لا يملك الباحث في تاريخ التجربة المسرحية العربية إلا أن يدهش وهو يلاحظ سقوط معظم محاولات انهاض الحركة المسرحية في مستنقع الكوميديا الرثة. ولا يملك إلا أن يتساءل: هل نحن شعب ليس بحاجة الى مسرح؟ أم ان عوامل قاهرة عملت دائما على إعاقة جهود التأسيس لخطاب مسرحي ذي خصوصية، وان استعار أشكاله وانماطه من الغرب، إلا انه يحاول العثور على ملامحه المحلية القادرة على التعبير عن التوق الجمعي لقول كلمة الإنسان في زمانه الموصول ما بين الماضي والمستقبل.
حاول الكثير من الباحثين في تاريخ المسرح العربي معاندة الوقائع التاريخية فافترضوا أن جميع الأنشطة الحكائية-، والملاهي الشعبية هي إرهاصات مسرحية. بل ذهب البعض الى القول بأنها مسرح حقيقي، وإنها "مسرحنا" مقابل المسرح اليوناني وتجلياته وصولا الى المدارس والانواع المسرحية التي انتشرت في الغرب طيلة الألف والخمسمائة سنة الماضية.
وهكذا نجد باحثا يفترض ان "المقامات" هي جذر المسرح العربي. بينما يرى آخر ان الألعاب والملاهي هي ذلك الجذر. في حين يرى آخر ان الاراجوز هو أصل الممارسة المسرحية العربية، وذهب بعض المسرحيين المعاصرين الى أقصى حد حين استنبطوا من بعض هذه الانشطة ما افترضوا انه تطوير لخطابها يمكن ان ينتج خطابا مسرحيا عربيا معاصرا.
بل ذهب بعض الباحثين الى التجاوز على الأنماط اللاتشخيصية، فنسبوا اليها إمكانات درامية كامنة، كالحكواتي والقصاص.
ويظل التساؤل غير المشبع يدور حول نقطتين: هل انبثقت هذه التعبيرات من حاجة الناس، أو حاجة مؤديها الى التعبير عن خطاب فكري واجتماعي وسياسي ملح في أزمنة انتاجها؟ ولماذا لم تتطور تلك التعبيرات الى صيغ درامية أكثر جدية في خطابها وأهدافها وأساليب اتصالها بالجمهور.
ونحن حين نصف الجهد والتوجه بـ" الجدية" فإننا لا نوميء الى استبعاد الكوميديا. بل على العكس تماما، فان ما يثير الدهشة إننا، على الرغم من شيوع الهزليات والمهازل على خشبات مسارحنا، نفتقد الكوميديا المحقة، تلك التي استحق عنها "اريوفو" جائزة نوبل.
وهكذا، يفترض بنا ونحن نتأمل في واقع مسرحنا أن ندهش، ليس فقط لانه لم ينجب تشيكوف وكامو وبيكيت وإبسن.. الخ، بل ولأنه لم ينجب "داريوفو" على الرغم من وفرة الفنانين الكوميديين المرموقين في تاريخ المسرح العربي الذين نالوا الشهرة والمجد والمال، ولكنهم عجزوا عن إدراك عبقرية الكوميديا.
أم أنهم أحجموا عن ذلك؟
ترى، ما سر داريوفو، بما اننا بصدد التأمل في غياب الكوميديا المحقة في حياتنا المسرحية؟
وصف بيان الأكاديمية السويدية "داريوفو" بأنه: "مثل المهرج في العصور الوسطى، يختطف السلطة ويعيد للمستضعفين كرامتهم".
ولذلك، ولأنه بمزيج من الضحك والجد يفتح عيوننا على الظلم والفساد في المجتمع، استحق جائزة نوبل.
وعلى الرغم من أن هذا الكلام "كبير" ويلتبس لدينا بالمحظورات. إلا أن بإمكاننا أن نتخيل حسرة عشرات المسرحيين العرب وقد أدركوا فداحة ما فاتهم حين فصلوا ما بين الجد والضحك.
ولكن، من كان يتخيل أن الكوميديا يمكن أن تختطف جائزة نوبل في يوم من الأيام، إن داريوفو نفسه فوجئ بذلك، وكذلك الإيطاليون الذين واكبوا تجربته العنيدة لعقود طويلة.
***
التجربة العنيدة إذن هي المفتاح السحري، فقد مضى داريوفو في منهجه الذي صار سر وجوده ومبرر كينونته. ولعشرات السنين لم يشغله سوى اهز يد من العمل وتطوير تجربته والبحث عن جمهوره الحقيقي، وعن الوسائل المثلى لتجاوز الصعوبات والمعوقات.
