قرأت رواية "الطوفان حيث الجمر" باهتمام كبير، بعد سماعي الكثير مما قيل عنها؟ وعلى كل حال، فقد احتلت وبسرة حيزا واسعا في الأدب النامي لعمان المعاصرة. لقد أردت أن أفهم بيئتها ومضمونها. فقرأتها برغبة استثنائية لكي أري كيف يمكن لجمهور ما أن يعيها – وخاصة ذلك الجمهور الذى قد يكون عمانيا من أصل أفريقي او عربيا افريقيا، حيث يزخر العالم العربي بخليط متنوع من الأجناس.
ليست لدي رغبة خاصة في أن أحلل الجدارة الأدبية لـ "الطواف حيث الجمر"- لا اجد نفسي كفوءة كي احكم على القدرات اللغوية للكاتبة (الشحي)، ولا خبرتها في معالجة البناء المعقد لرواية، أترك مثل هذا التحليل للمختصين، واعتقد بأن هناك مثل هذا التحليل لرواية "الطواف حيث الجمر" في مجلة "نزوى"، للناقدة الأدبية العمانية شريفة اليحيائي، وهذا التحليل يتناول بالضبط هذه المجالات، كما كانت هناك ايضا مراجعة للرواية في "الحياة" من قبل كاتبة عربية – ومع ذلك، فقد تبين أنها قد تناولتها بشكل عابر، ان السبب في الافتقار إلى أية أمانة قاطعة قد يكمن بالضبط في الرغبة بتجنب توجيه النقد لكاتبة – أي من الجنس الآخر. ومع ذلك، فأود هنا أن أكون أقرب ما يمكن الى الامانة والصراحة، أرغب في الرد مباشرة على بعض الأساسات الفكرية للرواية، أكون فظة عندما أقول، شعرت بأن هذه الرواية كانت عملا سطحيا اعتمد فيها البناء القصصي، لكي يكون له تأثيره، على النعوت العنصرية، على المستوى الشخصي، وجدت الأوصاف المستخدمة (سواء كانت من قبل الراوي أو من قبل الشخصيات الأخرى) مروعة ومثيرة للمخاوف، بالرغم من قراءتي للعديد من الروايات باللغة العربية والانجليزية، فاني لم أتأثر قط بهذا الشكل السلبي حتى الآن.
إن الجوهر الفكري لـ "الطواف حيث الجمر" هو من نوع لا يبحث عن استكشاف الفروق بين الصفات الفردية او ما يحركها، او حتى معضلات الطبقات المختلفة والمتضادة، بدلا عن ذلك، فان فكرتها الرئيسية المهيمنة (وأحيانا فكرتها الرئيسية الوحيدة) ترتكز على الفوارق العنصرية، كيف يمكن لهذا وهو غير مبرر، أن يكون له أي موقع بعد قرن كانت فيه الاحقاد العنصرية سببا وقودا لكل هذا الدمار؟ كيف يمكن لهذا، وهو غير مبرر، أن يتمتع بأي اطراء بعد فترة ناضل فيه أناس عظماء لكي يخمدوا الأفكار ذات الطبيعة المماثلة؟
إذا كان لابد لي من أن أيضع هذا العمل مع غيره، فانه سيكون قريبا من "التواءة في النهر" للكاتب في. س. نايبال (ومع ذلك، وخلافا لهذا، فانه يبدو ان فيه القليل من الأهلية الأدبية). ان أقرب ما يمكن أن أضع بموازاتها هي Voyage au bout de la nuit كاتبة سيلين المنشورة في فرنسا في الخمسينات، ان هناك طورا غير مستساغ يمر عبر الرواية والذي يحدد الشخصيات حسب العرق، بأكثر أشكاله فجاجة، ادرك بأن العذر الذي يمكن أن يقدم (وما تم فعلا في حالة الكتاب من أمثال المذكورة أعلاه) بأن هذه، على أية حال، هي محاولة أدبية وليست سياسية أو جدلية، ولكن هل يمكن لهذا ان يكون عذرا حقا؟ وعلى كل حال سيبقى حشد من الناس الذين سيرحبون بمثل أساليب التعبير هذه ليدعموا مثالياتهم البغيضة، لا ينبغي على المرء أن ينسى بأن العالم العربي يشمل كل الألوان العرقية الى هذا الحد او ذاك. وبأن مشاعر الكره الملتهبة في هذه البيئة المتعددة الاجناس يمكنها أن تنشر بسهولة، هل ينبغي أن يسمح بالثناء على الكاتبة من دون أي انتقاد فعال لمساعيها حتى يتم اعطاء توازن للصورة ؟ ان إتاحة المجال للتعبير عن العنصرية لكي يمر دون اعتراض هي دعوة الى دعم برنامج أوسع للعنصرية.
تتبع قصة "الطواف حيث الجمر" هروب فتاة عمانية، اسمها زهرة، وهي من مواطني "نزوى"، الى جزيرة زنجبار، والتي هي الآن جزء من دولة تنزانيا (مع ان عمان قد فقدت زنجبار في ثورة عام 1964، فلا يزال ذلك الجزء من افريقيا حاملا لسمة مميزة من الحضارة العربية / العمانية). زهرة عالقة في غرام سالم، الذي خانها بتزوجه من شابة زنجبارية.
تتجلى مأساة زهرة الشخصية بشكل مزدوج، أولا ان حبيبها لم ينبذ الأخريات"، ولكن وبجلاه، قد تزوج "السوداء بأنفها الأفطس" (الصفحة 11، التشديد من عندي)، يلمح الفصل الأول الى المعاناة النفسية لزهرة، ليست بالدرجة الأولى بسبب هجر خطيبها لها، ولكن بالأحرى بسبب النسب العرقي لاختياره الجديد، ان غيظ زهرة موجه على وجه الدقة بدافع عنصري، ولم يتم توازن هذا مطلقا بأحكام أخرى، أكثر موضوعية، ان هذا الغيظ هو مسرح لمنظومة مخيفة من النقد الساخر العنصري، والذي يختصر الى استنتاج ان "العبيد هم العبيد والأسياد هم الأسياد" (الصفحة 239).
ينبغي لرغبة الكاتبة ان تولد وصفا واضحا ومصقولا لزهرة: فقصتها، على اية حال، هي حكاية الرواية، ومع ذلك، فان هذا الهدف قد حرف بشكل ثابت بما يدل على انه، بدلا من ذلك، عزم على التركيز على مشاعر (زهرة حول ذوي البشرة السوداء. "والمرأة السوداء بثيابها البيضاء الشفافة ما تزال تتشبث بأطلال النوم المضطرب (ص 8)، هذه كلمات زهرة نفسها، وهي تعبر عن الخوف والازدراء، مما تجاه "المرأة السوداء" الذي يبقى اسمها أقل أهمية بكثير من التحديد العرقي العرضي، وعندما تكون زهرة مكتئبة من حالها، فانها تنظر الى مرآة وتحس بانه تشوبها تفضيل حبيبها السابق لامرأة سوداء- "الطفل العنيد المتمرد".
