عند قمل الباريتو المعتوه، القصة التي سأحكي تسمع ككلام انجيل: الى اليوم، بعد مرور ستة أشهر، وبعد كم من أجيال، الحدث مازال يحتل الواجهة بين ثنايا قميص الشخص المحني بالأمر، القمل يتناقله أذن عن فم كدرس يجب الا ينسى، كقصة أعدت من قمل مسنين في ديسمبر لصالح أبنائهم اللينين في ماي.
الباريتو كان له كثير من القمل، في قبعته، قمل صغير جدا، أحمر كالدم والذي يوجد في قميصه وملابسه الداخلية، السعيد والسمين كان أبيض اللون، أما الموجود في القبان والذي من سلالة محاربة فلا يلتقي بتمصل القميص، الذي كان جبانا.
قمل التبان كان يعيش حياة خطرة كل يوم عندما كان الباريتو ينزع سرواله، كان يظهر مواهبه الاستراتيجية بفراره واختفائه في الأمكنة الأكثر اختباء في جسد وملابس سيده، ليس خوفا منا _ لأنه كان طيبا ولا يؤذيه أبدا. لكن خشية من البرد الذي كان يخفيه والذي يقويه كذرات ملح.
عكس هذا فقمل القميص كان يعيش في السلم والطمأنينة، دون الاكتراث من البرد، لأنه وفي ذاكرة القمل، منذ عصر المستعمرين الأولين لم ينزع الباريتو أبدا قميصه.
-2-
لكن في النهاية، بما أنفي أقول لك أنه ليس لي سرير!.. الثلاثة الموجودون هنا مشغولون، والى ما بعد غد على الأقل لن يكون هنا
واحد متوافرا. وبما أنه لا يمكن ترك السيد خاكوبو، الممثل التجاري في الشارع، اتفق مع الباريتو لكي يترك له جزءا صغيرا من سريره.
-3-
كان مارتنيث قملا ثائرا خشن الرأس (…) لم يكن شباب القمل يترك ليختلط به لأنه ديماجوجي، ولا مبالي، ولا أحد يجهل الى أي حد يمكن أن تلغم الشبيبة بالنظريات الهدامة.
كان مارتنيث يريد الوصاية على كل شيء، كان يرد دفع كل القمل في اتجاه واحد، توزيع الأمكنة حسب مبدأ تقرير المصير، والسيطرة على الممرات من أجل تحسين سريع لجنسا من المحاربين.
-4-
المساء العظيم حان، أيها الرفاق السيد خاكوبو أرض عذراء للاستغلال ! الأرض الموعودة هي الآن في متناول أيدينا كي نستطيع
الاستقرار فيها وتنظيم حياتنا المستقبلية عقلانيا!
كان مارتنيث يمسح القطرات الكبيرة من احرق المتساقطة على جبينه.
لا تولوا أي انتباه لما تقوله تلك القشور القديمة من السناتورات ! الاعتراف. ما معنى الاعتراف ؟ عن ماذا، نحن القمل الحر يجب أن نكون ممتنا لهذه القارة المنهوكة التي أصبحها الباريتو؟
-5-
كان مارتنيث يمني نفسه لأنه لم يجلب أي تابع معه وهو يتجول بسرور وبكل راحة فوق قشرة رأس السيد خاكوبو.. هذا ما أسميه أفاقا! كان يقول، لنستعد لعيش حياة متجددة، وكان يترك نفسا يتزحلق كتن حلق فوق القشرة جد الملساء التي غزاها لتوه.
-6-
السيد خاكوبو كان شخصا غريب العادات، ما إن بدأ مارتنيث استطلاع هذه الأرض الجديدة حتى قفز السيد خاكوبو من فوق السرير وبقي واقفا وسط الحجرة.
يا له من برد! كان مارتنيث يقول بصوت عال لكي يتشجع، العالم ليس مصنوعا لقليلي الحيلة ! عندما نريد شيئا ما، ن..
لم يستطع انهاء جملته، لأن دمه تجمد، حاول التشبث بالأرض بواسطة أطرافه الصغيرة، لكن الأرض كانت ملساء وزلجة، حاول الحفاظ على هدوئه، لكنه كان يضطرب كأنه مصاب بالحمى.
كان فوق سقف واسع،، وردي كما البشرة، لكنه أملس كما البلور.
أغلق مارتنيث عينيه، لم يكن يريد أن يرى نفسه يضطرب في ساعة النهاية وفضل انتظار أظافر السيد خاكوبو، الممثل التجاري الذي لم يكن ممكنا تركه ينام في الخارج، انتظار أن تلتقي أظافره على جسده الرشيق الأبيض حقا، الضعيف جدا، العاجز جدا عن الوقوف أمام مشيئة العناية الالهية.
* كاميلو خرسي ثيلا (Camilo Jose Cela)
من مواليد 1916بغاليث شاعر، وروائي ورحالة كبير، هو أبرز وجوه الأدب الأسباني والعالمي المعاصر، حاصل على جائزة نوبل للآداب لسنة 1989م.
قصة: كاميلو خوسي ثيلا
ترجمة: جمال الدين طالب