فقد تعلم من بيئته إن الضحك يفتح عقول الناس ويجعلهم قادرين على إدراك أفكار ما كان يمكن إدراكها بطريقة أخرى. فعمد إلى الحكايات التراثية ووقائع الحياة المعاشة ليقدم من مزيجها المبدع نصوصا مسرحية ساخرة مكتوبة بخلفية جادة ترفض المساومة. وحين أدرك عجز الأنماط المسرحية التقليدية عن اجتذاب الجمهور عمد إلى ابتكار نمط مسرحي جديد، عماده النص والممثل وتوجه به إلى جمهور الطبقة الوسطى والطبقات الفقيرة. ولم ينتظر الجمهور، بل ذهب اليه حيث هو، في المعامل والمقاهي والقرى، فاستطاع بذلك اكتساب دور اجتماعي سياسي في مجتمعه. وبتوفره على ثقة جمهوره استطاع مواصلة هذا الدور والتفرغ للمزيد من الإجادة والبراعة.
ولم يكن طريق داريوفو مفروشا بالزهور، ولا بالإعلانات الضخمة أو ميزانيات الإنتاج، أو أسماء النجوم اللامعة. بل على العكس فقد أدى تمسكه بمواقفه ومصادماته الدائمة مع الدولة والكنيسة والأحز اب اليمينية واليسارية، إلى وقوعه تحت خط التهديد الجدي والمحاربة الشرسة.
فما الذي يجعل الفنان على هذه الدرجة من الجرأة والصلابة والمقاومة والعناد؟
إنه، ببساطة إدراكه لمسؤوليته "الشخصية" عن مصيره الفردي والجمعي معا. ان إدراك المسؤولية الشخصية هو ما يشد من عزيمة الإنسان على انتزاع حقا في التعبير عن هذه المسؤولية وممارستها بالوسائل التي تتيحها له قدراته ووعيه.
ولا شك إن الكثيرين قد تساءلوا بمناسبة نوبل داريوفو، وربما قبل ذلك أيضا. لماذا ليس لدينا "مفكر ومسرح"، فنانون رصينو الوعي والفكر، يتخذون المسرح رسالة حياة ولا ينتظرون من وراثه القطاف العاجل لثمار مادية أو أدبية؟ لماذا ليس لدينا "مضحكون جادون" يدركون قيمة مواهبهم ولا يستثمرونها من أجل مرابح شخصية أو يخجلون مما يعتقدون أنه موقع اجتماعي هش للممثل الكوميدي.
ولماذا – الرصينون والمضحكون لدينا على قدر من الهشاشة تجعلهم مشاريع مؤقتة قلقة تنتظر المكاسب والاعتراف والتطمينات، فان لم تحصل عليها وفق توقيت محدد انهارت أو انحرفت أو انسحبت غارقة في السوداوية؟
في تقديرنا، إن ذلك يعود في بعض جوانبه إلى عقدة مركزية يمكن تلخيصه بـ" عدم الانتماء إلى الواقع" ويمكن تطوير هذا المفهوم بتأمل وجهه الأخر وهو: "انتفاء الشعور بالمسؤولية الشخصية إزاء المحيط اعتبارا من أصغر وحدات المحيط وحتى أوسعها.
إن إنسان هذه المنطقة يحمل إرثا عميق الجذور وشديد القسوة حول ما يتعلق بمسألة انتماء الفرد إلى الكون. ولا يعود ذلك إلى العقائد الدينية القديمة التي كانت تربط الإنسان الفرد بالآلهة، بل بالوسائل التي كانت السلطات السياسية – الدينية تحافظ بها على دورها كوسيط ددنصف إلهيه، بين الفرد والآلهة، وهي وسائل بالغة القسوة تقوم على أساس واحد هو أن الفرد ليس سوى خادم مملوك للآلهة، وبالتالي لوكلائها في الأرض: الحكام والكهنة.
ويتوارث هذا الإرث كر هن الحاكم والمحكوم على مر الأزمان.. ولكننا تحت تأثير التحولات التي عصفت بالعالم. منذ أوائل هذا القرن، وانفتاحنا على ثقافات العالم، وخروجنا الي حيث منابعها، والعصرنة التي غزت حياتنا، اندفعنا إلى خوض تلك الاندفاعات الى مرحلة المسرح الذهبية في الستينات.
إلا إن مرحلة الستينات كانت مرحلة استقطابات سياسية حادة وأخطار مصيرية رزحت تحت غطاء ثقيل من الشعارات والتوترات وأخطر تلك الشعارات على الثقافة والفنون، ذلك الذي يحمل المثقف والفنان مسؤولية "الحفاظ على الصف الوطني من الانشقاق".
ففي ظل هذا الشعار أحبطت الرؤى الفكرية والفلسفية وكبحت الأفكار وقننت اللفة ووضعت السدود في مجرى الأفكار حتى ركدت أو تسربت إلى الأعماق المظلمة.
وبعبارة أوضح فقد أعيد وضع الفرد في المكان الوحيد اللائق به: "في خدمة الوسيط نصف الإلهي".
