معنى السلام الابدي. كما لو أنها لم تنم من قبل. كانت تلتف على نفسها مثل طفل. «اشعر بالبرد» كانت لا تخاطب أحدا. هي هكذا دائما لا تخاطب أحدا. هناك شعب ينظر إليها وهو لا أحد. تحلم بصوت عالٍ. فهي تتكلم لأنها ترى. لا تصف ما تراه بل تحاول أن تقوله مثلما تعيشه داخل الحلم. «بكيت» تخبرينني وأنا الذي صرت أمزج الضحك بالبكاء مثل مجنون. كلاهما بالنسبة لي قد قدا من معدن واحد. فما دامت الطريق تقود إليك فلا فرق في ان تكون مشمسة أو ممطرة. أخبرتني أنك بكيت أو بكلماتك «غسلت عبني بدموعي» وكنت في الوقت نفسه أرى ضحكتك وهي تصقل أسنانك ببياضها. لقد أحببت أسنانك قبل أن يتسنى لك أن تحبيني. كان من الممكن أن أحب كل شيء فيك من غير أن تحبيني. من المؤسي أن تحبيني من غير أن ألقي الخطوة الضرورية التي تؤكد أنني استحق حنو النبية علي. كاد الوقت أن يمضي سريعا لولا أن حكمتك التقطت الكرة الأرضية من محورها ووضعتها على المنضدة وأوقفتها عن الدوران. لا ليل ولا نهار. لا فصول أربعة ولا ساعات ولا أيام. ليتأجل كل شيء قليلا. نحتاج اللا وقت. نحتاج أن لا تدور عقارب الساعات. تلك السيدة صنعت معجزتها قبل أن يرتد إلى عيني طرفها. هل فهمت؟ لم تسأل. ما من حاجة إلى السؤال. لقد تعلمت تلك السيدة أن لا تسأل، بل تصنع من السؤال قضية. النثر أهم من الشعر. لم تشأ أن تكتب شعرا. تعرف أن معجزتها قادمة. «خادمك المطيع» قلتُ وأنا أقصد خادم جمالها الذي لم تسئ إليه من خلال استعماله واجهة. تقف تلك السيدة في منتصف الطريق التي تقود إلى جمالها. إنها موجودة بقوة حضورها. كانت تشرب النبيذ الأحمر حين رأيتها أول مرة. فخُيل إلي أن الطبيعة تسترد شيئا من كمالها الذي استعاره الفن. هي ذي نصف تفاحة تلتقط بشفتيها النصف الثاني ليكتمل الشكل. لقد حطمت الشهوة إطار الصورة ومشت في الحقول تحت المطر. هي امرأة تعرف أن أصابعها تترك أثرا على كل شيء تمسه، حتى لو كان ذلك الشيء قدح نبيذ عابرا، تمر من خلاله إلى الطبيعة، باعتبارها غزالا شاردا. كنت ذلك الغزال أيتها السيدة. «لقد هربت من الغزل» أخبرتك. «لربما أنجو» قلت لنفسي حين أغلقت غرفتي علي. من المؤكد أنني كنت أخطط لعدم الانجرار وراء محاولة فاشلة أخرى. لقد تعبت من جملة صارت تتكرر «ليست هي». في المنام صنعت مصيري. كنت أمشي على بساط لين من الزرقة، فيما تحلق من حوي بالونات تحمل صورتك. وفي كل مرة أحاول فيها أن التقط بالونا من تلك البالونات كانت يدي تقبض على هواء. بعد وقت اكتشفت أنني كنت على موعد مع الاله. لقد أخبرني أحد الملائكة بذلك. حين دخلت إلى قاعة العرش، سمعت صوت …. يقول لي بتأنيب «لمَ خلقتها من غير أن تخبرني» قلت له «ولكني لا أزال أظن أنك قد خلقتها من أجل أن تختص بها نفسك، لذلك لم اقترب منها، احتراما لجلالتك» «هي مخلوقتك يا صاحبي. عليك أن تكشف