تتشكل مملكة القصيدة من عدد من الإمارات، لعل أهمها ثلاث: إمارة العتبة، وإمارة اللغة، وإمارة المتن، فأما (العتبة) فهي إمارة شائكة معقدة، تكتنفها التفاصيل ذات التغيير والاختلاف المستمرين، ومع أن القصيدة هي لبنة في بناء الديوان الشعري، فإن هذا الديوان ليس إلاّ لبنة كبيرة في تشييد الأعمال الشعرية الكاملة، وكلما اتسعت مملكة القصيدة، اتسعت معها الإمارات الثلاث،واذا كانت العتبة تمثل الوعاء الخارجي لــ (القصيدة/ الديوان/ الأعمال الكاملة)، فإن اللغة هي الوعاء الداخلي للقصيدة، أما المتن، فهو قلب القصيدة النابض، وكنز أسرارها.تتشكل مملكة القصيدة من عدد من الإمارات، لعل أهمها ثلاث: إمارة العتبة، وإمارة اللغة، وإمارة المتن، فأما (العتبة) فهي إمارة شائكة معقدة، تكتنفها التفاصيل ذات التغيير والاختلاف المستمرين، ومع أن القصيدة هي لبنة في بناء الديوان الشعري، فإن هذا الديوان ليس إلاّ لبنة كبيرة في تشييد الأعمال الشعرية الكاملة، وكلما اتسعت مملكة القصيدة، اتسعت معها الإمارات الثلاث،واذا كانت العتبة تمثل الوعاء الخارجي لــ (القصيدة/ الديوان/ الأعمال الكاملة)، فإن اللغة هي الوعاء الداخلي للقصيدة، أما المتن، فهو قلب القصيدة النابض، وكنز أسرارها.وعاء النص:الفعل المعتل الآخر (وعى)، مضارعه (يعي)، والمعنى هو (إدراك أهمية الشيء)، و(الوعاء: إدراك أهمية الشيء والمحافظة عليه)، وينقسم وعاء النص إلى قسمين: الأول خارجي (العتبات) ، والثاني داخلي (اللغة).أما العتبات النصية الكتابية، فلم تكن لتثير الاهتمام، قبل توسع مفهوم النص، ولم يتوسع مفهوم النص إلا بعد إن تم الوعي والتقدم في التعرف على مختلف جزئياته وتفاصيله(1). ومن بين المصطلحات التي تروج في سوق التداول النقدي، نجد مصطلح (عتبات)، الذي أفرد له (ج. جينيت) كتابا كاملا سماه بهذا الاسم، جاعلا منه خطابا موازيا لخطابه الأصلي (وهو النص)، يحركه في ذلك فعل التأويل، وينشطه فعل القراءة، شارحا ومفسرا شكل معناه أن (التورية النصية) قدمت أسماء عديدة لحقل معرفي واحد، أخذ يسترعي انتباه واهتمام الباحثين والدارسين، وفي ظل هذه الثورة المعرفية تشكلت هذه الخطابات والعتبات والنصوص، ومنها(خطابات المقدمات) و(عتبات النص) و(النصوص المصاحبة) و(المكملات) و(النصوص الموازية) و(سياجات النص) و(المناص)..الخ، من هذه الأسماء والخطابات المعرفية التي تقتسم إشكاليات القراءة والتفاعل والإقناع والتواصل بشكل عام(2). ونقصد بالعتبات النصية: المرفقات المحيطة بالنص التي تعد مفاتيح إجرائية أساسية، يستعين بها المتلقي لاستكشاف الاستراتيجية التي يمكن أن يسير عليها النص بغية استنطاقه وتأويله(3) ((في تشكيل الدلالة وتفكيك الدوال الرمزية، وإيضاح الخارج قصد إضاءة الداخل))(4) ويتركز بعدها الأكثر أهمية في أن العتبات تمتلك ما يسمى في فلسفة اللغة بـ(القوة التأكيدية) كأن ينقل معلومة مثل (اسم المؤلف، تاريخ النشر، أو شرحا) (وظيفة التمهيد)، أو إقراراً مثل (انتحال اسم أو عنوان، أو التزاما (تحديد الجنس الأدبي) مثل السيرة الذاتية التي تفرض عقدا من المصداقية وكأنها تقوم بعملية تنظيم العلاقة بين النص والقارئ، بوصفها خطابا غير تابع بصورة أساسية، ومساعدا مخصصا لخدمه شيء آخر يشكل سبب وجوده وهو النص، وتخصص هذه التبعية وظيفته بالتحديد(5). إن أبرز العتبات التي تشكلت في أعمال الشاعر والناقد المعروف علي جعفرالعلاق هي:* العنونة * الإهداء* التصدير * الاستهلالالعنوان:غدت