عاصفة تصنع من أمواج البحر أكثر من هضبة مائية. تطبع
الشمس عليها ألوانها. وتنسج بأصابعها الرقيقة، ألوانا من
قسمات وجهها.
تلك طموحات الشمس
وهذه مسيرات خاصة بالقمر
فاتحا بسيفه خاصرة الفضاء الجنوبي
ويصنع قاعات كبيرة لضيافة النجوم.
يضحك الضوء ملء شدقيه، وهو يلامس أصابع
الحب.
لعل جدائل القرية بحر اتى من لعاب الليل. في الأساسي تمضغ
كندر القمر. كلمات من أشعة تنساب من فمها تدخل في
الصباحات اقبية الضياء، والسكون تلك السامرية القادمة من
بيوت مبنية من جص وحجر شاحبة اللون. لكن حور عينيها قد
تحول الى شفافية رقيقة كأنها خمرة مقتصرة في المعاصر
القديمة.
تعرف جيدا ان تشرب الماء من قلتي الخضراء. لكنك تجهل
مصادر الينابيع التي أغرف منها.
سنظل شهورا وسنين نبحث عنك. نتحدث فيها عن لحظة
واحدة. وعن سماوات بعيدة.
مسافاتها اللازوردية مسيجة بحجارة ملونة لها خدود
مصنوعة بدم تنزف من وجنات قمر غريب.
أمي التي كانت تأخذني الى قاراتها المسيجة بأوتار الحنين، قد
انطفأ سراج حبها.
اطلاقا لم أجد في هذه الكآبة. انها في أوقات فراغاتها تحتسي
خمورا معتقة من دنان الملك.
سهوب تنحدر نحو متاهات اللحظة الواحدة. تفرش في الظهيرة
خمورنا اللدنة على رخام الكنائس، والساعة اليدوية نبضها
يتدفق من عقارب القلب.
في أزلية الأشياء انفجارات دائمة قرب وردة العشق الالهي
وللجلجلة التي نقترب الى موانئها تلمس أصابعنا وجع الشمس
المنغلقة على ذاتها.
رحيل سفن محملة بعظام وغضاريف من غمامات بحر تتأكسد
دماؤه تحت شرفات أهداب تاريخ يتسكع على حجر أزرق.
تلك مسافات من زمهرير مجفف بدم الأعوام يسربله أحيانا
ضباب اللغة الملائكية.
قلب يقسم أجنحته على وتر المياه الصاخبة بولادات جديدة.
احس ببحر غريب يعانق وجنات حزني.
هل لي أن أغرف ماء من غدير الورد؟
لهذه الانغام البحرية بجع يقيس مياه المحيطات !
ملح الذاكرة المنهار من أبراجه الخضراء يمسد وريقات قصب الوحشة
عندليب اورشليم يتباهى بأحزانه يخثر ظله فوق أغصان
شجرة الجميز.
وعندما يرحل صوب القمر، يترك خدوشات دقيقة من أصابعه
على حافة الرمل الذهبي.
الصعود أفقيا للوصول الى غمامات الفرح.
في أعماق بحارة البحر تتأقلم البهجة
حيث الزبد يخترق أكوخا مشيدة بملح المحيطات.
من سماء أخرى يبين غطاء سميك مقتطع من غمامات شتوية.
يحرك دفة رياح عاتية.
الظهيرة تسافر على صهوات افق اسود، يبين من بعيد كاصوات
طارئة تصنع حبال حبها من حفيف ورق أشجار الريح تخترق
أقبية وسنها الجديد
هل تعرف أن الرغبة يجرفها صقيع البحار.
سفن تدخل موانىء المنافي البعيدة.
طيور تغازل عاطفة أرانب الحقول
هناك أقاليم للأشياء والمرافعات تتم بحضور القمر البغدادي
تلك الراهبة الغريبة القادمة من الجبال.
اني يوميا أفهرس شبح قاماتكم، طاردا من حاراتكم ظلالا
طارئة قادمة من وهاد بعيدة.
يوسف سعيد ( شاعر من العراق مقيم في السويد)