عصام الجودر
يُعتبر العمل الإبداعي عملية مُعقدّة إلى الدرجة التي يَصعُب احتواؤها نظريًا في إطار واحد يَتفق مع تجارب وخبرات المُبدعين المتنوعين والمتباعدين فنيًا وثقافيًا وعلميًا وزمنيًا وجغرافيًا. وعملية الإبداع تَمُر عادةً عَبرَ مراحل أربع وهي مرحلة التحضير preparation ومرحلة الحضانة incubation ومرحلة الإشراق illumination ثُمَّ أخيرًا مرحلة التنفيذ execution1، حسبما اقترحها والاس وماركسبيري Wallas & Marksberry2، وهي عِبارة عن سلسلة متصلة ومتواصلة من النشاط الذهني يَستَقبِل فيها الإنسان الفنان أو المبدع أفكارًا ومعارف وخبرات وتجارب خلال مدة زمنية -تتفاوت في الطول بين إنسان وآخر- لتختلط وينتج عنها عملٌ متميزٌ ذو شخصية معينة ترتبط بحجم ثقافة المُبدع وعِلمِه وذَوقِه.
ولا يختلف التأليف الموسيقي كثيرًا في خضوعه لمراحل الإبداع نفسها والتي تتدرج فيها الأفكار وتتبلور حتى تنضج لتلِد عَمَلًا موسيقيًا ربما يَقبَلَهُ البعض أو يَصِد عنهُ الآخر. إلاّ أنَّه من الأهمية بمكان التأكيد على أنَّ الفنان مؤلِفًا موسيقيًا كان أو عازِفًا أو مُغنيًا أو قائدًا، عادةً ما يمُر بهذه المراحل، والتي تستغرق من الزمن الكثير للتعلم والعمل والممارسة والمثابرة ليتمخض عن هذه الجهود العديد من التجارب التي تقوده للإبداع، حيثُ لا يُمكن تحقيق المراحل الأربع كما اقترحها والاس وماركسبيري إلّا للإنسان الذي يحظى بمستوى مُناسب من العلم والموهبة والخبرة.
الموهبة والعلم
لا غنى لأحدهما عن الآخر
إن تجربة سيد درويش3 “فنان الشعب” -كما يُطلَق عليه- جديرة بالتأمل والتقدير، فهو المولود في أواخر القرن التاسع عشر ولم يَلحَق إلاّ على عقدين فقط من القرن العشرين، وبرغم عُمره القصير فقد كان غزيرَ الإنتاج، ولم يكبح غياب المعاهد الموسيقية في حياته رغبته وحماسه للتعلم الموسيقي الأكاديمي، وما يَدُل على ذلك أنَّه كان يُدَوِن ألحانَه بنفسه، ولم يَكتَفِ بما لديه من محصولهِ العلمي في مجال الموسيقى بل سعى للاستزادة، فسافر إلى الشام -في زَمَنٍ كان السفرُ فيه محفوفًا بالمغامرة والمخاطر والتعب والتكلفة المادية- وتَعَلَّمَ من فنانيها الكثير، ومن أَبرَزِهم عثمان الموصلي “ما أتاح له بعد ذلك أن يتمتع بخبرة واسِعة بأسرار الموسيقى الشرقية من عربية وفارسية وتركية. وربما تعدى ذلك إلى ألوان شرقية..”4، “وكانت تعوضه دراساته الخاصة من القوة ما كان يمكن أن تتجه له دراسات المعاهد”5. كُل ذلك من أجل أن يتأهل لإبداع أعمال موسيقية أو غنائية خلّدَها التاريخ، وهو ما يعكس تواضع سيد درويش أمام فن الموسيقى والغناء، وعدم استسهاله لدخول مضمار هذا المجال، ما يعكس عدم رهانه على موهبته الفذة وحدها، بل أراد أن يَصقلها ويُطوِرها بالدراسة الأكاديمية، ومن أبرز مظاهر شغفه لتعلم الموسيقى عندما تملكه حلم بعبور البحر ومشقته للوصول إلى إيطاليا لتعلم فن الأوبرا.
في أحد اللقاءات الإذاعية مع الفنان محمد عبدالوهاب6 وهو صاحب مكانة مرموقة في تراث الأغنية العربية، أشار إلى مدى أهمية أن يكون المُشتَغِل في مجال التلحين دارسًا للموسيقى ومتمكِنًا منها، بما يُتيح للفنان بأن يُدَوِن ألحانه ويوزعُها بنفسه. وكأنَّه -في هذا اللقاء الإذاعي- يتحسر على عدم تَمَكُنِهِ من الدراسة الموسيقية الأكاديمية بالشكل الكافي الذي حَلُمَ بهِ7، وبرغم محاولته لتعلم الموسيقى أكاديميًا إلاّ أَنَّهُ انتَقَدَ طريقة التعليم الموسيقية حين كان طالبًا8، واعتبرها غير كافية ولا تُلَبي طموح الموسيقي التوّاق لصقل موهبته. وهذه شهادة أُخرى من فنان متميز يُقدِّر الفن ولا يَعتَبِر دُخولَهُ تَرَفًا.
الموسيقي الشبح
إلاّ أنَّ هناك من يميل في مجال الموسيقى إلى حَرق المراحل واختصار الزمن عبر اللجوء إلى كفاءات مُحتَرِفَة تُكمِل النواقص سواء في الموهبة أوالمعرفة العلمية والأكاديمية أو المعرفة الذاتية التي تتشَكَل من خلال الممارسة والخبرة، بما ينعكس -بطبيعة الحال- على العمل الموسيقي بشكل كبير وصريح وواضح. إنَّ هذه الكفاءة التي يلجأ إليها المُشتغل في الفن الموسيقي -قليل الحيلة- سنُطلِق عليها المؤلف الموسيقي الشبح Ghostwriter9، الذي يَعمَل في الخفاء مُقابل أجر دونَ أن يحصل على حَقِّهِ الأدبي.
قام المؤلف الموسيقي الشبح خلال النصف الثاني من القرن العشرين في مصر -على سبيل المثال- من خلال أسماء مثل أندريا رايدر10 أو علي إسماعيل11 بتوزيع أغانٍ كثيرة لعددٍ من أهم الملحنين دون أن تَتم الإشارة إليهم، “ويكاد يُجزِم كثير من الموسيقيين أن رايدر هو موزع أغانٍ كُثر لعبدالوهاب وإن لم ينّوه عن ذلك صراحةً مثل أغاني فيلم “أيام وليالي” وخاصة “أنا لك على طول” … وبالرغم من عدم ذكر اسم أندريا رايدر كموزع في تتر الفيلم وهو ما يرجح غالبًا أن في هذه الفترة عام 1955، وهو تاريخ عرض الفيلم، لم يكن معتادًا ذكر اسم المُوَزِع وخصوصًا عند محمد عبدالوهاب، الأمر الذي حدث أيضًا مع أغاني فيلم “بنات اليوم” عام 1957. وقد بدأ عبدالوهاب يذكر اسم أندريا رايدر كموزع موسيقي في فيلم “حسن ونعيمة” عام 1959 الذي ذُكَرَ فيه أن عبدالوهاب هو مؤلف الموسيقى التصويرية ورايدر موزعها12.