وهكذا، وفي ظل الشعار المعروف: "في هذه المرحلة العصيبة التي تمر بها أمتنا". جرى التفاعل بين ما يريده الفرد المبدع وما تعلمه واستقاه من تجارب ومعارف الآخرين في عالم صفير تختزله وسائل الاتصالات والمواصلات خارقة السرعة، وبين ما يريده الحاكم من تجيير كامل لرؤى المبدع لصالح مشاريعه، أو على الأقل تحييد تلك الرؤى بحيث لا تشير إطلاقا إلى أي نشوز في الرؤية الجمعية لتلك المشاريع.
وبعبارة أكثر وضوحا قطع صلة المبدع بواقعه، أو تمييعها إلى درجة تفقدها فعاليتها، وهذا أحد وجهي العملة. اما الإرث الموغل في القدم فانه يقلب على الدوام وجهها الآخر: "إحباط الشعور بالمسؤولية الشخصية إزاء المحيط".
إن ما فعله داريوفو لم يكن سوى التقاط حاد لوعي متقد الوسائل في مخاطبة الجمهور. وبالمقابل، فقد التقطت الأكاديمية السويدية قيمة هذا الفنان "المهرج".
فالأمر لا يتعلق بمنح جائزة لمسرحي، حيث يعج العالم بمسرحيين يصارعون معضلة التوجه نحو الجمهور للاستيلاء على اهتمامه، وبالأحرى على ولائه.
ان الأمر يتعلق بمنح الجائزة لكوميديان.. مهرج تحديدا.
وإذا ما كان داريوفو وريثا لسلسلة طويلة من المهرجين الذين اختطفوا سلطة الخطاب المسرحي من وظائفها الوعظية الجامدة وانطلقوا نحو جمهورهم بعيدا عن سيطرة الكنائس والقصور في أوروبا طيلة قرون طويلة، منذ العصور الوسطى وحتى عصرنا الحالي، فهل كان لدينا نحن أيضا مهرجونا، وأين نجد آثارهم، وكيف نتقصى أخبارهم، ومن هم ورثتهم في زماننا.
جذور الارتجال التمثيلي
بإمكاننا مبدئيا العودة الى التاريخ القديم، عندما كانت التعبيرات الدرامية الاولي وقفا على الطقوس الدينية والعبادات. تلك الصيغ الصارمة التي لا مكان فيها للانسان من حيث هي علاقة سرية بين الآلهة وممثليها على الأرض. وفي تلك الأزمنة كان التدوين يتم تحت إشراف صارم من المعبد والقصر فلم يصلنا إلا القليل عما كان الناس يبتكرونه لإشباع غريزتهم الدرامية. ونعني بذلك تحديدا الاستعراض والكوميديا والارتجال.
فالمدونات التي توميء إلى التجربة الدر امية الطقسية وافرة، وقد أصبحنا متأكدين الآن من أن احتفالات رأس السنة البابلية كانت تشمل تمثيلا لموت وقيامة مرد وخ وطقوس الزواج المقدس، وتلاوة قصة الخليقة. كما ان مراثي المدن تتضمن إشارات واضحة على أنها كانت تمثل أمام جمهور. ولكن ذلك كله يظل في إطار الطقوس الدينية. أما الإشارات إلى الارتجال وبوادر اللغة النقدية. وبالتالي الكوميديا فقد تجلت في:
1- الحكواتي: وهناك إشارات حول "رواة قصص عموميين يجمعون حولهم في الأماكن العامة العديد من المستمعين المتحمسين لكي يتعلموا شيئا عن الأعمال العظيمة التي حققها الأبطال"
2- الارتجال التمثيلي: أو أدب المنافسات، أو "الرجل ضد الرجل" وهي ترجمة للكلمة البابلية «تسيتو» حيث يتبادل ممثلان النقد اللاذع من موقع تمثيلي لا يلبث أن يتخذ صفة واقعية فيأخذان بالاشتباك اللفظي بصفتهما الشخصية".
وسوف نرى إن هذا النوع من الارتجال التمثيلي قد وجد في العصر الجاهلي، وعرف بـ "المناظرة" ثم تطور ليعرف في العصر الأموي بـ "النقائض" ولا تنطوي النقيضة على بغض. بل لا تعدو إن تكون رياضة في المهاجاة لشحذ البيان.
أما في العصر الحديث فقد عرف بـ" الإخباري" وقدم في بغداد في مطلع هذا القرن على نطاق واسع، ويعتمد الإخباري على التهكم والسخرية والوصف المضحك الذي يوجهه المتحاوران إلى بعضهما البعض ولم يلبث أن تطور في منتصف القرن إلى مشاهد هزلية لا تخلو من عقدة دراسية
بسيطة.
