زلهاد كلوتشانين
بيسيرا أليكاديتش (Bisera Alikadić) شاعرة بوسنوية معاصرة، ولدت في 8 فبراير من عام 1939.
ظهرت الشاعرة في أدب جنوب شرق أوروبا خلال السبعينيات. يعتمد تعبيرها الأدبي على أسس الشعر الحديث. شعرها في الغالب حرّ، والقافية تكاد تكون معدومة. الموضوعات التي غالبًا ما تكتب عنها بيسيرا أليكاديتش هي المرأة والشعور بالوحدة وتختفي في شعرها أزمة تتعلق بهوية المجتمع الحديث.
وهي عضو في رابطة كتاب البوسنة والهرسك. تعيش وتعمل في سراييفو.
تُرجم شعرها إلى الإنجليزية والألمانية والفرنسية والمقدونية والألبانية والتركية والإيطالية.
مجموعاتها الشعرية:
“الليل والعنبر”، 1972
“قطرات وطحلب”، 1975
“ارتعاش الذئبة”، 1981
“الصلب”، 1986.
“بينما كنت غجريا،” 1991
“أنا لا أستسلم”، 1994
“مدينة الشجاعة”، 1995
“كتاب الزمن”، 1999
“القطار إلى السماء”، الشعر للأطفال، 2000
“الحجر المجنون”، 2002
إذا كان هناك شعراء من “جيل الظل” في البوسنة والهرسك فإن بيسيرا أليكاديتش هي واحدة منهم. ومن الواضح، أنه خلال ثلاثين عامًا من العمل الإبداعي الشعري، تم نشر اثني عشر نصًا فقط عن شعر بيسيرا أليكاديتش، وهذا بشكل تقديم أو تمهيد، دون أي نص متكامل. هل السبب في خصوصية شعرها؟ أم السبب هو تابو الإيروتيكية الموجودة في منطقتنا (خاصة عندما يتعلق الأمر بالكاتبة)؟ أم أن الأمر يتعلق بالأشياء الهامشية والمعروفة مثل إهمال النقد الأدبي؟ هذه هي الأسئلة التي لن يكون لها إجابة هنا.
بيسيرا أليكاديتش هي واحدة من الشاعرات النادرات اللواتي يطلبن الأجوبة عن أسئلة حول مشاعر الأنثى وهذا في المكان المناسب -في الإيروتيكا-. يمكن للإيروتيكية في شعرها أن ترسم صورا عديدة من الذات النفسية والجسدية والحالات الإنسانية. وتكرر بيسيرا أليكاديتش موضوع الرجل من كتابها الأول إلى كتابها الأخير بأشكال وطفرات مختلفة. الرجل والمرأة كيان واحد، لا ينفصلان، وهما مبدآن محرِّكان للعالم. في “الأسطورة”، إحدى قصائد أليكاديتش الأولى، وهي قصيدة ذات بنية بسيطة ورسالة واضحة، ترسم الشاعرة تحت سماء متحيرة رجلًا عاريًا على الرمال. إن لقاء الرجل والمرأة في شعر أليكاديتش لم يتم تصويره بوقاحة أبدًا ، ولكنه يتميز دائمًا بالإيروتيكية – يمثل هذا اللقاء في الواقع إمكانية الجمع بين هذين المبدأين، وهو احتمال مُنح للبشر لإنشاء صورة من الانسجام العالمي لِلحظةٍ. وفي هذا السبيل، يد تلك المرأة، من مجموعة “الليل والعنبر”، تداعب الأرض من خلال شعر الرجل، والقمر ينسج شباكًا على الأرض. ثم ترسم متعة، تشبه ليلة لا نهاية لها، والليلة تشبه اعتقاد الأطفال أنه يجب على المرء أن يشاهد وينتظر، وأن السماء ستفتح وأن السعادة سيمكن البحث عنها بشكلها الصافي وبشكلها المطلق، وأن سحر السعادة ينشر “من السماء فصاعدًا “وأن هذه السعادة تصطدم بالسعادة الأرضية عندما يفتح رجل غجري وامرأة غجرية بطيخة ناضجة. القُبلة هي أيضًا هبة للبشر يهتز فيها الانسجام، وهي قُبلة تضعها المرأة على ذراع رجل “رقيق مثل ذراع الصبي”، وتتوق إلى أن تكون كلها في القبلة، بحيث تتدفق:
من خلال يدك
ومن خلال أصابعك الرقيقة
التي في عالم العزلة
تنسج الأمان
وأنا أتقطر
أتقطر
تقطر الشمعة
عند قدميك.
