دعسات الظل والضوء
1
غادر الظل البستان
دون أن يقطف زهرة
أو ثمرة.
2
ظليّ الذي يتقصّف على الصّخر،
كيف يخطو على الماء
ولا يغرق؟
3
عندما تلملم ضوءها الشمس،
ترى أين تختبئ الظلال؟
4
قد لا يكون الرخام
سوى رغوة الأبديّة!
5
القصيدة سمكة
من أجلها أغطس حتى العتمة
كي ألامس بريق فضّتها.
6
السرّاب:
تلعثمُ الماء
في عطس الرمال.
7
الهواء الذي مزقته الرياح
والروائح،
سترفوه الفراشة
بكل أناة.
8
العصفور الذي جفت رئتاه الصغيرتان،
كيف لا يحييه كل ما تتسعُ السماء
من هواء؟
9
الزهرة التي لا رائحة لها،
من قال إنها ثرثرة؟
10
لو كانت للأفكار رائحة
تطلقها من الرؤوس،
كنا سنحتاج فعلا إلى كمامات!
11
عندما حفرتُ الضوء عميقا،
في أغواره انبجس ظلام بكر.
12
مثلما تجهل السمكة انها في البحر،
لا تعرف زهرة الدفلى
ما طعمُ المرارة؟
13
تجفلُ العصافير من فزاعة الحقل،
لكنها لا تهاب رجفة الغصون.
14
داخل الزنزانة،
أخذتُ ظلمة جسده
تضيء بالتدريج.
15
كلما رأيتُ فمَ الجمجمة العاري،
سمعتُ ضحكات الموت الأبديّة!
طيّات بياض
ووقفتُ أمام جثة نهار آخر. هل يطفئ الرنين ظلمة كانت تنتظرني؟
واتكأتُ على وقفتي. الرائحة نفسها في الثياب. كأنني أسمع الأرض المعشش
تحت لحاء الشجر البعيد قبل أن يموت. كأن هذه الوردة تدربني على ما ستقول في أقصى الذبول. لأني خشيت على عينيَّ كمْدة التراب خطفتهُما من الغبطة الجاثمة على القلب. وشفّ دمي حتى رأيت ما لم تلده بعدُ صرخات الأصدقاء. في قبلة عابرة أتلفتُ لحظة الجيشان، ووقفتُ أنتظر ما لن أتعرّف عليه في هذا الضجيج. لا تقلْ رأيتُ، ليقرأك عماكَ أولا. كتبتُ من أجل ظلّ غائر في الأحشاء، ولا شيء غير جثة تطفو بين الصمت والرنين. لا أحد يرى في ضوئي الأسود سواي. في قلب المحرْقة أشتهي ملمْس النار. فأي موت يحفظ رمادي، أدخر فيه ناري الهاربة؟ من هذه الأخاديد تأكل أحداقي، حيلتي صخبُ البياض. تتفسّخ نبضاتُ اليد في غضون الماء فأجررُ أسماء منسيّة، بهجة حرمان. هناك طريدة أخرى تتموّج في العروق وبياض في طور الولادة تنوء به الظلال الجريحة. للأبواب تهمس الأضواء الراجفة. يتلوّن الموت بالصهيل المكظوم. خلف حدائق الليل تحملق إلينا الصباحات المُربْدةُ مثل طيور عابرة. أيها الحجرُ المضرجُ بأسمائنا والمأسورُ في الأسوار وفي القبور، ما زلنا نندف لك أصابعنا حالمين بأن نرضعكَ نجوما تُضلنا.
محمـــد ميـــلاد
شاعر من تونس