محمد عرش
صائِدُ المعاني
بالخُطوطِ أَصِلُ إِلى الشَّمْسِ،
أوْ أُخفيها، إِذا كُنت في الضَّوْءِ أوِ الظَّلام،
فليس للُّغَةِ جُدْران، بَلْ لها تأويلُ البَحّارةِ والعُشّاقِ،
والمَنْفِيـﱢينَ في أَمْكِنَتِهِمْ، ها أَنَا أَقولُ لأَفْكارِ الهَوَاء:
الهَمﱡ يَقِيسُهُ الدُّخان، والفَرَحُ شُعاعٌ قَصِيٌّ،
كالخيالِ عن الحروفِ، فكيفَ لِغَنائِمِي، أَلاﱠ تكونَ بِلاعظام،
ولِسَاني لا عظمَ فيه، يَلوكُ الأَحْداثَ، وبعدَ قليلٍ،
تَمْتَلِئُ أَنْهارُ التّاريخ، حِينَ يَمْشي الحِبْرُ على الأَوْراق
رافعاً رَأْسَهُ، أَوْ مُخْفِيهِ كطائرٍ،
من طُيور كَليلَة ودِمْنَهْ! أَتَذَكـﱠرُ الَلَّحْظةَ حوارًا بَيْني وبَيْنَ رُوحي، وأنا أَنْصُبُ الشِّباكَ لصيدِ المعاني،
كيفَ أُداري خَجَلي،
إذا كان لباسُ الخَيالِ أَوْسَعَ،
أَوْ أَقْصَرَ مِنْ رُوح المعاني
– لا عليكَ، نَطَقَتْ عِبارةٌ من عباراتِ النَّفَّري،
«إذا اتَّسعت الرﱡؤيا ضاقت العبارةُ»
بِرَغْمِ الحُجُبِ والأَسْلاَكِ،
تَخْتَرِقُ المعاني الهواء، وتفيضُ مِنْ عُلٌوﱢ البحار،
إِلَى الهامِشِ، فَمَنْ يَقيسُ المسافَةَ بَيْنَ العُلوﱢ والدﱡنوﱢ؟ هَلْ من يعيرُ الأَجْنحةَ للحُرُوفِ؟
كُلـﱠمَا حَلـﱠقْنَا نَبْدُو خُطـﱠافًا،
يُبَشـﱢرُ بالشِّتاء، مِثْلَ شَذْرةِ شَاربِ نيتشه!
يَجُوزُ الوَجْهان
وقال لي: إنْ لم تَقِفْ وراءَ الوَصْفِ أخذك الوَصْفُ»
محمد بن عبد الجبار النّفـﱠري
وَجْهُ الظِّلﱢ،
أَمْ وَجْهُ المِرآةِ، أيُّهما أَشَدﱡ إشْراقًا،
أيَّتها الشمس؟ آنَ تُشْرِقينَ يَكْتبُ العُشـﱠاقُ
حرارةَ الصَّدْرِ، سَأُقَبِّلُ ذِكْرياتِ الجِراحِ،
حينَ غادرتُ النَّخيلَ كَطائرٍ حَانَتْ هِجرتُهُ،
لَكِنﱠ الأَصْقاعَ خاليةٌ من نيران الصَّباحِ
مَنْ سَوﱠاكِ أيَّتُها البيوتُ،
بِطينِ الوِديان، وتِبْنِ البيادِرِ،
ودُمُوعِ الأرامل، عندما غَضِبَ البحرُ؟
وانقلبت المراكبُ، كَحَظِّنا،
حيثُ العُلُوﱡ أسْفَلَ الموج، حَيَاتُنَا عالقةٌ بما في الشَّبَابيك،
كَأَكُفٍّ تَرْجُو زيارةَ الأَسْماك،
أَوْ كقارئِ (العجوز والبحر) بدونِ تنقيب
يطوي الحروفَ، كامْرأةٍ تَطْوي النسيجَ،
خشية حُلول موعدِ السُّوق، لا عليكَ، الدُّخْنُ في مَناقيرِ الشَّحارير،
وَهيَ تقيس المسافاتِ من أجْلِ فِراخِها،
وَنَحْنُ نَتْلُو سورةَ البقرةِ، رَغْم طُولها كَشَارِعِ الحِزَامِ الكبير حتَّى يأتي البَحَّارُ من وراء الأَمْواج،
بالأَمَلِ، ويحكي صراعَ البقاء.!