كأنني عاطل عني.
يزحف جيش من مقدمة قلبها نحو بوابتي المغلقة
مؤكدا ازدهار وردة وتفتح جسد
كأنها عاطلة عنها في مزقها وإطراقتها نحو الغيوم
كأننا عاطلان نلملم رسائلنا من نوافذ مفتوحة على الأنخاب.
كأنني ثائب الى هاوية هناك في المطار, أو في مدينة المعدن وقصائد المقهى.
كأنه حلم ناقص تنقصه الرحمة, رحمة المحبين والحواليين في احتفالنا بالمذاق. هناك تنفلت الفتنة كلما لمست فراشها, وتيقنت أن امرأة عارية تستيقظ في سريري على مهل كالخوافي. أو بجسارة
مثل صباح شعبي في سوق الغزل أو اصطياد طائر عجيب.
؛رائع رائع!« وهي تلكزني برهافة, تتمايع, تنهدل, تتفصحن. ؛وداعا« وهي تفر. ؛وداعا« وأنا باق مثل عمود متخلخل, أو شبح خرج من حفرة.
كنا نكتمل فتناقصنا, كنا نزداد فانقسمنا, ذهبت تنتظر العيد وبطاقة الدعوة, وأنا الى الحرام الحلو
كاتما جواي. لا هي تنفصم ولا أنا الآيب من كلماتها. كلما قالت ((حبيبي)) يقع طائر من قلبي مع رمانة تنفرط على سجادة نظيفة. فنهذي حتى صباح الغد الناحل بصحبة مخدع.
كأن جزءا من ناكر الجميل يعترف بآهته قبل وصول القطار.
وكأن المحطة تقضم روحه بوحدتها, وكأن الحواليين ضحايا حرج أو ملمة.
بأي نجدة أثق, والنيران ترتفع حول البيت?
كأني قاتلت دبا وانهرت انهيارا نصفيا
كأن قطيعا من التماسيح يحاصرني في مستنقع
كأني انحدرت من جبل مع ثور وحشي إلى هاوية.
وكأن نسرا يأكل قلبي قطعة قطعة وأنا اتفتت.
المحب حزين, وملائكته تخلت عن أجنحتها
في حانة, روادها يهمسون لامرأة بثوب أسود, وشفاه تتمتع بالطرب,
وعينين لغويتين.
المحب يظهر تمرينه بمهارة الأرملة.
بعد أقدمية الندامى يفحصون عن كريات دمهم كرية كرية,
كلما ابتسمت في مرآة الجمع, أو بكت في انفرادي.. سائلة عن هوية الخيال,
مفكرة بقناطر وقطيفة , والحقائب المختفية تحت السلالم,
كما في زحمة ظلام,
كما في فيلم بالأبيض والأسود,
كما في قصر مخيف يبحث فيه اللصوص عن جوهرة.
عمل مؤلم يحتف بعزلته وارتباكه, مثل كل تلك الغروبات على شاطئ رملي بارد بقلوب حارة.
لا تهدنة ولا مستشفى تفي حق الحب الآن, إنه ينفي أحباءه, يسيئ إلينا بشحوبه, باضمحلال توقه,
بتأخر فجره, عمل مؤلم حلو بانكشافه وستره.
جغرافيا العين.
تاريخ الشرارة.
هزيمة اليقين في حياء الجملة.
وقاحة المتواري تحت اللحاف.
السطو على جارة نائمة تحلم بالإغتصاب.
كل هذا هي مرآة انفرادها, وهي في مرآتي.
ولأنها لم تأبه بنا: نحن قراء المقام والموشحات الأندلسية وهي في قصرها الكبير, على مقربة من شهقة أو صعداء, ولأنها داخلة في الحكاية الداكنة عن أمير الظلام, عن الأحراش والغناء, أمضت سهرتها بحياكة سجادة للذكرى, مثل بنج موضعي, أو سرير الأرملة, وينتظرها الرجل قبالتها تبكي, مودعة عصافير المغرب من زجاج البار, منحدرة مع أجنحتها إلى حفاوة السهوب.
كل هذا في مساء مكتمل بالضوء والانشداه.
كل هذا في زمن خطأ وجيران سوء, كل هذا التناقص.
