فوق تراب العابرين
غرست اسمي هناك
فوق حبة رمل , تنام في خلاياي
غرست جبهتي
فوق حبة قمح , وقلت: هاهنا كؤثر الرؤيا.
يا عيوني التي تفارقني وتطويني طي الكتاب,
سأرجع- حين أرجع – لهذه البيوت
أراقب الخيل والليل,
أضع الصحراء البعيدة فوق حجارة بالي,
وحقول البامية أذرفها من بين ذاكرتي
أردد قصب الطريق
أصب في مك رها كينونتي
أمرر إنسانيتي فوق تراب العابرين
أجرح البسطاء جميعا
بآهة ضريرة
أنا البك اء الأكثر صهيلا من البحر,
دمي غابة من قصدير
وأورطاتي تاج للألم
أطعت – تحت العرش – نجمة
تسللت إلى صباحي, ومسحت أهدابها في جفوني
وعصيت طائرا
ما يزال يعلمني
كيف أحط سماء الحزن على حصى روحي.
إنه البكاء
أمي تقودني إلى أصابعها.
– لا موناليزا في البال يا أمي
احضنيني يا خطاياي
قلبي صخرة
وسيزيف الثمل
سيزيف الكسول
نائم – منذ قرن – في ضميري.
قدت الضرير الذي يتمطى في داخلي.
قدته
إلى راية يتحسس رفرفتها
قدته إلى مرآة من غناء
لينشد في تكسرها مواله,
ليدرك معنى أن يكسونا الضجر
معنى
أن يفارقنا الوطن.
***
أسلاب لم تكن لنا تماما
إنه طائر الخطيئة.
فكروا مليا. أصدقائي
قبل أن يضرب بجناحيه الرؤوس.
فكروا
إنه يشبه الرخ .
أو قيل:
إن الأرض تخشاه.
فكروا
ضعوا على الألسنة قليلا من الصخور,
وارشوا أعمدوة الملح كيلا نلتفت,
السيوف لم تصدأ تماما
والأرواح ثملت في معارك لم تبدأ, ولم تنته
سوف نصعد إلى سماء تكتب دخانها فينا
نسعى كالثعابين في فحيح المسافة
نقص هذا الريش, وهذا الريش
ربما
نلغي فكرة الطيران
سنقول لأقمارنا التي أضعناها في المجاز
قفي
لا لنبكي معا على أطلالنا
بل لنرى أين تولد العتمة
***
إنه الطائر. يقترب
يحط
يهرول الخرير من مائه
ويخاصم الجبل سفح الشهيق
الأرض تخلع عباءتها
تنشق عن ملاك وشيطان
يتصارعان في أوردتنا
نهرول .
يهرول البناءون والخبازون والفلاحون والصناع ,
والعيارون والشطار,
تهرول الصحراء .
تهرول البيوت, تترك خزائنها المحترقة.
إنه الطائر. يقترب
الطائر الشمعي , طائر الخطيئة
يموت, ولا يحيا. يموت
ويبقى السادة الأشاوس وحدهم
يحصون
كم تبقى من الأسلاب !
***
صباح الفل
سقيتني من صهيلك يا فل شمسا تدل على حنيني.
سقيتني أوجها صغيرة الأحلام
أقرأ في ينابيعها بياض يومي الحزين.
لم أكن يا فل هكذا
منكسرا كسيف مثلوم ساعة الطعان
أو مقيدا
كزهرة يزفها الصقيع
كنت يا فل أمشي في مسيرة الأزل
أصغي لأوطاني البعيدة كالقلب
أرش حقولها بفطرتي الولية,
ألوح لصباحاتها كغيمة عابرة ,
كنت يا فل
أنظر من عقودك منفى للروح,
ومن أريجك
أرسم أسلاكا غير شائكة للهواء
كنت أرى
أن البصيرة زجاج الكون
حين أخدشها بصوتي
كنت أنام على سفح الكلمات
أفصل قصيدة لامرأة,
تدعي أنها تحبني
فلماذا يافل?!
حين رميت هذا البياض الذي يشبهك
في باحة القلب
أضلتني العتمات .. لماذا?
هل أنت أبيض كالصبح?
أم أبيض
كالكفن?
عبدالله السمطي شاعر من مصر