إلى (آنا تاتراكوفا)، لَم آخذه، المرَّةَ الأولى، لأنَّني رغِبتُ أن تُعطيني إيّاهُ مرَّتين.
ترنيمةٌ بيضاءُ بأربعِ وريقات
(فتاةٌ على الأرجوحة) مدرسة كانجرا. مَتحف فيكتوريا وألبرت، لندن.
* * *
السماءُ العمياءُ ذاتُها
مَن أرسلَ لشُرفتِها هَذينِ الشُعاعين
اللَّذينِ تعَلَّقا بقبضتَيها
وراحا يؤرجِحانِ بهاءَها
شَرقاً وغَرباً
أَخواتُها الثلاث
ذاتُ رِداءِ النار
وذاتُ رداءِ العقيق
وذاتُ السيف
خلعنَ أساوِرَهُنَّ
وخلاخيلَ أقدامِهن
وأطبقت كُلُّ منهنَّ شفتَيها
على ترنيمةٍ بيضاء
بأربعِ وريقات..
* * *
سوفَ تَحارُ في أن..
(فتاةٌ على الشرفة) فن موغولي. 1628. مجموعة الشاعر الوهميَّة.
* * *
سوفَ تَحارُ في أن
يَخالَ لكَ أنَّها الشمسُ ذاتُها
حين يلتبِسُ عليكَ
خُروجُها إلى شُرفتِها
وطُلوعُ الفجر
في ذاتِ الوقت.
سوفُ يتأكَّدَ لكَ
أنَّها الشمسُ ذاتُها
ليسَ لأنَّهُ قد قيلَ لها هذا ألفَ مرَّةٍ
فأنتَ تعلمُ
ليسَ للشمسِ ذاكرة
بل لأنَّها لا تُشرِقُ
إلاّ وقد أسدلت على كَتِفَيها
غدائرَ ليلِها..
* * *
وسائدُ التِلال
(الحمّام) مدرسة كانجرا، مَتحف فيكتوريا وألبرت، لندن.
* * *
هيَ المُتَّكئةُ على وسائدِ التلال
تُحملِقُ في عينَيِّ المِرآةِ
إلى وجهِ حُلمِها.
يُسراها
وقد بانت حِنّاءُ راحتِها
تهبِطُ بمِشطِها العاجي
على قارِ شعرِها.
أفاعٍ ذهبيَّةٌ لَفَّت كالأساوِرِ حولَ ساعدَيها
وأثقلت أُذنَيها بأهلِّةٍ من فِضّة
وعلى خَيشمِها الرقيق
رصَّعَت دمعةً سوداءَ مُتلألئة.
أيُّ ربٍّ تنتظِر؟..
* * *
ليتَني كُنتُ هذا الكوب
(السيدة مع رفيقاتها)، فن موغولي, 1628، مجموعة الشاعر الوهميَّة.
* * *
هذا الكوبُ ليتَني كُنتُه
هوَ على راحتِها الآن
تُحيطُهُ بأصابعِها ذاتِ الحِنّاء
وبعدَ حينٍ
سيدورُ على شِفاهِ رفيقاتِها.
ليتني كُنتُ هذا الشرابَ
الَّذي يكادُ ينفَدُ الآن
وبعدَ حينٍ
سترشُفُ آخرَ قطراتِهِ شفتاها
ثُمَّ كعادتِها
ستلعَقُ الراسبَ منهُ بلسانِها..
* * *
حُلمي أن أحلُمَ بها
(رحلة صيد) أسلوب باشولي، مجموعة و، ج. أرشيرا، لندن.
* * *
حُلمي أن أحلُمَ بها
في ليلةٍ صيفٍ كهذه
وكلبُها الذهبيُّ يلهو بعيداً معَ السلاحف
مُتَّخِذةً على راحتي
وضعيَّةَ الرامي جاثياً
وقد أسندت على كَتِفِها
بُندقيَّةَ صيدٍ فارغة.
لا بُغيةَ لها
سوى أن نُسدِّدَ عليها نظراتِنا
وهيَ تُسدِّدُ على الكراكي
فُوَّهةَ بُندقيتِها.