العنونة مطلبا هاما للناص وهو يحاول تقديم نصه للقارئ كونها تؤدي دورا فعالا في العملية الأدبية إبداعا ونحوية، وهي:جزء لا يتجزأ من إستراتيجية الكتابة لدى الناص لاصطياد القارئ وإشراكه في لعبة القراءة(6) أيضا. وتمثل العنونة انطباعاتنا الأولى عن تحقيق هوية النص وكشف الوجه الآخر لباصرة التخيل التي قد تستنفر من خلالها مجموعة الحواس المادية والمعنوية لبلورة رؤى وأفكار الكتابة التي تشير إليها العنونة بأصابع التأويل، وهكذا تمتد خيوط التكهن من حافة العنونة أو تبهرجاتها أو انطوائياتها إلى الغائص من المتن حيث تشي هوية النص بإحداثياتها أو تغلق بواباتها السرمدية بوجه محاولات الكشف هذه من دون منحها خيطا من نسج الكتابة قيد التحليل والمقارنة.تشتمل (الأعمال الشعرية) للشاعرالعلاق على عشرة عناوين لعشرة دواوين بمعدل خمسة لكل جزء، يشتغل عنوان الديوان الأول للشاعرعلي جعفر العلاق(لا شيء يحدث.. لا أحد يجيء)على تشكيلين من العنونة، الأول (تشكيل النفي) والثاني (التشكيل التوكيدي)، وهذا يؤسس لحاسة الوحشة المدغمة باليأس، مما يعطي العنوان باصرة نافذة، لها القدرة على اخترام بل اختراق الأرض الحرام والأسلاك الشائكة وحقول الألغام، والتلاعب بمصائر المتن ومقدراته.وعنوان لديوان آخر (ذاهب لاصياد الندى) هي فعالية في فضاء مجازي، توجزوتفصّل في آن، فالندى أوسع من أن يُصطاد، ولكن شرف المحاولة أرفع همة وأسمى عزيمة، فالشاعر هاهنا يقترف الانزياح ارتكابا لجماليات المعنى الخاص، المعنى المغاير والذاهب لاصياد أي شيء عدا الندى!.الإهداء:عتبة يوجهها المؤلف إلى فرد اوجماعة أو جهة أو مؤسسة، تدل على عرفان أو شكر أو إعجاب أو تثمين جهود أوتكريم أوأية شؤون ذات فضل أو دعم اوغير ذلك.وأشعار علي جعفر العلاق، تزخر بالإهداءات التي اختصرها بــ(إلى فلان) وإن كان المعنى العام يقول(إهداء الى فلان)، ولعل أسمى وأنقى الإهداءات، ذلك الإهداء الشامل الذي جاء في بداية ديونه الأول( إهداء: إلى أبي) وكيف لا، وأبوه جبل من مروءة وعنفوان، يطل ببهائه على شطآن الفرات الأوسط، يحيي أسراب النخيل البواسق على تخوم( واسط ) التأريخ ،فترافقه طيور الصباح في رحلة كل يوم.واذا كان إهداء الديوان الاول إلى الأب فإن إهداء الديوان اللاحق (فاكهة الماضي) كان إلى أقدس مخلوق(الأم).أما سلسلة الإهداءات التي رافقت اغلب قصائده، فهي إهداءات إلى (العائلة: ولا أدري لماذا كان النقاد عندما يكتبون عن العلاق يقولون انه شاعر العائلة، واشتهرت بعض قصائده التي تتحدث عن شجرة العائلة) وكذلك إلى أصدقاء الشاعر، ونذكر بعضها والتي تستذكر مواقف أو علاقات اوأحداثا مختلفة ربطتهم بالشاعر:* قصيدة تجمعات تحت سماء مرتبكة: إلى فوزي كريم* قصيدة إشارات برية: إلى فلاح السلمانقصيدة:ذاكرة غير مضاءة: إلى محمد الماغوطقصيدة الظبية الغائمة: إلى نديم نعيمةقصيدة أول الأرض هذا: إلى أحمد عبد المعطي حجازيقصيدة شجر العائلة : إلى وصالوفي(التصدير)، يصدر الشاعر بعض دواوينه، بنصوص او كلمات ادباء كبار، كما صدّرديوانه الأول( لا شيء يحدث..لا أحد يجيء) بنص لــ (بيكت) يقول:(لا شيء يحدث، لا أحد يأتي، لا أحد يذهب.إن هذا لفظيع، يا للهول)ومن باب الإنصاف النقدي، فقد حاول الشاعرأن يُماهي العنوان بنص(بيكت)، وقد نجح في ذلك أيما نجاح.