وفي كتابها “قطرات وطحلب”، تحصل العلاقة بين المرأة والرجل بقوة أشدّ، والتي ستبلغ ذروتها في صيحات عنادية في القصيدة “الدانتيل من إشبيلية”:
لكنني ما مرضتُ،
لأنني لم أستطع إغفال جاذبيتك،
أحسنتُ الفعل،
أحسنتُ الفعل!
المجموعة “ارتعاش الذئبة” تغني عن رجل يرحل ويغادر، وهو يفسد عالم المرأة التي تحاول أن تجمعه في ذاكرتها وتحاول العثور على رائحة الماضي في الأشياء المنزلية. هذه المجموعة تضع نصب أعيننا الحقيقة أن هناك دائما ترتجف عروق الكائن الأنثوي، الكائن الوحيد القادر على نسج الشعور كلِّه في ذرة دقيقة:
مليئة بأنفاسك
وبرقائق الجلد غير المرئية،
منشفة مطوية.
قماش نذري.
أما في مجموعة “الصلب” نلتقي بامرأة مهجورة تخوض تجاربها في العزلة:
حياتي هي عَلَم الشعر التطبيقي
كافحَ الفتيان حول رفعه
في فترة وجيزة.
مجموع الخبرات يجلب موقفا حول المصير الذي في بدايته ونهايته -الرجل-. وهنا أيضًا تجد الشاعرة أرق الكلمات، وعلى سبيل المثال، بدلا من “رجل” تقول “فتى”.
يتوسع نطاق الإيروتيكية من “الترنيم” إلى “الصلب” ويكشف عن مجموعة من الموضوعات والزخارف، التي في أقسى الخطوط العريضة يمكن أن تسمى العلاقة بين الشباب والشيب. أولًا هناك عالم الفتاة من ناحية، وعالم المرأة الناضجة من ناحية أخرى. إنهما على طرف واحد من هذه العلاقة متعارضان، ومنغلقان: عالم الفتاة في إطاره الذي من خلاله يُعجب بعالم الكبار، وعالم المرأة الناضجة منغلق في انعدام هدفها. وفي الطرف الآخر من العلاقة، يلتقي عالم الفتاة بعالم المرأة في العزلة:
كلاهما بمفردهما على حافة الليل
الفتاة وفستانها
معلق على الريح
والمرأة في يدها البدر.
والحُلم هو الصورة الشائعة في شعر بيسرا أليكاديتش. الحلم هو احتمال في المستقبل، في الطوفان الذي سيختفي فيه مرة واحدة كل الأوساخ والأشياء العادية، وسيَظهر الإنسانُ، واضحًا، على قدم المساواة مع العالم. تم استنساخ الأحلام مباشرة، مع نسيجها، والخطاب غني بالصور غير العادية. وهناك قصيدة في مجموعة “الصلب” يلتقي فيها حُلمان: حُلم “حقيقي” وحلم مرغوب. عنوان هذه القصيدة هو “الحلم العاري”، وهي قصيدة لا يمكن أن ينسجها إلا إحساس بالحب والانتماء. وإلاَّ، فكيف ترى هذه الأبيات التي تخفق على الحدود بين الواقع والحُلم، والعاطفة والرغبة، واللمس والخيال:
الخيال في أصابعك
يتحدى البرق ويروضه
على جسدي.
القبلات الناعمة ،
تزهر النباتات في صمت،
السرير طوف…
يد الألفة تعرّفنا على دائرة القصائد العائلية لبيسيرا ألكاديتش. فهي، على سبيل المثال، تتحدث عن أنفاسها الطفولية وهي تضع وجهها على فستان والدتها الذي يغطي حضنها. لا تقول أليكاديتش ببساطة “تضع وجهك في حضن أمك” بل تقول ” تضع وجهك على فستان أمك على مكان حضنها”، ويمثل هذا موقفها الحقيقي تجاه الأسرة. هناك دائما نوع من الابتعاد في هذه العلاقات. لا توجد علاقات عاطفية وحميمة محضة. مع أن هناك رغبة قوية في التغلب على التباعد وتحقيق الحميمية والعاطفية. كم من الشوق للعاطفية في البيان البارد عن الأب: “الأب الأكثر صرامة في العالم”. هذه الدائرة تشمل أيضا الموطن. “موطني شفاه”، تقول الشاعرة، ولكن ليس لشعرها موطن بمعنى مكان محدود ومعين .
الهوامش
Zilhad Ključanin, “Vrtovi naslada Bisere Alikadić”, in: ed.. Enes Duraković, Bošnjačka književnost u književnoj kritici, t. 3., Sarajevo, 1998.
(زلهاد كليوتشانين، “حدائق اللذة في شعر بيسيرا أليكاديتش”، في: أنس دوراكوفيتش، الأدب البشاقي في النقد الأدبي، سراييفو، 1998)