«1»
التي أرى الماء جدولا
ينساب من جيدها
حين تشرب..
وأسمع زقزقة العصافير
آتية من ضواحي أحلامها
إذ تنام..
كيف لي
أن أقيم لها الأرض
خادمة عند نافذة مرآتها ؟
التي أخذت من البحار
والمحيطات
والحبر
الأزرق كلّه
ومضت تبحث عن بقية
في الكواكب..
كيف لي
أن أنام هنا
دون أن أجمع الماء
والغيم
وغزالات البراري
والنايات
كي تظلّ ساهرة تحرس نعاسها ؟
ها هو الماء ينساب من جيدها..
والعصافير ترقص في
ضواحي أحلامها..
وأنا بنصف عين مغمضة
أرقب وقفتها هناك
وابتسم :
كم هي زرقاء.
«2»
الغجرية تنهض من سرير الحكايات
تمشي بقدمين حافيتين
على بلاط مرآتها..
ها هو الماء ينبجس نوافير حولها..
ستشمر ثوبها الطويل
لكنه سوف يبتلُ..
تنضوه عنها..
وتقفز في الماء..
تلك البهية الزرقاء
ماذا ستكتب في دفاتر حكاياتها الليلة ؟
هل ستحدّث نومها بالتفاصيل
لكي يؤلّف أحلاما
ويلوّنها بريشة الشغف ؟
تشبهني تلك الغجرية
حين تحدّق في مرآتها..
أشبهها حين أحدّق في الماء..
كيف إذن أتيمّم بساقية الضوء
في لحظات وقوفي هناك
ألملم تفاصيلها
من أغاني العصافير
وأغفو
أغفو
لكي أرى جيدا
وجهها في المنام ؟
«3»
وحين رأيتك تسبحين
في بركة القصر
حرّضت نوارس البحار
أن تأتيني بثيابك..
وها أنا أقف عند نافذة مرآتك
أنتظر خروجك بثياب الماء..
أنا الملك الضلّبل
أشمُ ضوء خجلك
حين تطلعين من هناك
تقطر الزرقة من نهديك
يقولان لي
فتجيبهما أصابعي
وفمي..
كونشيرتو الضوء..
اوركسترا القبل..
تعالي لنشعل نارا في
ثيابنا القديمة..
تعالي نعيث
في دخانها.
«4»
أنا من يزيّن ذاكرة الأرض بالضحكات
ويرسم في سمائك الشتوية أقمارا
وأطلق وراء كلّ قمر فتية بشعور شعثاء
وأحزمة جلدية
يهرولون خلف آثار صبايا هائمات على وجوههن..
أنا ملك البرّ..
أبذر فيه شراكي
فتقفز فوقها العصافير
والبلابل غير وجلة…
البلابل تطلق نشيدها..
والعصافير ترقص فوق الشراك..
وها إنني أرسم الآن بحرا
أزيّنه بالمراكب
والراحلين
وأزرع في أعماقه شجيرة الإسفنج..
أزرع فوقه عاصفة هوجاء كي لا تسافري..
أخاف يا زرقاء أن تسافري..
أخاف الحكايات التي روتها لي في ليلة شهرزاد..
فأنا من يزيّن ذاكرة الأرض بالضحكات
أظلُ واقفا هنا عند نافذتك
كي لا تسافري في الماء.
«5»
في الساعة التي تسبق الغروب
تماما
حين تنعس يدك
على تفاحة انتظارك..
وتستيقظ في عينيك أباريق عطش الورد
لهواء فرّ من صيفه
لغابات صدرك
وغفى..
في تلك الساعة التي
تشبه حارسا ليليا
على فواكه النار..
ليس لي
غير أن أحمل ناي القصب
وأشعار العصاة
والهاربين من الألفة
وأحاول للمرة الألف
أن أصلح الورد والشوك..
أن أقنع الغبار
بالرحيل بعيدا
عن جبينك وعينيك..
هنا غجرية تمسح الصحو
عن بهاء الصيف..
تطلق نوما قديما فرّ من ليالي السهر..
وتعيد ترتيب المساء
على هواها..
قارب للرمال..
بحر لغرفة النوم..
آنية من زجاج.
راسم المدهون
شاعر من فلسطين