كان مييرز يسافر عبر فرنسا في عربة قطار من الدرجة الأولى في طريقه كي يزور ابنه الذي يدرس في ستراسبورغ. لم يكن قد شاهد الفتى لمدة ثمانية أعوام. ولم تحدث مكالمات هاتفية بين الاثنين في ذلك الوقت، ولم يتبادلا بطاقة...
منذ الصباح الباكر كان خبر عودة فاطمة هاربة من بيت خلف قد انتشر في أرجاء القرية ، لكن ذلك لم يكن يعني شيئا مقابل عودتها التي تؤكدها أم فاطمة لمن يسألنها ، جهزت الأم زاداً خفيفا لهما من البُر والسمن...
1) النص المفقود المسافران الجالسان في المقهى في حي تاميل، المقهى المفتوح على المطر والأشجار والعصافير والشارع، في البدء فتح المسافر الذي أعطى ظهره للجالسين خلفه وللشارع حاسوبه المحمول، وبدأ ينقل إلى صفحته الفيسبوكية ـ من كتاب يحمل في غلافه ...
يحدق في جدران الغرفة – التي تحولت في نظره إلى حدود جغرافية فاصلة. يرمش ببطء ثم يعاود التحديق ثانية في ذات الجدران. هي في الحقيقة ليست جدرانا، يتخيلها حواجز شفافة صنعتها كتب الأديان. يشعر بالسخط. ينهض ويبدأ في استعراض الغرفة...
(1) عالم صغير في غرفة بلا شك، من الصعب أنْ تحكم على الشخص من مظهره. هي بريطانية من أصل صيني. في الوهلة الأولى لم أجد فيها شيئًا ملفتا للانتباه. وذات يوم تحدثتُ معها بسبب نغمة هاتف كانت تنبعث من غرفتها....
سأكتب رسالة إلى فانيا، لا بد من ذلك. سأقول لها إنني ما زلت أتنفس، وإن من حولي ما زالوا كذلك أيضاً. فلعلها اعتقدت بأنني قد قضيت مع صاروخ غادرٍ صفع المخيم أو الحي الذي نقطنه، وبأننا الآن تحت الركام. سأضحك،...
عندما أنجبت (حفصة) ولداً صحيحاً سليماً تذكرت أن تفي بنذرها القديم الذي بسطته بحرقة وهوان عند آخر قبر من قبور الأجنة التي حدث أن طمرت نفسها في جدار الرحم ، وانغرست وعششت ومدت أصابع إسفنجية منمنمة ، تؤرجح الأغشية وتدغدغ...
كان «الميجر» معروفاً لأهل البادية معرفتهم بضباع الجبال المحيط بالسهل الذي يقطنونه، فقد كان صراعهم مع الضباع التي تهجم على أبنائهم وأغنامهم يكاد يكون كلّ ليلة، ولكثرة ما فقد من أولاد و أغنام وحمير، باتوا يعرفون هوية كلّ ضبع، فمنها...
كان يحمل آلته الكاتبة إلى الغابة أيام كان يقيم في مأوى اللاجئين في ضاحية فونتانبلو الباريسية ويكتب ذلك السيناريو الأبدي الذي ظل يعتمل في دماغه. يختمر سنوات طويلة. لقد رافقه منذ طفولته في الحبانية العراقية تلك الطفولة وتلك المدينة اللتين...
اقترب العيد فتذكرت السفر الحر .. أجمل ما كان من هواياتي وأجلّ ما تبقى من غواياتي . فطول المقام حبس ولو في النعيم . والغياب عن المكان المألوف حضور في أماكن جديدة يمنح الحياة معاني خفيفة منعشة . ولا سر...
لا ترسمني، ولا تحددّني بكلماتٍ بشريّةٍ سائحةٍ بدلالاتها، ولا تقدّمني امرأةً من لحمٍ ودَم، فأنا روحٌ تّتسع وتنبض. تَدْفق سابحةً وتتكوّر ضوءاً في عتماتٍ ثلاث، وتخرجُ شجرةً من شغفٍ وأحلام، وتمضي، لتعودَ إلى رَحْمٍ ورديّ آخر، لأكون شاهدةً على ما...
أتذكّرُ رجلا شابّا – رجلا لا يزال شابّا – صدّه الموتُ عن الموت – و ربما خطأ الحيف. نجحت قوّات الحلف في تثبيت أقدامها على التّراب الفرنسيّ، بينما كانت القوّات الألمانيّة المهزومة تقاتل عبثاً بشراسة غير مجدية. في منزل كبير...
17 يونيو 2014: ما الذي تتوقع أن تقرأه في مجلة أعدت لتزجية الوقت في الطائرة؟ ربما بعض الأخبار الخفيفة؟ بعض التقارير عن المدن الجميلة في العالم؟ دعايات للسوق الحرة؟ مجلة الخطوط الجوية الكورية لديها فكرة أخرى: ملف متكامل من عدة...
تقديم: يمكن النظر إلى هذا النص الذي نقدم ترجمته العربية باعتباره تمثيلا للبعد الآخر للكاتب الفرنسي الشهير كي دي موباسان، الذي يهم على وجه التخصيص اشتغاله مراسلا صحفيا لجريدة لوكولوا الباريسية Le Gaulois . في هذا السياق المتميز، تأتي رحلته...
«ربما لا يقصدني!… ربما هو غارقٌ في التفكير بشيء ما!…». طمأنتُ نفسي، وأنا أحاول مرة أخرى أن أتجاهل نظراته التي أصبحت تزعجني بحق. كان يوماً خريفياً بارداً؛ لكنه كان مشمساً لحظة وصول الباص إلى محطة الانتظار. كان الباص قد...
اليس مونرو روائية كندية تكتب باللغة الإنجليزية. وصفت أعمالها بأنها صنعت ثورة في بناء القصة القصيرة خاصة من حيث قدرتها على التحرك في الزمن إلى الأمام وإلى الخلف. ولدت اليس مونرو في العاشر من شهر يوليو سنة 1931 في وينجهام،...
أيتها اليمامة التي على السطح لماذا أنت طير؟ *** وحين عاد السلام قالت الحمامة: فلتغربوا عن وجهي سأعود طيراً… مالك حداد الحمامة الصباحية التي أدهشتني لم تكن هي حمامة النبي نوح التي أرسلها لترى الأرض والجفاف، ورجعت له بغصن الشجرة؛...
عاش في مدينة مونمارتر، في الطابق الثالث من البناية رقم 75 مكرر الكائنة بشارع دورشان رجل محترم يدعى دوتيلول، وقد أوتي ذلك الرجل موهبة فريدة تتمثل في المرور عبر الجدران بكل سهولة ويسر. كان ذا نظارة أنفية بلا ذراعين، ولحية...
Z احمرار « المدينة.. المدينة…» يبدو اللفظ زلقاً وهو يخرج من بين الشفتين الممتلئتين باحمرار قان. « المدينة غارقة في سواد… » تنـزلق الكلمات مجدداً.. تهتم أكثر بالمساحة الأرجوانية التي تتحرك مع خروج الكلمات. أكثر من لوحة شعرية تدفعك...
وأنتَ مشغولٌ في عالمِك الذي ينمو، مقتطعاً من رقعتنا كلَّ يوم مساحةً جديدةً، يرافقُني طيفُك بعناد، حتى وأنا أبدِّدُ سأَمَ انتظارِ دوري بالعبثِ بهاتفي، متجوّلةً بين مواقع الأخبار. أنا محاصرةٌ بكَ بطريقةٍ مقلقةٍ! في الغبار والصحو، مع وجبة الإفطار...