أما القسم الثاني من (وعاء النص) فهو أوهي (اللغة):إن النص الأدبي أيا كان شعرا أو نثرا هو كيان لغوي قائم على الانزياح الذي يمنح المفردات حياة جديدة من المعاني والدلالات بعيداً عن حدودها الضيقة داخل معاجم اللغة، فلغة الشعر مخالفة للغة أي جنس أدبي آخر، وهي وعاء النص الفني ونسيج تكوينه، وكلما تحصن النص بلغة رصينة ذات معايير وتقانات متطورة،تسامى النص في فضاءات تشكيل مغايرة للراهن الشعري، يؤهله بذلك عمق الدلالات الرؤيوية للغة الجديدة، وبعيداً عن الطاقات التوليدية التي توفر للنص مؤهلات فنية وتقانية عدة، تبقى اللغة وحدها القادرة على تقرير مصير النص إبداعيا، فاللغة داخل النص الشعري قائمة على الاختزال والتكثيف، وهي أكثر قدرة على البث الشعري في إطار بنية القصيدة الجديدة، واللغة الشعرية هي لغة المجاز، وهي مجموعة من المجازات والاستعارات البلاغية، وباختصار هي لغة منزاحة ، والشعر (لغة داخل لغة) (7) إن الشاعر المعاصر مطالب بلغة مبتكرة، وهذا ليس معناه ابتكار دلالات لغوية جديدة غير واردة في المعاجم ، إلا أن الابتكار يكون في التشكيل وهو التركيب المميز للدلالات، أي أن صانع الأدب ينطلق من لغة موجودة فيبعث فيها لغة وليدة هي لغة الأثر الفني.وان مفهوم الخلق في عملية الإبداع الإنشائي مرتبط بقدرة الانسان على تخليص الكلام من القيود التي يكبلها بها الانسان، ويطهرها مما يتراكم عليها من ضبابية الممارسة، فالإبداع إحياء الكلمة بعد نضوبها (8)كما أن الشاعر علي جعفر العلاق له اشتغالات داخل اللغة بالغة الاهمية إذ استطاع أن يشق لنفسه طريقا إبداعية متطورة ولغة هي لغته الخاصة، والمتابع لقصيدته (سؤال) هذه، سيلاحظ العلاقات التي يقيمها بين ألفاظه، وهي علاقات تحتاج إلى الوقوف عندها:عاد الموتى إلى بيوتهم خائبين،وعاد الحالمون إلى وطنهم فلم يجدوه..وها هم الشعراء يعودون ثانية إلى منافيهم،بعد أن اطمأنّوا بأن الغدأضيق من خرم الإبرة..فلماذا لم تكن بين الموتى؟ولماذا لم تكن بين الأحياء؟ (الأعمال الشعرية، ج2،:260)بِنى أو(بنيات) القصيدة: تبنى القصيدة بالبنى الرئيسية الآتية:* بنية اللغة الشعرية (وتشتمل على ثلاثة عناصر: الثنائيات الضدية/ المعجم الشعري/ المفارقة)* بنية القصيدة السيرية(وفيها عناصر: (أ)بنيةالقصيدةالسير ذاتية.(1).سيرة(سيرة الأنا)ــ (2).سيرة(الأنا ــ الآخر= قصيدة العائلة).(ب). بنية القصيدة السيرغيرية) * بنية القصيدة السردية (وتتكون من عناصر: المكان/الشخصيات/الزمان) * بنية الصورة الشعرية (وتشتغل على عناصر : التكثيف/التفاعل النصي/الرمز والأسطورة)* بنية الايقاع الشعري (وعملها على عناصر: 1.الوزن 2.القافية 3. التكرار 4.التدوير 5. الايقاع الداخلي)وستعمل دراستنا في بِنى القصيدة في شعر علي جعفر العلاق على ثلاثة عناصر مختارة من بابي الإيجاز والاختصار، والعناصرهي :* عنصر المعجم الشعري من بنية (اللغة الشعرية)* عنصر التفاعل النصي من بنية (الصورة الشعرية)* عنصر الإيقاع الداخلي من بنية (الإيقاع الشعري)المعجم الشعري:تتجرد الألفاظ من دلالاتها المعجمية، لتدخل دلالات جديدة داخل سياق خاص بـ (الشاعر – الكاتب ) وفي أسلوب خاص به، وإن اللغة قبل أن تكون شعرية هي معجمية في دلالاتها الخام، لذا فإن ((كل بحث في مجال الشعرية يفترض معرفة اولية بالدراسة العلمية للغة)) (9) ، ذلك لأن الشعر فن (( لفظي)) يستلزم قبل كل شيء استعمالا خاصا للغة . إن الشاعر في تعامله مع اللغة وأثناء الكتابة يقوم بانتقاء مفردات اللغة، وهذه العملية ليست سهلة، ثم انه مع استعمالنا اليومي لهذه المفردات إلا أنها تختلف اختلافا واضحا عند الاستعمال الشعري، إلى جانب انه