الآن عن أسرار المادة التي صنعتها منها» «أما كانت موجودة قبل أن أعثر عليها؟» «لقد فاجأتني بها. وعليك أن تفسر لي وجودها في ذلك المكان» «ولكنك أنت خالقها وتعرف كل شيء عنها» أخبرتك بأنك أنت من خلقها» لم اقتنع بما قاله ليلتها ونمت وأنا أهذي «أنت خالقها» بصوتين، هما صوتي وصوت الاله. في الصباح، على الفطور في المطعم جاءت تلك السيدة مباشرة إلي فقبلت يدها ودعوتها إلى الجلوس. لقد تركت ذلك السنتمتر على السرير في حالة تيه. اليد نفسها التي أوقعتني في البئر امتدت إلي بحنان تشنجي وهي تودعني. الكل جزء من جسدك سيدتي لغته الشرسة، الخاصة به؟ لقد حفرت يدك أثرها في يدي. وها أنذا أنظر إلى باطن كفي كما لو أني أنظر في مرآة، تظهر يدك التي استسلمت لها. شيء منك أحمله معي. ذلك الشيء الذي يأوي ملائكتك وشياطينتك المتخيلة. ألا تتخيل اليد وهي ترسم؟ اليد تتأمل وتتألم وتتيه وتفكر وتتخيل وتتمرد وتبكي حين الرسم. لا أحتاج اليوم لسؤال تلك السيدة عن أخبار يدها. سيكون علي أن أنصت إلى يدك وهي تكلمني. إنها تهذي بكلمات لم تقلها شفتاك، بالرغم من أن تلك الكلمات امتزجت بورديهما. أفتح معجم الأصوات المبهمة فلا أجد تفسيرا للإيقاعات التي صارت تزحف مثل النمل تحت بشرة يدي. هناك حيث صارت مملكتك تشيد قلاعها وأسوارها ومعابدها وحدائقها وتشق شوارعها وترفع راياتها وتطرز ثياب نسائها بزخارف تنث عطرا. يد تستفهم وتجيب في الوقت نفسه. بتواضع لا إرادي تضع الزهور على قبر حكمتها وترقص أصابعها بطيش مشوب بالحزن. يد تتذكر، تنسج من ظلال أصابعها خرائط لحب سري. «أعمق ما في الحب سريته مثل الشعر تماما» تقول تلك اليد. لمستُها في العتمة فكنتُ كمن يلمس يد موسى.الخطأ فـي أن لا نكون معالا بأس. سأضع البحيرة في خدمتك. المياه تمر من تحت ساقيك. ستكونين مرئية بطريقة مختلفة كما لو أنك كنت موجودة دائما. مثلما احتفى بك الزئبق في المرآة سيحتفي بك الهواء في نهاية الحقل. هناك ينتظرك شبح الرسام الذي يمشي في حقول آرل وحيدا بحثا عن زهرته. أنت موجودة لتكون البحيرة بملائكتها في خدمتك. ليست هناك من سيدة لتقهر الفراغ وتمد من عمر الفراشة وتضرب بالموجة أبواب البيوت على الساحل سواك. ما من فاكهة صامتة سواك. وليس هناك مَن يمد يده إلى المائدة سواك. أنت الأول الذي خلق آخر يشبهه، غير أنه يقف في وجهه كما لو أنه نقيضه. «انتظرك عند البيانو الذي لم تمدي أصابعك إلى مفاتيحه» قبلك كانت الموسيقى مياها.