عائشة المعطي- باحثة مغربية
عبد اللطيف شهيد – مترجم مغربي
التنوع اللغوي الذي يتألف منه المغرب يقدم لنا بانوراما ثقافية وأدبية غنية للغاية وذلك بحضور أكثر من لغة واحدة منطوقة ومكتوبة،تجعل الكاتب في مجال الإبداع الأدبي يمتلك مجموعة من اللغات يعبر فيها عن أفكاره ومشاعره ويعيد تكوين ماضيه ويعيش حاضره ويحلم بمستقبله. فيما يتعلق بالإبداع الأدبي المغربي باللغات الأجنبية، فمن المعروف أن لغة موليير كانت رائدة ومتميزة في مجال الإبداع في المغرب خلال حقبة ما بعد الاستعمار. لكن الأدبيات المكتوبة باللغة الإسبانية، على الرغم من أنها تنتمي فقط إلى نهاية القرن الماضي، كانت قادرة على فرض نفسها -من حيث الكمية والنوعية- على ضفتي البحر الأبيض المتوسط. بدأت الأجيال الأولى من الكُتاب المغاربة الذين يكتبون باللغة الإسبانية الكتابة من المغرب، وأعينهم وأرواحهم معلقة بالبلد المجاور -إلدورادو- كما كان الحال مع الرواية الأولى المكتوبة بالإسبانية “الحصان” لمحمد الصباري، وتبعها العديد من الروايات الأخرى. مؤلفون آخرون ساهموا كثيرًا في هذا النوع من الأدب مثل محمد بويسف رغاب، محمد شكور، محمد أقلاي، مولاي أحمد الكمون، أحمد محمد ماكرة، سعيد الجديدي، محمد لعرشيري وغيرهم. إذا الأجيال الجديدة استمرت في كتابة نصوص جيدة من المغرب، ينتزع جيل آخر من المؤلفين المغاربة الرواية من الشاطئ الآخر استحوذ بدوره على الرواية المكتوبة بلغة سرفانتس، فقد هاجر بعضهم في سن الرشد لمواصلة دراستهم أو عملهم، كما هو الحال بالنسبة لمحمد المرابط؛ وآخرون استقروا في إسبانيا منذ الصغر -مع عائلاتهم- كما هو الحال مع نجاة الهاشمي أو يوسف الميموني.
في عام 2021، سجّلت الرواية المغربية المكتوبة بالإسبانية نقطة إيجابية وحاسمة في مسارها، حيث أنهت الجدل الطويل الذي نشأ مع نشر كتاب مختارات من الأدب المغربي المكتوب بالإسبانية في عام 1996 من قبل الروائي المغربي محمد شكور والكاتب التشيلي سيرجيو ماسياس بريفيز (Sergio Macías Brevis) المستقر في إسبانيا منذ ثمانينيات القرن الماضي والمتخصص في أدب الضفتين، وهو كتاب أثار اهتمام العديد من المثقفين من كلا البلدين والذي أثار العديد من ردود الأفعال لدى كليهما، مؤيدة أو مُشككة في جودة الأدب المغربي المكتوب باللغة الإسبانية. سيلي هذا الكتاب كتب أخرى، مما أعطى الأدب المغربي المكتوب بالإسبانية ديناميكية أكبر ووعيًا بأهمية هذا الأدب، وهو ليس هامشيًا ولا عرضيًا. في عام 2021 -وحتى قبل ذلك- تحولت الرواية المغربية المكتوبة بالإسبانية من كونها موضوع جدالات وشكوك إلى كونها موضوع جوائز واحتفالات.
نفس السنة ستعرف تتويج جهود العديد من الكتاب المغاربة في الرواية المكتوبة بالإسبانية لكسب التقدير والاعتبار لعملهم. بفضل رواية “يوم الاثنين، يحبوننا” للكاتبة المغربية نجاة الهاشمي، وهي رواية استحقت وفازت بإحدى الجوائز المرموقة للرواية المكتوبة باللغة الإسبانية، جائزة نادال (كونها المرأة الوحيدة -من بلد عربي- وسادس روائية غير إسبانية تحصل على هذه الجائزة، التي أنشئت عام 1944). تقديرا للمسار الكبير لنجاة الهاشمي، بجانبها، نُسجل البداية الجديدة التي قدمها كاتب مغربي آخر من إسبانيا، يوسف الميموني، إلى الرواية المغربية المكتوبة بالإسبانية وبموضوعات جديدة، من خلال رواية “عندما تسير الجبال” أول أعمال الكاتب ذات الطبيعة الاجتماعية والتاريخية.
