قد لا تنسجم كلمة (صانع) مع كلمة (العقيدة)، فبينما الأولى تشير للعمل المنظم العقلاني الدؤوب تبدو الثانية في الإرث الثقافي العربي أقرب للانفجار الذهني الغيبي، لكن نصوصا مثل التي يكتبها محمد خضير منذ أواخر ستينيات القرن الماضي تدفع للقناعة بإمكانية سك جملة (صانع العقيدة)، ولولا الخشية من التأويل المتعجل لاكتفينا بها دون إضافة (السردية).
محمد خضير صانع دؤوب، يعمل منذ عقود برتابة الحرفي، يذكرنا بطبَّاعي الرصاص وهم يصفون الحرف جنب الآخر بهدوء حتى تكتمل الصورة، صورة الورقة المطبوعة، والصورة هي جوهر العقيدة السردية التي ابتناها القاص البصري (من البصرة والبصر)، كأنه يريد تقديم لوحة لـ(حياة جامدة) يجب أن نقرأها بهدوء لنكتشف مهارات الصانع في الضوء والظل والأحجام والألوان والزوايا والانحناءات.
عمل محمد خضير دائما من أجل القادم، القادم هنا غير المستقبل، هو أراد نصا لا يستنزف في قراءة واحدة ولا في جيل واحد، لذلك كانت (عقيدته السردية) تقوم على الإفلات من صراعات اللحظة وانحيازاتها حتى لو بدا نصه معقدًا وصعبًا وسميكًا، وهذا الحال يحتاج إلى صبر المؤمنين العقائديين الذين يوقنون بالخلود، ويعملون بفرادة لكي يبقوا متفردين. فرغم كثرة المعجبين بكتابة محمد خضير إلا أننا لا نجد له مقلدين كثرًا ولا اتباعًا مغرمين بالثبات على منهجه، هو عقائدي (في السرد) لا يبشر بشيء ولا يدعو أحدا، وعقيدته هذه ليست مغرية لأنها مكلفة، هي بلا مباهج سريعة ولا دماء فائرة، فالقصة عند محمد خضير تجزئ الحدث وتشتت النظر وتنثر التفاصيل وتعري النفس ببطء لا يتحمله الا المحترف الذي يؤمن مثل الكاتب بالخلود، وهو إيمان لا يتحمله إلا من يعرف كيف يعثر على الجمال في عالم قبيح. وأثبت محمد خضير أنه بارع دائما، ليس فقط في العثور على الجمال بل في إعادة تقديمه والصبر على إجلائه لسنوات طويلة. كنا قد توجهنا بتساؤل لاثنين ممن يرون في اسمه قاصا يحمل الكثير من سمات التجريب يقدم منجزا في القص والرواية فيثير الأسئلة، ومن أجل فهم تجربة التجريب ودورها الريادي عند هذه الشخصية طرحنا تساؤلا عن فكرة التجريب والتجديد في بناء النص القصصي المختلف.. هل بدأت مع محمد خضير؟
وما الذي تجدد في كتابة نصوصه بعد كل هذه السنوات وخاصة بعد إصدار «المملكة السوداء»؟
هذان التساؤلان تم توجيههما للقاص والروائي ضياء الخالدي والروائي علي لفتة سعيد فكتب كل منهما رؤيته..