بعدك صارت المياه تنسج ثيابا للصخور المسحورة بخفتك. لقد ظننت أن ضربات البيانو التي ارتجلها عازف هاوٍ، هو ضيف طارئ ستخفيني عنك. كانت صورتك وأنت تقفين بين قبري فنسنت وأخيه تيو قد الهمتني شيئا من معرفة طريقتك في التماهي مع حزنك. «سيبقى الحزن أبدا» كتب فنسنت إلى أخيه في رسالته الأخيرة من غير أن يتخيل أن تيو سيلتحق به بعد سنة. بصيرتك تدفع بك إلى معانقة الموتى باعتبارهم الكائنات الوحيدة الممكنة. كان فنسنت رسام بورتريه مثلك تماما. ولكنه رسم وجهه وهو ما تودين القيام به في كل لحظة تمدين فيها يدك إلى قناع لا تحتاجين إلى أن ترسميه بقدر ما يمدك حذره بالشجاعة. لا أرغب في أن أمد يدي إلى الفراغ الذي احتل مكانك. ستصرين على أن القناع هو الآخر وجه. لا تنتظري جوابي وأنت تسألين «ما الذي سأرسمه؟» لا أرغب في أن أكون سببا في ضياعك. فلست سوى ذلك الآثاري الذي يبحث بشفتيه عن سنتمتر لا يزال خفيا. أخشى أن تكوني المرأة الأكثر شعورا بالوحدة في العالم. النساء الوحيدات يرحبن بحضور عابر معذب مثلي. لذلك أضع في خدمتك ضحكتي. أعدك بمدن استثنائية سنتجول ضائعين بين شوارعها. «لن تتخلى الملائكة عنا» أخبرك فتقولين باستفهام «تعني أنها ستحث بشرا على أن يمدوا أيديهم إلينا» أقول «هذا ما يقع بالضبط» ألم يكن عازف البيانو رسول غابات لا تزال عذراء؟ «ولكني لم أر ذلك البيانو» تقولين. أعود بك إليه. يفاجئني جلوس عازف آخر. ليس هناك من عازف أصلي. هؤلاء مثلنا ليسوا نسخا أصلية. نحن نتلمس طريقنا في غرفة معتمة، لتظهر صورنا بعد أن يطلق الزمن العنان لوحوشه الصغيرة. تفكرين برسومك. استعير مقولة روثكو وأحدثك عن المعجزات الصغيرة. ألسنا في الوادي المقدس؟ مَن يسأل مَن؟ تمشين بخفة. كانت هناك دائما خطوة ضائعة بين قدميك. قدم ثالثة تُبطئ. قدم ثالثة تُسرع. أخشى أن تسقطي بين خطوتين تربكني حيرتهما وهما ينتظران بلهفة وقوع الخطوة الثالثة التي يميل إليها إيقاعك. أنت تميلين في مشيتك كما لو أن هناك سياجا تستندين إليه. ولأني قررت أن أتبعك فقد صار علي أن أقلدك وأنت تخترعين ممرا هوائيا يضمنا كائنا واحدا لا يفكر سوى بآخره الذي يراقبه من بعيد. ذلك الآخر الذي أعرف أنه لا يكف عن تعذيبك. لو أنه أقام في مرآتك لكنت محوته، غير أنه يستعيدك كما لو أنك واحدة من نفائسه. جنيك هو وأنت جنيته. كتبت إليك «لقد وخبت حياتك من أجل أن تحبي الآخرين. آن لك أن تحبي نفسك» تريحك العبارة غير أنها لا تهبك حلا مريحا. لقد نبت الآخرون على فراشك مثل العشب. إنهم يقيمون في أحلامك. المدينة لتي أضعها في خدمتك لا تخترق بقطاراتها وسلالمها الكهربائية الطويلة وشوارعها الممطرة وحاناتها الضيقة ومجانينها الذين يوزعون إعلانات تمردهم على المارة جدران غرفتك المعتمة. هناك صورة لم يتم بعد استظهارها. «هل عشنا حقاً؟» تخبريني أن الواقع ليس واقعا والخيال ليس خيالا ونحن لا نقف في منطقة وسطى. أعد إلى العشرة لأقبض على السؤال. ليس هناك سؤال. نحن مارة مثلما هم الآخرون. نمر لكي نسمح لمَن يلينا بالمرور ليس إلا. لم أخبرك أن هناك لوحة ناقصة. العالم كله ناقص. ما من شيء يمكنني أن أفعله لكي لا تضع النقص نفسه في خدمتك. الصفر هو ما يمكن أن أكونه. أنا في خدمتك مثل مؤذن. مثل ديك الصباح. مثل إشارات المرور. لقد عبرنا محيطات ونحن نقفز من رصيف إلى آخر. ربما أخطأنا الطريق وأخذنا القطار الذاهب عكس الاتجاه. غير أن ذلك لا يغير شيئا من الحقيقة. كنا معا. وهو ما يكفي لكي لا يكون هناك خطأ. الخطأ في أن لا نكون معا. شجرة موندريان ما معنى الوقت؟ ولكن الوقت الأعمى من ذهب. تلك السيدة التي ما إن تنتقل من الشمس إلى الظل حتى يتغير المشهد من حولها. تتبعها الأشجار بخضوع استثنائي كما لو أنها أنصتت إلى أجراس الربيع. مطر ناعم في المقهى، بين يديها غيمتان وعلى المنضدة اسراب حجلات. أحدثها عن نقار الخشب الذي كان دليلي في غربتي إلى الوقت. «هل كان الوقت غروبا؟» تسأل. لم أعد أتذكر. أتذكر من أجلها وهو ما يعني اضطراري إلى أن أركب ماضيا لم يعد لي. لقد مشيت إثر حلزون مسافر حتى خُيل إلي أنني صرت ذلك الحلزون. تأسف لأن الوقت يمضي سريعا. أقول لها «إننا نعيش حياة كاملة. لا معنى للسنوات التي تُكتب على شاهدة القبر» وأحدثها عن حياة الفراشة. نهار هو عبارة عن حياة كاملة. هي العمر كله. من المهد إلى اللحد. أحلام ورغبات وشهوات ونزق وتمرد وصرخات وألم وشهقات وغصات وحرائق وزفرات ولذائذ وسعادات ودموع وضحكات وقفز بين الحبال. الحياة كلها تقيم هناك بين جناحين. على سرير تغمره اللذة بالبكاء. ما نخسره هي تلك الحياة الفائضة التي لم تكن نستحق أن نعيشها. هذه المرة لن تُهدر مياهك على السرير. أنصت إلى دموعك مثل طفل القرية الذي أعادوه من المدرسة قبل أن يكمل الدرس ليخبروه بغياب أمه. كان علي أن أكون أكثر رأفة بدموعك. كان علي أن أشق الصخرة مثل عشبة خضراء قبل أن التقيك. فأنت محاربة. تنسجين من الوقت بساطا لكسل المرأة المترفة التي تسكنك من غير أن تسمحي للساحرات باللعب بأهدابك. فجأة صار الوقت عزيزا. نقضيه معا تحت مطر ناعم. ولكن لا شيء يبقى. كل ما حولنا يهذي. قطار الأنفاق والمحطة والأرصفة والنهر وهنري مور والإشارات الضوئية والسلم الحجري الذي يقود إلى المتحف والأروقة التي تذكر بالرومان. لقد تركنا خلفنا كل شيء. يترك الحلزون خيطا أبيض وراءه وهو يتقدم. خيطك الأبيض يرسم خارطة في قلبي. حين نكف عن اللهاث أذكرك بأننا قد تغيرنا. قبل ساعتين، يومين، سنتين، قرنين التقينا، لا فرق. تلتفتين كما لو أنك تسعين إلى استحضار المسافة التي مشيناها معا. لم نحمل شيئا معنا. لا نزال خفافا. «ولكننا تغيرنا» لسنا الكائنين المضطربين نفسيهما اللذين التقيا عند البيانو. «ألا تزال تذكره؟» أضحك. نحن لا نزال نمشي على سلمه الموسيقي. كل ضربة أصبع هي درجة من درجات ذلك السلم. لم نعد على الأرض. تشهقين فرحا. «تذكري شجرة بيت موندريان» تسعدك الفكرة بل تضربك. أنت أم الجمل العزيزة. الجمل التي تنطوي على الكثير من الشعر. لقد التقط الهولندي الصارم شجرته