وهناك نوع آخر للارتجال التمثيلي في العراق القديم عرف بمحاورة السيد والعبد، أو التشاؤم والسخرية، وهو تطوير للنوع السابق من حيث انطو ائه على هدف يتمثل في خلق أفكار جديدة، ثورية وعبثية. وقد عرفت هذه المحاورات لدى الأ غارقة الذين استخدموها كما يرى "توينبي" واسطة للجدل الفلسفي. ويصف "جاكوبسون" في كتابه "ما قبل الفلسفة" بان تلك المحاورات ابلغ تعبير عن مكتشفات العقل الرافديني في تلك الحقبة، حيث "ما من شيء إلا ويعوزه الخير، وما من شيء جدير باهتمام الإنسان".
3- الاستعراض: وأوسعها تتم على الجانب الشعبي من احتفالات رأس السنة البابلية. ففي حين تجري الطقوس التمثيلية داخل المعبد وفي سرية تامة، ينطلق الناس في الشوارع ليمثلوا فوضى العالم مدمجة بالحزن على موت إله الخصب، فتطلق عربة هر دوخ لتسيرني الشوارع دون سائق فتثير الرعب والفوضى وقد تصحبها الهة "عشتار" لتقوم بالنواح على الإله، في حين يمثل الجمهور حربا تجتاح الشوارع. وقد تزاد جرعة الفوضى في النهاية بإطلاق يد أحد المجرمين متنكرا في لباس الملك للعبث بالمدينة، وهذا لإعطاء صورة هي الأقرب إلى الفوضى قبل إن ينبري مردوخ إلى تنظيم الكون.
فلماذا لم تتطور فنون القول والتشخيص والاستعراض في العراق القديم ومصر الفرعونية. فلأن الاتجاهات ذات النزعة الفردية في الفن كانت تقمع في مهدها. فقد كان "الفن فنا رسميا وليس فرديا"، كما يرى طه باقر. إن أهم سببين لانقراض الطقوس الدينية والاستعراضية القديمة اقتصارها على وظيفتها الدينية، وعدم اتخاذها الإنسان مادة وموضوعا لها.
أما في اليونان
وهذا على العكس مما جرى في اليونان. ففي الأساس كانت الطقوس الدينية هي ذاتها، وان كانت تقام من أجل بعث الإله "ديوينزوس" وحتى الطقس الشعبي المنطلق في الشوارع بعيدا عن أسرار الطقس الديني كان مشابها لما كان يجري في العراق القديم. لكن اليونانيين انطلقوا من التمثيلية
الطقسية المصاحبة لبعث "ديوينزوس" فبلغوا تراجيديا اسخيليوس التي نعرفها. ولعلهم وجدوا في الطقوس الشعبية المهاد الملائم للعروض المسرحية التي واصلت تطورها لتبلغ ذرى الكوميديا.
فمنذ الإزاحة الكبرى التي أحدثها الكتاب الأغارقة ونجحوا في فصل الخطاب المسرحي عن الطقس الديني، حتى انتقلت الدراما إلى فضاءات إنسانية بدخول مآسي البشر وحلولها محل مآسي الآلهة وأنصاف الآلهة.
ولم تكن تلك الانتقالية ترفأ فكريا، بل كانت تعبيرا عن ضيق الناس بتصلب الطقس الديني ووظيفته الاستعادية الثقيلة على البشر الذين صاروا يتطلبون رؤية ذواتهم في الدراما.
يرى المؤرخون ان التراجيديا الإغريقية لم تستغرق سوى قرن ونصف القرن، إذ لم تلبث إن اكتسحتها الطقوس الدنيوية التي يقدمها الممثلون الجوالون. وفي هذه المرحلة بدأت حقبة "الكوميديا الاتيكية القديمة" التي تميزت بالنقد السياسي والسخرية من الشخصيات المعاصرة ومن عادات العصر. ومن ابرز رموزها يوربيدس وارستوفانيس.
إلا إن تقييد الحريات السياسية في أثينا في القرن الرابع قبل الميلاد عمل على الحد من جموح الكوميديا مما دفع مؤلفي المسرح إلى التحايل على قوانين الرقابة من أجل التوغل في حياة المجتمع بطريقة هجائية ساخرة، والهدف واضح، وهو توجيه الرأي العام من خلال التسلية، وقد
وصفت هذه المرحلة بمرحلة "الكوميديا الاتيكية الوسطى" وكان الحكام يمارسون خلالها رقابة تنعق في قوتها قوة القانون. وهكذا اتسعت المحظورات ابتداء من حظر الافتراء على الأصوات، ثم حظر نقد الكهنة والقضاة، ثم حظر الطعن بالشعب حتى انتهى الأمر بمنع التصدي بالمحاكاة الساخرة لأي مواطن.
وتنتهي قوانين القمع بإخراس الكوميديا. لذا فقد شاع الهزل وتولى الجوالون والمهرجون التعبير عن الحياة بعيدا عن المسارح ورقابة الدولة، في القرى وعلى الطرقات مستخدمين وسائل التعبير والتوصيل المناسبة. الهزل، المحاكاة الساخرة، الألعاب، الارتجال واللغة الخشنة.