الحَسَاسِية المُخـْتـلـَقة
أجاب القاص والروائي ضياء الخالدي قائلا: أعتقد أن فكرة البدايات ليست مهمة بقدر نضوج المشروع التجديدي، وقدرة الكاتب على تمثيل وعيه وحساسيته الجديدة في إحداث خرق في الذائقة التقليدية. هناك انتقال لافت في القصة العراقية دشنه الرائدان عبد الملك نوري وفؤاد التكرلي ورفاقهما في النصف الثاني لعقد الأربعينيات من القرن الماضي، عندما انتزعوا القصة القصيرة من هيمنة المؤلف وتعليقاته على مسار الأحداث إلى تمكين وعي الشخصية وجعلها مركز الأفعال والهواجس، ومن الشكل الذي يبدو إطارًا فضفاضًا يتسع لكل ثيمة إلى شكل تفرضه الضرورة الفنية. ما بعد ذلك الانتقال جاء جيل الستينيات بهمة أكبر وأوسع في تحديث النص القصصي، وكان تحت تأثير المناخ السياسي والاجتماعي جراء تحوّل البلاد من النظام الملكي إلى الجمهوري في 1958، ثم النكسة العربية في 1967، وبرفقة التغييرات الشديدة على مستوى الوعي عالميًا آنذاك في ثورات الشباب على البنى الاجتماعية السائدة ونقص الحريات وزج الشعوب في الحروب بمختلف العناوين، يرى أغلب النقاد العراقيين أن قصص «السيف والسفينة- 1966» لعبد الرحمن مجيد الربيعي فاتحة قارة في مضمار التحديث، وهي مهمة بالتأكيد، ثم اتبعها الكاتب نفسه بمجموعتين هما «الظل في الرأس- 1968» و«وجوه من رحلة التعب- 1969»، ثم قصص «صهيل المارة حول العالم -1968» لجليل القيسي، وهناك كتب قصصية أخرى حتى ظهور «المملكة السوداء» لمحمد خضير في العام 1972. مع الإشارة إلى أن نصوص أغلب تلك المجموعات القصصية التي ذكرتها أو لم أذكرها نشرت في المجلات والصحف العراقية والعربية قبل جمعها في كتاب. برأيي، أن محمد خضير دخل الساحة الستينية وهو ناضج الأدوات والرؤيا ليشكل مفارقة بين أبناء جيله والأجيال التي تبعت. ويمكننا تلمس مجاله الخاص الذي نشطت فيه العوالم المستقاة من التفاصيل الصغيرة التي يراها البعض غير جديرة بالرصد، وحركة الأشياء وطبيعة الانفعالات التي تفجرها الأماكن والذكريات وزائرو المدن الطارئون. هناك واقعية على نحو مغاير كانت تغوص في البديهي والعابر والمنزوي لتكشف عما يمكن أن يخلّفه الإنسان وراءه ولا ينتبه إليه. هذه الحسّاسية المختلفة لدى الكاتب صنعت في النهاية نصوصًا لا تشبه غيرها. ومن الصعوبة أن نضع كتابات محمد خضير مع كتابات جيله التي تتشابه أحيانًا في الثيمات والمعالجات على مستويي البنية والخطاب في تلك الفترة، لا سيما عند القصاصين الذين كانوا ينتمون فكريًا إلى أيديولوجيات اليسار واليمين وصورهما المتعددة. إن ابتعاد محمد خضير، أو لنقل إن قدرته على استيعاب مزالق هذين التيارين الجارفين أوصلته إلى فضاء عاش النص فيه بحرية تامة، ونما بلا إسقاطات خارجية مهيمنة بعضها غريبة عن بيئتنا. ومما تقدم، نستطيع أن نعد قوة التأثير والمغايرة بديلًا لفكرة البداية الزمنية التي تبدو في أغلب الأحيان غير أمينة في تتبع حقيقة المشاغل الأدبية لدى الكتّاب، وأرى أن ننظر دائمًا إلى وهج المشغل الفردي كواجهة للبدايات الحقيقية عند تناولنا لتأريخ الآداب والفنون..
