1-
سأغلق مسرحي هذا المساء
وأطرد الممثلين خارجاً،
يدي اليمنى سأتركها تفرحُ
مع قهوتي السوداء وسيجارة وحيدة
أما يدي اليسرى،
أعرف أنها تفضّل البقاء عند النافذة
ربما تفعل شيئاً ضد العالم.
أقدامي تعرف أين تذهب
فلا سلطان لي عليها
منذ أول رحلة قمنا بها سوياً
وقادتني حيث تريد
فلم أعترض.
رأسي سينصرفُ بهدوء كعادته
احتجاجاً على هذه الفوضى
وهنا
ستغلق عيوني الستار على نفسها
وتفرح بالنوم بعيداً عن الإضاءة .
حتماً سيأخذ فمى إجازة مفتوحةً من الكلام
فهذا الجمهور لا أعرفه
وبين الحين والحين أحتاج أن أغلق مسرحي
وأذهب بعيداً .
2-
حتى ظهر يده لا يعرف عنه شيئاً
يخاصم فمه
ويتمنى لو قص لسانه إلي الأبد
خطط منذ سنوات لإصلاح رأسه
ولم ينجح
أصابعه تتصرف رغماً عنه
ولا يهتم
ساقاه يركضان كحمار
يعرف طريق البيت .
إذ كان رجلاً باراً
منظاره الأسود لا يفارق عينيه ،
يرتدي ملابس السهرة في الصباح،
يذهب
وفي رأسه حفلٌ كبير .
يضع ساقاً فوق الأخرى
ويطلب كأساً
مع بعض الخبز.
يجدُ المساءَ في الصباح،
يغني ويسمع نفسه .
يسألونه
فيعطى أذنه للعاصفة ،
يصلي
ويؤكد أن الزمن في رحلة
سرّيةٍ .
ثم يصرخ في وجه السماء
أن تُبعد الشمس قليلاً
حتى يعيش في ليله
كما يليق برجلٍ بار.
3-
رأسه أصغر مما يعرف
قلبه لا ينام
وروحه في حيرة من أمرها .
زرع حقلاً فأكلته العصافير
بنى بيتاً فسكنه الصمت .
دائما ما يبكي
وفي مخيلته أضواء خافتة
يلبس قميصاً ملوناً
ويسمي أصحابه
أفاعٍ وحيوانات .
هذا الرجل الذي يأتي
بعينين واسعتين
وفمٍ مفتوح
عاش في أسمالٍ بالية
ولم يكن ذائع الصيت
مات ولم يذكره التاريخ
ومن جيرانه لم يلتفت إليه أحد .
جرجس شكري