وسوف نرى إن هذا الانقلاب يتكرر مرة بعد أخرى عبر التاريخ وصولأ إلى عصرنا الحالي في هيئة حقب مسرحية يبدأ المسرح فيها "دينيا تعليميا" ثم ينتهي إلى الانجذاب إلى جمهور الطبقات الدنيا محطما القوالب الجامدة رافضا الوظيفة الوعظية متخذا الكوميديا والترفيه وسيلة للتعبير عن الذات الجمعية.
مضحكون عبر التاريخ
وعلى الرغم من إن الطقوس الدينية القديمة "الرافدينية والفرعونية" لم يتسن لها التمهل الى دراما، ومن ثم الى كوميديا، فاننا سوف نلاحظ "وهذا مهم جدا" إن اندفاع الناس نحو التعبير عن أنفسهم من خلال الكوميديا، وعلى أيدي المضحكين قد تم رصده عبر التاريخ، إلا انه ارتبط دائما بالنماذج الهامشية، اجتماعيا وثقافيا. ويعيد المؤرخون ذلك إلى بداوة المجتمع العربي – الإسلامي، أو إلى القبلية التي لا تعترف بالنزعة الفردية، أو إلى المحاذيو الدينية التي حالت دون ترجمة التراجيديات اليونانية.. إلى أخر الأسباب المعروفة والتي تداولها الباحثون طيلة عقود من الزمان في محاولة لتفسير غياب الظاهرة المسرحية لدينا.
في العصر الأموي شاعت الانشطة الحكائية والتشخيصية، ولعل أهم ما يكن الاشارة اليه هنا التطور الذي طرأ على وظيفة "القصاص" التي بدأت على عهد الخلفاء الراشدين دينية خالصة، سرعان ما تحولت الى نصف دينية ونصف دنيوية نتيجة إقبال العوام على القصاصين. ونتيجة للتغيرات الديموغرافية والطبقية الناتجة عن الفتوحات فقد حصل التفاعل المتوقع بين القاص وجمهوره، فالعناية بالجمهور الواسع المتنوع هي سمة الحياة المدينية. وبالمقابل فقد عملت ثقافات وخلفيات المجموعات السكانية المتنوعة على التأثير في الخطاب الأدبي والفني وحتى الفكري عن طريق التيارات النشطة للمعتقدات والموروثات والعادات واللغات واللهجات والخلفيات التاريخية لفئات المجتمع.
يصف محمد زكي مبارك هذه المتغيرات في كتابه "النثر الفني في القرن الرابع الهجري" بأنها "انتقال من التقليد إلى التجديد" حيث التقليد سمة العصر العربي الخالص بينما التجديد سمة عصر برز فيه تأثير الموالي الذين صاروا يتطلبون "من يستطيع مخاطبتهم".
وقد تجلى تأثير الأدب في ذلك العصر بظهور أدب رفيع يصور أخلاق الناس في المجتمع الإسلامي في حياته العادية، وبظهور أدب المقامات وهو أدب نقدي هجائي لاذع اتخذ من فخامة اللغة وسيلة للترفع عن الواقع شكلا ومقاربته مضمونا، وكذلك بشيوع أدب السمر الذي لا يعرف مؤلفوه، كما جاء في كتاب "آدم متيز" "الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري" وهي كتب تزخر بقصص الفروسية والنوادع وحكايات العوام ودهاء النساء.
فإذن، كانت هناك العامة التي اجتذبت اهتمام القصاصين. وقد بدأ هذا الاهتمام في الأساس كجزء من الوظيفة الدينية الوعظية للقص، ثم عبر محاولة بعض القصاصين إيجاد علاقة بين المسائل القرائية وما شاع في المصر من حكايات وأقوال.
وفي مرحلة تالية، ونتيجة لتحسس القصاصين ميول العامة والاستجابة لها جعلوا "يجملون" قصصهم. الأمر الذي عرضهم لسخط المتصوفة الذين وصفوا القصاصين بأنهم "دجاجلة" كما جاء في كتاب ابن الجوزي "القصاص والمذكرين".
فما هي عناصر تجميل القصر التي عمد اليها "الدجاجلة".
1- استخدام الديكور، مثل الباس المنبر الخرق الملونة.
2- المكياج: مثل التبخر بالزيت والكمون لإكساب الوجه. اللون الأصفر، وحمل أحدهم ما اذا شمه سال دمعه.
3- المؤثرات الصوتية: مثل الضرب على سطوح خشبية للايحاء بالذرى الدرامية.
4- التمثيل: مثل خرق الثياب والإيقاع بالقدم، ورمي النفس من على المنبر تواجدا، والتخاشن زيادة على ما في قلب الواعظ، والارتعاد والتباكي تصنعا.
ويحكي ابن الجوزي عن قاص شوهد يقص في الناس وهو قائم على أربع، وذلك "ليحكي عبدالرحمن بن عوف على الصراط يوم القيامة".