مع وجود لغة واحدة لجميع الشعراء الذين يتعاملون معها، إلا أننا نستطيع تمييز لغة شاعر عن آخر، اعتمادا على قراءات متكررة (10) و((يتشكل المعجم الشعري من لازمة نفسية هي بلا شك إسقاطات اللاوعي على الوعي، وما يترشح من ذلك عبر تكرارات (نفسية – فلسفية – فنية) تتبلور على هيئة الفاظ سلطوية لا قدرة للناص على تجاوزها)) (11) إن مجالات دراسة المعجم الشعري متنوعة، وكل مجال بنتائجه، خاصة وانه يمثل اختيار الألفاظ وترتيبها وفق طريقة خاصة، بحيث تثير معانيها خيالا جماليا، فهو إذن التميز الذي تفرد به النص الإبداعي، بل ويتفرد به الشاعر، كما انه مفتاح النصوص (12)، وهو الذي يحدد هويتها الإبداعية، فـ ((اذا ما وجدنا نصا بين أيدينا ولم نستطع تحديد هويته بادئ الأمر، فان مرشدنا إلى تلك الهوية هو المعجم، بناء على التسليم بأن لكل خطاب معجمه الخاص به، فالمعجم لهذا وسيلة للتمييز بين أنواع الخطاب وبين لغات الشعراء والعصور، لكن هذا المعجم يكون منتقى من كلمات يرى الدارس انها مفاتيح النص والمحاور التي يدور عليها)) (13) اما كيفية قراءة المعجم فتكون بمتابعة الألفاظ المستخدمة من قبل الشاعر إلى جانب متابعة ترتيب الشاعر للألفاظ، فـ((الألفاظ حقول بارزة والجمل ظواهر بارزة)) ( 14) كما لا يمكننا أن نؤكد أن ظاهرة ( اللازمة الشعرية) او (المعجم الشعري) ليست سبّة في النص، ربما لأن النسغ الديناميكي لهذه الظاهرة قائم على التكرار الذي هو عيب خلقي في الكتابة لمن لا يتقن استعماله في النص.قد رأينا مساعي علي جعفر العلاق الباهرة في خلق اللغة وتفجيرها من الداخل، وكيف سعى إلى وضع سمات اللغة الشعرية في مشروعه الإبداعي، وكيف طبق لذلك شعرا وأصبح كل ((نص معجما لذاته))جدول المعجم الشعري قصيدة( نواح بابلي**) مثالا/ المفردة/ عدد مرات تكرارها/ أدوات الاستفهام/ ( بلادي + بابل)الريح/ نار+ رماد/ النوم/ (لا) النافيةدم/ ( 27 ) مرة/ (22) مرة/ ( 9 ) مرات( 4) مرات/ ( 4) مرات/ ( 7) مرات /(8 ) مرات
** الأعمال الشعرية، علي جعفر العلاق، ج2،:32
إن علم الدلالة في متابعة دلالة الألفاظ يقوم بدراسة الحقل الدلالي، باعتبار أن الدلالة كامنة في النص من خلال عدة حقول دلالية تتأرجح في بؤرة الدلالة، ويصل ذلك من خلال التحري داخل التكرارات والمترادفات والكلمات والمفاتيح، إن مفتاح النص الدلالي الأول في قصيدة علي جعفر العلاق (الاستفهام) في استكشاف رؤى (داخلية/ خارجية) للـ( الحاضر) المبتلى بالفواجع والكوارث الإنسانية لهو حل منطقي بعد أن أخفقت (الحياة) البائسة المحبطة، في تطويع اتجاهات (الحاضر) نحو الحلول المواتية لأبسط عقد وإشكالات انساننا الحالي الضائع في جميع الاتجاهات.تلخص مفردات معجم (علي العلاق ) في قصيدته هذه بحقولها الدلالية رؤية الشاعر نفسه وهي تقوم على المواجهة بين الموت والحياة، وبين الانسان والكون بالانجذاب على غير الرؤية السابقة.فتكرار (أدوات ألإستفهام) بهذا العدد الكبير في قصيدة ليست طويلة، يصرح من خلالها الشاعربأن اسئلة الحياة هي في غالبها (مشاريع أسئلة) تقوم على الكارثية المعتادة التي نعانيها منذ أزمنة بعيدة ولا نجد لها حلا او حلولا شبه مقنعة، إن اسئلة الشاعر العلاق في قصيدته (الاستكشافية الاستنطاقية) هذه ، تتشكل من خلال عنفوان اللغة والانزياح الواضح في استعمال مفردات في اللغة استعمالا مغايرا لمعانيها في المعجم اللغوي العام.