مرت الشهور بطيئة، مشحونة بالانفعالات، وجسدي يتآزر على فيكتور، أكره منظر جسدي في المرآة، هذا الطفل المشؤوم شوه كل المعالم الجميلة في، حتى وجهي تغير تماما، فأنفي تورم وصار أحمر كريها، وبعد ان كنت افخر باستقامته ودقته اصبحت اخجل من فلطحته، هذا غير البقع السوداء حول عيني وعلى صدغي".(ص 261)
الخوف والاحتقار يكشفان لنا القليل نسبيا عن زهرة، ولكنهما يؤكدان على بناء جو مضطرب من الحكم المسبق.
"بنات افريقيا يا رجل، ما ذهب رجل الى هناك الا وتزوج واحدة، الرحيل الى افريقيا لا يبدو مسليا، مشاق الطريق واخطار البحر من أجل الزواج بعبدة تخرب النسل (قال محمد)… فقاطعهما أبي والمسبحة لا تفارق أصابعه، لا فرق بين الناس الا بالتقوى.. لكن خادمة ؟ ترك الحراث من أجل خادمة".(ص 14)
حتى الصوت الحكيم والمتوازن لوالد زهرة، وهو رجل يتصف بالتقوى والحكمة، يعبر عن ملاحظات عنصرية حول الأفارقة، مساويا إياهم تلقائيا بالعبودية، ولكن ثقل النص يقع كاملا وراء كلمات محمد، والتي لا تدحض أو يعترض عليها أبدا، ما يستوقفك أكثر أيضا هو كثرة المرات التي تكرر فيها النعوت العنصرية، بدون ضرورة وبشكل مضجر لم أصادف مثل هذه التعابير اللاذعة والمثيرة للاشمئزاز لكره الجنس الأبيض للجنس الأسود في أية مادة منشورة من قبل.
اذا لم يكن العرق بأمر ذي أهمية، فلم إذن يتم وصف خسارة زهرة في الحب بلغة خصم يكون فيه لونه وعرقه وطبقته بهذه الأهمية؟
هل كانت النتيجة المرغوبة هي ابداع رواية عاطفية، أم فقط خلق متاهة باستعمال مفردات عنصرية شريرة لا تقدر فيها الكاتبة، على ما يبدو، الهرب منها؟ ينبغي علينا، بالتأكيد، أن نكون قد تلقينا درسا حول مثلث الحب في محور الرواية – ماذا يدور في رأس زهرة، سالم وزوجة سالم الجديدة ؟ مع ذلك، فاننا لا نكتشف شيئا تقريبا عن هذه الشخصيات، الذي نواه هو سلسلة حوارات عنصرية يكرر وجدانها مرة بعد أخرى، لا يتم توسيع خيال القارئ مطلقا ولا يضاف الى معرفته، يبدو ان البناء الأساسي يتمحور حول سلسلة من المناقشات بين زهرة وآخرين من منزلة "أوطأ" أو سلالة "أوطأ" منها. وسالم (الذي هو، على اية حال، أساس مشاكل زهرة) هو تقريبا خفي كلية.
كل ما نقرأه هو زهرة وأشخاص سود ترفضهم هي باعتبارهم أندادا لا لسبب الا للون بشرتهم، تظهر الشخصيات السوداء عبر "الطواف حيث الجمر"، كخونة، سراق، يطعنون من الخلف، وعلاوة على كل هذا فهم قبيحون ببشاعة (وخاصة عندما تتم مقارنتهم بـ "الجمال الأبيض" لزهرة وسلالتها).
"هناك من هي أحسن من بنت خالك !~ أحسن منها؟- الأفريقيات.. انها حلوة، شعرها أسود ناعم، وعندها ساقان ممتلئتان". (ص 65) للمرأة الافريقية، في بعض الاحيان، وجود يقرب من الشيطاني في الرواية. "عماذا كانت تبحث هذه المرأة السوداء الافريقية غير موته ؟ لقد مات غرقا بعد ان غرق مركبه في البحر، بالرغم من حقيقة انه كان يسبح مثل السمكة في الفلج". وفي أوقات أخرى، يحجم دورها الى "السوداء بأنفها الأفطس" (ص 11)، ان هذا الوصف البهيمي يظهر بشكل متكرر جدا.
كان الخادم غارقا في سبات طويل عندما هززته بعصبية، استقام صارخا فنهرته مرتعبة من جثته الضخمة، اش ش.. اهدأ.. لن أخبر سيدك عن نموك فرد "يا ربي، سيدتي؟ ماذا هناك ؟ أقسم لك بانني لم أنظر اليك أبدا عبر الكوة، صدقيني، لم أقل شيئا عنك لصاحب النزل، ما بالك لا تصدقين ؟
كان ساذجا فزادتني حماقته ارتباكا، لا بأس، ان اردت الا أقول لأحد فأفعل لي خدمة صغيرة.
فغر فاه وتلفت كاللص، وبدت لي حماقته تلك اكثر من مزعجة، فالوقت يمضي اسرع من النبضات الهلعة في صدري، دع عنك الخوف، سأعطيك بيسات كثيرة أيضا".(ص 32).
هنا، قد يبدو الوصف فعلا مثيرا للجدل، ومع ذلك فانه في مقاطع من النص، مثل هذه بالضبط التي تظهر فيها نفسها الفكرة العنصرية للكاتبة، بشكل مفهوم ضمنيا، يبدو الرجل الذي توقظه زهرة أفضل بقليل من حيوان ما، ضخم الجثة وغبي ويحتمل ان يكون تهديدا من الناحية الجنسية. ولأن شيئا من هذا القبيل لم يصرح به بشكل صارخ، فانه من الاسهل بكثير أن نرى كيف تتم تقوية كل التعابير القديمة السلبية العنصرية على نحو لا يتغير، ويصبح هذا حتى أكثر جبروتا عندما تظهر الأوصاف العنصرية من قبل الراوي (زهرة) ومن شخص آخر سوية.
"زاد احساسي بالخطر مع تردد الخادم، لكنه مضى بسرعة متذمرا.. وقبل ان استسلم لموجة الجبن التي اجتاحني، سمعت سوتا أجش يبادرني، قال لي ذلك الخادم الأحمق انك تودين الحديث معي.. ثم التفت سريعا الى العبد المتسمر على مقربة، أيها العبد المحظوظ، الا يكفيك انك صرت ترافق جميلات الدنيا في كل مكان، أين تجد هذا في بلدك الفقير".(ص 34)
تستخدم كلمة / تصغير / معنى العبد مرة بعد أخرى، حتى يبدأ تكرارها بالظهور كأنه اعتيادي، مقبول "بالمناسبة، اشترى عمك عبدين آخرين، هنيئا لك، سيحف بك العبيد من كل جانب". (ص 42) إن كلمة (العبد" تستخدم بشكل متكرر مع أوصاف مثل "كسول"، "تعيس" و"غبي"، ولا شي لديه يقوله إلا افتعال ابتسامة بلهاء تنير وجهه الحالك السواد" (ص 42)، التصادف مع كلمة "عبيد" يجعل زهرة تشعر بالبذاءة والخوف بشكل متكرر، "ظهر خلف الباب ثلاثة عبيد ضخام الجثة، بعيون كبيرة محدقة، لم يكونوا ليقولوا الكثير". ولا يتاح لنا أبدا أن ننسى القواعد الصارمة التي تحكم الموقع الاجتماعي النسبي بين الشخص الأبيض الحر والعبد.
