ماذا يكون هذا المساء
لو أننا شربناه
واستنشقنا رائحة البخور عن بعد
ماذا تحدث هذه الشرارة
لو أنها لامست يدي
وحملتها أبغي الخلاص
من هذا العالم
كنا نشتري فرحنا
بسعادة الآخرين
وهم ينفخون الهواء بعيدا
الهواء الذي جرح أعيننا
وانتقينا الشهوات
تلك المرأة التي غدت
ذبيحة سريرها
وابتعدت عنا دون حياء أو خجل
صنعنا منها تاريخنا الداخل
في الحكاية
والموت الذي نظرنا اليه
من أعلى الشرفة كان يسخر منا وجودنا
هل كان ذلك مبادلة الآخرين
طقوس أيامهم الخالية
من كان يقول
بأننا بعنا أثوابنا القديمة
للصيارفة
وهم ينحتون أسماءهم
على النقود
من أعطاهم هذا السر
لكي يتركونا وحيدين
نعد خسارتنا وليلتنا المشبوهة
بوجع الأيام والسنين،،
من كان يترك لنا هذه الآخرة
لنتنفس فيها على عجل
نحن العائدين رغم البواخر
ننظر اليها نظرة الاندهاش
من كان يريد أن يبتاع
هذا العالم بخاتم واحد
ليسد مواجعنا ونتركه
معلقا بين يدين عاريتين
كالنساء الذاهبات
الى حتفهن
كنا أولادا صغارا نلعب
ولم ندر بأن السنونو
عاد ليطهر ما بداخلنا
كنا نعطر الآخرين
بثوب الفرح
ونلبسهم خواتم نسوها
في آخر المزلاج
هذا هو قدرنا
كلما تخطت أرجلنا ناحية الآخر
أخذ منا ما أردناه
سئم البلبل الشدو
وصحنا مرارا
على تلك الوجوه المبحلقة
لحظاتنا التي نسيناها
بين أضلعنا
لسنا نحن المكترثين ولو كنا خائفين
لما تفوهنا بكلمة ،،
نظراتنا التي تركناها
على حافة الهاوية
ماذا كانت تبغي من رموشنا
التي رفت وكانت تنادي هلم جرا
أصوات الجلادين كانت تصرخ
من فرط ما صنعناه بأنفسنا
نحن القادمين من طقوس
وكان الوقت يشير الى نهايته
حينما الليل تداركنا
ونحن ننفخ النار
كلمتنا مرارا
وكنا نحسب بأن الريح
فعلت ذلك
لو أننا أعطيناها شواهد
لمعنى بداياتنا
ومحونا آثار النسيان
والأسئلة التي جرحت اللغة
وتعلقنا بها نحن الجرحى
يا عيسى بن مريم
لماذا انتحيت جانبا
واخترت جذع النخلة
لتسكن اليها
واخترت مكانا قصيا،،
يا علي الذي سلمتني مفاتيح قلبي
انفطرت وملية على الغائبين
جرحتنا السنوات بدون قصد،،
وها نحن نعزي أنفسنا
بكلمات وعبارات ضج منها الصامتون
عاينا سماءنا التي رسمنا فيها وجوهنا
واسترحنا بقاماتنا الطويلة القصيرة
التي أوجعتنا حينما تنظر وتنكسر
ذاك المساء المتدفق كشلال خاسر
يعد الماء
وشرابنا الذي نسيناه مكانه
آتي إلينا ينتظر الشفقة
والانكسار المعلق على شفاهنا
وبيتنا القديم
نخرته الجبال والسهول التي انبثقت
لترينا محبة الله
أحببنا منذ النظرة الاولي ولم نيأس
منامنا الذي خدش أعيننا
وانزوينا لنكلم آخر المجانين
وذهبنا نعد بعض شقائنا
ذاك الذي عذبنا طويلا،
تحررنا من كل شيء
سوى المحبة
التي زرعناها في الحلوق
مبتدئين بأول الكلام
بآخر المشنقة
انتظرناها بباب حجرتنا
ونومنا المزعج آخر صرخاته
من آثره
كانت الجدران تعج بالملايين
الذين حاولوا يوما أن يشتروا
محبة العشاق