إن ما وجده ابن الجوزي علامات انحطاط لفن القص يرده "شارل بلات" في كتابه "الجاحظ في البصرة وبغداد وسامراء" تطويرا للجانب الحركي والإيمائي، اقترابا من المسرح.
إلا إننا يجب الا نغفل عن حقيقة إن وقوع فن القص تحت ضغط متطلبات مزاج العامة، وانسياق القصاصين إلى تلبية تلك المتطلبات، ربما يكونان قد حالا دون تطور الحكاية كممارسة دراسية جادة تستجيب لشروط تخلق الدراما من رحم الحكاية.
لقد جسدت مهنة القص داخل قوالبها وتحولت الى استلهام السير البطولية الشعبية، ليتحول القصاص إلى حكواتي واصل وجوده حتى بدايات هذا القرن قبل أن تنهيه ومسائل الترفيه الحديثة، واسعة الانتشار كالسينما والاذاعة.
إننا في الواقع لا نراهن على تجربة القصاص باعتبارها جذرا للتجربة المسرحية الغربية، فالتجربة التشخيصية الأهم هي تجربة "المخرجين".
مخرجون مهرجون .. لكن!
إذا كان القصاصون والحكواتية رواة قصص وقول، وإن كانوا قد استخدموا التقليد لجذب الجمهور، فان المخرجين قدموا بوادر التمثيل الكوميدي الناقد لكن أخبارهم التي شاعت في القرن الثاني للهجرة سرعان ما تلاشت، في حين ظلت أخبار القصاص تردد وتتواصل حتى بداية هذا القرن كما ذكرنا.
يحكي ان جريرة كان ينشد الشعر فتصدى له أحد المخنثين قائلا: "ويل لي يابا" فنهره الجالسون قائلين: "اسكت ويلك، هذا جرير" فقال المخنث: "وأي شيء يقدر أن يعمل لي، أن هجاني أخرجت أمه في الحكاية"!
ويبدو واضحا ان تهديد المخنث يمكن ان يعد وعيدا مخيفا معادلا لهجاء جريي في نظر المجتمع الأموي وربما في نظر جرير نفسه.
وبعد هذا التاريخ بأكثر من قرن ونصف يهدد مخنث أخر شاعرا متقدما باخراج أمه في الخيال.
فقد اشتهر "عبادة" وكان طباخا للمأمون بـ "المخنث" وكان خفيف الروح حاضر النادرة. فقال له الشاعر "دعبل" يوما: "والله لاهجونك" فرث عليه عبادة: "والله لئن فعلت لاخرجن أمك في الخيال".
فإذا ما علمنا ان دعبل شاعر متقدم مطبوع هجاء خبيث اللسان لم يسلم من هجائه خليفة أو وزير فسوف ندرك أن تهديد عبادة له يمكن ان يكون أشد وطأة على دعبل في هجائه للأخرين.
وسوف نرى انه كذلك.
كان القاضي "الخلنجي" تياها صلفا، وقد تقلد قضاء الشرقية في خلافة الأمين، وقد عمل بقنص المجان عليه حيلة وهو يجلس للقضاء في المجلس فاضحكوا عليه الحاضرين. وشاعت القصة في بغداد، فعمد "علوية" وعمل حكاية عن الحادث "واعطاها للزفائين والمخنثين فأخرجوه فيها" كما جاء في كتاب الأغاني لأبي فرج الاصفهاني. وكان علويه ابن أخت القاضي، يعاديه لمنازعة كانت بينهما، ففضحه. وكان من نتيجة ذلك ان استعفى الخلنجي من القضاء في بغداد.
نحن إذن ازاء حكاية "تعمل" و "تعطي" لاخرين "ليخرجوا" فيها أشخاصا بقصد تضخيم عيوبهم واضحاك الناس عليهم. ولابد انه كان لهذا النوع من الحكايات جمهور واسع حتى يصبح التهديد بها مخيفا، وتنفيذها مؤثرا الى درجة استعفاء قاض من مركزه الخطير..
لكن، لماذا اقترنت الحكاية "الإخراجية" بالمخنثين؟
يرى "جون دوفينو" في كتابه "سوسيولوجية المسرح" ان الفنان المجرد من أي وضع اجتماعي يبدو اكثر تحسسا بالاضطراب الذي يصيب المجتمع كله عندما يضع نفسه في موقع هامشي وقد فصل عن الضغوط والقواعد التقليدية. اما اقتصار هذه الممارسات على المخنثين دون غيرهم، أي دون أن ترافقها تعبيرات موازية ذات مستويات رفيعة وعميقة، فانما يدل على جدية الموانع التي تحول دون التعبير عن حركة التيارات العميقة للمجتمع.
