البارحة مثل وسادة نمت ، ودونما روح ألقيت برأسي المنهك ، ولم يجد النوم صعوبة في التسلل خلافا لمعاناة سنوات ماضية . نمت ولم أدر بما دار في رأسي ليلتها. ورغم محاولات التذكر التي بذلتها، إلا أنه لن يبوح لي بما حدث له . فقط شذرات وشظايا متباعدة ستكون دليلي في تحليل ما وقع لرأسي تلك الليلة . الليلة الغريبة منذ بدايتها.
بالطبع لست ملزما لاخبارك ما حدث ، وأعلم أنك تسمعني بأقصى حواسك أيضا، فأنت متلهف لمعرفة رد فعلي ، ويبالغ المتعة تنتظر أن أبوح لك بما اكتشفته وعرفته تلك الليلة ، حتى يتسنى لك إعادة تقييمي مرة أخرى على ضوء معطياتها.
اذن اليك قصة أخرى: لقد رأيتك في تلك الليلة ، ومثلما اعدت كنت واقفا في حشد من الناس نعرف بعضهم وكلهم يعرفوننا ، وكعادتك أيضا كنت في مكان مرتفع وبعيد بعض الشيء عن الحشد،وحدي كنت أراك بين تلك الجموع المشغولة بشيء لم يجذب انتباهي ولم أعره سعيا وانتباها أيضا، لقد كننت همي ومناي، ومن البعد كنا نراقب بعضنا دونما اهتمام بالبلهاء من حولنا ، بينما عيوننا المودة تودع حنينها. رأيتك شابا كعهدي بك أيام طفولتي، تضج بالحياة والثقة والنظرة الصافية الآسرة بطيبها. كان البياض يتلبس جسدك وثوبك ، وبعضه ينعكس على الحشد المشغول بشيء لن يحيد نظراتنا وأحاسيسنا التي كنا نتبادلها عبره . كنت قريبا مني. كنت بعيدا عني، ورغم أنني لم أرغب في الاقتراب منك حتى أطيل اللحظة وأثبتها جيدا في الذاكرة ولكنك كنت بعد أنفاسي عني، في أرض تقاسمنا الأحلام فيها.
لن أخبرك بالمزيد حتى لا تلومني فيما بعد، وحتى نجعل قصتنا هذه مادة للتواصل ، بيدنا تغيير تفاصيلها، وبيدنا الاحتفاظ بأسرار تلك الليلة الغريبة منذ هدايتها . ليلتها ضحكنا بصفاء، وحلقت روحي ناحيتك ، وتغلغل حلمك في مساماتي ، وانعتقت مع أثيرك بخفة لن أجد حرفا بوزنها.
هكذا ألقيت برأسي مثل وسادة تلك الليلة . ولم تجد أنت صعوبة في التسلل الي . ولن يجد أحد آخر صعوبة في حلمنا
معا في علك الليلة الغريبة منذ بدايتها.
عبدالله أخضر (قاص من سلطنة عمان)