رجل واحد
صار عمرنا أربعين عاما ولم يعد أحد من الحرب. لذلك اتفقنا صديقتي وأنا على أن نتزوج رجلا واحدا، سنتزوج أول جندي يعود، ولكنه حين عاد كانت يداه مقطوعتين، فألبستها أنا خاتم الزفاف وهي ألبستني، بينما كان هو يقف بيننا ويبتسم.
شال
لم أسامح قط ابن جيراننا الذي نظف ذات مساء سيارته المتسخة بشالي المفضل. شالي الذي لم أضع عليه مشبكا وهو على حبل الغسيل، خانني بعد أن كان مثقلا بالماء ورائحة (داوني) الزكية، وطار إليهم من سطح المنزل.
صيصان
لبستُ رداءً من الريش، لأن الصيصان لم تهدأ حتى الصباح، بعدما ذبح أبي أمّهم للعشاء. اختبأوا جميعهم تحتي وناموا. وعندما بدأت أنسلّ بهدوء، كان الديك قد دحرج بيض دجاجة أخرى ناحيتي لأجلس عليه.
جْلَح
منكبا على وجه أبيه النائم يرسم شاربين كثيفين ولحية غليظة. يسيل لعاب أبيه فيجرف معه الشعرات المرسومة بعشوائية. يجففه بمحرمة ويعاود الرسم.
شخير الأب المزعج يوتره أحيانا فتصير الخطوط عوجاء ومموجة، فيضطر أن يسد منخري والده بإبهامه وسبابته لبرهة.
رسم ذات ليلة لأمه أقراطا طويلة بعدما ألحت على والده أن يبتاعها لها وما كان يفعل، فما كان بعد رسمه ذاك إلا أن رآها سعيدة بالأقراط الطويلة صباحا.
يتذكر وصف أقرانه لوالده يوم اجتماع أولياء الأمور في المدرسة بأنه(جْلَح)، على عكس آبائهم ذوي اللحى الطويلة، فيمد الخطوط حتى منتصف قميص النوم الذي يلبسه والده.
على الفطور كان وجه أبيه صافيا ككل يوم، ولا أثر للحية التي رسمها، ولكنه بعدما أنهى فطوره وذهب ليغسل يديه وجد شعرا طويلا على المغسلة وموس حلاقة.
*جْلَح: كلمة في الدارجة العمانية وتعني الرأس بدون شعر، وقد وردت كلمة أجلح في معجم المعاني وهي مذكر جلحاء أي لا قرن لها من الحيوان والقرية لا حصن لها، والأرض لا شجر فيها.
ثقب
كنا خمس بنات سمينات. وكان أبي ضخما كمنطاد. إذا احتضنّاه، يضمّنا جميعا مرة واحدة. ماتت أختنا الكبرى فصغر حجمه.
أخواتي وأنا نبحث الآن عن الثقب.
بشاير السليمي