"لقد دسست سنامكي مرة لاحد العبيد، كان قد فتق مرارتي من كبريائه، لا يجب على العبد ان يعصي سادته او يرفع نفسه فوقهم العبيد خلقوا لينفذوا ما يؤمرون به فقط.. ان العبيد هم عبيد مهما حاولنا رفعهم، دائما هم أقل شأنا منا، خلقهم الله عبيدا… وابوك، الم يشتري مني عبدين العام الفائت ؟ اصمتي يا حرمة، أنت نفسك لا تعيشين بدون العبيد، من يطبخ في أعراسكم ؟ من يقوم بكل ما تتأففون منه ؟ هم يعجبهم حالهم هكذا، يعرفون لماذا خلقوا".(ص 77) يوصف لون جلد عبد ما بكونه مشابها لـ "القهوة" (ص 47) هذا الوصف البهيمي الملاحظ الآن، مكرر ايضا "نظرت للحركة خارج الموتر، الثياب رثة، واجسادهم السمراء تزداد سوادا بشعر صدورهم الملتوي كالحيات" (ص 99) ومرة أخرى، "سيكون له كما لغيره زوجة سرية في افريقيا، تنجب له قافلة من الأولاد بلون البن" (ص 67، التشديد من قبلي)، يتم التوكيد على هذا بحجمهم النسبي- "اعترضين فجأن عبد شديد الضخامة".(ص 134)، كان سليمان بجانب تلك الكتلة الجسدية" (ص 125)، واكثر ما يلفت النظر، "لا أتزوج الأسود لكيلا أخرب النسل، وايضا عرفت ان التيس بمائة نعجة" (ص 279، التشديد من قبلي)، بكلمات أخرى، وفي سياق الكلام هذا، فان افريقيا أسود واحدا يساوي ما يعادل أقل من واحد بالمئة من عربي أبيض، ولكن، والأسوأ من ذلك للأفريقي صفة حيوان: تتذكر زهرة رجلا أسود من أيام طفولتها، "مارد ضخم، على أنفه حلقة كتلك فوق أي ثور هائج".(ص 228)
قد يتم ربط هذا بشعور مناقض لما هو ظاهر، غريب وقذر، وبدون شك جنسي، في مصادفات زهرة مع العبيد، في أماكن الالتقاء بهم (الأزقة المعتمة، زوايا المنازل) وردود أفعالها عندما تلتقيهم، آخذين بنظر الاعتبار جميع هذه سوية، فان أوصاف الأفارقة تلتقي بكونها "غير متحضرة" – وغالبا ما تكون كذلك بتطرف. "لا شيء يجعلني اطمئن لحفنة رجال كما هؤلاء، ماذا لونعست.. حقنة قراصنة.. اشكالهم وروائحهم الخانقة في الموتر تبعث على التقزز". (ص 58)، "مضى الوقت طويلا قبل أن يصل الخادم لاهثا تسبقه رائحة عرقه" (ص 199)، ان الاوصاف البشعة هي مهمة بشكل خاص لهذه الكاتبة، الأوصاف الفراسية تركز على الأهداف المثالية للقولبة العنصرية: العينان، الشفتان، الاسنان والأنف الأفريقية. "نطق كوزي باسمه في عجلة، كانت نظراته زائفة مذنبة وشفتاه جافتان يقشرهما من الجلد الميت باسنانه المتفارقة، ضغط بيده على قلبه ثم نطق كلمة سواحيلية لم أفهمها". (ص 224)
في الحقيقة إن أية فئات "سفلى تظهر وقد لعنت بشكل طبيعي في "الطواف حيث الجمر"… "خلي بالك من الهنود والبانيان، لا تتساهلي مع العبيد، ينقلبون عليك ويأخذون كل ما تملكين".(ص 208)
انه لمن المثير للانتباه ان تغاير أوصاف الأفارقة (والغجر، والهنود وبقية "الطبقات السفلي") مع تلك التي تعود للعرب البيض، على سبيل المثال، وصف عم زهرة. "تأملت وجهه الأبيض مليا، تهيأ لي أن هناك تكشيرة على جبينه وغضبا في عينيه". (ص 40)، الناس من الجنس الابيض هم أكثر حيوية، ويترافق ذكرهم مع الذكاء، الانفتاح وعدم سذاجتهم، "انت امرأة بيضاء حلوة" (ص 70)، "طبعا، بيضاء وحلوة من نزوى" (ص 94)
"وهنا في هذه الدار امرأة ايضا فاتحة اللون جميلة الملامح تضع قطعة قماش على جبين شيخ مريض وتسقيه الدواء بمحبة وصبر". (ص 154)
الجمال مرادف بشكل متكرر مع بياض البشرة، وفي كل مكان من "الطواف حيث الجمر" يوجد اعتماد كبير للمعني على المقارنة بين سيماء الوجوه.
"ولكن بعضكم يتزوج منهم"… لكن انا احب بنات صور أكثر.. من الآن سيكون له كما لغيره زوجة سرية في افريقيا، تنجب له قافلة من الأولاد بلون البن، وأخرى علنية في صور".(ص 67) حيثما تمتد تلك المقارنة فانها توحي بأن المرأة الأفريقية تكفي للعملية الحيوانية بالانجاب المفرط لأطفال عرقهم هو دون القياسي، بينما تكون المرأة "الرسمية" أكثر جدارة بالاحترام سواء من ناحية الحب الحقيقي أم الاعتراف القانوني بها، أما الزوجة "السرية" بالعربية، فهي مشتقة من وصف امرأة من نسل، افريقي يتزوجها سيدها كعبدة، ان مثل هذا النظام هو أدنى من أي زواج بامرأة عربية "بيضاء"، ان المرأة الزنجبارية التي يتزوجها سالم توصف بكونها "عاهرة.. من نسب أفريقي".(165)
عندما يتم وصف شعور سلبي، فانه يعطي الصفة الجلية والبارزة "سوداء"، في ذاكرتي صور اخوتي المسودة بالغضب" (156. التشديد من قبلي)
فكما تم تحقير الأمريكيين من أصل افريقي في الماضي بألقاب مثل "سامبو"، فان أسماء مماثلة تماما تظهرني "الطواف حيث الجمر". تستخدم كلمة "كووزي" للأفريقي الضعيف بلغته العربية (ص 279)، وليس الأفارقة وحدهم الذين يتحملون وطأة الغيظ التصويري للكاتبة.
