1- الكهف
حاورنا سفر التكوين ، فأرخنا جزعا أزليا نعتقر بما سوف
يكون إذا ما حان الحين : هل نحن هنا ؟. . ومن نحن لا هنا ؟ هل
نعبر تاريخ الصمت إذا خط الصمت على ألواح الطن ؟
سألوا واحتفلوا أوهام التقنين :
من يعظ قرين الهدهد في سوءته ؟
من يصغي لحفيف الفلك بثارات الماء؟
من يبني الهيكل ؟ من يحتفل بسطوة لبدته ؟
من يضرب ماء البحر ؟ يشق طريقا للآتين ؟
وعدونا كونا مسحورا يمنحنا خارطة الدرب إذا آخينا الصبر،
فلا جزع يسلبنا طاقات الروح ، ولا هجس في همهمة الذات ،
ولا شهقات حرى تؤرقنا .
نقشوا ألواح الطين لنا حلما.
فلماذا نشتعل بصهد الذات . . ذابلات صماء؟
سرب مستلب التخمين ..
كيف انحسر الأفق الآتي
كهفا يتدجن ظل معالمه وسنا؟
نتهجى نبض الأرض المفجوعة . . نسأل كم زمن يمضي قبل
زمان المطلق في تكوين الطير؟ وكم زمن يمضي كي ندرك آفاق
الطين ؟
باغتنا سهد بحنين فأشعل في الروح صبابات إلأسماء
لم نفقد أرضا ..
لكنا لا نلمس في هجس الكهف سماء. !
لم نشك العطش ولكنا نحلم بسراب الآفاق
هل ثمة من يلهث في الحلم سدى
كي تندى هجعته وطنا؟
تعبت من شرنقة الكهف الأحداق !
2- الحنين
لنهاجر في أسئلة الزمن المانح أمواج التلوين .
إن أجت "عبر" بالموعود. . . ستحكينا ألواح الطين.
لم نفقد أرضا . لهفتنا كمدينتنا مازالت من هجس الأرض
وحس الطين بنا جزر ومحاق. لكنا نلتمس في ذائقة الأرض
سما.. . . ! لم نرسم سفرا. ما طالت كف منا سانحة الأحلام
الزرق ، ولا إغواءات الأفق المسحور، ولا سكر لوز في جسد
الأوراق .
لا شيء سوى الملح المتخثر في كهف التخمين . . !
حرف مستلب محسور والتيه يسور. .
ما عدنا نهجس في الأنفاس بحالات التكوين ..
أشجار لا تترك ظلا.
أين اختبأ الأفق الآتي ؟ من أطفأ شرفات النور؟ من يبصر أفقا
في عتمات الديجور؟
هجرات كهوف تستنفذ طاقات الروح . . !
هل نرتق جسرا في برزخ تاريخ مهجور؟
لا عدد لنا نعرف ألف ؟ مليار؟ سرب مأسور
هل يذكر أولنا آخرنا؟ هل يذكرنا ثالثنا رابعنا ؟
يسترجع من بلبلة النسيان المنذور لنا كيف تداعى البدء بنا
هجرات في ليل مغدور؟
لا نعرف عددا . . . هجرات تتراكم أشباحا وكهوف
وينز حنين مألوف في قاع الروح؛
"وطني . . وطنى "! تغريبة تيه الصمت وزوبعة
سلبتنا بوصلة الابحار بأفق لا مألوف .
لزج هذا الطن ، أصم أو أبكم
لا يحمل تاريخا أبعد من أنملة تكتب وعد الآتي بالأنباء. .
لا ينفخ فرحا في شرنقة الكهف ، ولا ينثر قزحا للتلوين ، ولا
يحفر في الصمت الشامت إيذانا بحروف
تنقش خارطة للروح
صدى لحنين يفتتح فضاء..
3- الافق
كم عدد الأحياء هنا؟
كم عدد الأموات ؟ متى فقسوا زمن الخطو على
ناصرة الريح ؟
وبأية كهف نهجع ، مثل طيور الموت المنذورة
للهجعة، حتى تنبعث الصرخة حين تؤاخينا الأسماء ؟
نخاتل ساعات الأموات . .
زمن مقهور مبهور تعجزه ترجمة الآفاق
كم ظل يرتبك بأحشاء الكهف القاتل
كم صوتا يتلاشى في موت الأصداء؟
يا اهل حديث الموت دعوا
عوسجة الصمت على باب الكهف وعودوا
موعودين صباحات الإيحاء. .
**
وطني ينغل في قلبي ذاكرة تزخر بالآتي
إن شاء يجىء، وإن ماشاء فلن
أهجع في الكهف ، ولن أستعطف أسئلة العدد
المشروخة في ألواح الطين.
كانوا مليار؟ ما كنت أنا منهم
… لن أحمل في التيه سوى وجهي
وترانيما لخطي عذراء.
تذروني الريح ؟
لتذر إذن . . !
لأكابد وجد الشوق الي وسر
الأفق الكامن في الأنواء
وطني أهجسه مغموسا في وهج النبض
جنوني بالأرض لغات عذاء
لا لغو يجنح أحلامي . . لا وقت يهادن عاصفتي
لا أقبل خيط العمر فراشات أسرتها شرنقة صماء..
4- الرعد
أفق يحلمني . . !
أفق كالرعدة يعروني زلزالا يحملني لصباح الطير. .
أفق عذري . . ما اغتالته سياجات الطين ولا كهف محجور. .
لما كابدني صوتي التكوين وضارعني
حملني ألق التكوين فعادت لبياض البصر الأنباء
وتراكم تاريخ عرى مأساة الوهم المسعور السخط
المغتال الميتة والأحياء
خالجني حرف يمحو تأويل الزمن المكسور ظلالا
منا أو منهم ، "م ما كان إ. . ولا سيكون إ. ."
عاتبني الأفق لأني لم ألمس أطراف الكون . . وصيرني
خطوي في الجمر زمردة زرقاء. .
**
أزلني طين الأرض بنا؟
أزلي رقص الأفق بنا. شوق لا يقتله الإغفاء.
غادرني الكهف .. وخالجني حرف منبجس شلالا
لامسني المطلق حتى أورق بدمائي فألا
لونت الأفق فكان له -أو لي لا أدي ؟ ماشاء.
"وطني . . وطني !" . . وطن محتفل
ما وطني ؟ خل من شجري . . من شجني ؟
خال مني . . من صرخة أزل يتجذر في ظلي ؟
أو رعشة أبد تستشري . . تنبعث بوجدان
الأفياء المحمومة في بدني
رقصات زمان مولود في الآتي . .
موعود بالتكوين . .
يأتي . . لا يأتي ..
لا أدري . . إن جاء أكون.. !
وإن ما جاء . . ؟
أكو ن . . !
ثريا العريض ( شاعرة من المملكة العربية السعودية)