فشاعرنا يبني من خلال الموت حياة جديدة، ويتوجه إلى الموت دون حزن واقعي، يمثل قطب العلاقات المضمونية في الحقول الدلالية، لأنه يعني الواقع الذي تأتي منه الحياة الجديدة كحتمية للخصب والحياة (بابل، بلادي)، وفي بعض الاحيان يبقى للموت الدلالة المعجمية ((النار، الرماد، الريح، الدم) ، ومن خلال قراءة هذه السياقات وفق مرجعياتها، نخرج بتجرية الشاعر ( الكبيرة – الكلية) وفق قراءة إعادة الإنتاج.التفاعل النصي: يحتاج النص الإبداعي إلى زوايا نظر مختلفة ولقراءات متعددة تحاول أن تقبض على دلالاته، فـ((الكتابة لا تحدث بشكل معزول أو فردي، ولكنها نتاج لتفاعل ممتد لا يحصى من النصوص المخزونة في باطن المبدع، يتمخض عنها جنين نشأ في ذهن الكاتب يتولد عنه العمل الإبداعي الذي هو النص))(15). وقد تنبه الباحثون من خلال ممارساتهم الأدبية إلى حضور ذاكرة نصية يقوم عليها الادب، كان اول من سجل مصطلح التناص(التعالق) ـ كما يحلو لكمال ابو ديب أن يسمّيه ـ هي الباحثة(جوليا كرستيفا) التي عمّقت الميراث النظري الذي تركه(باختين)(16) باستبدال مصطلح الحوار بالتناص. ولا شك بأن التعالق النصي اليوم هو ((بمثابة أداة مفهومية بقدر ماهو علامة، رواق ايبستمولوجي يشير إلى موقف وإلى حقل مرجعي، وإلى اختيار رهانات معينة))(17).إن التناص تعالق بين النص والنصوص السابقة، فالبحث يثري في نقطة مدى التعالق والتفاعل بينهما وبتعبير آخر نوعية العلاقة التي تحققت بين النص والنصوص الأخرى، هذا ما تناوله غمر أوغان بقوله:((يمثل التناص تبادلا، حوارا، رباطا، اتحادا، تفاعلا بين نصين او عدة نصوص، في النص تلتقي عدة نصوص، تتصارع، يبطل أحدهما مفعول الآخر/تتساكن، تلتحم، تتعانق، اذ ينجح في استيعابه للنصوص الأخرى وتدميرها في ذات الوقت،انه إثبات، ونفي وتركيب))(18)، يقول (بارت):((نعلم الآن أن النص لا ينشأ عن رصف كلمات تولد معنى وحيدا، معنى لاهوتيا.. إنما هو فضاء متعدد الأبعاد تتمازج فيه كتابات متعددة وتتعارض من غير أن يكون فيها ما هو أكثر أصالة من غيره، النص نسيج من الاقتباسات تنحدر من منابع متعددة..))(19).لا شك أن ثقافة الناص/ الشاعر علي جعفر العلاق ووعيه وخصوبة ذاكرته، هي من أهم مرتكزات التعالق النصي في شعره، وشاعرنا، ذو ثقافة عميقة وواسعة، وهو أيضا واحد من النقاد المهمين العرب إلى جانب كونه استاذا أكاديميا لامعا ،لذلك فإن نصوصه الشعرية تتسم بالثراء اللغوي والغنى الفكري، ومثال على ذلك:((يا حزن أنكيدو،ويا رداءه الجريحلا عشبة نلناو لا ضريح) (قصيدة:ذئاب الريح:الأعمال الشعرية:ج2،:31)ونقرأ:(أين بلقيس؟هذا الظلام قبائل باكية، أم غيار؟من سيرفو قميص النهار؟كم يطول بنا الليل.هذه القصائد يابسةوالمدى طلل أسودكم يطول بنا ليلنا أيها الهدهد؟)) (قصيدة: الهدهد: الأعمال الشعرية، ج2،:71)وفي مكان آخر:(( عمّقوا البئرونادوا الذئبمن أقصى النوايا المظلمة……………………ساطع يوسف، كفاهنهار من دم الغزلان:يعلووهم القتلى، يغنيوهم الباكون، ينأىوهم الغافون في الظلمة لا حلم سوى أن يعلفوابالتمر والحناءخيل الغزو..)) (قصيدة: نهار من دم الغزلان: الأعمال الشعرية، ج2،:141)ونقرأ::((كان ثمة غرناطة معشبة/ في حصى الروح،غرناطة في الرصافة،/ غرناطة في الحنينالمؤدي إلى غرناطة../ هبطوا/ فوق /غرناطةمثل/ غيملئيم)) ( قصيدة:أغنية الممالك الضائعة:الأعمال الشعرية، ج2،:98)وهذه أمثلة مختصرة على التعالق النصي في شعر علي جعفر العلاق:فثمة تناص مع قصة الخلق بطريقة مغايرة، وملحمة(كلكامش) التي غطت شهرتها الآفاق، وهي تتحدث عن الخلق الأبدي الذي لا يعرف الموت، قصة(الخلود البابلية) التي أينعت في المسافة الملتهبة بين (الأمل واللأمل) من خلال (عشبة) أو(عشبة ما) أكلت ثلاثة أرباع جهد العلاق الشعري، عشبة لا نعرف لغتها أو طلسمها أو سر ديمومة إقامتها في قصائد العلاق، أكلت أشعار الرجل قلبي(العشبة..