ستار عمر مهاري شاعر ماليزي مرموق يعرف كيف يحمي ،التناقض في القصيدة ويمحضه قوة الأمداء التي تشع بما ينوب عنه من لمسات كمال مباشر يمكن لها أن ترتسم في الذاكرة او الوعي البشري العميق .
معه عزلة الشعر تنتج ثقل الحركة وثبوتها المضيء . كما تنتج أيضا مجانسة ما لا يجانس في الطبيعة وبين أشيائها وكائناتها كافة. يرى الشاعر مهاري أن الشعر أوالثقافة الشعرية هي وحدها الكفيلة بتوحيد ثقافات العالم وذلك على قاعدة التعدد الابداعي والحساسية الانسانية المتفوقة الامتداد والشمول. فالقصيدة من وجهة نظره هي وحدها الحاملة لطاقة السرد الموحد بين البشر، ولتلك العبقرية الخفية المنقية لكل ثقافة مما فيها من تزوير وانحرافات وأجنة مشوهة.
واذا كانت المعرفة في عالمنا اليوم تتضاعف على نحو رهيب التعقيد والتشابك فإن الشعر وحده هو الكفيل بالتعبير عن هذه المضاعفة واستخلاص ما يريح الروح الانسانية خلالها
هناك نماذج من شعره
سلطة الأخضر
هناك صحراء في
الصحرإء
نذهب اليها
لكنها تتحولالى
ماء
هناك ماء في الماء
نذهب اليه
لكنه يتحول الى
صحراء
هكذا البحر والصحراء
يتحدى كل منهما
انفساحه الجرىء
فى الآخر
أي فينا نحن أهل المغامرة
الثابتة بتحركها
الشعراء الذين هم
حالة واحدة
من صحراء وبحر
لأ يقهرها إلأ جوهر
واحد
هو الأخضر من بعيد
الأخضر سلطة نفسه
وسلطة الجميع الخرافية
المهاجر
قضى وقتا طويلا
في نفسه
ثم قرر أن يهجرها
نهائيا
وكان هجر
وتجوال طويل في مرتفعات
داخلية أخرى
حتى ظهور الصاعقة
الصاعقة التي فجرت كل شيء
بما في ذلك نفسه
التي كانت تهشمت أصلا
في الواحة الداخلية الكبرى
نجوم النمل
النمل حركة أعماق بارزة
تسير بأشيائها الرقاق
لتراقب كل من حواليها
وفوقها بجرأة زرقاء
حتى النجوم
يراها النمل
فيتبسم لها
حيث تنزل إليه
مباشرة قائلة :
اصعد الى أمكنتي
يا حشد النمل
فأنا أحب أخذ
أمكنتك أيضا
وممارسة دورك العظيم
يبتهج النمل
ثم يرتفع الى السماء
ليحل محل النجوم
ثم ينظر ثانية الى حشد
النمل من تحته
يتفاوض الطرفان
بنجاخ
لكن الأنسان سرعان
ما يدوس أرض النجوم
وسماءها أيضا
معادلات
فيما أخرج من عتمتي
اليومية
تطل موسيقاك الضوئية
لتكشف عتمتها
فتتمازج عميقا
حتى يموت الضوء في
ألعتمة
وتموت العتمة
في الضوء
هذه هي قصيدة
دورة النهار والليل
ياحبيبتي
والشاعر إزاءها
لا خيار له
إلا قبول هذا التمازج
وضع المصائد الكبرى
التي تكمن له
الشاعر ضحية
ضحية ملطخة بالكبرياء
وادعاء الكشف والحرق
الشاعر بيت
يتبسم لدماره العنيد
ولكل من يقف
قبالته
يتبسم بقسوة
وتحديق ساخر
كالمو ت
المرأة
المرأة شجرة عالية
نقطف الثمار عنها
ونستظل بفيئها الحميم
ونتمسك بأغصانها
ساعة تجتاحنا العاصفة
المرأة صورة نادرة
لما نود عليه أن نكون
تمنحنا شكلنا الجديد
وعيوننا الجديدة
وقاماتنا المغايرة
الثابتة في الأرض
المرأة رجل نفسها