أمَّا بالنسبة لمنطقة الخليج عمومًا والبحرين خصوصًا، ففي الربع الأخير من القرن العشرين استعان كثير من الملحنين الفطريين13 والمطربين بموزعين من مصر مثل حمادة النادي وميشيل المصري وطارق عاكف ويحيى الموجي وأمير عبدالمجيد وغيرهم كثيرين. وتتركز مهمة المُوَزِع -في العادة- على تدوين الألحان بما يَسمَح للعازفين أداء اللحن بطريقة صحيحة ودقيقة ضمن فرقة موسيقية تقليدية، وإزاحة بعض من العيوب أو الفراغات التي قد تطرأ في بنية المُنتَج اللحني الذي يُقدِّمَهُ بعض الملحنين الهواة14، تفاديًا لأي ضعف قد يظهر في العمل الغنائي. ولم يَقِف التوزيع عندَ هذه المهام فحسب، بل تطور الأمر إلى تحديد الصولوهات15، ووضع هارمونيات16 بسيطة بحسب خبرة وذوق وعِلم المُوَزِع لِإضافة نكهة للأغنية أو لتزيينها -إن صح التعبير-. واللافت أنه ونظرًا لمحدودية الخبرة الموسيقية لبعض الملحنين فإنهم يخضعون لِكُل المقترحات التي يُقدِمُها “المُوَزِع”17 دون أي اعتراض، إلاّ في حالات نادرة ترجع إلى خبرة الملحن ومكانته الفنية.
تَختَلِف الأسباب التي تدفع ببعض المشتغلين في مجال الأغنية -خصوصًا- إلى الاستعانة بموزعين موسيقيين لأغانيهم، فهي أحيانًا تكون بسبب نقص أو ضمور في الموهبة لدى الملحن الهاوي، وفي حالات أُخرى يرجع السبب إلى نقص التعليم الموسيقي الكافي لدى الملحن الموهوب، ما يدفعه للتعاون مع موسيقي مُحتَرِف يُدَوِّن عَمَلَهُ ويُوزِعَهُ ثُمَّ يُنفِّذه.
تناسل صور الموسيقي الشبح.. موزع أغانٍ، موزع موسيقي، قائد، مُقتبس ألحان…
كما نجد أن هناك الكثير من المُشتغلين في مجال الموسيقى -الذي يُلَحِن الموسيقى وليس الأغاني18- التي قد لا تَسمَح لهم أولوياتهم بالتفرغ لممارسة مهنتهم بالشكل اللازم لتقديم أعمالٍ موسيقية، تُشَكِل جزءًا من الذاكرة الفنية والثقافية للوطن، يلجؤون إلى الموسيقي الشَبَح على اعتبار أن ذلك هو الطريق الأيسر والأسرع. إذ أنَّ شغفهم الكبير لدخول هذا المضمار لم يُقابِلهُ تقديم التضحيات الضرورية وعمل الاعتبار اللازم لهذا الفن، وعندها يميل هؤلاء إلى القفز إلى الأمام لدخول تَرَف التلحين من خلال خيار اللجوء إلى المؤلِف الشبح الذي سيُدَوِن موسيقيًا أفكارًا لحنية بسيطة من الممكن أن يُدَندِنَها أي هاوٍ، ولا داعيَ هنا لأي قَلق فإن الموسيقي المحترف -المؤلف الشبح- سيكونُ لكَ حلًّا، وسيُصَحِّح ما يُصاحِب اللحن البسيط من الخَربَشات أو الأفكار غير المتناسقة بما يتسق مع الميزان الموسيقي وأيضًا السلَّم الموسيقي، ثم سيقوم بإثراء العمل من خلال وضع الهارمونيات على هذا اللحن المفرد single melodic line، ويُوَزِّعُها لأوركسترا غربي. بعدها سيتم تدريب العازفين على أداء العمل الذِي عادةً ما يستطيع طُلاب المعاهد الموسيقية أداءه، بمعنى أنهُ لا يحتاج لأوركسترا عريق ومحترف، وفي بعض الحالات يتم عمل البروفات اللازمة من قِبل قائد شبح، ليستلم الموسيقي الذي كَتَب اللحن المُفرد عصا القيادة للتظاهر بقيادة الأوركسترا الذي عادةً ما يكون جاهزًا ولا يحتاج لأحد أن يقودّه. وتُعتبر هذه الحالة مسألة غريبة وجديدة ولا أظُن أنها حميدة، ظهرت مؤخرًا على الساحة في مجال الموسيقى المجردة يتم فيها توزيع موسيقى وليس توزيع أغنية، ثُم التظاهر بالقدرة على القيادة.
إنها مَلهاة كوميدية تُشَجِّع الجميع على التأليف والقيادة خاصةً أنه لا يزال الكثير من الناس من يَظُن أن قائد الأوركسترا تزيد عبقريته عن الموسيقيين الباقين، وهو أكثر الحاضرين على خشبة المسرح أهمية وموهبة.
البدايات المُبكرة للاستعانة بالشبح
ربما بدأت ظاهرة لجوء الملحن إلى موزع لتوزيع لحنه كمقطوعة موسيقية وليس غنائية مع الفنان محمد عبدالوهاب “ففي عام 1965 كتب عبدالوهاب مقطوعة موسيقية طويلة سماها “هدية إلى مصر” وكان قد ألفها بمناسبة الاحتفال بالعيد الثالث عشر لثورة 23 يوليو. ألف عبدالوهاب اللحن الأساسي منه (الميلودي) وقام بكتابة التوزيع للأوركسترا الموسيقي الأجنبي المتحضر أندريا رايدر”19. “عبدالوهاب كان ملحنًا استثنائيًا ولا شك، إلا أنه لم يتلق تعليمًا أكاديميًا يتيح له توزيع أغنياته، فهو مثل أغلب الملحنين، كان وراء إبداعهم موزعون نادرًا ما تُذكر أسماؤهم. والكل يعلم أن عددًا كبيرًا من قائدى الفرق الموسيقية هم الذين يتولون الآن توزيع موسيقى كبار الملحنين، ولم نتعود أن نذكر اسم موزع الأغنية إلا فقط وعلى استحياء”20.
ومن أهم التجارب التي تعكس ضبابية التعاون بين الملحن والموزع هي “قضية النشيد الوطني محاطة بالطبع بكثير من المحاذير، المؤكد أن عبدالوهاب لم يقم بالتوزيع، هذه الحقيقة يعرفها كل المعاصرين، مثلما لم يوزع كمال الطويل21 نشيدنا الوطني السابق “والله زمان يا سلاحي” الذي لحنه وغنته أم كلثوم بتوزيع أندريا رايدر، أما الذي تولى مسؤولية “بلادى بلادي” فإنه عازف الأكورديون والموزع الموسيقي والملحن مختار السيد22 الذى رحل قبل 25 عامًا، لو أعاد التليفزيون تسجيل استقبال عبدالوهاب وفرقة الموسيقى العسكرية الرئيس أنور السادات فى مطار القاهرة سوف نلاحظ وجود مختار السيد على أرض المطار خلف محمد عبدالوهاب، مختار كان فى بداية مشواره واحدا من أفراد فرقة موسيقى الجيش، ومع بداية ذيوع النشيد وانتشاره، نجح أحدهم فى إثارة نهم مختار السيد، على أساس أن الأداء العلني الذي يعني حصول الملحن على مقابل مادي مع كل ترديد للنشيد سيجعله مليونيرا، لأن هناك إضافة لجمل موسيقية للنشيد تحيله إلى مشارك فى التلحين وليس فقط موزعا له، فتقدم فعلا مختار بشكوى لجمعية المؤلفين والملحنين بهذا الشأن مطالبا بمناصفة الأداء العلني مع سيد درويش، وتم احتواء الموقف سريعا وتمكنوا من ترضيته، فسحب شكواه، وارتضى أن يتوارى تماما عن (الكادر) الذى لا يزال يشغله بمفرده الموسيقار اللواء محمد عبدالوهاب!”23، هذه بعض من تجارب كثيرة كان هناك فيها موسيقي شبح يعمل في الخفاء أو الظل.
