تأسست مكتبة السالمي في موقعها وشكلها الحالي عام 1984م، ولكنها أقدم في تاريخها من هذا بكثير، فقد بدأ العلامة نور الدين السالمي بتجميع الكتب منذ اقامته في الظاهر من ولاية بدية بالمنطقة الشرقية،وكانت كلها كتبا في اللغة والفقه والتاريخ ومخطوطات لفقهاء وعلماء أباضيين، ثم واصل ابنه أبو بشير محمد عبدالله (الشيبة ) شراء الكتب وتجميعها، أثناء ترحاله الدائم الى عودته الاخيرة الى عمان عام 1970م.
حينها نقل (الشيبة ) المكتبة من بيت الطين الكائن بالظاهر الى المنترب من ولاية بدية حيث تقع حاليا في جزء ملحق ببيت العائلة، وهو جزء غير صغير، يتسع لعدد كبير من الزائرين والباحثين والقارئين.
تتكون مكتبة السالمي من جزءين أساسيين الأول هو القاعة الأمامية وهي أول ما يصادفك عندما تدخل وأول ما يشدك فيها هو سقفها العالي فكأنك ترفع رأسك للسماء وشكلها الدائري المفروش بالسجاد، ولا تجد كرسيا واحدا في القاعة الأمامية وإنما تجلس على الأرض متكئا على وسائد مريحة وأنيقة. خطواتك التالية تصلك بقاعة الكتب وهي دائرة أخرى تلتقي في خط تماس يتيح للقاعتين الاحتفاظ بدائرتيهما كاملتين، يتوسط قاعة الكتب عمود دائري ينتهي على شكل طاولة مستديرة تحيطها كراسي وذلك لضرورة الكتابة والبحث وأنت تتوسط المكتبة في المركز تماما تحيطك وتلفك الكتب داخلها فهي من أمامك ومن خلفك وبين يديك، هناك تشعر بالتأصل والتجذر تقرأ تاريخك قريبه وبعيده تشم رائحة الالفة والحميمية وكأنك في أرضك الحلم، المزدحمة بالكتب قديمها وحديثها.
تحتوي المكتبة على 5 آلاف كتاب منها خمسمائة مخطوطة، ومنها مخطوطات نادرة لا توجد إلا فيها ككتاب التقبير لأبي عبدالله بن محمد السالمي وهو أقدم مخطوطة توجد بالمكتبة، بالاضافة الى مخطوطة روض البيان والرد على من ادعى قدم القرأن التي قام بتحقيقها حفيده عبدالرحمن بن سليمان بن محمد بن نورالدين السالمي، ومخطوطة بذل المجهرد في احكام النصاري واليهود والتي قام بتحقيقها نفس الحفيد.
كما حقق عبدالستار أبو غدة مخطوطة جوابات السالمي، وحقق الشيخ سالم بن حمد الحارثي مخطوطتي العقد الثمين، وايضاح البيان وتطبع هذه الكتب على نفقة خاصة، اذ يجتمع أفراد العائلة ويجمعون تبرعات للحفاظ على ثروتهم الهائلة التي تركها لهم جدهم العظيم نورالدين السالمي.
من الكتب التي تمت طباعتها على نفقة المكتبة: شرح الجامع الصحيح للامام الربيع، وتحفة الأعيان في سيرة أهل عمان، وشرح طلعة الشمس. ومعظم كتب السالمي.
توجد بالمكتبة كتب:آت طباعة قديمة ترجع الى صدورها الأول، ولذلك فإن أنواع الكتب تختلف من حيث جدتها وقدمها، وموضوعها وشكلها.
تتعاون المكتبة مع بعض المكتبات داخل السلطنة من أجل طباعة الكتب وتوزيعها داخل وخارج البلاد كمكتبة الاستقامة التي طبعت عددا من كتب الامام السالمي مثل تلقين الصبيان والعقد الثمين وطلعة الشمس.
الجديد هو أن مكتبة السالمي تسعي الى شراء مخطوطات جديدة لمؤلفين وفقها؟ عمانيين لضمها للمكتبة أو من أجل تحقيقها وطبا عتها وبالتالي نشرها.
توجد أوجه تعاون بين المكتبة ووزارة التراث القومي والثقافة، حيث تقوم الوزارة بتقديم وسائل لحفظ وصيانة المخطوطات من الاندثار والتلف، وتقوم المكتبة بتزويد مكتبة الوزارة بصور لبعض المخطوطات التي لا تملكها الوزارة، وهكذا فان هذا التعاون المثمر يثري ليس فقط الجانبين المعنيين وإنما كل من له علاقة بالبحث والثقافة.
تستقبل المكتبة زوارا كثيرين من طلبة المدارس والجامعة من أساتذة ومهتمين، وباحثين من خارج السلطنة، وعدد الباحثين لا يقل بل يزيد بقدر الاهتمام المتنامي بالثقافة العمانية المعاصرة بين أدب وفقه وتاريخ.
لا يمكن للباحث استعارة أي من كتب أو مخطوطات المكتبة وذلك حفاظا عليها ولأن التصوير العادي يضر بالمخطوطات ولكن للباحث أن يمكث ما شاء له من وقت بين الليل والنهار ولتسهيل العمل الأكاديمي والبحث فإن المكتبة منظمة ومفهرسة حسب تصنيف العشري.
بقي القول أن المكتبة جهد رائع مستمر بوعود كثيرة هي أحلام ستحقق بتزويد المكتبة بالكتب وتحقيق ما تبقى من مخطوطات وطبا عتها، وإعادة طباعة كتب أخرى وتوزيعها وإن جهدا كهذا يستحق دعما قويا من قبل جميع المهتمين بحفظ تراثنا وتشجيعا لأجيالنا القادمة على القراءة والبحث المرتكزين على تاريخ وثقافة عميقين.
والقول بأن مكتبة السالمي ما هي الامثال على المكتبات الخاصة التي تدل على أن العالم العماني منذ ذلك الزمن يدرك ويعي أن رؤيته لا تكتمل الا بتمحيص وبحث دقيقين مما يتطلب الحصول على الكثير من المراجع والمساند والأخذ والرد. وكما ذكرنا فإن المكتبة ما هي إلا مثال على المكتبات الخاصة التي توجد بالسلطنة عدد منها ليس بالقليل ومعظمها يحوي كتبا ومخطوطات نادرة وغاية في الأهمية.