أطلق المؤلفان الشابان تحديًا جديدًا للروايات المغربية للتعبير الإسباني من كل من المغرب وإسبانيا -ولماذا لا، في القريب من أمريكا اللاتينية- أولًا من خلال معالجة مواضيع جديدة وقضايا اجتماعية وتاريخية وثقافية مشتركة بين الشعبين “المُلزمَين”. لجعل البحر الأبيض المتوسط جسرًا لتقاسم الهويات -وليس عقبة- ومن ناحية أخرى للتنافس مع الرواية الإسبانية في فنائها الخلفي؛ الشيء الذي يمكن أن يكون حجة أخرى للمصادقة على الجودة الأدبية والجمالية للإبداع الروائي المذكور.
يقول الشاعر الكاميروني ندجوك نجانا:
أن تعرف لغةً واحدة فقط،
عملًا واحدًا،
تقليدًا واحدًا، حضارةً واحدةً
أن تعرف منطقًا واحدًا،
ذلك سجن
نجاة الهاشمي، التي تجيد أكثر من لغة، وتعرف أكثر من حضارة، وأكثر من أدب، هي كاتبة تتوق إلى الحرية، وتبحث عنها، وتدافع عنها، وتحميها وتطالب بالحرية -طريقتها في الهروب من أي سجن- سواء في حياتها أو في شخصيات رواياتها. تقول نجاة الهاشمي: «أنا أرفض أن أكون ضحية»، تجعل الكتابة فعل حرية، ترفع صوتها -بقناعة كبيرة- لمواجهة المحرمات الاجتماعية والدينية والهوية للمرأة بشكل عام وللمرأة المهاجرة على وجه الخصوص.
نجاة الهاشمي، امرأة الريف التي تحمل الأمازيغ في لغتها وتحمل مقاومة مسقط رأسها في دمها، وصلت رفقة عائلتها إلى برشلونة وهي في الثامنة من عمرها تقريبًا. تتعلم الكتالونية والإسبانية وتتخصص في دراسات اللغة العربية في الجامعة. نشرت هذه المرأة المتعددة اللغات وذات التراث الثقافي الأمازيغي الكبير وإتقان لغوي لا يستهان به وقدر مهم من المهنة الإبداعية كتابها الأول باللغة الكتالونية في عام 2004 “أنا أيضًا كتالونية”، وهو عمل سيرة ذاتية تكشف فيه وتدافع عن هويتها -وأقرانها- في البلد المضيف؛ عن الهوية، اللغوية والأدبية أيضًا، التي تمكنت من إثباتها من خلال فوز روايتها ” البطريرك الأخير” ، بإحدى الجوائز الشهيرة في الأدب الكتالوني، جائزة Ramón Llull لسنة 2008، التاريخ الذي انطلقت منه الروائية بالفعل رحلة بحثها عن الحريات. ستستمر المؤلفة في نشر رواياتها باللغة الكتالونية بمعدل متزايد سواء في انتظام ظهورها أو في النبرة التي تكتسبها الموضوعات التي تعرضها والمناقشات في كتاباتها. وهكذا، في عام 2011، ظهرت رواية جريئة للغاية لأنها تتناول، من بين أمور أخرى، الحرية الجنسية للمرأة وهو أمر يظهر كذلك من عنوان الرواية “صائدة الأجساد”. موضوع الهوية، على الرغم من بروزه في جميع أعمال الهاشمي، ينعكس بشكل أفضل في رواية ” الفتاة الأجنبية” 2015، وهو عمل بفضله ستنال جائزة Sant Joan de Narrativa. أما أحدث رواياتها باللغة الكتالونية هي “أم من العسل والحليب” 2018.