تجارب رائدة تستغني عن الشبح
على المستوى المحلي -منطقة الخليج- لم يَستفِد كثير من هؤلاء الموسيقيين أو المُلحنين الطُفيليين24 من روَّاد تسجيل الأعمال الغنائية في البحرين الذين اعتمدوا على خبراتهم الذاتية دون الاستعانة بموسيقي شبح سواء أكان لتدوين ألحانهم أو لتوزيعها، ولا في عَزمِهم وصَبرِهم حين تحمَّلوا عبء السفر إلى العراق أو سوريا لتسجيل ألحانهم من الأصوات25 لقاء أجرٍ محدود لا يليق بفنانين رواد مثل محمد زويد ومحمد بن فارس وضاحي بن وليد26، ولكن وَلَعِهم بالموسيقى كان الدافع الكافي للسفر للتسجيل خاصة مع عدم توفر أستوديوهات لتسجيل الموسيقى في البحرين أو منطقة الخليج بصفة عامة.
تمت عملية تسجيل أغاني هؤلاء الرواد دون الاستعانة بأي موزع موسيقي، لتخرج هذه الأعمال أكثر صدقًا من بعض من الأغاني التي تعتمد على التوزيع. ومن الجدير ذكره أن هناك تجربة كادت تكون هجينة عندما حاول محمد بن فارس الاستفادة من وجود عازف الكمان المعروف سامي الشوّا27، بإشراكه في تسجيل أحد الأصوات ولم تنجح التجربة، لاختلاف المرجعية والثقافة الموسيقية لدى الطرفين، كما يَحصل في بعض حالات توزيع الأغاني خاصةً في حال كون المُوَزِع من بيئة مُختلفة كأن يكون الملحن من الخليج و المُوَزِع من مصر، أما تجربة إضافة القانون في صوت “دمعي جرى بالخدود” التي لَم يَكن مُخطَّطًا لها، فقد جاءت لِتَوافر الفرصة أثناء رحلة التسجيل وعليه تَمَّ أخذ قرار إدخال القانون، فكانت إضافة ناجحة لم تُخِل بخصوصية وطابع فن الصوت.
ونؤكد على كلمة (بعض) إذ إنَّ هناك أعمالًا غنائية تم توزيعها موسيقيًا بنجاح برغم اختلاف البلدَين للملحن و المُوَزِع، حيثُ أضاف المُوَزِع من خبرته وروحه إلى العمل دون أن يُضعِف التجربة الأصل أو يُغَرِّبَها. ورغم نجاح كثير من تجارب التوزيع إبداعيًا وعلميًا28 تَنَكَّرَ كثير من الملحنين لدَور المُوَزِع عبر إخفاء أو إغفال أسمائهم من مطبوعات الكاسيت آنذاك. وهو هنا يُعتَبَر جانبًا آخر لم تَستفِد منهُ الأجيال اللاحقة للرواد بما اتسمت بِهِ أخلاقياتهم من تقدير واحترام لجهد كُل من ساهم في إخراج الأغنية من خلال حفظ حقوقهم الأدبية، فقد جَرَت العادة بالنسبة لكُتّاب أو شعراء الأغاني أن يلتَزِم المغني في غنائِه -سواء أكانت البداية بمقام أو مباشرة بالصوت-29، بِذِكر اسم مؤلف كلمات الأغنية، وبالرغم من أن أسماء الشعراء كانت مُدَوَنة في الأصل في بداية القصيدة من قِبَل الكُتّاب أنفسهم ضمن محاولاتهم لِحِفظ حقوقهم الأدبية، إلاّ أنَّ المُغنين لم يتجاهلوها أو يلغوها، بل بادروا بإدخالها في أدائهم للأغنية وكأن اسم الكاتب جزءٌ من القصيدة، فمثلًا تبدأ الأغنية بـ “يحيى عُمر قال” أي أن القصيدة من تأليف يحيى عُمر أو هو الذي قالها، وأحيانًا “يقول بو معجب” و”قال الفتى ناصر” و”قال الهاشمي” أو “الواحدي قال”… إلخ. ولا يقتصر حفظ الحقوق الأدبية على كُتّاب النصوص فقط، بل أيضًا العازفين خاصة في لحظات ارتجالاتهم وانسجامهم التي تَتَجلى بسبب خِبرَتِهم وموهبتهم وطول ممارستهم للآلة، فنحن نَلحَظ في بعض الأصوات كيف يَتم حفظ الحقوق الأدبية لهؤلاء العازفين احترامًا لهم وتقديرًا لمكانتهم أيضًا، بطريقة تختلف عن ذكر أسماء مؤلفي النصوص، فبالنسبة للعازفين يُشار إليهم خلال الغناء بكلمة “عاش”، فمثلًا يُقال “عاش صالح الكويتي”30 تقديرًا لتميزه في العزف في لحظات تجلٍ حماسية معينة داخل الأغنية وخاصةً في القسم الختامي لفن الصوت أي ما بعد التوشيحة حَيثُ عادةً ما تُخصَّص مساحة للارتجال على الآلات الموسيقية إمّا على العود أو الكمان أو القانون وفي أحيانٍ أخرى أحد عازفي المرواس31 عندما يبرع في ارتجالاتِهِ الإيقاعية. لم يكن هذا التقليد من قِبل الفنانين الأوائل مُقتصرًا على فن الصوت بل على مختلف تسجيلاتهم الغنائية.
عازفو الصولو في طي النسيان
إن تغييب أسماء عازفي الصولوهات ظلّ مُدَة طويلة عُرفًا سلبيًا مُتَّبَعًا وَرَثهُ اللاحقون عن السابقين وتبنوه، فهناك الكثير من التسجيلات التي يَبرَع فيها عازف الصولو خصوصًا عندما يقوم بالارتجال والتحوير على اللحن الأصل، دون أن نتعرف على العازف المُبدع، وهو ما يُعتَبَر إهدارًا للحقوق الأدبية، ويُصبح عازف الصولو وكأنه موسيقي شبح يعمل في الظل أو الخفاء، وبرغم إبداعه وإضافته للعمل وإغنائه له يُغَيَّب اسمه، فمثلًا هناك أغنية “حلو وكداب” لعبدالحليم حافظ، كلمات مأمون الشناوي ولحن محمود الشريف، من فيلم “موعد غرام”، حيثُ تتضمن الأغنية صولو كمان لا يتسنى لنا معرفة اسم العازف. وفنان مثل عازف الكمان الراحل محمود الجرشة الذي تميز بصولوهاته الخارجة عن المألوف والتي كثيرًا ما تُغني المقدمات أو الفواصل الموسيقية في الأغاني، وبرغم الاستعانة به من قِبَل ملحنين من البحرين والخليج، إلّا أنهم دائمًا ما يبخلون بذكر اسمه كفنان أضاف للعمل من روحه. أما في حالات العزف ضمن فرقة موسيقية على المسرح فلا شكَّ أن المهمة ستكون أسهل في معرفة عازفي الصولو عند عزفهم لآلات فردية كمحمود الحفني على الكمان، وعُمَر خورشيد على الجيتار، أو هاني مهنى ومجدي الحسيني على الأورج، أو سمير سرور على الساكسفون، أو محمد عبده صالح و أحمد فؤاد حسن على القانون، أو عازف الأكورديون فاروق سلامة وغيرهم كثيرين. أما في حالة التسجيل فكما ذكرنا فإن تغييب المُبدعين هو الحاضر.
