قبل أكثر من ثلاث سنوات.. ثلاث سنوات مضت. هكذا مضت السنوات الثلاث ونيف. وكأن الزمن مطاطي الى درجة أنه زنبرك في تشكل دوائره الحلزونية.
قبل ثلاث سنوات مضت.. مضت.. حدث اللقاء كان لقاء عفويا "دون سبق إصرار وترصد". فالوجوه حاضرة في حضرة المكان. تجمع مشتت ومشارب مختلفة وجوه تبحث عن آفاق في اطار سياج الكلمة.
وعبر مبادرات ودودة. محبة. وخجولة. حدث اللقاء ومعه حدث الاتصال.. ماذا؟ إنه اتصال الأصدقاء. أصدقاء الكلمة، المعرفة.
من أول نظرة. أو ربما من آخرها، كان الهاجس هو الدافع والمحرك.
لماذا؟ سؤال.. ربما يحتاج الى اجابة أو نصف اجابة. اللقاء فتح القلب على النافذة المعلقة على الجدار. أو ربما رؤية الرائي. فالعين مفتاح الطريق لهوى النفس وغريزتها. هذه شهوة الحياة من اندثارها. عيون بحجم المسافة. خطوات تنتعل الطريق لهذا اللقاء. وكان المساء الداكن مفروشا بأرق حميمي. إنه اللقاء الأول. فالأول (اللقاء) مفتوحا على الذاكرة من النسيان. كان مساء.. وكانوا أفرادا مع المكان والموعد المحدد. في ذلك المساء الأول. قبل ثلاث سنوات حدث هذا اللقاء.
حدث حين اكتملت قدرتهم على أن يلتقوا في المساء الأول. الهاتف "الخلوي" ساعد جزئيا في تصحيح الطريق للحظة اللقاء.. باللقاء
كانوا يعرفون بعضهم بعضا. أو أنهم التقوا ذات مرة. وجوه يقربها اشتغالات وانشغالات الكتابة في أطيافها المتعددة. التقاء أكثر من 12 عمانيا وعمانية مهتمين بنواحي الأدب والثقافة بمقر جمعية المرأة العمانية بمسقط. ومن فرط انهم التقوا.. اختلفوا. رحمة الاختلاف سبقت. لا يهم.. مادامت النفوس تواقة الى اللقاء. فليحدث بعد حين.
لماذا العجلة. وكما يقال في الذاكرة العربية "العجلة من الشيطان".
اعتمد هؤلاء المثقفون نساء ورجالا على خلفية مرجعية تشكل أساس طموحهم ومنطلقاتهم، وهو انشاء "جمعية أو أسرة" ينضوون تحت سماها.
الأساس الذي ارتكز عليه هؤلاء، (الكتاب – الشعراء – المثقفون – الاعلاميون) هو النظام الأساسي للدولة. الذي هو أهم مرجع قانوني في سلطنة عمان. يؤطر نشاط عملهم ضمن الجمعيات الخيرية والنفع العام وغيرها.
حدث هذا اللقاء الأول.. "تبشورة" القيظ. كما يقال في الكلام العماني الدارج. قطفت ثمرته المؤجلة الى اللقاء الثاني.
بعد أسابيع لم تطل كثيرا. فالحرارة مازالت في العروق "ليست عروق الشيبة" بالطبع. حدث اللقاء في نفس المكان الأول مع ايجابية أضافت الى اللقاء وضعا طيبا وهو تزايد عدد الحضور الى أكثر من 20 مهتما بالأدب وعموم المعرفة.
بدأت الفرحة تحط بجناحها على مبسم الحضور وكأن في الأمر معجزة. المعجزات تحدث أحيانا. وكم كان العتب ضروريا في حياة الأفراد والأمم لأن يروا أنفسهم. أين هم. وأين الآخرون. حكاية طويلة. ربما. الأجيال التي تأتي.. ربما.
صوت داخلي يقول: إن وجود مثل هذه الأسرة وما شابهها بالاسم. ضروري للثقافة العمانية. ومهم جدا للسلطنة كواجهة معرفية وحضارية.
ففي اللقاء الثاني، توافرت شروط عديدة أولها: تضاعف أعداد الحضور.
ثانيا: الاتفاق… بعد الاختلاف. حول المسميات العديدة المقترحة والتي أخذت رؤى ومسارات متعددة، مراعاة ومداراة. حلول وسط. حلول توفيقية.
وفي الأخير اكتشفوا انهم.. اتفقوا. فالاسم دوما كما يقال "شكلاني". وبما إنه حدث الاتفاق اختاروا "أسرة الكتاب والأدباء والصحفيين". اسم لا غبار عليه. مدور وثلاثي، لا يزعل بقدر ما يرغب ويحبب.
ثالثا: اختيار عدد من الأعضاء وبرغبتهم كلجنة متابعة وتنسيق لمعرفة الشروط واللوائح والاجراءات القانونية المتبعة في مثل هذه الحالة.
رابعا: كتابة أسماء من حضروا وتوقيعاتهم وأن تقوم اللجنة المختارة بالاتصال بالأدباء والمثقفين والكتاب. خصوصا أن الأسرة من هواجسها وأولياتها تمثيل الثقافة والمثقفين في السلطنة بكامل أوجهها قديمها، وحديثها. (شيبها وشبابها). حدث هذا كله في الاجتماع الثاني. أو بالأحرى في الاجتماع الأخير.
حدث دون معرفة اين وصل الطفل الثقافي في سيرته الطويلة.