الوعي المنفتح
– عالم محمد خضير ثري لأنه قائم على وعي منفتح باستمرار على شتى المعارف. ولا أقصد هنا الأفكار فقط بقدر ما وراءها من مخاوف وجودية وعثرات وسوء فهم وشطحات ومظالم وكل ما له علاقة بضعف الإنسان في الحياة. في قصص «المملكة السوداء» و «درجة 45 مئوي» لمسنا الواقع بشكل مغاير، وفيهما أيضًا أدركنا أننا أمام منافذ نصية لا سيما في بعض نصوص الأخيرة تتيح الولوج لمستويات أخرى من الرؤيا لدى الكاتب مستقبلًا. هذا التحوّل نستطيع اكتشافه في كتابيه القصصيين الآخرين «رؤيا خريف» و «حديقة الوجوه»، وكذلك في «بصرياثا» الذي بدا مرئيًا وغائرًا في قلب المكان وهو يتتبع التواريخ السرية لمدينة البصرة، ورواية «كراسة كانون» التي تناولت موضوع الحرب على نحو مختلف. هذا التنامي في الرؤيا أخذنا إلى عوالم الواقعية السحرية والتشظي ومشاهدة الذات البشرية بأبعاد مغايرة، كأننا نشاهد أنفسنا من خلال مرايا مقعرة ومحدبة. ونشعر في الوقت نفسه كأن هناك فرضيات أو تمارين دؤوبة غايتها الكشف والتنقيب عن آثار تمت إزالتها. مسار مرحلة ما بعد كتابيه الأولين نأتْ إلى التجريد والذهني، وكان فيها الرمز بأقصى طاقاته التعبيرية، ما جعل بعض النصوص وكأن لها مفاتيح غير متاحة للوهلة الأولى، أو أسوارًا عالية ستطيح ببعض بمتسلقيها. بعد هذه الرحلة الطويلة مع القص، والتحولات على مستوى الوعي في الكتابة، هل يمكننا أن نصف أدب محمد خضير كجزيرة قريبة من الساحل، لها من الغموض والأسرار واللقى غير المكتشفة لمن يدفع قاربًا نحوها أملًا بالمثير الغريب. هذا الوصف ليس لعزلتها حتمًا وإنما لقدرتها على الجذب المستمر سواء لمن تجول في دروبها أو بقي عند أطرافها. إن عالم محمد خضير هو امتداد حقيقي لما أنجزه عبد الملك نوري وفؤاد التكرلي ورفاقهما. ولا نعني هنا بالطبع التماثل أو حتى الاقتراب منه بقدر الفهم الدقيق لما وصل إليه السابقون في مشاغلهم التحديثية، وأين انتهوا وتوقفوا، فالقضية الأساسية أن ندرك طبيعة التحولات الفكرية وما تم تقديمه عبر قدرات التعبير الممكنة وقتها. عند هذا الفهم يمكن للمحدّث استيعاب ما سبق والمواصلة عبر حساسية بنت زمنها، وكان لمحمد خضير في ذلك قدرة مذهلة في كتابة نصوص تستهدف عوالم أكثر اتساعًا ترينا الإنسان وكأننا نتعرف إليه لأول مرّة. ما تجدد منذ «المملكة السوداء» وحتى اليوم هو الدأب المستمر على تحديث الرؤيا لديه بما يستجد في عالمنا المتغير، وأن الكتابة تبقى تعبيرًا عن الذات من أجل فهم طبيعة العالم. من يملك القدرة على تأويل الحياة باستمرار وتجديد قراءاته لها يكون مغايرًا عمن يستكين إلى تفسيرات يتشارك فيها الجميع. هذا الغنى في الرؤيا نقلنا إلى ما يشبه النصوص الصوفية التي تملك طاقاتها التعبيرية الداخلية لتتجاوز الآني إلى الدائم، كونها ليست أسيرة موجهات خارجية على الدوام بقدر انفجارها من ذات ترى العالم صغيرًا أمام حقيقتها. ومن الطبيعي أن يكون هذا الغنى في التجربة الإبداعية لدى محمد خضير وامتداد زمنها مؤثرًا في تجارب وليدة تتلمس طريقها الأول، منها ما سقط في التقليد بدوافع المناخات ذاتها، ومنها ما وضع مساحة آمنة بين تجربة الآخر ووهجها لكي يفعّل رهانات التجربة الشخصية التي تطلب منا الانحياز إلى تلقائيتها، وتنشيط قنوات استقاء معرفتها عن العالم.