وانه لمن المؤسف أن هذه الكوميديا لم يتولها أدباء معتبرون، كما سبق لتاريخ الكوميديا اليونانية أن شهد ممارسة مشابهة كان "أريستوفان" فارسا من فرسانها في حقبة الكوميديا الاتيكية القديمة حيث يتصدى الشاعر للسخرية من معاصريه المشهورين ويجلد عادات عصره ويمارس النقد السياسي ويسدد سهامه إلى أهداف مرموقة.
وهكذا، اندثرت تجربة المخرجين، وفي الواقع فان اخبارهم لم ترد الا في ثنايا سير الشخوص "وبخاصة العفنين" باعتبارها من الطرائف والنوادر. وطبيعي ان الأمر يعود إلى كونهم من المخنثين في الغالب.
إذن، هناك بالتأكيد تأثير فعال للعامة ولمن يتحسس مزاجهم في كل زمان وسواء على صعيد الطقوس الدينية القديمة أو عمل القصاص في صدر الإسلام والعصر الأموي، فقد حدثت حركية واضحة باتجدد التشخيص المتأثر بمزاج العامة، إلا ان "النوع" الناتج عن هذه الحركية لم يقم به أدباء معتبرون، بل ترك للنماذج الهامشية لتحوله إلى ممارسات فضائحية بالدرجة الأولى.
ان اختراق الوظيفة الوعظية كان يتم، ولكنه لا يتطور، إذ سرعان ما يقع في الرثاثة ثم الاضمحلال.
ان الأنماط الدرامية والحكائية الصارمة تصل دائما الى حاجز الرفض، رفض الجمهور الذي يتطلع الى إشباع غريزته الدرامية الفطرية. واذا ما كانت التجارب القديمة قد ضاعت في النسيان نتيجة حرفة التدوين، فان بإمكاننا ان نفهم الأسباب التي حالت دون تطور التجربة الدرامية التي ابتدعها "المخرجون".
ومن بين هذه الأسباب انصرافهم إلى الاضحاك والتسلية فحسب، وانفتاح المجتمع الأموي المتأخر والعباسي على أنماط تسلية أخرى كالفناء والرقص والموسيقى والالعاب التي وجدت في قصور الخلفاء والأمراء والاغنياء حقولها الخصبة وازد وار جوانب المتعة التي تقدمها لروادها وهي جميعا متع سهلة التناول خفيفة الوطء على العقل مدمجة بملذات اشاعتها عوامل الوفرة والرخاء.
فقد كان أي تطوير يجري على الموسيقى والرقص والفناء يزيد من استمتاع متلقيها ويخفف من درجة اتصاله بالواقع المعاش، في حين ان أي تطوير للممارسة التمثيلية يقربها من فاعليتها الأساسية، وهي صلتها بالواقع وكشفها عن تيارات الفعل الحقيقية في المجتمع. وهو أمر كان ممقوتا على الدوام من قبل الحكام الذين قادوا العملية الثقافية وتحكموا في اداتها، سواء بتقديم النموذج العملي في الاختيار، أو في إسباغ النعم والمغانم على فريق وحجبها عن أخر من المبدعين وفقا لمحاييي لا تتعلق بقيمة الإبداع بشكل اساسي.
لقد تردت مستويات الأنماط التمثيلية القديمة لعجزها عن التعبير عن نبض المجتمع وإخفاقها في إشباع حاجة الفرد والمجموع إلى التشخيص والتماثل مع الشخوص الدر امية، وما لبثت ان انزوت بعيدا عن التأثر، وكان من الطبيعي بعدئذ أن تموت. وإن كانت ستظل دليلا على دور الكوميديا في التعبير عن حاجة العامة إلى من يترجم توقهم إلى الإفصاح واكتشاف ذواتهم في ذات مبدعة.
وصولا إلى..
ان الأمر نفسه يتكرر.. لقد استعرنا المسرح هذه المرة من أوروبا فقلدناه بقوالبه ونصوصه وأساليبه، وواصلنا استيراد الأساليب والمدارس والأشكال المسرحية، وجعلنا ندرس ذلك كه في مدارسنا وجامعاتنا.
ولكن..
مرة بعد أخرى ظلت محاولات تأسيس خطاب مسرحي عربي تسقط في منزلق مزدوج وجهاه: فشل المسرح في التعبير عن نبض الناس، وميل الناس نتيجة ذلك إلى الهزليات الرثة التي سرعان ما تخترق قواعد الإنتاج وتكتسح الساحة.
ان اكتساح الكوميديا للمسارح في العقدين الأخيرين وقدرتها المذهلة على اجتذاب الجمهور اصبحا حقيقة إنتاجية لا يمكن فهمها إلا باعتبارها تعبيرا عن حاجة الناس إلى اكتشاف أنفسهم في خطاب يقارب مهاناتهم التي لا يستطيعون التعبير عنها بوسائل أخرى.
إلا ان الكوميديات – عبر التاريخ – محكومة بالذبول، لأنها تفشل في تطوير رؤيتها وتضمينها الجوانب الفكرية والاجتماعية، اما الإضحاك فلا يلبث أن يسامه الناس مهما طال الزمن.