الكراكيُ البلهاءُ
مدَّت رِقابَها وأشعلت أعرافَها
واصطفَّت على ذَوائبِ الأشجار
بلا حَراك
خَشيةَ ألاّ تُصيبَها طلقاتُها..
* * *
الزهرةُ الغامِضة
(سيدةٌ تنتظرُ حبيبَها)، مدرسة جافرال، 1775، مَتحف يتزوليم، كامبردج.
* * *
بعيداً عن قصرِها
ثلاثةَ تِلالٍ ودغلاً
أتَت ووقفت في ظِلِّ شجرة
تُديرُ لنا ظهرَها
لكنَّها تلتفِتُ بساقِها اليُمنى
ونِصفِ وجهِها.
بعيداً عن قصرِها
ثلاثةَ جبالٍ وغابةً
أتَت وبيدِها عنقودُ عِنَبٍ
أو رُبَّما
زهرةٌ سوداءُ غامضةٌ
دونَ أن تُتمتِمَ
بأُصبُعيها مرَّةً
ومرَّةً بشفتَيها
ومرَّةً بأسنانِها
تنزعُ وترمي أوراقَها..
* * *
لا يُلمَسُ لا يُسمَعُ لا يُرى
(سيدةٌ تنتظر حبيبَها)، مدرسة جافرال، 1775،مَتحف فيتزوليم، كامبردج.
* * *
ليسَت على مَوعدٍ مع لا أحد
تحتَ الشجرة
وإلاّ
لَما جثمت حتّى مجيءِ المساءِ
وهي تلوكُ ساقَ الزهرةِ
بأسنانِها.
إنَّها ليست على موعدٍ
مع ريحٍ أو نهرٍ أو صدى
وإلاّ
لَما اضطربت صفحةُ الليلِ
وتبعثرت نجومُهُ
وهيَ تصبو إليها قلقةً.
لا.. إنَّها ليست على موعدٍ مع شيءٍ
يُلمَسُ أو يُسمَعُ أو يُرى..
* * *
دعوهُ ينحني، دعوهُ يُغمضُ عينَيهِ
(أغنيةُ الحديقة) مشهدٌ من فيلمٍ هندي شاهدتهُ بالمصادفةِ في برنامجِ مُنوَّعات تلفزيوني.
* * *
هذهِ أغنيتُها
بصوتٍ لا يخرُجُ منها
بل منَ الحديقةِ الَّتي ينصِبُها
حضورُها
لذا
حينَ قفزَ عنِ البَوابةِ المُغلقة
وتسلَّلَ بُغيةَ مفاجأتِها
لَم يجدها جالسةً
تحتَ شجرةِ الكستناء
قُربَ الصَومعةِ
كعادتِها.
كانت ترقُبهُ ببياضِ عينَيها
وراءَ الأكمةِ الَّتي لا توارِبُ شيئاً
من سُطوعِ ذَيلِ طاووسِها.
فراشاتٌ ملونة
تحوِّم
خافقةً بأجنحتِها المضطربة
حولَ راسِها.
دعوهُ حينَ يُقفِلُ راجعاً
أن ينحني ليرفعَ عنِ التُرابِ طرفَ ثوبِها
دعوهُ يُغمِضُ عينَيهِ
دعوهُ يلثِمُه..
* * *
رأت قفصَها خاوياً
(سيدةٌ مفجوعة) مدرسة كانجرا، 1810، مَتحف فيكتوريا وألبرت، لندن.
* * *
في أروقةِ الفجر
بشهوةِ جسدِها ودِثارِها الفاضح
تركُضُ لاهثةً خلفَ آخرِ ذيولِ الليلِ
تريدُ أن تدوسَهُ بقدمِها.
صرخةٌ أيقظتها
فرأت قفصَها خاوياً
وبينَ فَكَّي ثُعبانِها
يتدلى
طائرُ روحِها..
* * *
يا عاريةً دونَ عيب
(نجومٌ محتشدةٌ في السماء). مجموعةُ الشاعرِ الوهميَّة
* * *
يا متلألئة
يا نجوماً تنظرُ دونَ أن تَرى
يا عيونَ عُميانٍ يبكون.
