للارتواء يدلي الثورُ الرقبة
والديك عند الصياح يرفعها
والببغاء الصلف يفغر فاه
يقف قربَ
الجذور
والبراعم
والزهور
ويخطُ على الأرضِ بظفرهِ
يعجز عن الرسمِ
يقارنُ
انفتاح منقاره
بتفتح الجذور
والبراعم
والزهور
تحت جناحه يلصقون طابع البريد
مطيعٌ، يلتقطُ الحبَّ من فوق الراحةِ
حيثما يوجهُ يحلق ويغلق مساره
وتبقى في جلد سلحفاةٍ فارغ
هدايا باعة الكذب وهباتهم
قذارة الدبِّ العاجزِ عن اللعب ورائحته
وتذمُر السحرة.
يرى غيابنا
بشارة ورؤية
– عن تفتح عيون أسطورة عشبة الفصول الأربعة
عن السعادة والسلام على الأرض
ليست أحداثاً مفجعة ولا مشاهد مذهلة
دعوت طيور الماء
إلى اليابسة حيث جذور الخير والذكريات طرية ريانة
وناديت طيور اليابسة
إلى ضفاف البحيرة المتجلدة
لتنسج وشاحاً لملكة الحياة
بدا واضحاً أنها قرأت كتاباً
أملتهُ مصالح شجرة
تعرف الطيور الأيادي السود والبيض
قامة الإنسان،
وبشاشة الطبيعة
مطمئنة إلى الأرض حيث تضع بيضها
الأرض لا تهدد أبناء الأرض
تعرف كل شيءٍ عنا
وفي ساعة الاحتضار وحدها
تبدو على وجوهنا رؤيتنا لأنفسنا
تعرف كم يوماً يستغرق ظهور الدود في أجسادنا
ومن أي الأجزاء تبدأ النهش،
في قلب الأرض وأعماقها
بفرح الشجرة المروية تواً
تناغينا الحياة وتغردُ
ذلك الرجلِ المنبطح على الأرضِ
تلمع عيونه المترعة بالنومِ
رائحة الأجاص الحامضة اللاذعة
وتقوي قلبه
امتلأ قلبي بالبكاء
وفي أغنية شعبية
عثرتُ على بكائي
يتماوجُ
بالعزلة القلب
حيثما كنت تنظرُ
كنت أنظرُ ويتبلور نظري
يرشدني القلب فأكتبُ
ما يمليه.
قطاع الطرق ذوو الأحذية الكبيرة نيامٌ
والدروب
ما زالت بقوة تخفقُ
ولم يعلُها الغبار بعدُ
بوابة الحقل المسيج
مختومة بأصابع الاله والملاك
والقش على جوانب الطريق ناعس
حزيناً يمر الجواد
يفكر وظله المدينة ذات النقوش القديمة
لم تكن غائبة وليست غائبة
يوم كان مهراً قضى العمر بين الأشواك اللاسعة
ومن الذئاب قريباً.
يلوح برأسه ويمد البصر
يرى وجه الدليل
لافتة خبر حزين
ويغادر النعاس القش
تمنحه حرارة فم الجواد القوة
تملأ أعماقه كلها بخصوبة الأرض
ألم يكفِ
أن اللقلق كان شهيد (أربيل) الأخير
ألم يكفِ
أن القمري كان آخر شعراء الخفق والحس والحنين
ألم يكفِ
أن اشتعلت نيران الحرب الأهلية
بين الماء والتراب والهواء
والنار كانت المفاوض الأخير
الم يكفِ
أن قوة الإطفاء كانت من لصوص بطاطة الخنازير
ألم يكفِ
أني في ليلة إنضاج خبزي على عجل
قرأت معلومة عن نهب حفر حزن القمح،
سويت شعري المبلول تحت المطر
وربطت حصان صيدي بعقد ابنة (كافروش)(1).