الأمر الأمَرَّ هو أنه جرت العادة في وسائل الإعلام على تغييب أسماء الشعراء والملحنين ونَسب الأغنية إلى المُغني، كأن نقول أغاني أم كلثوم أو أغاني فيروز أو أغاني عبدالحليم حافظ. وهنا تتداخل أسباب تغييب أسماء المُبدعين، فأحيانًا تكون عن قَصد، وأُخرى كعُرف درج عليه الفنانون والإعلاميون، أو ربما جهلًا منهم -الإعلاميون في مُختلف الوسائل- وتجنُبًا لجهد البحث.
إن عملية تكليف أي فنان لأداء دور مُعين لتنفيذ أغنية سواء أكان كاتب كلمات أو موزعًا أو عازفًا أو مهندس صوت أو غيره، يتطلب الوفاء بحق هذا الفنان المُشارك في العمل، ولا يقتصر الحقُ هنا على المكافأة المادية بل أيضًا على الحق الأدبي، فطالما “يقوم الاتجاه الغالب في الفقه على أن حق المؤلف ليس حقًّا واحدًا، وإنما ينقسم إلى حقين أحدهما مالي، والثاني أدبي”32. وقد تحقّق بعض من هذه المُتطلبات خلال ما يقارب العقدين الماضيين عندما أصبَحَ من العُرف الإشارة إلى المُوَزِع بل وأيضًا مهندس الصوت، وإن كان لا يزال أسماء عازفي الصولو مُغيبين بدرجة كبيرة، كما أنَه يتفاوت مدى الالتزام بحفظ الحقوق الأدبية -هذه- بين مُشتغلٍ وآخر.
إن تسجيل كثير من تجارب الملحنين الغنائية التي كان للتوزيع أثرٌ في نجاحها قد شَجَّعَ العديد من الهواة على خوض تجربة التلحين وإن كانت بعض هذه المواهب لا تتجاوز خبرات تجمعات الجلسات أو الرحلات بين الأصدقاء ليعزف الهواة على العود بعضًا من الأغاني للترفيه، ثُمَّ يُشجِعُهم المستمعون من الحضور سواء الأصدقاء أو الزملاء أو أفراد العائلة، لاحتراف مهنة التلحين، خاصة أنَّ هناك من سيوزع جميع الألحان بالشكل المطلوب والذي سَيُسَهِّل من إخراج الأغنية موسيقيًا بالشكل المقبول أو اللائق.
إنَّ أحد الأسباب لظهور الطفيليين على الفن هو توافر الشخوص الخفية التي تقوم بأدوار تسند وتساعد الملحن المتواضع لتقديم أعماله بشكلٍ أرقى وأجمل إلى الجمهور. إنّه المؤلف الشبح أي المُوَزِع الذي في كثير من الحالات يبدأ دوره بتدوين اللحن المُفرَد البسيط، ثُمَّ يضع الهارمونيات واللِزَم33، ويقوم بتوزيع الجُمَل بين الآلات الموسيقية المُختلفة ليُضفي شيئًا من التنوع والتباين بما يؤدي إلى إثراء العمل. وبالإضافة إلى المُوَزِعين المصريين الذين تم الاستعانة بهم من قبل الملحنين المصريين، ظهر على الساحة في العقدين الأخيرين من القرن العشرين موزعون بحرينيون دارسون للموسيقى وقدموا تجارب ناجحة، وأَخَذَت قائمة المُوَزِعين البحرينيين تزيد مع الأيام وخاصّة في القرن الحالي الحادي والعشرين. اللافت ـأيضًا- هو ظهور موزعين بحرينيين موهوبين كونوا خبرات من خلال التعلم الذاتي ونجحوا في الاستحواذ على سوق الأغاني الرائجة، إلاّ أنَّه ينقصهم التعليم الموسيقي الأكاديمي الذي كان سيُساعد في إثراء التوزيع وكتابة الألحان للأوركسترا بما يتناسب مع خصوصية كُل آلة موسيقية أو مجموعة آلات مثل الآلات الوترية، حيثُ يجب على الموسيقي معرفة الطبقات الصوتية للآلات الموسيقية وكيفية الكتابة لها والألوان التي تتميز بها، وكان لفقدان هؤلاء المُوَزِعين التعليم الموسيقي الأكاديمي أن ظهرت حالة مُستَجدَّة في مجال التوزيع وهي وظيفة كتابة الوتريات، إذ تَقوم هذه المواهب الموسيقية بتسجيل اللحن الكترونيًا مع التوزيع بطريقة مُعيَّنَة يُطلَق عليها ميدي34midi، ثُمَّ تُوكَل تكملة المهمة إلى ما يُطلق عليه في سوق الأستوديوهات في الوقت الراهن بكاتب الوتريات، الذي يقوم بتحويل التوزيع الموجود والمُسجَّل إلكترونيًا إلى نوت موسيقية يؤديها عازفو الوتريات (كمان وتشيلو) في العادة. أي بمعنى آخر أن العملية أصبحت توزيعًا موسيقيًا من كفاءة أكاديمية لموزع موسيقي موهوب ولكن لم يحصل على فرصة التعلم الموسيقي الأكاديمي!! وعادةً ما يكون معظم هؤلاء موسيقيين يعزفون الكيبورد بمهارة وتَمرَّسوا في عزف ألحان غربية بشكل خاص وشرقية بدرجة أقل، كما أنهم استطاعوا أن يُكَوِّنوا خبرة في وضع هارمونيات منسجمة مع هذه الألحان واستثمار الأصوات الثرية والعديدة لآلة الكيبورد الحديثة منها على وجه التحديد ووضع الإيقاعات المحلية الثرية والحيوية بما يتناسب مع لحن الأغنية، إلاً أنَّ تعليمَهم الموسيقي الذاتي تَشَكَّلَ في الغالب من خلال العزف على الآلات الموسيقية سماعيًا وخاصةً آلة الكيبورد، دون الاعتماد على الدراسة التقليدية في المعاهد الموسيقية.
لا خلاف على أنه من حق أي مشتغل في أي مجال إبداعي أن يُقَدِم ما تَجتَرِحَه قريحته بحسب قُدرته وموهبته، ولكن المعضلة تتشكل عندما تتبنى أجهزة إعلامية رسمية كثيرًا من التجارب المتواضعة وتُخصٍّص مساحة كبيرة من البث التلفزيوني أو الإذاعي لعرض هذه المواد، ثم تزيد بعض الصُحُف البِلَّة من خلال تغطيات صحفية كريمة وكبيرة ما يسهم في إبراز أنصاف المواهب ويُؤثِّر في تشكيل الذوق الفني العام، وتختلط حينها المعايير في إطلاق حُكم القيمة على أي مُنتج إبداعي.