البَصْريُّ الوَفِيُّ الذِي لـَم يُغادِرْ مَكانـَه
أما الكاتب والروائي علي لفتة سعيد فقد قال:إن ما يميز محمد خضير هي تلك القدرة على التجريب والإتيان بجديد.. سواء أكان هذا خارجا من جلباب التأثر بالآخرين أو أنه جاء نتيجة الخلاصة والتجربة والإطلاع والمعرفة، لذا وهو الأمر الأكثر مقبولية، أن قلة الإنتاج السردي كانت من أجل التفكّر، والتفكير بشيء جديد لا يشبه ما كان وما حاصل وما مطروق، سواء إن على شكل قصة أو رواية أو على شكل كتبٍ في المكان والمعرفة النقدية المستنبطة من تجربة مميزة.. فالكتابة لا تعني فقط نزف مخيلة وربطها بالواقع بل هي إيجاد منافذ جديدة للمعرفة وهو ما يتمتع به محمد خضير في أغلب كتاباته إن لم يكن في جميعها.. وعلى الرغم من أن لا كتابة يُتفق عليها لدى الجميع في القبول أو الرفض، في الإيجاب أو السلب، فإن الأمر لن يكون سهلا في رفض ما يكتبه محمد خضير، لأن الاسم وحده يحمل ما يمكن أن يمنح الأيقونة سردا لمعناها ووجودها وقدرتها على التلاقح مع الأشياء الجديدة. إن تجربة محمد خضير منذ البدء كانت تعيش عملية التجريب والسؤال الدائم، ليس كيف يفكر الآخرون بما يكتب، بل كيف يفكّر هو بما يكتب سواء أكان من أجل القضايا الواقعية التي يطالبه به البعض من كونه مبتعدا عن الواقع المجرد أو من أجل الأدب الذي يرسم ملامح الحياة حتى لو كانت اتجاهاته مؤشرة إلى أنحاء أخرى فالكتابة الإبداعية هي الحياة والحياة لا تحدها إلا الاتجاهات الستة في الكون.
لم يكن محمد خضير مجرد اسم إبداعي.. ولم يكن مجرد قاص كتب عددا من القصص ثم اتجه إلى التنظير أو الكتابة عن المكان أو التأصيل لنوايا سردية أخرى.. فهو تحول إلى أيقونة منذ اللحظة التي بدأ فيها الكتابة في مجلة الآداب البيروتية.. وتلك لم تكن هينة أو مجرد صدفة في عالم الأدب يوم ذاك الخالي من السوشيال ميديا والفضائيات وتعدد الصحف والمجلات وغيرها من وسائل النشر والإعلام.. محمد خضير لم يكن مجرّد كاتب قصة توقف عن كتابتها مكتفيا بما أصدر.. فللاسم حضور الجنون مثلما بقاء الضوء، مثلما أبدية الحرف.. ليس الموضوع موضوع أثر وتأثر.. وأنه خرج من معطف بورخس والكتابات الأخرى بلغات أخرى.. فتلك لعمري جائزة كبرى له أكثر مما هي منقصة، فالتأثير هو ديدن الإبداع الكتابي.. لا معنى لحضور ثقافي وفني دون تأثير بمن سبق وهذه حركة الأجيال، حتى الذين كتبوا الأساطير لو كشف عنهم الستار سنجد أن التأثير موجود فحضر الأثر، وهو ما حصل مع محمد خضير إذ تأثر بشخص فأثر بجيل ثم أثر بأجيال.. وهو الأمر الذي لا يعني أن تكون الكتابة لديه معطلة اجتماعيا كما يذهب البعض الذين يروّجون لـ( نضالهم) الوهمي الذي لا أؤمن به أبدا على أنه كان سببا في الهجرة والتغرب والهرب، فذاك أمر آخر، لأن لا نتائج على الصعيد الـ(هروبي) قد لمسناه، فكان أثر لمن بقي في الداخل.. وهو الأمر