"هل عاد من جديد؟ هذا (الزطي) يبيع أباه من أجل البيسة، ما يزال لديه بعض البضاعة الكاسدة، قرب الرحيل ويقولون انه بحاجة للنقود لاصلاح مركبه، لم يكفه الثروة الهائلة التي يحصل عليها من بيع العبيد والسلاح" الزطوط لا يعتدلون يا اخي، العرق دساس". (25) ومرة أخرى.
"انهم عبيد.. عبيد.. أتفهمين ؟ وانتم ؟ نحن لا نباع، نحن عرب لكنني سمعت انكم زطوط، والزطي أوطأ من العبد… اعترفي، أليس الزطوط أقل شأنا؟ (ص 101)
وثانية – "انه يراوغ حتما، ما عرفنا زطيا شهما" (ص 57)، هنا يذل الزطي بنفس الطريقة التي يذل بها الأفارقة (والجمع الأعظم من الخدم من الأعراق الأوطأ- الهنود والبانيان)، الذين وصفوا جميعا بمفردات مختلفة جدا عن تلك المستخدمة لذوي الأصل الأبيض الخالص للبطلة.
هذا التعويل المكرر على أنواع محددة من علاقات السيد- الخادم أو السيد- العبد تبين هزال هذه الرواية، وخلوها من أي مضمون أدبي ذي معنى. ربما، وبإحساس معين، تكون "الطواف حيث الجمر" قد خدعت القارئ، الحكاية هي مجرد تبرير، يندر ان يذكر الحب، في جوهرها يقع السؤال، كيف يمكن لرجل عربي أن يدع امرأة سوداء أن تأسر قلبه ؟ يوجد اشمئزاز وغثيان تجاه هذا الحدث، وبشكل منتشر على طول الرواية، لو كانت هذه المرأة بيضاء لما سئل هذا السؤال.
ما الغرض من التحدث عن اللون والعرق بهذا الشكل المستنزف ؟ ما ينبغي على رواية ما ان تقدمه هو نفاذ البصيرة الى الدوافع المحركة للشخصيات، ولكن "الطواف حيث الجمر" تقدم فقط مناقشات مرة لها هدف أدبي قليل أو ليس لها هدف بالمرة. ليست هذه سردا لحكاية، ولكنها صياغة رأي كئيب مع فكرة عنصرية مهيمنة ومتكررة تدل على فراغ الفكر وفقدان الاتجاه. "نحن لا نباع، نحن عرب، لكنني سمعت انكم زطوط، والزطي اوطأ من العبد" (ص 101) (الزطوط هي جمع "زطي")، هؤلاء الناس في عمان يعيشون في عزلة عن باقي المجتمع، فهم يعملون كحدادين ومرممين لأدوات المطبخ، يبدو وجودهم في "الطواف حيث الجمر" لكي يوفر دليلا كافيا على ان هذه الرواية تدور حول العرق، ونسب الدم، يبدو بالتأكيد عدم وجود مبرر منطقي، من وجهة نظر الراوي، للغرض من ظهورهم، ربما ينبغي على كاتبة الرواية ان تنتبه الى كلمات أحدى شخصياتها، "ما لكم وللعبيد والزطوط؟ انها مسألة معقدة جدا ولا تجلب لكم سوى الصداع".
ماذا تحاول الكاتبة ان تقوله بالضبط بهذه الآراء؟ هل ان لها أية صلة بالموضوع ؟ اذا كانت النية هي كشف النقاب عن العنصرية المخيفة المتواجدة في مجتمع معين، فليس هذا اذا ميدان عرضها، كان يفترض على هذه ان تكون رواية عاطفية، ولكننا لا نرى الحب في أي جزء من اجزائها، اذا كانت نية الكاتبة ان تكسر قواعد النوع الأدبي للكتابة، فقد كان عليها أولا، وقبل كل شيء آخر، أن تظهر قابليتها على ما تستطيع تدميره، بدلا عن ذلك فان ما يعوض علاقة ديناميكية بين اثنين أو أكثر من البشر هي تعليقات مرة اختلقت كلية على أساس عنصري، نصل بسرعة الى السؤال، من اين جاءت كل هذه اللغة المهجورة والشائنة؟ وينبغي ان نذهب أبعد من ذلك، لكي نستغرب من كيفية كوننا نحن مثقفي القرن الحادي والعشرين، ان ننحدر الى أعماق هذا النوع من العنصرية – ليست عنصرية تلاحظ بحيادية من قبل كاتبة الرواية، ولكن عنصرية تنخر في بنية الفكر المتمثلة بالرواية ؟ حتى وان كانت الرواية تتحدث عن زمن مضى- زمن ناء عن الحاضر- فانه من الصعب تقبلها، ولكن يمكن ادراك زمن الرواية بكل أسى على انه الحاضر، ينبغي على قرننا الجديد الا يسمح بأي مجال لكتابة تكون طائشة وكريهة، أحيانا، أحس بأن الكاتبة تريد أن تعيدنا الى تلك الأيام المرة الخوالي للتمييز العنصري ومفاهيم الدونية والاعلوية التي شوهت بشكل كبير القرون المنصرمة، عندما تعلق البطلة، "ولا شيء لديه بقوله الا افتعال ابتسامة بلهاء تنير وجهه الحالك السواد" (142)، فانه لا يوجد في المحيط من تعقيب موازن من قبل الروائية ليقترح أي أمر غير انها، أي الروائية، وبالتالي، فقوة الرواية نفسها، في اتفاق تام مع هذا الشعور المقرف. أي نوع من الكتابة هذه، التي تتيح المجال للمحادثة والكلام بهذا الشكل ؟ ليس للكتابة بهذا النوع أي اتباع، أو مهتمون بالأسلوب غير قلة وهو مجرد من المنطق ما عدا، ربما، منطق فردي أناني.
"ترى كم عبدا سرقت خلال هذه المدة القصيرة على السواحل ؟ مائة الف، عمي كان يعرف العد حتى الألف، وربما أكثر، كان هو ايضا لصا ذكيا مثل سلطان، كان يستيقظ مبكرا هو وعبيده، مبكرا جدا، ويأتون لحقلنا، يقطفون الورد والرمان والعسل، والشمس بعدها لم تطلع ويذهبون لبيعه في نزوى". ص (194)
مرة أخرى تريد زهرة (ومن خلالها تم بقوة وضع روح الرواية) ان تبين بأن العبد يشترى ويباع، ليست مصادفة ان تكون هذه لحظة معزولة في الحكاية، في الحقيقة، ان الرواية حافلة بتكرار سلسلة من هذه اللحظات، فتدور حول نقطة واحدة ليست لها أية علاقة بالمحور المركزي للرواية بأي شكل من الأشكال.