فلا تقتلوها
أو تعذبوها
لأن انتقامها
صعب وناري
ولا يعرف التسامح
انتقامها روح متماسك
يظل يقتل ويقتل
ويقتل ويقتل
حتى آخر
الجذور المقطعة
طيور الشعر
القصائد طيور نستجمعها
من فضاء خفي
كل طائر ينافس الآخر
باللون
والحركة
والسر
يحدث أحيانا ان تغتال
قصيدة نظيرتها
تخفي أثرها في الفضاء
الخفي
لكن سرعان ما تعود
القصيدة القتيلة
الى الظهور من جديد
وعلى شكل طائر
يرثي لحال الطائر
الهرم
الذي كان قتله
ينظر إليه باستعلاء ساخط
يدفعه مباشرة
للسقوط في الهاوية
المراوحة
أوامر قاطعة
لأنني لا أملك
القدرة على إعادة
تشكيلك ثم تطبيعك
من جديد
ولا التنبؤ بمجراتك
الهاذية
آمرك أيها الجسد
يا جسدي. . بأن تموت
مت هكذا بلا ضجة
بلا ثورة دفاعات
بلا تشبث بالرمق
الأخير
مت هكذا
وأنت فارغ ، مهزوم
أصفر، معوق ومحمل
بخسائر الحياة كلها
أنا أريد لك هذا
المصير
أريده من كل قلبي
وعقلي ووكدي المحمل
بصنوف الاقرارات كلها
مت أيها الجسد
مت
بخطفة واحدة
بضربة لأزبة
عقابا لك عما فعلت
وتهت به
وتجبر ت
مت ،
لأنك أيضا
ما توسلت يوما
المجرى الذي أمرتك
أن تتوسله
مت
هكذا بكل جسدي
يا جسدي
الطاغية
كل هذا التراب
في ذاكرته
لأ ينتج غير بلاهة
لا ينصرف عنها الذباب
ولا يجتاحها غير الدود
المبعثر
بلا هته مشهودة
نعم
قبل العقل وبعده
قبل القلب وفي أثناء
القلب
لا يطهرها شيء
ولا تعرف السكون
لأ تعرف
حتى نعمة التردد
أو التأمل أو التروي
انها بلاهة
من طراز رفيع
درجات غليانها
أغزر وأقوى
من كل ما يتراكم
أمامها
حزن الحمار
لم يلدغني حزن
في الصميم قط
كما حزن الحمار
عيناه مغلوبتان
يرميك بهما
حتى التهام
ذاكرتك المفتوحة
الحمار محاولأت
من الحزن مستديمة
ولا تمل إرهاقها المتثاقل
وأنا بعنف بطيء جدا
يقتاتني تضامنى معه
هكذا من غير
ما هدف
الحمار قارة حزن
لا يقوى على مدها
بسلطة الفرخ أحد
أيها الموت
رويدك أيها الموت
سيخضر صوتي
ويحاصرك حتى
الثمالة
لن تفعل شيئا
سوى ممارسة دورك
أما أنا فلي دوري أيضا
وهو أن ألمك
وأطوح بك حتى
الموت أيضا
أيها الموت
حياتي غير مقصرة
عن إدراكك
هذا الرقص
بعد سلالات من الرقص
بعيدة
سيظل هذا الراقص
هو الأول في شجرة
الأجساد الآدمية
حاملا نبع الأشارات
ورشد الحنان
المعلن بعنف
سيظل يرقص بحرية
حتى أمام ذابحيه
المقدسة
سيظل يرقص
ويرقص ويرقص
حتى ذوبان السلالات
المقبلة في رقصه
ومراسيل ظنونه
ا لفوارة
هذا الراقص
عيد من الحركة
المقفلة على
الحركات كلها
عيد للحرية نفسها
التي تطلب النسيان
أمامه
مناشدة
لا تريحيني الآن
يا امرأة تريثي
حتى يصير حبنا
قصة كبرى
يتداولها العشاق
الناريون
لا تريحيني
حتى ينتبه الشعراء
لحبنا العظيم
إذ لا قيمة لحبنا البتة
من دون نظر
الشعراء إليه
لاعتداد بناره
المستبدلة
قصائد من ماليزيا
نماذج من الشاعر ستار عمر مهاري
نقلها الى العربية
أحمد فرحات (كاتب وشاعر من لبنان)