العشبة)، وهو لا يتعب، ولا يكل، ولا يمل، من معاقرة مفردة(العشبة) التي استعمرته أجمل استعمار، في الصباح يحدثني عن(العشبة)، وفي الظهيرة يتلو عليّ ما لم يتيسر لديه من هموم (العشبة)، وفي الليل، الليل لا ينام إلّا على أنغام(العشبة)!.العشبة:ياسادة يا كرام، أزعم أنني أكثرمن سواي، أعرف سبب التصاقها وإقامتها في قصائد العلاق، العشبة: هي الأمل الأعظم الذي تقوم عليه الأمم الراقية، ولكن ليست كل عشبة هي ما يقصدها العلاق، الرجل يحثنا ويحرضنا، على اتباع الآمال الحقيقية (لا عشبة الخلود الكاذبة التي خيبت آمال كلكامش وصديقه أنكيدوا)، يقول بلسانه الشعري المسؤول: كفاكم ركضا وراء (عشبة الوهم)، انكم تغرقون في الوديان،وسواكم يسمو فوق هامات الجبال.وفي قصيدة (الهدهد) يشتغل التعالق النصي، مع مرجعية نصية أخرى، متقاربة في المغزى، مختلفة في المرجع، هدهد النبي سليمان الذي غاب عن موعد النبي، وعاد بعذر نبيل، ساعد في دخول مملكة كاملة في دين الله، رب سليمان والناس أجمعين، فاذا كان هدهد سليمان النبي، قد عاد بالبشارة، وبماذا عاد هدهدنا؟((هذا الظلام قبائل باكية،أم غيار؟من سيرفو قميص النهار؟كم يطول بنا الليل.هذه القصائد يابسةوالمدى طلل أسودكم يطول بنا ليلناأيها الهدهد؟))..هذا ماعاد به هدهدنا( ظلام/بكاء/غبار/ليل طويل /مدى اسود)..فأين البشارة يا هدهدنا..بل أين نحن أين؟ وفي قصيدة: نهار من دم الغزلان تعالق نصي واضح مع قصة النبي يوسف، الذي امتهن الصدق حياة والوفاء منهجا، في حين تعاضد اخوته مع الشيطان، لإزالته من قلب أبيهم، (لعل) تخلو لهم محبته، التي ظاهرها هو فيهم بحب يوسف فوق حبهم؟ والشاعر العلاق هنا يربط أخوة يوسف بالجاهلية أكثر من الجهل، وما خيباتهم الكبرى إلا امتداد لخيبات الجاهلية الأولى:((وهم القتلى، يغنيوهم الباكون، ينأىوهم الغافون في الظلمة لا حلم سوى أن يعلفوابالتمر والحناءخيل الغزو..)) أما قصيدة: أغنية الممالك الضائعة: فهي استذكار أجمل واقع (الدولة الاسلامية العظمى في الأندلس) تحول هذا الواقع إلى حلم وسرعان ما ذهب ــ بلمح العمى والبصر ــ مع الريح، وما غرناطة إلّا تأريخنا وجمالنا وانسانيتنا، ووجودنا الباهي، وحضورنا الزاهر بين الأمم، غرناطة الرمز، غرناطة التأريخ، غرناطة الشعراء:((غرناطة في الرصافة،/ غرناطة في الحنينالمؤدي إلى غرناطة../ هبطوا/ فوق غرناطة/ مثل/ غيم/ لئيم)) لا شك أن التناص في القصيدة حاجة لإشباع رغبات النص، وتختلف هذه الرغبات من قصيدة إلى أخرى، وقد تحتاج القصيدة إلى ذاكرة نصية مزجية، تزوّق رتبتها بالتأريخ، أوتلمّع شعريتها بالأسطورة، وغير ذلك من أغراض تزويقية تكتنفها البهارج والمزايدات اللفظية، والتناص ليس مهنة المفردات التائهة، والتي قد تجد لها طريقا أو ملاذا إلى هذه القصيدة أو تلك كيفما تشاء، التعالق النصي في قصائد العلاق، تجربة مسؤولة وعميقة تمتهن الجدية مشروعا وتحلل الوقائع الإنسانية وتطرح البدائل و الحلول الجذرية الناجعة.