وتستمر السخرية الموجهة نحو السود من البشر- عندما تتخذ الكاتبة سبيلا مختلفا، لا يبين للقراء أي مفتاح لحل اللغز، كل ما يعرفونه هو ان الرواية ستنهار، كبيت مصنوع من أوراق اللعب، اذا توقف هذا الحوار، حتى الملاحظات العابرة جدا هي ملوثة، على الصفحة 207، تعلق الكاتبة، "كان بحارته من الزنوج"، لم تستخدم كلمة "زنوج" في الكتابة المعاصرة – فهي تساوي كلمة "نيجرو" بالانجليزية، أو ربما أسوأ منها، فكيف تبرر الكاتبة استخدامها؟ الأمر المروع هو انها ليست خارج سياق الكلام.
"لا تشاكسيه سيدتي، ان الزنوج يسمعون كلامه، حاولي كسب وده…" "هيا نظفا المكان ومن الغد ابحثا عن خادمة زنجية شابة تعرف العربية تعمل على خدمتي والطبخ لنا نحن اما كتمبو (أي مثل سامبو) هذا فليطبخ طعامه بنفسه".(ص 215)
تقول زهرة على الصفحة 208، "سأوصي عليك اصدقاء عزيزين.. لكن خلي بالك من الهنود والبانيان، لا تتساهلي مع العبيد، ينقلبون عليك ويأخذون كل ما تملكين". هل تركت اية مجموعة عرقية بدون ان تمس بالنعوت العنصرية المرة ؟ هنا يوضع الهنود والبانيان "وهم طائفة دينية يمكن ان تفسر بكونها البوذية)، ضمن فئة يحط من قدرها بموازاة "الزطي". توجد مجموعة عرقية هندية كبيرة تعيش في سلطنة عمان، وفي جزيرة زنجبار- كيف يمكنهم ان يردوا على هذا النوع من الكتابة ؟ لقد تم التعبير عن مشاعر كثيرة في "الطواف حيث الجمر" وتساعد أكثرها على اغراق الرواية الى أدنى مقام مبتذل للتجربة الانسانية، وقد أزيل منها كل شيء مهذب وإنساني.
سردت في الصفحات الماضية ما بدا لي وكأنه بعض (وليس كل)، ما له صلة بالعنصرية في "الطواف حيث الجمر" أشعر بأن الرواية هي نسيج من التعليقات العنصرية الإزدرائية التي غالبا ما تكون لها علاقة ضعيفة، أو لا علاقة بالمرة، بالمضمون او فيما بينها، أو بالضرورة، بالشخصيات المعنية، هذا ما يجعل الرواية هزيلة بالمعنيين السري والفكري: منفصلة تماما عن أبطالها وبطلاتها (وهو ما أرادته الكاتبة، وهذا مسلم به، أن تكون المحور الدرامي للرواية) وبدلا عن ذلك يتم جذب انتباه القارئ بالتقديم غير الملائم للألفاظ العنصرية، للتأكد، ينبغي على الكاتبة ان تناقش الحقيقة الخطيرة للعنصرية في المجتمعات العربية، وهنا كانت، بشكل كامن، أرضية أدبية مشوقة للنقاش من هذا النوع حيث ان سلطنة عمان وجزيرة زنجبار هما منطقتان لا تصدقان من ناحية الغموض وجمال الطبيعة بالاضافة الى عجائب الحضارتين العربية والاسلامية، كان ينبغي لحياة سالم وزهرة ان تكونا محورا لمشاهد كان يمكن ان تكون مثيرة ومشوقة (خاصة للقارئ غير المطلع على مثل نمط الحياة هذه)، ولكن الكاتبة فضلت ان تستمر بالنقاشات المؤلمة واللاانسانية ما بين البطلة والناس الذين تلتقي بهم عبر رحلتها.
مع ان هذه قد تكون المحاولة الأدبية الأولى لهذه الروائية، لكنها تبدو غير قادرة على ان تخضع تطورات الحكاية حول شخوصها بأسلوب ذي معنى، ولهذا تصبح الرواية تدريجيا أمرا مشوها منتفخا، الحاجة الى ملء صفحات هو القوة المحركة بدلا عن أي أسلوب فني، وفي الحقيقة انه لمن الصعب الهروب من انطباع كون الكاتبة تتراجع عن النقاشات المبنية بسهولة والمطعمة بالنعوت والمصطلحات العنصرية لا لشيء الا لملء صفحات، والنتيجة هي عمل يفتقر الى ابداع فكري وبدون محور حقيقي، ولكنه يترك القارئ مع مذاق بذيء مستديم لتلك المصطلحات. وكما ذكرت، يمكن مقارنة هذا العمل بالعنصرية الشائعة قديما والتي ظهرت في الأدبين الاوروبي والامريكي، وكذلك في صحافتهما واعلامهما في نهاية القرن الثامن عشر وعبر القرنين التاسع عشر والعشرين، والتي تضاءلت حقا فقط بزوال الامبراطوريات (وتم حجبها جزئيا بأهوال الحرب العالمية الثانية)، واستبدلت بمفهوم مختلف للعالم، ان الأفكار القديمة التي تولدت من الامبريالية والكولونيالية، مع انها لا زالت مرئية هنا وهناك، هي تماما غير مقبولة، ان الكتابة على هذه الشاكلة، والمتولدة بشكل رئيسي من مفاهيم نظام الطوائف الاجتماعية والأعراق، ينطوي على مفارقة تاريخية، خاصة في وقت يثنى فيه على جهود أولئك الذين يكرسون أنفسهم للقضاء على سم العنصرية في كل بقاع المعمورة.
دفاعا عن الكاتبة، تراود الى اسماعي انها ليست من دعاة العنصرية (وأنا لا اتهمها بهذا)، فما حاولت اظهاره هي دهشتي، أساسا الى الاسلوب الفج الذي تباشر فيه "الطواف حيث الجمر" بموضوع، لغة وأوصاف لعرق وموقعه المحدد في مجتمع "أعلوي". لقد قيل لي بأن بدرية الشحي كانت تحاول اظهار مشكلة العنصرية الموجودة في جزء معين من العالم. ومع ذلك، فقد كانت غير قادرة على القيام بهذا بشكل علني، لأن مادتها لم تكن لترى النور، كان يمكن لها ان تباشر بتحليل اجتماعي- نفسي للمشكلة في المنطقة المعنية التي أرادت دراستها، ولكنها بدلا من ذلك اختارت سبيلا تخيليا أسلم لتستكشف الفكرة الرئيسية، ومع ذلك، وبخيال حقيقي صغير يدعم هذا العمل القصصي الهزيل، فانها تبقى عنصرية بشكل مؤلم، خاصة (وكما ذكرت سابقا) لقراء أصولهم من الشخصيات التي تم الاستخفاف بها.
ربما يمكن تصور كيفية قراءة شخص افريقي لهذه الرواية، هذا النوع من الاختبار، المشابه لاختبار "الاستبدال"، يتيح لنا أن نحس الفكرة الأهم للعمل، تصوروا ما يمكن أن يكون عليه قارئ أسود يذكر مرة بعد أخرى بالحالة النسبية الموجودة ما بين الشخص الأسود والعربي (أو الأبيض) بحيث يكون فيه الشخص الأسود جزءا من فئة متدنية مهانة.