إنَّ التعاون بين الفنانين إجراء طبيعي وتقليدي ومحمود ونراه بشكل خاص في الأعمال الدرامية كالمسرح والسينما والتلفزيون والأوبرا وهي فنون تعتمد على العمل الجماعي، بالإضافة إلى فن الأغنية الذي يَتَشَكَّل عبر تضافر الجهود والأدوار لِكُلٍ من الكاتب والملحن والمغني والعازف، طالما يتم حفظ الحقوق الأدبية والمادية لِكُلِّ طرف، دون أن يتبنى شخصٌ ما جُهد غيره. وعادةً ما يكون لهذه المشاركة مبرراتها، بأن يكون التعاون مبنيًا على الندية مثل تجربة جبرا إبراهيم جبرا وعبدالرحمن منيف في روايتهما “عالم بلا خرائط” أو قاسم حدّاد وأمين صالح في نصهما “الجواشن” أو الأخوين رحباني في أعمالهما الكثيرة والتشارك في النص واللحن والتوزيع، أو غسان كنفاني وناجي العلي، أو ضياء العزاوي مع قاسم حدّاد، أو جمال عبدالرحيم مع فريد رمضان، وأيضًا جمال عبدالرحيم مع الشاعر السوري أدونيس في عملهما المُشترك “الكتاب”، أو قاسم حدّاد مع إبراهيم بوسعد وخالد الشيخ والمخرج عبدالله يوسف في عمل “وجوه”. كُل هذا التعاون جميل ورائع ومطلوب ومشروع ومشفوع بتنوع التخصصات التي تشترك في عمل واحد، أو أن يشترك أكثر من مبدع في مجال واحد كالكتابة ولكن من واقع الندِّية وليس بطريقة التابع والمتبوع، أو أنَّ الكلمة العليا تكون أحياناً للدافع -ماديًا- على حساب المدفوع له كمكافأة عند توزيع الأغاني والأغرب توزيع الموسيقى. وهناك حالات يكون القرار للمدفوع إليه نظرًا لعلو المستوى العلمي الموسيقي للموزع وأحيانًا في مستوى الموهبة أيضًا.
لم يَقتصِر التظاهر بالموهبة والقدرة الموسيقية على المُلحنين فقط، بل تجاوز الأمر لمحاولة البعض بالتظاهر بالقدرة على قيادة الفرق الأوركسترالية المُحتَرِفَة، وهذه ظاهرة جديدة وربما خطيرة تشجع أي هاوٍ على التمثيل بِمُجَرد تَمَتُعِهِ بالجُرأة وإتقان بعض من حركات اليدين لِيَشعُر بأنه قادر على أن يكون قائدًا، بل ويُفَضِّل كلمة “مايسترو”. ولا ضير من توجُّه أي عازف مُحترف أو مؤلف موسيقي للقيادة، فهناك الكثير من العازفين المرموقين الذين توجهوا للقيادة مثل عازف التشيلو الروسي ماتيسلا روستروبوفيتش Mstisla Rostropovich، أو عازفي كمان تحولوا إلى قادة مثل لورين مازال Lorin Maazel و أوزمو فانسكا Osmo Vanska وغيرهما، الجدير بالذكر أنَّ معظم القادة الموسيقيين هم عازفو بيانو بالدرجة الأولى، ولأن -بطبيعة الحال- عازف البيانو يستطيع أن يقرأ مدرجين موسيقيين مُختلفين في آنٍ واحد، أحدهما لليد اليمنى للنغمات الحادة والثاني لليد اليسرى للنغمات الغليظة، وهي مهارة تُسهِّل مُهمة قائد الأوركسترا الذي يحتاج أن يقرأ جميع سطور الآلات الموسيقية في وقتٍ واحد، ومن هؤلاء العازفين ليونارد بيرنشتاين Leonard Bernstein و أندري بريفن Andre previn وبارنبويم Barenboim وفلاديمير أشكنازي Vladimir Ashkenazy وغيرهم كثيرين.
القصد من كُل ذلك أن مُعظَم هؤلاء القادة عازفون مُحتَرِفون وقَضوا وقتًا طويلًا في العزف مع أوركسترات ولم يصبحوا قادة إلاّ بعد العَمَل المُضني والقاسي والمستمر، بل إنّ كثيرًا منهم اضطر للتضحية بممارسة العزف على آلته والتفرغ للقيادة لإيمانه بصعوبة الجمع بين الاثنين عند الرغبة للوصول إلى الاحترافية. كذلك ينطبق الحال على المؤلفين، فالمؤلف الألماني يوهانس برامز Johannes Brahms35 الذي زاول القيادة لفترة قصيرة، اعتذر بعدها عن الاستمرار في هذه المهنة حين أحَسَّ بأنها سَتؤثِر على مجاله الأصلي وهو التأليف الموسيقي.
اقتباسٌ أم تَبَنٍ لإبداع الآخرين؟
هناك صور عديدة أُخرى للمؤلف الشبح ومن أبرزها اقتباس ألحان معروفة قد خرجت للعلن دون ذكر اسم الملحن الأصلي، وما يُثير الاستغراب أن كثيرًا ممن قاموا بهذه الاقتباسات هم من أصحاب الموهبة ولهم أعمال جميلة ومُتميزة من إبداعهم، ومع ذلك فقد نهلوا الكثير من ألحان غيرهم، وتركوا المُتَلقي في غَفلتِهِ حتى يفيق في يومٍ ما مع إحدى الصدف عند قراءة بعض الصُحف على وقع نسب اللحن الأصلي لشخص آخر.
“عندما كَتَبَ أسطورة الصحافة المصرية محمد التابعي سلسلة مقالاته الشهيرة (امسك حرامي)، والتي اتَّهَمَ فيها موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب بسرقة ألحان عالمية لبيتهوفن وآخرين، اعتبر بعضهم هذه الخطوة انحيازًا صريحًا من التابعي للموسيقار رياض السنباطي ومحمد الموجي.”36 إلى أن اعترف عبدالوهاب في أحد اللقاءات بِكُلِ صراحة وقال “أنا عملت كده في بداياتي وتحديدًا في (يا ورد مين يشتريك)، اللي خدتها من بيتهوفن و(أحب عيشة الحرية) اللي خدتها من فلكلور روسي ، كان لازم أقول أنا اقتبستهم من مين، ودي كانت حركة بايخة مني!”37. “لم يَذكُر موسيقار الأجيال صراحةً بَقِيَّة اقتِباساتِهِ الموسيقية من الألحان الغربية مثل أغنية (القمح) التي اقتبس لحنها من تشايكوفسكي، وأغنية (سجى الليل) التي اقتبسها من كورساكوف”38. كذلك يندرج الأمر على تجربة الأخوين رحباني في اقتباسهما للأغاني (يا أنا يا أنا)39 و(لينا ويا لينا)40 أما أغنية (لبيروت)41 من غناء فيروز وإعادة صياغة لزياد الرحباني، فقد ذُكر في الغلاف ملحنها الأصلي وغيرها من أغانٍ، ولم يكُن هذا العمل الوحيد الذي يقتبسه زياد دون أن ينكر صاحب العمل فـ “في عام 2002 قدم زياد الرحباني مع والدته فيروز ألبوم “شو بخاف” الذي احتوى على عدد أكبر من حالات الاقتباس الصريحة التي قال عنها زياد في هذا الوقت إنه لم يقدر على مقاومة رغبته الجامحة في سماع صوت فيروز معانقًا ألحانا غربية وقع في غرامها، فقدم لحن “لا والله” المقتبس من فولكلور مكسيكي، و”بيذكر الخريف” التي اقتبسها من لحن للموسيقار الفرنسي جوزيف كوزما، وكذلك أغنية “شو بخاف” المقتبسة من لحن للموسيقار البرازيلي لويس بونفا، ولم يكتف زياد بذلك بل أعاد تقديم نفس اللحن بصوت سلمى مصفي في أغنية “ياريت” بألبوم “مونودوز”42.