الإيقاع الداخليلا يقتصرالإيقاع في النص الشعري على العروض، وأعني الوزن والقافية، وانما ثمة موسيقى أخرى، تنبع من أعماق النص من خلال العلاقات التي تربط بين عناصره أو تكويناته الداخلية وينشأ هذا الإيقاع من خصوصية اللغة الشعرية، المشحونة بالدهشة وصور التضاد والمفارقة والتوتر الذي ينبثق من المناخ الدرامي للنص الشعري(20)ولعل القوافي الداخلية والتجمعات الصوتية والنبر، كلها عناصر تتضافر فيما بينها لإنتاج الموسيقى الداخلية:أمن ضوء تفاحة/ بدأ الكون؟/ أم بدأ الكونمن ندم، عاصف/ في الضمير./ فكيف غدا آدم سيدا/ حين اندلعت/ بين كفيه شمسالحصى.؟)) (قصيدة: أيّام آدم: الأعمال الشعرية،ج1،:432)والإيقاع الداخلي هو بنية جوهرية (إذا صح التعبير) للنص – أيِّ نص – وليس خاصاً بقصيدة النثر وحدها، كما يظن بعض النقَّاد. وإذا كان من البديهي، لكي نستطيع أن نصل إلى هذا الجوهر، أن نقرأ أشكاله البنيوية إلا أن هذه القراءة هي مجرد وسيلة، وقد لا تكون مقنعة دائماً. لذلك قد يكون لطبيعة الجنس الأدبي دورٌ رئيسي في تحديد ملامح الإيقاع الداخلي لهذا الجنس.في الواقع يعتمد معظم النقَّاد هذا المستوى للدلالة على الإيقاع الداخلي. وربما هذا ما جعل د. نعيم اليافي يعتبر أن الوزن أساسه الكلمة، بينما الإيقاع أساسه الجملة أو الوحدة. وإذا كان من المسلَّم به أن اعتبار اليافي صحيح، فإن اعتبار هذا المستوى، وحده، بمثابة الإيقاع الداخلي للشعر مطلقاً قد لا يكون دقيقاً لسببين:الأول: اتفاق معظم النقَّاد على أن الإيقاع شيء من طبيعة اللغة عامة؛ فهو خاصية نثرية وشعرية عامة.الثاني: أن هذا المستوى يتضمن مستويين متمايزين أيضاً هما:أ – المستوى الصوتي: كالجناس والتكرارات بشكل عام.ب- المستوى الدلالي: كالطباق والتقديم والتأخير النحوي وما إلى ذلك2 (21) وهذا، على ما أعتقد، كافٍ لرفض مقولة البلاغيين التقليدية التي تعتبر أن الإيقاع الداخلي هو الموسيقى المهموسة، أو المعتمدة على التجانس بين الحروف في الكلمة، أو الانسجام بين الكلمات في الجملة – ليس لأن ما توقَّف عنده النقاد القدامى من عيوب يروق لي الآن، وإنما لأن التنافر، في حدِّ ذاته، صار خاصية إيقاعية قد تكون جميلة إذا ما كانت تلبِّي ضرورة شعرية، كما هي الحال في الكثير من إبداعات الشعر الحديث:((حينما/ شاع في الريح/ عطر رجولته؟حينما جاءت امرأة/ جعلت من يديهإلهين/ ثم استحالت بسحرهماامرأة/ من لظى/ وحرير)) (قصيدة: أيام آدم)إن صلة الشعر بالموسيقى صلة مصيرية غير قابلة للفصل مطلقا، وتطورت هذه الصلة بتطور الفن الشعري المنظوم محكوما بهندسة موسيقية منتظمة لا تقبل الخلل وهي محاولة لاستثمار ((إيقاع الجملة وعلائق الأصوات والمعاني والصور، وطاقة الكلام الإيحائية والذيول التي تجرها الإيحاءات وراءها من الأصداء المتلونة والمتعددة)) (22) وهي بذلك ((تعتمد إيقاعا جديدا يستمد أغلب مقوماته من نظام الحركة وطرائق تفاعل العلاقة الداخلية التي تؤسس مجتمعة بنية النص ذاته، لكن هذا الإيقاع الجديد لا ينفي القديم أو يلغيه بشكل نهائي صارم))(23)تعتمد قصيدة (أيام آدم) على تركيز الإيقاع في بؤر صوتية معينة، والإفادة من النشاط الصوتي المتميز لكل تجمع صوتي من هذه التجمعات، فصوت (السين) بترديده العالي، وإثارته اللافتة، وضغطه الإيقاعي الواضح، يتكرر على نحو مثير للانتباه، ويمكن حشده خطيا بالشكل الأفقي الآتي:(سيدا/ استحالت/ السرير/ جلست/ سيدة/ ليس/ للسرير/ جرسا/ أساها/ أمسية/ حسد/ سقط/ سماء) فضلا عن صوت(الشين) الذي يقاربه ويعاضده ويعمّق حسّه الإيقاعي:(شمس / شاع/ اشعلت/ أتشظى/ شهوته/ شهرزاد/ شب/ الشجر/ الشبكة/ تشتهي/ تتشابه/ انتشرت/ أشيء؟