المراوغة بين الشاري والبائع،
فوضى السوق بعد الحرب،
ما من شيء لا يذوب تحت الشمس
حتى الثلج تتغير أحواله
وارتجف كله من خففة حزينة رهيبة
وكان للشمس قبل الغروب نفس الإحساس
يحب الببغاء أكل الفراش المجفف
ينظر إلى الخطى، ترى هل تخطئ الطريق أم لا
لا تنظر إليه وتنساه
يحتدم ويتميز غيضاً
يقتلع الريش عن ذيله ويكسر بيضه
في الطريق الترابي تتجمع مياه الأمطار
وفي الشارع ومض يخدع الأبصار
بشت الحياة وابتسمت
يقولُ البعضُ: بداية الطريق بركة وجمال
وآخرون يقولون: النهاية
وكنت مسافرَ البداية والنهاية
وكانت النهاية كالبداية
تكن لي نفس الإحساس
انظر للأشجار السامقة عن يميني ويساري
أيتها الأحياء والنباتات
المجذاف وقوة الساعد
الحظ والصورة
الشرفة والمنصة
لمن بركة الطريق وجماله ؟ لمن؟
لم يكتب مذكراته
وشعاع الشمس
حول نفسه يدور ولا يعرف متى النهاية ؟
أو أين هي ؟
البسمة بقايا شعاع لطيف
وبقدر ما تتسع الأفواه والعيون مثير
غرس شجرة حظي في مرتفع المصير الترابي
استغرق كثيراً من الوقت
يعجز القلب عن مخادعة الروح فيخفي عنها الأسرار
القلب والروح معاً ميزانٌ بيدِ الملاك
أمسكت الطيور
حواصلها، بالجناح والظفر
نحن لم نفهم جوعها.
فاختنقت بين قلوب باعة
الكذب الحجرية الرعناء
حلقوا إلى شجرة حظي
أيتها الأفراخ تفرقي في السماء
واقتربي
من النجوم والقمر والشمس
أساليب الحوار سهلة
كالآباء والأمهات تحرس شجرة الحظ
وتراقب تفتح جوزات القطن
النجوم بين الأوراق والنفحات الآلهية
تسمو بنا أضواؤها
تقربنا إلى حيث الفاكهة
في نهايات الأغصان
وغيوم الألحان الناعمة
وشمس الراحة الدافئة
صوت السماء يعيد كل المسرات إلى الأرض
أشار لي الاله
شجرة حظك تطلب حكمة الأنبياء
للسنجاب والطير
تقر عيون الأماني في الجلال
مصابيح العيون المتألقة
أحاديث المجالس الناعمة
تعلق الطيور المهاجرة
تفتح الأصداف
تأتيه بحصة من شمس النضوج
ومضيت خلف حصة الشمس تلك
وكأني أسير خلف نعش آخر فرد من أهلي
انزلق القمر من يدي إلى ضحالة الماء
كان يشبه قلبي
وقلبي كان في صدري
أو على الأرض
فالأمر سواء فله الوزن نفسهُ
يقع في تلك البقعة من الأرض
حيث تمنح الشمس القوة
للكرم
والأجنحة والضروع
فيا صديقي
(بابا طاهر) و(العنقاء)
لا تهبطا من السماء
فعيون القتل والقطع لم تنم بعد
ولا تدعا القلب يرتفع إلى الشفاه
فالأرض مشرقة الوجه دافئة
وتمر الجياد في تلك الأنحاء
والشمس لا تولد بالتعقيد ولا تشرق على الفرسان
(بابا طاهر) لؤلؤة ضاعت بيننا
وانفرطت من مقبض ضجر العنقاء لؤلؤة
[ صباح رنجدر
من موالد 1965 أربيل ، كردستان العراق .
صدر له حتى الآن الدواوين الاتية :
1- السادن ، 1988 ، بغداد .
2- نباتات الآلهة ، 1999 ، أربيل .
3- هكذا روي الحلم نفسه ، 2004 ، أربيل .
4- حرب الأربعين عاماً ، 2005 ، أربيل .
5- ميت يستشعر الجميع ، 2008 ، سليمانية .
6- مائة ليلة و ليلة ، 2008 ، أربيل .
7- سنة الصفر ، 2010 ، سليمانية .
[ المصدر :
مجلة ئاينده ، العدد 91 ص 102-105 ، تموز 2010 .
هامش
(1): حكايه تقابل صورة (ابنة المعيدي) العربية الشهيرة شعبياً.