إذا كانت رواية نجاة الهاشمي الأولى قد فازت بواحدة من أفضل الجوائز في الأدب الكتالوني، فإن روايتها الأخيرة المكتوبة بالإسبانية -وفي نفس الوقت مع الأصل المكتوب باللغة الكتالونية- قد مُنحت إحدى الجوائز المرموقة للسرد باللغة الإسبانية، جائزة نادال 2021 “يوم الاثنين، يحبوننا”، التي صدرت سنة 2020. هذه الجائزة ليست إلا تأكيدا لكل من خصوصية وإبداع الكاتبة التي عرفت كيف تفرض نفسها في مجتمع أجنبي بكل ما فيه من تعقيدات و أن تثبت نفسها بجدارة كبيرة، في عالم الحرف الإسباني (جنبًا إلى جنب مع الفائزين بهذه الجائزة: كارمن لافوريت، آنا ماريا ماتوت، فرناندو أرابال، كارمن مارتن غايت، خوان خوسيه ميلاس …) تقديرًا لاستمرار وصعود الرواية المغربية المكتوبة باللغة الإسبانية ليس فقط في الفضاء الجغرافي المغربي ولكن من مصدر هذه اللغة التي توحدنا على الجانب الآخر من البحر الأبيض المتوسط معلنة طيران الحرية نحو آفاق جديدة .
“يوم الاثنين، يحبوننا”، رواية من 198 صفحة تروي فيها المؤلفة، بأسلوب بسيط للغاية، مذهل وآسر، قصة صديقتين تعيشان في ضواحي مدينة برشلونة، في فضاء جغرافي اجتماعي مشحون و”فاسد”، حيث ستكافح الشابتان ضد ظروفهما الجنسية (كنساء)، وأصلهما (كمهاجرات) وطبقتهما الاجتماعية. تدور أحداث حبكة السرد في العقد الأخير من القرن الماضي في مكان بعيد جدًا ومهمش في ضواحي برشلونة. لن يتم الإشارة إلى اسم البطلة حتى النهاية عندما تأتي لتعريف نفسها على أنها امرأة حرة -وهو إجراء تقني وأدبي ناجح للغاية من قبل المؤلفة لإنكار الهوية الشخصية لشخصيتها قبل الحصول على حريتها أو استردادها-. في جميع أجزاء الرواية، سوف نشهد التغييرات المتعددة والصادمة في الشخصية التي تسعى إلى السعادة من خلال تجربة الحرية. تظهر كفتاة خاضعة -ابنة موح-، (الوصف الذي يرمز إلى انعدام الهوية الشخصية والحرية لأنها تحت الوصاية والسلطة الأبوية)، أمنيته الكبيرة أن تُرضي الآخرين وأن تكون الشخص المناسب، لذلك يتم الإصرار على ذلك بإعداد قوائم لا تنتهي ومتكررة بالأغراض والمهام التي سيتم إنجازها اعتبارًا من يوم الاثنين. لكن عندما ترى نفسها تنمو كامرأة ، فإنها تشعر أكثر فأكثر بالحاجة إلى السعي وراء السعادة، وهو أمر لا يمكن لأحد في بيئتها الأسرية أن يفهمه لأن والدها، المتسلط والقاسي، يجبرها على الانصياع لسلسلة من قواعد السلوك الاجتماعي التي تتكيف معها الأسر المهاجرة، الأحكام والقواعد التي تؤكد، علاوة على ذلك، أنها تنطبق على النساء فقط، مثل وجوب ارتداء الحجاب، وعدم التحدث مع الرجال… حياة البطلة ستأخذ منحى جديدًا لا رجوع فيه في اليوم الذي تلتقي فيه بشابة، تقاربها سِنًّا ، ابنة عائلة مغربية، تعيش أيضًا في الضواحي وتنحدر من نفس بلدة البطلة، ولكن لديها رؤية مختلفة جدًا للعالم ولنفسها لأنها تتمتع بحرية الاختيار في عائلتها. الصديقة تستعد لعالم العمل ولتحمل مسؤولياته كامرأة نشطة ومنتجة وحرة. من خلال صديقتها الجديدة، تكتشف نعيمة أن الحياة توفر لها إمكانيات أخرى لتكون على طبيعتها، دون أن تكون مجبرة على أن تكون صورة مخلصة عن والدتها وجميع النساء في عائلتها أو في بلدتها، دون تحمل العبء الثقيل الموروث، من جيل إلى جيل.