ولا شكًّ أن هناك فنانين آخرين قد نهجوا هذا المسار، ولكن بعضهم في مكانة فنية أقل من موهبة عبدالوهاب أو الأخوين رحباني، ويرجع ذلك إلى عِدّة أسباب منها ضمور الموهبة، وغياب التعليم الموسيقي الرصين، وعدم اهتمام كثير من المشتغلين في مجال الموسيقى والغناء ببذل جهد ووقت أكثر لتنمية ذاكِرَتِهم الموسيقية بِما قُدِّمَ من أعمالٍ موسيقية وغنائية عديدة، كان من الأجدى الاطلاع على جزء كافٍ منها لتفادي تكرار تجارب سابقة، والعَيش في وهم إبداع شيء جديد.
إن صورة المؤلف الشبح التي تظهر من خلال انتحال ألحان الغير لا تقتصر على الفنانين العرب، بل هي ظاهرة عالمية وهو ما يُطلق عليه في الغرب Music Plagiarism أي سرقة أدبية، وهناك الكثير من التجارب لمشاهير المُغنين الذين اتُّهِموا بأخذ ألحان غيرهم أو بعض من الجمل اللحنية كالمغني بوب ديلان Bob Dylan، والمؤلف جون وليامز John Williams، وفرقة البيتلز The Beatles، ورود ستيوارت Rod Stewart وغيرهم كثيرين.
النحل .. التنويعات .. التناص
إن عملية “اقتباس” -كمفردة مُسالمة- أو سرقة -كمفردة قاسية- لم تقتصر على فن الموسيقى والغناء، بل هناك تاريخ طويل لدى الدول والشعوب كافة، وفي حضارتنا العربية ظهر ما يُعرف بنحل43 الشعر، وأول من أشار إلى هذه الظاهرة هو محمد بن سلام الجمحي44 في كتابه (طبقات فحول الشعراء). إذن المؤلف الشبح موجود مُنذُ القدم سواء أكان بإرادته وموافقته التي يقبض مكافأتها نَظيرَ جُهده، أوفي حال دُونَ علمِهِ وفي غفلة مِنْه.
من جهة أُخرى ظهر ما يُعرَف بالاقتباس المشروع في صيغ من الأعمال الموسيقية الكلاسيكية تُعرف باسم ثيمة وتنويعات Theme and Variation، وهو قالب موسيقي يقوم فيه المؤلف باستعارة لحن أو جملة لحنية من مؤلف آخر -عادةً ما تكون لمؤلف راحل من عصر مُختلف- ليستثمرها ويطورها ويُخرِجها بأشكال مُختلفة تُغني العمل، مع ذكر اسم مُبدع اللحن الأصل لحفظ حقِّهِ الأدبي، ومن أبرز هذه النماذج عمل لبرامز Brahms عبارة عن تنويعات وفوجة45 على لحن لهندل46Handel ، كما كَتَبَ تنويعات أُخرى على لحن لهايدن Joseph Haydn47، وقدم رخمانينوف Rachmaninoff48 تنويعات على لحن لباجانيني Paganini49. ويُعتبر هذا النوع من الممارسة الإبداعية مشروعة ومألوفة في تراث الموسيقى الكلاسيكية. وقد يُقابل هذا الشكل من الإبداع الموسيقي ما يُعرف بالتناص intertext في النقد الأدبي خصوصًا، وهو هنا يَختلف عن ما أشرنا إليه من أشكال الاقتباس التي تقترب في بعض الأحيان من السرقة، ومنذ القِدَم أشار عبد القاهر الجرجاني50 إلى مشروعية التناص و”اشترط للتمييز بينه، وبين الانتحال والسرقة والنسخ، تحقيق الإضافة والتجديد51″. فالعمل الفني المبني على عمل آخر أو مُستوحى منه بأسلوب التنويعات أو التناص يعمل على “منح النصوص القديمة تفسيرات جديدة، أو يقدمها بشكل جديد52″، أما محمد مفتاح وفي كتابه “المفاهيم معالم” فإنه يرى أن التناص: «باعتباره نصوصا جديدة تنفي مضامين النصوص السابقة، وتؤسس مضامين جديدة خاصَّة بها يستخلصها مؤول بقراءة إبداعية مستكشفة وغير قائمة على استقراء أو استنباط53″. وهو أيضًا يُفَرِق بين التطابق أي النحل أو السرقة، وبين التفاعل أي التناص.
لقد تعددت صور المؤلف الشبح في حقل الموسيقى والغناء، فهي إمّا بالتكليف من قِبَل الملحن لموسيقي آخر وهو المُوَزِع الموسيقي بإخراج اللحن موسيقيًا بالشكل “المناسب” أو “المقبول” بحسب متطلبات السوق التجاري والجماهيري، أو حسب ذوق المُلَّحِن الذي سيَدفَع المُكافأة لأداء المهمة. وفي صورة أخرى يكون بانتحال ألحان الغير وهو جهد لمؤلف قديم رحل عنا، أو فنان ما زال يُعطي في مجاله، والموقف هنا يختلف فهو ليس بشبح بمعنى أنه تَمَّ تكليفه نظير أجر مُعين، ولكن تم تغييبه عمدًا من خلال اقتباس -أو سرقة- عمله أو أفكاره دون ذكر اسمه. أو كعازف صولو مُحترف صاغ الجملة اللحنية بذوقِه وخبرته ما أضاف بُعدًا آخَر وجَديدًا على العمل. أما الظاهرة الجديدة من حيث الاتكاء على المؤلف الشبح فهي السعي لدول أوروبية لتوزيع أعمال لحنية بسيطة في شكل كلاسيكي أوركسترالي، فقط لنيل لقب المؤلف الكلاسيكي، بالرغم من أن طريق الإبداع لا يقتصر على الأعمال الكلاسيكية الأوركسترالية، فهناك أعمال غنائية جميلة وثرية وخالدة فاقت بتميزها بعض الأعمال الموسيقية الكلاسيكية. كما لا يُقَيَّم العمل بمدى حجم الأوركسترا وعدد العازفين أو الطول الزمني للعمل، بل بحسب ابتكار الجمل اللحنية وتحقيق عملية التنوع والتوافق والتوازن فيما بينها داخل العمل الواحد سواء أكان غنائيًا أم موسيقيًا.
إنَّ ما يُشجع ظاهرة المؤلف الموسيقي الشبح بِكُلِ صورها التي ذكرناها على الاستمرار والنمو هو ضعف تطبيق قوانين حفظ الحقوق الأدبية لجميع المُشتغلين بالموسيقى والغناء على اختلاف أدوارهم، وغياب المعايير الدقيقة لاختيار وإبراز الأعمال الموسيقية والغنائية على أجهزة الإعلام المُختلفة كالتلفزيون والإذاعة، ليست الرسمية منها فحسب بل أيضًا والكثير من القنوات الخاصة التي ظهرت على السطح وخاصةً مع بدء القرن الواحد والعشرين. كذلك كانت لمُساهمة كثير من دور الأخبار التقليدية الورقية كالصحف والمجلات، والإلكترونية بمُختلف مُسمياتها، في تضخيم الهواة والمواهب المتواضعة لتشجيعهم على تقديم أي نتاج غنائي أو موسيقي دون مُراعاة للمستوى الفني والإبداعي له، ما يفتح الطريق مبسوطًا أمام كُلَّ راغبِ لتجربة حظه لدخول مجال فن الموسيقى والغناء.