ولكن مهما كان نسب القراء وأصلهم، فالجميع سيشعرون معزولين بهذا النوع من الكتابة، لقد أعطت الرواية فرصة لمجموعة معينة كي تشعر بأن احساسها الكاذب بتفوقها له سند، لم يقوض في أي مكان تعاطي العنصرية أو طبيعتها بشكل حقيقي أو فعلي. ان كاتبا – وبالأحرى فنانا- أكثر سعيا لا يستطيع إلا أن يقوم بهذا، عوضا عن هذا، تتخبط هذه الكاتبة في دراما مدعومة بأساليب من التفكير هي عدوانية وتدعو التمييز. في الحقيقة ان العرق الأبيض، العرق "الأعلى" الذي تذكره وتريد (على ما يبدو) ادانته، سيهنئونها على هذا التصوير الإزدرائي والمقرف للأفارقة، إن أسوأ أنواع القراء سيأتي الى هذه الرواية ويحس بأنه محاط بأسوأ أصناف الأفكار الآثمة، ان أعظم مأخذ على الكتاب، ربما، هو انه لا يخدم أحدا بشكل أفضل من، وسوى، أولئك الذين يتلهفون الى المواد الداعية الى العنصرية، ان "الطواف حيث الجمر" ستوفر لهؤلاء ملجأ، مما يتيح لهم أن يشعروا بتبرير لمعتقداتهم، اذا كان عالمهم معرفا بتحيزه العنصري اذن، فهنا أيضا، عالم محدد بدقة.
لماذا نشرت هذا العمل كرواية بدلا من مناظرة أكاديمية، ولكي تفلت من التقييدات، لم لم تنشرها خارج بلدها؟ ورواية الطواف حيث الجمر قد نشرت خارج السلطنة في بيروت اذا كانت مخيلتها قد ادركت فعلا بأنها تستطيع ان تتوسع باتجاه قصة خيالية، فربما كانت تستطيع ان تتوسع باتجاه بحث أكاديمي أكثر نفعا يمكنه ان يعالج مشاكل حقيقية وأن يرد على مسائل حقيقية.
مع ذلك فحتى وان حاولت رواية "الطواف حيث الجمر" تحويل الأنظار عنها تحت غطاء الخيال، فإنها لم تزل غير قادرة على أن تخفي النوع البغيض لمضامينها، ان هذه الرواية عنصرية – لا أقل ولا أكثر، ولا ينبغي أن يكون للعنصرية أي دور على مسرح الأدب العماني المعاصر، الذي يكافح لكي يكون متميزا في خضم نتاجات الأدب العربي الحديث المتنافسة.
أشك كثيرا في أن تقدر الروائية على الدفاع عن نفسها، وحتى إن لم تكن هي عنصرية، ولا مؤيدة لأية فكرة عنصرية، فبرغم ذلك لقد شاركت مباشرة في لعبة يلعبها العنصريون ومؤيدوهم، لعل الأعمال التي تعرضت للرواية سابقا قد تجنبت مثل هذا الانتقاد الفظ رغبة منها في عدم جرح شعور الكاتبة – على أية حال، فانها امرأة، وهذه محاولتها الأولى في كتابة عمل قصصي. ربما، أيضا، بسبب وجود عدد قليل جدا من الكاتبات العمانيات وأي نقد يمكن أن يوهن محاولات غير هذه. ان هذه الأسباب تتفادى المسألة الحاسمة – أيا كان كاتب "الطواف حيث الجمر"، ولأية أسباب ظاهرية كانت، فالنتيجة ستترك طعما يدفع الى الغثيان، بدون ريب، في فم أي قارئ متبصر.
استخدامي الكلمات والاوصاف التي وجدتها أكثر اساءة واهانة للشعور والاحساس والانسانية في هذه الرواية.
ص 8: اعوذ بالله من "الشيطان الرجيم" والمرأة السوداء بثيابها البيضاء الشفافة ما تزال تتشبث باطلال النوم.
ص 9: وماذا جلبت له الافريقية السوداء غير الموت.
ص 11: ماذا بها افضل مني، تلك السوداء بأنفها الأفطس ؟؟
ص 14: بنات افريقيا يا رجل، ما ذهب رجل الى هناك الا وتزوج واحدة، الرحيل الى افريقيا لا يبدو مسليا، مشاق الطريق وأخطار البحر من أجل الزواج بعبدة تخرب النسل.
ص 11ب: لا فرق.. بين الناس الا بالتقوى..لكن خادمة ؟ ترك الحرات من اجل خادمة.
ص 21: الآن فقط عرفت لماذا آثر سالم السوداء علي.
ص 25: هل عاد من جديد؟ هذا الزطي يبيع أباه من اجل البيت.
ص 26: الزطوط لا يعتدلون يا اخي العرق دساس.
هذا الزطي اتراه يعرف سالم وزوجته ؟
ص 27: من هذا الزطي الذي تكلم عنه الرجال يا علي؟
ص 28: لكنكم تشترون العبيد منه ومن غيره وهل يفعل ما تريدون. ممنوع بيع العبيد، انه يسرقهم عنوة ويبيعهم في كل ارجاء الأرض، يحملهم الى ظفار وعدن وصور، وكل مكان.
ص 32: كان الخادم غارقا في سبات طويل عندما هززته بعصبية. استقام صارخا فنهرته مرتعبة من جثته الضخمة:
– اش اش.. اهدأ.. لن اخبر سيدك عن نومك
– يا ربي، سيدتي؟ ماذا هناك ؟ اقسم لك بأنني لم انظر اليك ابدا عبر الكوة، صدقيني، لم اقل شيئا عنك لصاحب النزل، ما بالك لا تصدقين ؟
كان ساذجا فزادتني حماقته ارتباكا:
– لا بأس، ان أردت الا اقول لاحد فافعل لي خدمة صغيرة.
فغر فاه وتلفت كاللص، وبدت لي حماقته تلك أكثر من مزعجة، فالوقت يمضي اسرع من النبضات الهلعة في صدري:
– دع عنك الخوف، سأعطيك بيسات كثيرة أيضا.
– سيدتي هذا الرجل هو من جلبني الى هنا، صغيرا جدا، لم تفطمني أمي بعد وهذه البلاهة التي ترينها صنعها الضرب والتعذيب، لو بقيت هناك.
ص 33: وتبعني العبد كما توقعت،
ص 34: زاد احساسي بالخطر مع تردد الخادم، وقبل ان استسلم لموجة الجبن التي اجتاحتني، سمعت صوتا اجش يبادرني:
قال لي ذلك الخادم الاحمق انك تودين الحديث معي..
انتفضت بكليتي بعد ان وقعت عيني على الرجل الغريب امامي، زادتني هيئته تصلبا وارتباكا، ويحي، لا يشبه هذا الاسمر الجميل اية صورة مما توقعت، وهذا يربكني الى حد الموت.