ولكن لتحقيق هذه الحرية، يتعين على بطلة الرواية أن تواجه طريقًا طويلًا وشاقًا مليئًا بالعقبات. من خلال نفس الحلم، الصديقتان تصارعان باستمرار ضد الشروط المقيّدة للهوية الجنسية وطبقتهما الاجتماعية وأصلهما؛ التسميات التي سيكون من الصعب عليهما التخلص منها في مجتمع يرفض الاعتراف لأبنائهم وبناتهم بهذه الهوية التي يحملونها في الداخل لأنهم ولدوا أو نشأوا في البلد المضيف، ويتحدثون لغته ويتشربون من ثقافته، ولديهم المزيد من الروابط مع البلد الذي يعيشون فيه أكثر من علاقتهم ببلدهم الأصلي؛ فهم ببساطة يشعرون أنهم إسبانيّون.
يبدو أن مسار الصديقتين هو قصة شخصية، لكنه في الواقع يُسلط الضوء على قصة النضال اليومي للعديد من النساء اللواتي، من أجل تحقيق مجرد حق إنساني الذي هو الحرية، عليهن أن يعشن ملحمة مأساوية مليئة بسوء الفهم والتحيز والظلم والعنف والتمييز على أساس الجنس والعنصرية… نجاة الهاشمي يمكن أن تجسد صورة البطلة نعيمة وصديقتها. الطريق طويل وشاق ولكن من الضروري أن يستعيد كل فرد حريته ويكتشف هويته الشخصية التي تميز كل حياة عن الأخرى وليس فقط كل مجتمع عن الآخر. لا داعي للقول إن روايات نجاة الهاشمي ملتزمة بالنساء -والمهاجرات بسبب الهوية والثقافة المزدوجة التي يحملنها ويحاكمن عليها على هذا النحو- وبمشاكلهن وتطلعاتهن وأحلامهن المجهضة وحقوقهن المهضومة. شخصياتها أنثوية بشكل أساسي، شخصيات حساسة ولكنها قوية ومقاتلة.
المظهر المناضل والنسوي في نجاة الهاشمي لا تحمله شخصياتها فحسب، بل إنها تسمح بترجمته إلى واقع من خلال نشاطها أو في مقابلاتها وكذلك في دراستها “لقد تحدثوا دائمًا باسمنا” : النسوية والهوية. بيان شجاع وضروري نشر عام 2019 دراسة تُدين بصراحة وبصوت عال كل أنواع التمييز ضد المرأة.
إذًا رفعت نجاة الهاشمي صوتها (كما جاء كعنوان أحد فصول الدراسة: إعلاء الصوت، أصعب خطوة) للحديث عن النساء بشكل عام والمهاجرات بشكل خاص، روائي آخر سيقوم بالخطوة الصعبة وإعلاء الصوت. حين تناول موضوعًا غير مسبوق في الرواية المغربية المكتوبة باللغة الإسبانية وأيضًا غير مسبوق في الرواية الإسبانية، إذا تم أخذ زاوية النظر التي تم التعامل معها في الاعتبار. من الشاطئ الآخر للبحر الأبيض المتوسط، “مختارات الأدب المغربي المكتوب باللغة الإسبانية” ستدمج اسم الروائي الشاب يوسف الميموني.
تم إثراء عالم الأدب الإسباني وقسم الرواية الإسبانية في عام 2021 بميلاد روائي يعد بالكثير من خلال الدخول من الباب الكبير بروايته الأولى “عندما تمشي الجبال”. في نفس العام الذي ولد فيه يوسف الميموني عام 1981، انتقلت عائلته من مدينة قصر الكبير واستقرت في كتالونيا حيث نشأ ودرس فيلولوجيا اللغة العربية والتوسط في الصراعات. دفعته مهنته المرتبطة بالعلاقات الاجتماعية إلى توجيه مساحة للشباب في وسط برشلونة وتوجهه الآخر للأدب والكتابة في العديد من المجلات، فهو يُشرف منذ عام 2009 على عمود في مجلة ماسالا.