/ نشوته/ يشحذ/ شهريار/شهوته/ لوحشته/ نشوته/ انتشرت)وكذلك صوت (الراء) المتضامن معهما في علو هذه الأصوات التي تحيل القصيدة على أجوائها الموضوعية:( ضمير/ رجولته/ امرأة/ حرير/ رماد/ زهر/بردا/ تكررها / الريح/ الثمار/ الرماد/ تكرر/ براريه/ تكررها )كما يمكن متابعة أصوات أخرى على هذا الصعيد شكلت بؤرا استجابت لإيقاع الفكرة التي نهضت عليها القصيدة، كما توافقت مع إيقاع السرد الذاتي الذي قاده الراوي الشعري.إن إيقاع السرد بالاعتماد على المعطيات السابقة، ضاعف من طاقته الإبداعية الإيقاعية، بتفعيل عناصر السرد المختلفة كالمكان والزمن والشخصية، وارتفع إيقاع الحكي إلى مستوى تسريع عمل الأفعال، وزيادة معدلاتها الصوتية، مثل(شاع/جعلت/اندلعت/استحالت..) من أجل إشاعة مزيد من البؤر الصوتية التي تتيح فرصة للمتلقي/القارئ، أن ينوّع في اساليب تلقيه القرائي للمجرى اللغوي الذي تسير فيه القصيدة.الهوامش والمصادر والمراجعالأعمال الشعرية، علي جعفر العلاّق، دار فضاءات،ج1 ــ ج2، الطبعة الأولى، عمّان،الأردن،20141.سعيد يقطين، مقدمة كتاب (عتبات) لعبد الحق بلعابد، منشورات الاختلاف، الجزائر، 2008، :14 2.مدخل إلى عتبات النص، عبد الرزاق بلال، أفريقيا للنشر،المغرب، 2006،:21 3.قصيدة السيرة الذاتية وإستراتيجية القراءة في الشعر الفلسطيني المعاصر، د.خليل شكري هياس، ب.ت، :48 4.السيموطيقا والعنونة، جميل حمداوي، مجلة عالم الفكر، الكويت، مجلد(25)، العدد(3)، 1977، :100 5.نحو شعرية منفتحة، جيرار جينت، :1106.في نظرية العنوان،د.خالد حسين حسين،مغامرة تاويلية في شؤون العتبة النصية،التكوين للتأليف والنشر،دمشق،سورية،2007،:15 ــ167.في معرفة النص،د.يمنى العيد، دار الآفاق الجديدة،بيروت،1983،:105،وانظر: ، أزمة القصيدة،د.عبد العزيز المقالح، دار الآداب ،بيروت ،1985،:858. النقد والحداثة،عبد السلام المسدي،دار الطليعة للطباعة،ط1،بيروت،1983،:579.قضايا الشعرية،جاكبسون،ت:محمد الولي وزميله،دار توبقال،المغرب،1988،:7710..شعر ادونيس:7311. ثنائيات المعجم الشعري في (عندما اشتبك الضوء بالياقوت)،كمال عبد الرحمن ،جريدة الزمان،ع(1562)،لسنة 2003لندن،:912.شعر أدونيس، البنية والدلالة، راوية يحياوي، منشورات اتحاد الكتاب العرب،سلسلة دراسات(1)،2008،:7313.تحليل الخطاب الشعري،محمد مفتاح، دار التنوير للطباعة والنشر،بيروتـ المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء،ط1،ــ 1985،:5814..خليل حاوي،دراسة في معجمه الشعري،خالد سليمان،مجلة فصول،العدد1،2،ماي1989،:4815.شعر ادونيس،راوية:17916.في أصول الخطاب النقدي الجديد،تزتيفان تودوروف وآخرون،ترجمة وتقديم:احمد المديني،دار الشؤون الثقافية،ط1،بغداد،1987،:98 17.الخطيئة والتكفير،عبد الله محمد الغذامي،النادي الادبي والثقافي:1318.لذة النص او مغامرة الكتابة عند بارت،عمر اوغان،دار افريقيا للنشر المغرب،1991،:2919.درس السيمولوجيا، رولان بارت، ت: ع. بن عبد العالي، تقديم: عبد الفتاح كليطو، سلسلة المعرفة الأدبية، دار توبقال، الدار البيضاء، المغرب، ط1، 1986، :95 20.في حداثة النص الشعري، د.علي جعفر العلاق،دار الشؤون الثقافية، بغداد، ط1، 1990، :12021. الشعر العربي الحديث، نعيم اليافي، (وزارة الثقافة، دمشق 1981)). ،:6522. مقدمة للشعر العربي، أدونيس،دار العودة، ط5، بيروت، 1979،:11623.في بنية الشعر العربي المعاصر, د. محمد لطفي اليوسفي، دار سراس للنشر، تونس، 1985.،:142
كمال عبد الرحمن