– هل اخطأت ؟ ما بالك تنظرين الي بكل هذا الخوف يا امرأة ؟ ونظر الى العبد خلفه سائلا:
– ما هذه ؟
ثم التفت سريعا الى العبد المتسمر على مقربة:
– ايها العبد المحظوظ، الا يكفيك انك صرت ترافق جميلات الدنيا.
ص 36: ايها العبد الكسول خذها قبل معرفة أهلها بمجيئها هنا.
ص 38: ماذا سيفعلون بي وبالخادم المسكين ؟
ص 39: كان سيد النزل يشتم خادمه ويسأله عن غيابه الطويل، والاخير يعالج الموقف ببلاهته المعهودة، اتراه سيخبره عني؟
ص 40: تأملت وجهه الابيض مليا، تهيأ لي ان هناك تكشيرة على جبينه وغضبا في عينيه ؟
ص 42: بالمناسبة، اشترى عمك عبدين آخرين، هنيئا لك، سيحف بك العبد من كل جانب.
– عبيد، ألم تقل لي ان شراء العبيد محظور؟ ألم يقل أبوك بأننا جميعا عبيد للرب؟
ص 46: طرق خفيف على الباب، من تراه يدق علي ويخرجني من الاسى؟ أيكون خادم النزل ؟
ص 47: ذراعاه العاريتان في ضوء السراج الباهت بدتا سوداوين بلون القهوة، قرصت نفسي خفية، لكنه كان هناك يتأمل الحجرة بعين فاحصة.
– ما تزالين خائفة، هل انا كريه لهذه الدرجة ؟
ص 53: الخادم مقيد ومكمم، كممه خادمي وسبقنا.
ص 54: توخيت بحذر الجثة المكممة للعبد المسكين.
ص 58: ترى ماذا يفعل الرجال عندما يكتشفون العبد المكمم عند خروجهم لاداء صلاة الفجر، ويقرنون ذلك بغيابي، سيقولون خطفت والعار يصير العن، ولو تكلم العبد؟
ص 63: اصابني الفضول بعد فترة وقعدت اتسمع لحكاياتهم المتنوعة دون ان ابدي اهتماما يذكر، كان هناك خلف السائق ثلاثة عبيد ضخام بعيون واسعة لا يتكلمون الا نادرا.
ص 65: هناك من هي احسن من بنت خالك،
– احسن منها؟
– الافريقيات.
– لا أظن ان هناك من هي أحسن منها، انها حلوة، شعرها أسود ناعم وعندها ساقان ممتلئتان. ص 66: واجسادهم السمراء تزداد سوادا بشعر صدورهم الملتوي كالحيات، ما بالهم يأكلون هكذا كأنهم لم يذوقوا طعاما منذ شهر؟
رذاذ طعامهم يتطاير بينهم دونما مبالاة او تقزز، وكأنهم يسابقون الموت، تبا لهم ما اقذرهم.
– وحريم افريقيا؟
– صبور ات
– ولكن بعضكم يتزوج منهن.
ص 67: كان لتوه جديدا، بعد عام واحد من الآن سيكون له كما لغيره زوجة سرية في افريقيا، تنجب له قافلة من الاولاد بلون البن، وأخرى علنية في صور.
ص 68: البسته لاني جميلة وحرة ؟
ص 70: انت امرأة بيضاء حلوة.
ص 75: انه يراوغ حتما، ما عرفنا زطيا شهما.
ص 77: لقد دسست سنامكي مرة لأحد العبيد، كان قد فتق مرارتي من كبريائه، لا يجب على العبد ان يعصي سادته أو يرفع نفسه فوقهم، العبيد خلقوا لينفذوا ما يؤمرون به فقط.
ان العبيد هم عبيد مهما حاولنا رفعهم، دائما هم اقل شأنا منا، خلقهم الله عبيدا.
– هذا افتراء، انت تقول هذا لانك تعيش ببيعهم وسرقتهم.
– وابوك ؟ (المطوع)، خطيب المسجد (القبيلي)، ألم يشتري مني عبدين العام الفائت ؟ اصمتي يا حرمة، انت نفسك لا تعيشين بدون العبيد، من يطبخ في اعراسكم ؟ من يقوم بكل ما تتأففون منه ؟ هم يعجبهم حالهم هكذا، يعرفون لماذا خلقوا.
ص 80: انا بحاجة لثرثرة طويلة اخوضها مع نفسي، بحاجة لجلسة تطهر، للعودة للجبل والزواج حتى من عبد.
متزوج ايضا من افريقيا؟ يعلن..
ص 89: اظن السوداء أحق بذلك يا سلطان.
ص 90: سيصلون اليك اذا ما بلغهم ان بيضاء حلوة جاءت لصور بصحبة سلطان، غريبة و..
ص 94: طبعا، بيضاء حلوة ومن نزوى، لماذا لا تفضلها علي يا فاسق يا زائغ العين.
ص 97: ان زهرة حلوة كثيرا انظري اليها بيضاء.
ص 100: سبقتك ثلاث احداهن تزوجت وهي في زنجبار الآن وأخرى كانت عبدة اعتقها سيدها فقررت العودة لموطنها الاصلي.
ص 101: انهم عبيد.. عبيد.. اتفهمين ؟ لكنني سمعت انكم زطوط، والزطي أوطأ من العبد اعترفي أليس الزطوط أقل شأنا؟ مالك وما العبيد والزطوط ؟ هذي مسائل شائكة لن تجلب لك نمير الصداع.
ص 102: تريدين التأكد بأننا لسنا زطوطا كما سمعت ؟ ماذا يهمك لو عرفت ؟ سيغير شيئا؟
ص 105: لم لا تتزوجين عبدا من افريقيا اذن ؟
ص 134: اعترضني فجأة عبد شديد الضخامة، وانا اتلمس بيدي البضاعة الهائلة تحت الغربال الأسود.
ص 135: ويح امك يا عبد اتجرؤ ان تأمر بنت اسيادك؟
بعد مدة قصيرة تركنا العبد ومضى وكان علي ان اتنفس الصعداء انه خادم سلطان الامين يحرس البضاعة ليلا ونهارا، هو عادة قليل الكلام.
ص 138: سيرافقك احد عبيدي في كل سكناتك حتى في رقادك.
ص 143: ولا شيء لديه يقوله الا افتعال ابتسامة بلهاء تنير وجهه الحالك السواد.
ص 144: مسكين يا ربيع، ماذا بقي لك لتعيش من أجله، يلاحقك العار وستظل عبدا لدى سيد مجنون.
ص 145: اتؤلبين عبدي علي، اتعضين اليد التي انعمت عليك، لولاي لكنت اليوم تلعقين روث البقر في حظيرة شياه عمك.
ص 146: لذلك افتعلت شجارا مع خادمي، اشتقت لحرق اعصابي.
ص 147: ولم لا، فربما يخبئون هنا زوجة سرية وأطفال بلون القهوة.