يا نجوماً تطُلُّ
دونَ أن تُنادي
دونَ أن تُشير
من فُوَّهةِ بئر.
عذراءٌ
لا تطالُكِ أصابِعُ
لا ترتوي منكِ شهوة
يا عاريةً دونَ عيب
بينَ فخذَيِّ الليل..
* * *
الهِلالُ الغريق
(سيدةٌ استيقظت ليلاً)، فن موغولي, 1682، مجموعة الشاعر الوهميَّة.
**
هِلالٌ يُناديكِ
قوسٌ بلا سَهمٍ
بلا وتر.
هِلالٌ يُناديك
فمٌ بلا رَقبة
صرخةٌ بلا صوت.
أجيبيهِ
لوِّحي لهُ
دعي عينَيكِ تعكُسانِ
آخرَ ضيائهِ.
هِلالٌ غريقٌ يناديكِ..
* * *
شَمَّرت عن ساقِها اليُمنى
(نُزهةٌ ليليَّة) مدرسة جارفال، 1780، المَتحف البريطاني، لندن.
* * *
إلى أينَ تمضي
برفقةِ لا أحد
في غابةِ الليلِ الفاحمة.
قدماها الحافيتان
تُنيرانِ لها الطريق
وهي تنظرُ خلفَها
تتفقدُ ثُعباناً يتبَعُها.
عناقيدُ زهورٍ
وعناقيدُ ثمارٍ
دنت ولامست فمَها
لكنها شمَّرَت عن ساقِها اليُمنى
وتَهمُّ بعبورِ النهر..
* * *
تلبِسُ النهرَ حتّى سُرَّتِها
(الحمّام) مدرسة كانجرا، 1815، مَتحف فيكتوريا وألبرت، لندن.
* * *
نصفُ عارية
تلبِسُ النهرَ حتّى سُرَّتِها
زُنّارَ ماءٍ
يُطوِّقُ خصرَها.
مَن يُصدِّق
أنَّهُ لا يمنعُ عنها أن تُرى
ومن هذا القُرب
حتّى إنّي ألمُسُ بأُصبُعي
حَلمتَها.
أزهارُ اللوتس تُفسِحُ لها الطريق
والتيارُ يدفعُها
لكِنَّ الضِفَّةَ تبقى
مُمسكةً بها..
* * *
الضِفَّةُ الثالثة
(رادا وكريشنا في الدغل) مدرسة كانجرا، 1785، مَتحف فيكتوريا وألبرت، لندن.
* * *
نهرٌ من الزنبق
خطفَها
وألقى بها على الضِفةِ الثالثة
وسَطَ أشجارٍ
ثِمارُها طُيورٌ مُحرَّمة
وأغصانُها أفاعٍ عارية.
لقالقُها القلقة
تشُكُّ مناقيرَها في الماء
وتصيحُ بآلافٍ من أسمائها
فلا تُجيب
ليسَ لأنَّها لا تسمعُها
وليسَ لأنَّهُ
الآن
لا اسمَ لها
بل لأنَّها لا تذكرُ من هي.
كيفَ وجدت نفسَها
وقد شقت صفوفَ حُراسِها
ورودٌ وزقزقات
أشواكٌ ومناقير
نبعٌ وأسماك
صخورٌ وزعانف
دونَ أن تُدميَ قدميها
أو يبتلَّ طرفُ ثوبِها
هي ذاتُها لا تُصدِّق.
فجأةً انبثقَ أمامَها
مُتربِّعاً
كما ولدتهُ الأحجارُ
تِمثالاً أزرقَ من الماء
يحيطُ جيدَهُ طوقٌ من اللؤلؤ
وطوقٌ من الياسمين
كأنَّهُ قَد قُدَّ من لحمِ النهر
وجلدِ السماء.
الآن
حين سيهُمُّ بعِناقِها
لن تفعلَ شيئاً سوى أن تُطأطئَ
كما يليقُ بعذراءٍ
رأسَها
وحينَ سوفَ يشُدُّها برفقٍ من مرفقِها
سوفَ لن تدفعَهُ سوى
لأجلِ فُسحةٍ تفُكُّ بها
عُرى أسرارِها
ثُمَّ لتترمي بينَ فخذيه
بكاملِ عريها..