نستشف من الموضوع الذي تم تناوله في رواية الميموني الأولى نضجه الأدبي الكبير. فقد اختار موضوعًا تاريخيًا اجتماعيًا يتَّحد فيه مصير المدينتين المتجاورتين؛ انطلاقا من قصة شخصية لشاب مغربي يوافق -لتحسين وضعه- على التجنيد في الجيش الإسباني. نقرأ على الغلاف الخلفي لهذه الرواية السميكة التي نشرتها Roca Editorial؛ ضواحي مدينة تطوان، صيف 1936. يوسف، 15 سنة، يعيش في داره الجفاف والمجاعة تحت الاستعمار الإسباني عندما يسمع وعدًا مشجعًا: في مقابل المشاركة في حرب خاطفة لإنقاذ إسبانيا من الملحدين والشيوعيين، سيحصل على راتب جيد وطعام لعائلته وبعض الأراضي حينما يعود… بمجرد وصوله إلى إسبانيا: … سرعان ما أدرك أن جيش فرانكو يحتقر ويسيء معاملة القوات المغربية الذين، بدورهم، يذبحون وينهبون… يوسف لن يجد ما كان يتوقعه: مدنيون بأسلحة بسيطة يتضورون جوعا.. ستستمر تلك الحرب لأن الأغنياء يخوضونها ضد الفقراء وهم كثيرون. رواية “عندما تمشي الجبال” هي القصة المأساوية، التي تُروى بضمير المتكلم، عن شاهد على الحرب الأهلية الإسبانية يكون الراوي فيها مغربيًا، وهو حدث جديد تمامًا في مقاربة هذا الموضوع في الرواية المكتوبة باللغة الإسبانية.
يهتم مؤلف هذا النص بالجانب الإنساني العاطفي والتأثير الاجتماعي الذي أحدثته هذه الحرب على المغاربة كما يشرح هو نفسه «كل الحروب لديها شيء مشترك وهو أنها كوارث خلقها الإنسان. كنت مهتمًا بمقاربة الجانب الإنساني والاجتماعي من الأشخاص الذين يعانون منها أكثر من البيانات التاريخية»
الموهبة الأسلوبية والإبداعية المتميزة للكاتب يوسف الميموني، بالإضافة إلى قدرته اللغوية التي لا جدال فيها والابتكار الموضوعي الذي يميز نصه، جعلت روايته الأولى تلقى نجاحًا أدبيًا يستحق الثناء والدراسات النقدية الجيدة والجوائز أيضًا.
كخاتمة، يمكن القول إن الأجيال الجديدة من الكُتاب المغاربة يحملون الرواية المغربية المكتوبة باللغة الإسبانية -وأدبها بشكل عام- نحو المكان الأكثر أمانًا. إن رؤية الرواية مكتوبة ومحررة من الشاطئ الشمالي تعطيها رؤية أكبر، وهو ما يفتقر إليه الكتّاب المغاربة أكثر في بلدهم. هذا الجيل الجديد، الذي يمثله كل من يناضل، خياليا وحقيقة، استطاع إعادة خلق الأسلوب والموضوع، وتكييفهما، بنفس الطريقة، مع طلب القارئ وكذلك الاحتياجات والاعتقادات الشخصية. بالإضافة إلى ذلك، فإن ما يعطي الديناميكية والواقعية والقيمة الإنسانية لنصوصه هو حقيقة أنه يعتبر الكتابة / الرواية سلاحًا لكسر الصور النمطية القديمة واستعادة الحقوق والقضاء على التفاوتات …
رواية نجاة الهاشمي: “يوم الاثنين، يحبوننا” ورواية “عندما تمشي الجبال” ليوسف الميموني، تمثلان الاتجاه الجديد للرواية المغربية المكتوبة بالإسبانية. وتقتربان، مع الكثير من الالتزام والجرأة المطلوبة، بمواضيع جديدة أو -على الأقل- مقاربة من زوايا نظر جديدة. إنها قضايا مشتركة بين أن تكون مغربيًا والبيئة التي يعيشون فيها، أي إسبانيا، قضايا تتعلق بشكل أساسي بالهوية، العنصرية، عدم المساواة، التمييز، العنف، الحب، المرأة والحروب.
إنها موضوعات كونية يمكن لأي قارئ أن يجد نفسه فيها، وهو أمر يمكن أن يمنح الرواية بُعدًا أكثر انفتاحًا وعالمية، خاصة وأن منحها جوائز يسمح بسهولة نشرها لجمهور أوسع.