والنهار المضيء دخلنا في عوالمه
تفاصيله التي لم تتركنا ننعم بأحلامنا
هكذا أتينا نفترش الاحداق
والمقصلة التي أغوتنا
وتركنا مشيتنا فيها
عاجزين عن الكلام
قطرة ضوء سقطت
في أول الطريق
وحملناها معنا
لا الريح نامت ولا أعيننا
اشتهت البكاء
ربما لأن الآخرة بالقرب منا
جنتنا المفقودة مضت تغني
للصوت الحزين
ماذا كان هذا
وجوه مبتئسة تصنع الأمل
وأخرى مبتهجة للوصول
الى آلامنا التي تركناها
في ليلنا البعيد
أطفالنا الذين بكينا عليهم يوما
ظلوا يتبعوننا الى حد المفارقة
وتعطشنا لنمسك بالآخرين
علهم يعطوننا بعض الحنان
الذي خسرناه للتو
وذهبنا لنعلم البقية تفاصيل المأزق
الذي عايشناه،،
ولم نخجل من معانقة النساء
اللاتي تبرجن
في يوم ينبئ بوصول
قوافل من المهزومين
خلف الأثداء
التي شربنا منها بعضا
مما تبقى من الاناء
المسكوب فوق الطاولة
وتجرعنا حسراتنا..
أمهاتنإ اللاتي حاولن أن يبنين
سدودا حولنا تكسرت
ولا ندري ماذا فعلت بنا الشياطين
سوى اننا أخذنا أنفسنا شيئا فشيئا
كانت تتوجع أقدامنا من أثر ما حملناه
نهارنا الذي بللناه بدموعنا
أخذ ينشر الهواء فوق السطوح
ليالينا التي خجلنا منها لم تعد ترحمنا
ولأننا أتينا في زمن الخسارة
والبداية المنزوعة من أحشائنا
لذلك تعاركنا مرارا
على ذلك المكان
يا أولاد البرية
لماذا تكلمتم وأطلقتم صراخكم
هكذا بدون أن تفتحوا
للأسئلة مجاريها الطبيعية
لماذا أوقفتم أوجلكم وتر كتموها
تبكي للريح المتناثرة
على أكتافنا
كنا منحنا الفجر ضوءه
الآن فقط أردنا أن نعلم الآخر
معنى المكوث خلف الدرب
الذي مشينا فوقه متعجلين
للوصول الى المقصلة
والهاوية حفرنا فيها أسماءنا
ومفاتننا الأخاذة
لسنا نحن من أراد
العيش في هذه البقعة،،
كانت هناك شوارع
تؤدي بنا الى المجهول
كان هناك آخرون ينامون
ولا مشارب يبغونها
لمناوشة جيوبهم النخرة ،،
كنا عطاشي لنكلم المفردات
تلك التي جرحتنا ومرت
دون أن نلتفت لمصيبة الآخر
وهو يستنشق غاز أكسيد الكربون
كان هناك حارة حولنا
ينشرون اللوحات الفارغة
والعناوين الرديئة
آه من تلك الجملة التي مضت
آه منك ايتها اللغة
لكم أنت ماكرة هذا الصباح
لتناوليني ما تبقى
من هذا الهراء
موت واحد يكفي لنقول
بأننا ما زلنا نتحدث عن معنى
الأساطير والحب الذي طاردناه يوما
لنمسك بالفاجعة
آه منك أ يها الميت في بطوننا
كيف لك ان تجرح عآفيتنا
وتنبري ناحية المشردين
الباقين على العهد،
ليس لديهم كسرة خبز واحدة
يحيون من خلالها
آه لكم أنت منزعج اليوم
إلا من شيء واحد يشد على أزرك
ويحيطك بالغلمان ،، الأنقياء
أعيننا ما زالت واقفة
تنظر اليمين والشمال وتسافر
الى حيث المائدة
تسافر ربما بصوت واحد
بقنينة واحدة فارغة
لا تعرف سوى عذابه وأنينه
حرقته التي لامست
قلوب العذارى
كنا نصرخ بفعل خيباتنا
ونبتهج ولو لمرة واحدة
لهذه الحياة !!
شتاء.مسقط 17 يناير 2001
عامر الرحبي (شاعر من سلطنة عمان)