لأنها تترك بقعة من مقاصدها أجوب فيها, منتميا إلى سريرة كالخجل, تترك ورقة على الباب
وتخلي آثارها من المكان. لأنها تتلفت هنا وهناك باحثة عن طائر تائه,
وأنا قبالتها أمسك بريشة من ذيله الأبيض.
أمسك بأثر جديد.
أما بعد. فلا أنين فرقة الانشاد, ولا مواساة أم كلثوم, يوقف هذا الزخ, لمن يتوسل هدوء ريف.
لأننا أصغينا إلى الوقع ذاته, بين كل تلك الترانيم الأرضية في الأسواق والمقاهي, كان علينا أن نمسك برأس الخيط وسط هذه الثلة من الأمسيات,
حيث صخرة الماضي تزاحم رغبة الينبوع.
ولأننا بلا ذخيرة في شتاء أعزل, مع أشباه مهددين بالقول, سافرنا وسط هزة وزلازل.
وسط عميان يدحرجون صراخهم في معركة.
وكان أن خسرنا نداءنا في الغبار, لأننا هكذا نسافر
بمشقة الغريب,
وقلق المتسول,
وانكسار المطلقة.
لكنه الشجار متلائما مع خريف مضى,
بإسعافات أولية لمرضى الشفق
أعني:
صداقة الحاجبين
تاريخ النظرة
غراء تستوعب القادمين إلى موانئها المثرثرة.
رأس فريق إلى المعضلة
شهوات ذهبية وفودكا بالليمون.
اسمها وهي مخلصة إليه.
صوتها حيث تقع طيور أسيرة من النوافذ
وأعني, ربما, كثرة الهمس في القرى, وتوتر الكحول في المدن.
شربة شربة, وكأسا فكأسا حتى يصحو الفجر على الغائبين.
وأعني جمالها, كلما انتبهت الى هروب غزالتها, بعيدا عن حاشية الكلام.
ثم ترصن الفوضى, وتفوضن الاتيكيت خافية آثارها عن الادلاء وشهود الزور.
فبأيما »معا« نرحب بنا?
الضوضاء, التي ابتعدت عنها, تأكل نيرانها بقية شتائي. لأنها تدرك أني وحيد بما يكفي, لأضع رأسي أخيرا في المشفى. وبما يكفي لأراهن على صلابة العود في ظهيرة ثورية. لأناقش المد, وأحاسب القضاة.
وكأني أهوى خفية اشارتها في زحام الشك, أو في تصاوير سياحية عن الثلج والمساواة.
كأني أهوى لأني المعذبة ورأسي اليابس.
كأني في المحجر اشتم حراسي على مرآى من العقيدة.
وكأننا قطبان يبحثان قضية الحدود, بمساعدات جانبية, تلهمنا وقتا خالصا كالذهب, ونداوة على جانب خفي من النهر. نهر عبورنا المضلل.
لكن جاذبية تحت لغوية, تخرق أقواس الغريزة, بانذارات جسدية, باستقبال.
كمن يقفز سورا ليصل إلى نفسه.
وكمن يطل من بناية, على حادث في الطريق.
كل شيء ينسرب: تلاويح السمار. قلائد فضة الزعل. نسور فضائها إذ تمشي أو تتمايل
كل شيء ينتخب هويته, حيثما ذهبت, إلى نار وسعادة أو تباه.
كان عليها أن ترمم تماثيلنا, تعيد صياغة الحب هوينا
هوينا. كإيماءة تدلنا على المؤامرة, كأناقة السر,
وفحوى الخفاء, كأصرة بالمستقبل, كشبح
عاشقة يتخفى وراء رمزه, أو يتهيب
من ظله الفريد. أية ذائقة تجرع
شفاءنا مرحبين بالعلم الأبيض?
كل هذا قراءة خاطئة لنسياني
محاطا بتراتيل ونصائح
باصابع ملطخة وعقاب
كما لعاصفة تركت خلفها أبناء للذكرى
ونساء بنفير عام
كأن تايتانك تغرق والناس ينتحبون.
كأنها تفكر ب كيت وكيت ب
أن يخرس الكنار ويجف الجدول كأنما عوقب زمن على سيرته.
الذهب الذي احتملنا بريقه . الهدف المحذوف. وترنحت كأن…
جليل حيدر شاعر وكاتب من العراق يقيم في السودان