الهوامش
المراجع:
الحفني، رتيبة، محمد عبدالوهاب- حياته وفنه، دار الشروق، القاهرة، 1991.
الحفني، محمود أحمد، سيد درويش- حياته وآثار عبقريته، الهيئة المصرية العامة للكتاب، الطبعة الثانية، القاهرة 1974.
الشناوي، طارق، العازف المجهول الذي وقف خلف اللواء عبدالوهاب أثناء استقباله السادات!، المصري اليوم، الثلاثاء 17 يونيو 2018.
الفاخري، سالم عبدالله سعيد، سيكولوجية الإبداع، مركز الكتاب الأكاديمي.
حمدي، مصطفى، التاريخ السري للسرقات الموسيقية.. من عبدالوهاب إلى عمرو دياب، جريدة أخبار اليوم، السبت 27 يناير 2018.
جميعي، حسن، مدخل إلى الحقوق الملكية الفكرية، المنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو)، البحرين، أبريل 2004.
طموم، رشا، أندريا رايدر- مبدع موسيقى الفيلم، إصدارات مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية- الدورة السابعة، مارس 2019.
مفتاح، محمد، المفاهيم معالم: نحو تأويل واقعي، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، بيروت 1999.
ميرزاني، حسين، التناص الأدبي ومفهومه في النقد العربي، جامعة آزاد الإسلامية، كرج، 2011.
الهوامش
1 – للمزيد عن العملية الإبداعية نقترح الرجوع إلى كتاب سيكولوجية الإبداع للأستاذ الدكتور سالم عبدالله سعيد الفاخري، مركز الكتاب الأكاديمي.
2 – جراهام والاس (Graham Walla (1858-1932 و ميري لي ماركس بيري Mary Lee Marksberry.
3 – سيد درويش (1892-1923): والإسم الكامل له هو السيد درويش البحر، من أبرز مُلحني مصر والوطن العربي لحن وغنى الكثير من الألحان التي أُعتبرت من الأعمال الخالدة في تراث الموسيقى العربية.
4 – الحفني، محمود أحمد، سيد درويش – حياته وآثار عبقريته، ص 55.
5 – المصدر السابق ص 150.
6 – لقاء إذاعي أجراه الفنان عبدالحليم حافظ مع الفنان محمد عبدالوهاب https://www.youtube.com/watch?v=p596ALnE6jY .
7 – التحق عبد الوهاب بنادي الموسيقى الشرقي والمعروف بمعهد الموسيقى العربية حاليًا، ليتعلم العزف على العود على يد محمد القصبجي، وتعلم فن الموشحات.
8 – كان معهد الموسيقى العربية هو أول معهد لتعليم الموسيقى العربية الأصيلة وحفظ التراث الموسيقي العربي. ترجع بدايات إنشاء المعهد إلى عام 1914 م، عندما افتتح مصطفى بك رضا في ذلك الوقت أول ناد لعقد اجتماعات الموسيقى العربية، توالت الاجتماعات الخاصة بالموسيقى العربية في النادي لسنوات حتى عام 1921 حينما خصصت الحكومة المصرية قطعة من الأرض بميدان رمسيس لافتتاح المعهد عليها وبعد عام كان قد تم افتتاح معهد الموسيقى العربية على يد الملك فؤاد الأول وأطلق عليه اسم (المعهد الملكي للموسيقى العربية).
9 – Ghostwriter: الكاتب الشبح أو المؤلف الشبح الذي تكون وظيفته كتابة نصوص لتظهر أو تُنشر باسم شخص آخر مقابل مكافأة نقدية.
10 – أندريا رايدر (1908-1971): مغنٍ وملحن مصري من أصل يوناني، قام بكتابة موسيقى لكثير من الأفلام المصرية، كما وزَّع العديد من الأغاني لأهم الملحنين المصريين.
11 – علي إسماعيل (1922-1974): موسيقي مصري تميز بتوزيع الكثير من الأغاني، ووضع موسيقى للعديد من الأفلام المصرية.
12 – طموم، رشا: أندريا رايدر مبدع موسيقى الفيلم، إصدارات مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية، الدورة السابعة، مارس 2019، ص 23.
13 – الملحن الفطري: ونقصد هنا الملحن الذي يتمتع بموهبة إلاّ أنَّه لظروفٍ ما لم تواتيه الفرصة للدراسة الأكاديمية، ولذلك عدة أسباب إما أن البلد أو المدينة التي نشأ فيها ليس بها معهد موسيقي، خاصةً في العقود الأولى من القرن العشرين، أو لأسباب أخرى عديدة لا نملك المساحة -هنا- لشرحها، وإنما الأهم أنه لا يُقصد التقليل من موهبة الكثير من الملحنين الموهوبين الذين قدموا ألحانًا جميلة باقية حصلت على رضا النقاد والجماهير. كما أنه أثبتت التجارب أن التعليم الأكاديمي لا يمنح المواهب ولكن دوره يتركز على صقلها وتوجيهها وتطويرها.
14 – من المهم الإشارة إلى أن هناك مُلحنين موهوبين وإن لم يحظوا بدراسة موسيقية أكاديمية، وقدموا ألحانًا مُتَميزة لم يُقدِمها بعض دارسي الموسيقى، عند استعانة هؤلاء الملحنين الموهوبين بالموزعين فإن ذلك لا ينتقص من موهبتهم، ولكننا نرى أنه لو حظي هؤلاء الموهوبون بالتعليم الكافي الذي يؤهلهم لتوزيع أغانيهم، لكانت تجربة أكثر نجاحًا وإبداعًا.
15 – صولوهات وهي جمع صولو solo وتعني عزف منفرد.
16 -عادةً ما تكون إضافة الهارمونيات في كثير من الأغاني كعنصر إضافي خفي يتوارى خلف اللحن الواضح والصريح، والهدف في بعض الأحيان من هذه الهارمونيات هو إعطاء تأثير effect مُعين للأغنية.
17 – المُوَزِع: التعريف المُتداول بين المُشتغلين في مجال الأغنية سواء العازفين أو الملحنين أو مهندسي الصوت بالأستوديوهات أو المغنين والمطربين، أن المُوَزِع هو من يقوم بنقل اللحن من شكله الصوتي سواء أكان من غناء المُغني أو من عزف الملحن على آلة العود أو الكيبورد، إلى المدونة الموسيقية للفرقة بأكملها، ثُمَّ يوزع العمل للفرقة الموسيقية ويُحَدِّد الصولوهات -العزف الفردي للآلات الموسيقية- والعزف الجماعي، وفي أحيانٍ كثيرة إضافة هارمونيات harmony وفي حالات أقل كونتربوينت counterpoint.