من الحقل. أخذها إلى المرسم. اللقية المركبة فاجأته لا في الطبيعة بل في مرسمه. أنت مثل تلك الشجرة. أعيد اكتشافك. أنت أخرى في اللحظة نفسها التي لا أكون فيها أنا. أنا آخر أيضا. مثل شجرة موندريان ننظر في المرآة فلا نرى شيئا يذكر بنا. لا نزال هواة. سنبقى كذلك. ستبقى تلك الشجرة نضرة، غضة وسعيدة بربيعها. لن تتسلقي الشجرة وحيدة. سيرافقك قلبي. تضحكين «ألا يزال الغزل ممكناً في تلك البلاد؟» كان هناك غزال ينظر إلينا. عينان تقدحان لهبا وأصابع من جمر وشمعتان، واحدة لك وأخرى لي. سيحملك ذلك الغزال على ظهره إلى تلك البلاد لتكوني رسولتي إلى أمي التي حرمت من وداعها مرتين، مرة حين غبت وأخرى حين غابت. يا أمي ويا صديقتي ويا أختي ويا ملاكي ويا جنيتي ويا ساحرتي أهبك شجرة بحجم السنتمتر الوردي الذي أحن إليه. قوة الحب موجز الزهرة هو تلك السيدة. هذا ما انتهيت إليه وأنا أتصفح يومياتي في الأيام الأربعة التي قضيناها معا. ما من خلاصة. سأكون ضحية استثنائية لو فكرت بالعجل الذهبي. شيء من رائحتك لا يزال يعبق من أنحاء كثيرة من جسدي. صوتك اللاهث لا يزال يتسلقني ليصل إلى شفتي. إنه يمتزج بصوتي. لا يمكنني أن أوقف زحفه. ما أن يصل إلى حنجرتي حتى أكتشف أنني أتكلم به. صوتك هو الآخر له رائحة. مشيتك لها رائحة. ظلك يترك فراغا في الهواء. لم يعد في إمكاني القول «ذات مرة» فمتى كانت تلك المرة؟ لقد شفيت بسببك من الماضي. ما يقع معك في الحاضر لا يمكن ان يذهب إلى الماضي. زمنك يقيم في الزهرة التي رسمها كلود مونيه وكانت سببا في جنون سي تومبلي الذي جعلك تفكرين في الرسم حلا لمشكلات الفائض من مفردات العيش. أعترف أن ترف الغرام برسامة يحمل في ثناياه واحدة من أكثر أفكار التمرد فقراً. هناك كنز جاهز. ولكنه كنز مقفل على وصيته. الرسامة ليست الأنثى. اليد التي تُقبل ليست هي اليد التي ترسم. هناك مسافة بين الجسد وخياله. ولكن جسدك غمرني بخياله حتى بت عاجزا عن أن أراه. كانت قوة الحب قد عصفت بي فلم أعد قادرا على التمييز بين حقيقتك ووهمك. لن أسألك عن عدد الكلمات التي لم نقلها. تلك الكلمات الضائعة التي سقطت في الطريق. لقد تعلمت منذ سنوات أن لا أحمل معي كلمات. انا لا أمد يدي إلى جيبي لأخرج الكلمات المناسبة. لقد كانت الكلمات تضرب شفتي بمناقير عصافيرها في اللحظة التي كنت أعتقد أنني سأموت لو أنني لم أتكلم فيها. ما لم نقلها من كلمات هي جمل سيكون في إمكانها أن تقولنا كائنين ذهبا بالحياة إلى أقصى حدودها. تلك السيدة تقف هناك. هناك حيث تجمع النوارس ريش أجنحتها لتصنع منها وسادة. هناك حيث ينسى الموسيقيون أصابعهم على مفاتيح البيانو ليستمر العزف إلى حين قيام الساعة. أحلم بالصفر الإلهي ليوقف ذهابي إلى هاويتك. لا أرغب حقيقة في أن أكون هناك. لكن قوة غامضة تدفعني مثل ريح.
فاروق يوسف *