ص 154: وهنا في هذه الدار امرأة أيضا فاتحة اللون جميلة الملامح تضع قطعة قماش على جبين شيخ مريض وتسقيه الدواء بمحبة وصبر.
ص 156: في ذاكرتي صور اخوتي المسودة بالغضب وأبي يحوقل هازا رأسه حسرة.
ص 164: ترى كما عبدا سرقت خلال هذه المدة القصيرة على السواحل ؟ مائة الف، عمي كان يعرف العد حتى الألف، وربما أكثر، كان هو أيضا لصا ذكيا مثل سلطان، كان يستيقظ مبكرا هو وعبيده مبكرا جدا.
ص 165: وما انا الا حرمة ناقصة العقل.
– الغانية أغوته واوهمته بأن أصله من افريقيا، ماذا بك تنظر لي هكذا، تحافظ على سر سيدك، ولكنه مكشوف.
ص 167: ظننتك شريفة ولكنك ككل النساء عبدة الفلوس.
ص 169: مع اني لا ابيع العبيد والسلاح ولا اغوي النساء وليس عندي زوجة في كل ساحل وبلد.
ص 170: بكل هذا الاحتراق والألم ايكون هذا العبد لا يعرف الكراهية حقا،
ص 175: وسلطان المسكين لا يقوى على يوم آخر من التعذيب كان يجري صفقة عبيد مع عميله الدائم في ماليندي، ووشاية صالح المقززة أودت به في يد شيخ القبيلة.
ص 176: كيف تجرؤ ايها العبد ان تصفني بالكذب، اجلس مكانك فانت افضل بكثير وانت صامت.
ص 180: قلت لك، نحن لا نصلح لبعضنا يا سلطان، انت لص عبيد وانا ابحث عما لا تملك..
ص 183: وسلام يا زهرة، ابن عمك الجميل الهادئ اللدود، وسر زواجه من السوداء، ورحيلك المجنون يا زهرة، اين انت من كل هذا؟
ص 187: حتى تجهز دارنا سأعين لك خادمتين لتساعداك في عمل البيت.
ص 191: سنذهب اليوم لنحضر عمالا للبيت، سأشتري لك عبدين وامتين او خمسة او…
سأتزوج البنات وهن بعد في العاشرة، هكذا نحافظ على الشرف.. وعندما حضر العبيد أحسست نفسي أميرة.
ص 194: ان لم تخرج من هنا امرت عبيدي بطردك.
ص 199: الخادمة امامي ترتب المكان وتنظفه، مضى الوقت طويلا قبل ان يصل الخادم لاهثا تسبقه رائحة عرقه.
انه وسخ وضيع، لن يغير شيء من اصلك النتن.
ص 207: كان بحارته من الزنوج وكانوا يلوحون لي بأيديهم بطيب خاطر…
ص 208: لا تتساهلي مع العبيد…
ص 210: ضحك على اثرها العبدان الجامدان.
ص 215: ان الزنوج يسمعون كلامه.. هيا نظفا المكان ومن الغد ابحثا عن خادمة زنجية تعرف العربية..
ص 229: بكل برودة اعصاب تعاملينه كواحد من عبيدك..
ص 228: مارد ضخم، على انفه حلقة كتلك فوق أي ثور هائج.
ص 228: رأيت اشباحا سوداء تتلفت حولها، وتنطلق ركضا، كانوا اطفالا صغارا سود ضامري الجسد، حتى خامري وقتها احساس بأنهم جذوع اشجار (البيذام) التي كنا نزرعها في الجبل.
ص 234: نطلق كوزي باسمه في عجلة، كانت نظراته زائفة مذنبة وشفتاه جافتان، يقشرهما من الجلد الميت باسنانه المتفارقة، ضغط بيده على قلبه ثم نطق كلمة سواحيلية لم أفهمها.
ص 238: – ودعت رجل القانون البانياي بحفاوة اثارت الاستغراب، حتى ان منيرة جاءتني وهمست بدلعها المحبب.
– في هذه الارض لو يراني هكذا ملكه لن يقدر وقتها ان يمسني، لانني سآمر العبيد ان يجلدوه الف جلدة بل الفين، عندها سأشفى من الخوف، ربما انتظره دون وجل.
– احمر وجهها خجلا وارتباكا وركضت تناديه، وكأنه كان ينتظر نداءها، فأطل بسمرته الداكنة وألقى السلام.
ص 239: لقد اخذت كل شيء منا حتى احساس الحرية، من داخلهم يحترقون بغضا، وهذا لن يدوم، يوما ما ستنقلب الموازين، وسأشتريك بنفسي لتخدميني، عبدتي للابد.
– العبيد هم العبيد، والاسياد هم الاسياد.
ص 242: الا تصدقين غيابي فتبحثين لك عن زوج، من هو هذه المرة هل سيقتله عبيده كما زوجك المرحوم، ام سأقتله انا.
ص 245: لا يلدغ المؤمن من حجر مرتين، جئت اخبرك ان صفقة العبيد هذا الموسم تمت بسرية ونجاح واظنني سأتقاعد عن هذه المهمة الخطيرة بعد اليوم، يكفيني المركب.
ص 254: بل وقتها سأبيعك عبدا بفلوسي.
ص 256: اتراه عاد لتوه من عند خادمتي الشابة مخمورا بها وبانوثتها الطاغية المغرية ؟
ص 261: مرت الشهور بطيئة، مشحونة بالانفعالات، وجسدي يتآزر علي فيتكور، أكره منظر جسدي في المرآة، هذا الطفل المشؤوم شوه كل المعالم الجميلة في، حتى وجهي تغير تماما، فانفي تورم وصار أحمر كريها، وبعد ان كنت افخر باستقامته ودقته أصبحت اخجل من فلطحته.
ص 266: كان عندنا عبد صغير في الجبل، يحبني مذ كنت طفلة، كان رحيما بي، قال لي بأنه يريد ان يتزوجني، وجاءني ذات صباح وقد لطخ وجهه (بالنورة)، قال بأنه أصبح أبيض مثلي وربما قبلت به، كان مجنونا لكنه مخلص، انت ايضا
ص 271: اذهبي عني يا خادمة النحس، اذهبي ونادي خميس. لماذا لا تفعلين ذلك بي هيا، ابقري بطنه، مزقيه هيا، الست انت ايضا غاضبة، ثائرة على عبوديتك، هيا.. هيا احضري سكينا، اغرزيها هنا في المنتصف، عله يموت يندثر، وان لم يمت اخنقيه أو دعيني اخنقه بنفسي فانا اكرهه.
ص 272: سيدتي الزنوج يمزقون كل ما يقابلونه، لا رحمة هنا، الناس مرعوبون هنا، والجثث الممثلة في فروع الشجر بالمئات، لنرحل من هنا، زنجبار تحتضر، وسيصل الامر لبمبا، هيا نهرب.
غالية فهر تيمور آل سعيد (كاتبة وأكاديمية من سلطنة عمان)