18 – الملحن: ويُقصد به من يُبدع لحنًا مفردًا melodic line وهو عبارة عن خط لحني مُفرد مُكوَن من عدد من النغمات تتبع بعضها البعض، عادةً ما يكون هذا الشكل من اللحن المفرد لأغنية دون أن يتضمن عناصر موسيقية أُخرى كالهارموني أو الكونتربوينت أو التوزيع الموسيقي المتقن الذي يراعي إمكانيات الآلات الموسيقية في عزفها الفردي أي كصولو أو أثناء عزفها الجماعي، ومع ذلك اهتم كثير من الملحنين بأن يُثروا أغانيهم من خلال إدخال أصوات هارمونية وبدرجة أقل خطوط لحنية كنتربونتية.
19 – الحفني، رتيبة، محمد عبدالوهاب – حياته وفنه، ص 60.
20 – الشناوي، طارق، العازف المجهول الذي وقف خلف اللواء عبدالوهاب أثناء استقباله السادات!، المصري اليوم، الثلاثاء 17 يونيو 2018.
21 – كمال الطويل (1923-2003): ملحن موسيقي مصري قدم ألحانًا لأبرز المغنين المصريين ومن أهمهم عبدالحليم حافظ، وأم كلثوم، ونجاة الصغيرة، وليلى مراد، وفايزة أحمد، ووردة الجزائرية وغيرهم كثيرين.
22 – مختار السيد (توفي سنة 1996): موسيقي وعازف أكورديون، انضم إلى الفرقة الماسية، ثم تحول إلى مجالي التلحين والتوزيع، ووضع موسيقى للعديد من المسرحيات والأفلام المصرية.
23 – المصدر نفسه.
24 – (طفيليين): جمع طفيلي وتعني الكائن الحي الذي يعيش مُتطفلًا على كائن حي آخر في داخلِهِ أو خارجِهِ.
25 – أصوات: جمع “صوت” وهو أحد الفنون التقليدية في البحرين وبعض من دول الخليج كالكويت.
26 – خضع ترتيب الأسماء بحسب البدء في التسجيل إذ إن محمد زويد كان هو أوَّل من سافر لتسجيل عددٍ من الأصوات.
27 – سامي الشوّا (1885-1965): عازف كمان بارز من أصل سوري، وعاش في القاهرة، وعمل مع أهم المطربين من جيله.
28 – نقصد بـ علميًا -هنا- أهمية التسلح بعلم الآلات الموسيقية وعلم التوزيع الموسيقي الذي يُساعد على كتابة توزيع لأي لحن بشكل مُبدع وجميل من خلال استخدام الألوان الصوتية المُختلفة بشكِل مُلائم للحن وللعمل كَكُل. مثلما يجب أن يتسلح الفنان التشكيلي بمعرفة أسرار الألوان وخلطها، وكذلك الأديب والشاعر باللغة وخفاياها.
29 – عادةً ما يتكون الصوت من عدة أقسام، الاستهلال وهو عبارة عن مقطع قصير حر على العود كتهيئة لبدء الغناء، يؤديه المغني الذي غالبًا ما يكون هو نفسه العازف، ثم قسم المقام (أي الموّال) يليه قسم الصوت -أي فن الصوت-، ثُمَّ قسم التوشيحة التي عادةً ما يشارك فيه الكورس الغناء مع المطرب، ويُختم هذا الفن بالتقسيم (عزف ارتجالي).
30 – صالح الكويتي: عازف كمان اشتهر بمصاحبة فناني الصوت وخاصة مع محمد بن فارس وضاحي بن وليد.
31 – المرواس: آلة إيقاعية صغيرة تُمسك بيد -غالباً ما تكون اليُسرى- وتُنقر باليد الأُخرى، وتستخدم في فن الصوت بعدد يتراوح بين عازفين إلى أن وصلت إلى أربعة عازفين، على أن يؤدي بعضهم الضرب الأساسي للإيقاع، وأحدهم يقوم بالارتجال.
32 – جميعي، حسن، مدخل إلى الحقوق الملكية الفكرية، المنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو)، البحرين، أبريل 2004.
33 – لِزَم: جمع لَزمَة، ويُطلَق مصطلح لَزمَة على المقاطع الموسيقية القصيرة التي تفصل بين جملة غنائية وأُخرى، وهي تختلف عن الفواصل الموسيقية من حيث الطول الزمني، فالفاصل الموسيقى أكثر طولًا، كما يختلف في دور كُلٍ منهما.
34 -Midi وهو اختصار Musical Instruments Digital Interface
35 – يوهانز برامز Johannes Brahms (1833-1897) مؤلف ألماني من العصر الرومانتيكي.
36 – جريدة أخبار اليوم، التاريخ السري للسرقات الموسيقية .. من عبدالوهاب إلى عمرو دياب، السبت 27 يناير 2018، بقلم مصطفى حمدي.
37 – المصدر السابق.
38 – المصدر السابق.
39 – أغنية يا أنا يا أنا غناء فيروز: اللحن مأخوذ من السيمفونية رقم 40 للمؤلف النمساوي أماديوس موتسارت Amadeus Mozart (1756-1791).
40 – أغنية لينا ويا لينا غناء هدى حدّاد: اللحن مأخوذ عن كونشرتو للكمان والأوركسترا للمؤلف الألماني فيلكس مندلسون Felix Mendelssohn (1809-1847).
41 – أغنية لبيروت غناء فيروز كلمات الشاعر جوزيف حرب: اُخذ اللحن من الحركة الثانية لكونشرتو دي أرانخويز Concierto De Aranjuez للمؤلف خواكين رودريغوز Joaquin Rodrigo (1901-1999).
42 – جريدة أخبار اليوم، التاريخ السري للسرقات الموسيقية .. من عبدالوهاب إلى عمرو دياب، السبت 27 يناير 2018، بقلم مصطفى حمدي.
43 – النحل: هو نسبة الشيء إلى غير صاحبَه.
44 – الجمحي، محمد بن سلام بن عبدالله، وُلِدَ بمدينة البصرة وانتقل بعدها إلى بغداد، وهو أحد أعلام وأعمدة الأدب العربي في القرن الثالث الهجري.
45 – فوجة Fugue : قالب موسيقي تبلور في عصر الباروك على يد المؤلف الألماني يوهان سباستيان باخ Johann Sebestian Bach ، مبني على الأسلوب الكونترابنتي counterpoint.
46 – جورج فريدريك هندل George Frideric Handel (1685-1759) مؤلف ألماني من عصر الباروك.
47 – جوزيف هايدن Joseph Haydn (1732-1809) مؤلف نمساوي يُعتبر أبا السيمفونية ورائد العصر الكلاسيكي.
48 – سيرجي رخمانينوف Sergei Rachmaninoff (1873-1943): مؤلف وعازف بيانو روسي ينتمي للعصر الرومانتيكي المُتأخر.
49 – نيكول باجانيني Niccolo Paganini (1782-1840): عازف كمان إيطالي فيرتيوزو virtuoso أي بارع، كما قام بتأليف عددٍ من الأعمال الموسيقية.
50 – أبوبكر عبدالقاهر الجرجاني (1009-1078): يُعتبر مؤسس علم البلاغة أو أحد مؤسسيه، ومن أهم كُتبه “دلائل الإعجاز” و “أسرار البلاغة”.
51 – ميرزاني، حسين، التناص الأدبي ومفهومه في النقد العربي، جامعة آزاد الإسلامية، كرج، 2011.
52 – ماضي، شكري عزيز، من إشكاليات النقد العربي الجديد.
53 – مفتاح، محمد، المفاهيم معالم: نحو تأويل واقعي، المركز الثقافي العربي- الدار البيضاء- بيروت 1999- ص 41.