الذي لا يمكن أن يكون محمد خضير مسؤولا عنه لأنه ظل في الداخل يراقب السلطة التي تقمع الشعب، فتلك ليست مسؤولية فردية، والذي ظلّ في الداخل هو الأكثر جرأة وصبرا من الذي هرب ولم يكن له صوت لأنه بين أنه باحث عن اللذة وعن مكان فيه برودة تخلّصه من تموز الجنوب. إن محمد خضير إذا ما أردنا أن نقيّمه إبداعيا فلا نكتفي بمجاميعه القصصية، بل بتنظيراته التي قلما نجدها عند نقاد أكاديميين، فهو الذي حول المكان إلى منطقة سردية تدخل في القصة وهي ترتدي جلباب الرواية.. وترتدي جلباب الرواية وهي تظلّل المكان برمته.. فهو مسؤول عن مخيلته لا مسؤول عما يريده الآخرون، والكاتب لا يكتب بحسب الطلب، هو ليس برجل (دليفري) يوصل طلبات المختنقين من الواقع، وهم لم يكتبوا عن واقعهم إلا بعد تغربهم أو أنهم استغلوا الواقع لتمرير أفكار الهرب والتهرب.. ومحمد خضير ليس بذلك الرجل عريض المنكبين وبوجهٍ قاسٍ لكي يخاف منه الآخرون أو يخيف من هم أنصاف الرجال فيخر أرباعهم. بل هو المتواضع حد اللعنة والهادئ حد التقدير والماضي بما يريد حد المعرفة والغائص بالكلمات حد التخمة والغارق في المعايير حد الانتباه إلى سبل ومسالك وطرق الكتابة.. فلا يمكن قبول أنه لم يكتب قصة واقعية أو اجتماعية ظلت تجربته بميدان التأثير (الأجنبي) وظلّ متكئا على الماضي، رغم أن الأمر يتحول بالإمكان إلى مطالبة الكتابة القصصية، ورغم أن هذا الأمر من حقّ الكاتب وليس هو مشروع طلبات وتنفيذها أن يكتب قصة أو رواية ولا يكتب شعرا أو مسرحية.. يكتب نقد مجتمع ويواجه سلطة بطريقة الاستعراض كما يفعل الكثيرون الذين دوخونا بنضالهم الصفري الأخرس الذي لا أحد يعلم به إلا من كان على شاكلتهم كما يحصل اليوم.. ولنا في الكثير من الأدباء الذين تعرضوا إلى الكثير من المضايقات والسجون لكنهم لم يهربوا ولم يستعرضوا في كتاباتهم البطولية إلا إذا كان هناك وقت لإزاحة شوائب الأقوال لمن هم على شاكلة من يشكك بمحمد خضير من أنه (سارق) أو متأثر. إن محمد خضير يكفي اسمه ليكون أيقونة.. وليس هناك فرق بين أن يكون مقلّا في الإنتاج السردي أو مكثرًا في جوانب أخرى، فتلك سبل الكتابة والمخيلة والوقت والمران والفائدة والتفكير حيث يريد أن يوجه بوصلة الكتابة.. إن محمد خضير واحة مفتوحة الجدران لا تشبه الجزر، بل المدن المفتوحة التي إن دخلها أديب فلابد أن يزور مركزها ومنتصفها ليجدد معه قيمة الحرف ويتعلم منه التواضع ويدرس على يديه أهمية الهدوء. ولذا فإن الهجوم على هذه الواحة والأيقونة والأغنية السارية المفعول هو مثل الذي يريد أن يجعل لنفسه بقعة ضوء خافتة ويعير له الآخرون أهمية دون أن يدري أن البقعة لن تتوسع وستضيق به ويعود إلى الظلمة من جديد.. إنها عملية جلد الذات والشعور بالنقص.. لذا فإن محمد خضير يكفي أنه ظل بصْريا جنوبيا لم يرحل من المكان، فظل وفيا له ويكتب عنه.