فلماذا لا تقترن الكوميديا العربية بالالتزام الفكري الصلب والواضح؟ ولماذا تقترن دائما بالمواقع الهامشية وترضى بالمكاسب الهشة؟ هل تنبثق التعبيرات المسرحية من حاجة الناس، أو حاجة الفنان إلى التعبير عن خطاب فكري ملح في زمن محدد؟ ولماذا لا تتطور إلى صيغ دراسية في خطابها وأهدافها وأساليب اتصالها بالجمهور.
في تقديرنا ان البدايات الجادة التي اتخذت وسيلة لتوضح الهوية الوطنية أو القومية أو الثقافية قد وقعت بين مزدوجين صارمين: الأول إصرار منتجيها على اتخاذها بمثابة بيانات خطابية تنقصها المتعة، التي هي الرافعة الأساسية لتقبل الناس الدراما، اما الثاني فوقوعها تحت طائلة الإلزامات الشهارية ثقيلة الوطأة.
وحين يعجز المسرح عن تطوير عناصره، ومن بينها تقديم المتعة والتسلية لجمهحى«، فانه يخترق بالنزعة الفجة للتهريج وفي الحالين فان إشكالية الخطاب المسرحي العربي تعود إلى بنية فكرية محكومة بمعادلة موروثة صلبة تتلخص بعدم مسؤولية الفرد، لا عن مصيره الفردي ولا عن مصير الكيان الجمعي الذي ينتمي اليه.
ولعل الأمر اكثر تعقيدا مما يبدو على السطح بالفعل، وإلا لما ظلت الاستعارة هي الأساس في الإنتاج الفكري – الفني لدينا، ولما ذبلت محاولات التأصيل وإدراك الهوية الجمعية الذاتية على الدوام – تقريبا دون ان تترك وراءها سوى المزيد من الخلافات والاختلافات.
كما رأينا، فان الدورة التاريخية التقليدية للعملية المسرحية هي تكرار مدهش ها حصل في اليونان حين افترقت الكوميديا الناقدة جمود التراجيديا الكلاسيكية، ثم لم يلبث أخول الديموقراطية وضيق الحكام بالخطاب المسرحي ان عمل على دفع المسرح شيئا فشيئا نحو السطحية والهشاشة حتى يسقط في الاضمحاك السطحي العابر. ثم، وبعد تحلل الفكر تسود التسلية المتمثلة في الألعاب والتهريج.
فلماذا ليمس لدينا نحن "دورات" مسرحية؟
لماذا تتعثر لى ائما محاولات التأصيل؟
لماذا لا ينجح مسرحيونا في استنباط أشكال وصيغ المسرح من الواقع؟
لماذا ليس لدينا مضحكون محترمون يواصلون احترام الكوميديا وتطوير دورها، فلا يخجلون منها فينبذونها في النهاية، أو ينحدرون بها سريعا نحو التهريج؟
لماذا لا يوجد لدينا مسرح؟
أسئلة، لم تعد محيرة..
إلا أنها ستظل دائما جارحة.
المصادر:
1- «ما قبل الفلسفة» توركلد جاكوبسون. ت: جبرا إبراهيم جبرا، مكتبة الحياة – بغداد.
2- "سوسيولوجية المسرح" جان دوفينو. ت: حافظ الجمالي، وزارة الثقافة – دمشق.
3- "تاريخ المسرح في ثلاثة الاف عام" شلدون تشيني. ت: دريني خشبة – وزارة الثقافة – مصر.
4- "المسرح وقلق البشر، بيبر" أجيه توشار. ت: سامية أحمد أسعد، الهيئة المصرية للكتاب.
5- "الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري" أدم متيز. ت: عبدالهادي أبو ريدة، لجنة التأليف والنشر.
6- "حضارة الرقم الطينية": كريستوفر لوكاس. ت: يوسف عبدالمسيح ثروت، دار الجاحظ – بغداد.
7- «تاريخ البشرية» أرنولد توينبي. ت: نقولا زيادة، الأهلية للنشر – بيروت.
8- "الجاحظ في البصرة وبغداد وسامراء" شار بلات. ت: ابراهيم الكيلاني. دار اليقظة العربية – دمشق.
9- "فن التمثيل عند العرب" محمد حسين الأعرجي، وزارة الثقافة – بغداد.
10- «مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة» طه باقر، دار المعلمين العالية.
11- "النثر الفني في القرن الرابع الهجري". د. زكي مبارك، دار الكاتب العربي – القاهرة.
12- "كتاب القصاص والمذكرين" أبو الفرج بن الجوزي. تحقيق مارلين سوارتز، دار المشرق – بيروت.
13- "الأغاني": أبو الفرج الاصفهاني ج11، مؤسسة جمال للطباعة والنشر – بيروت.
نازك الاعرجي (ناقدة من العراق)