أقيم في صحار – ذلك الميناء العماني الشهير على مر التاريخ – مهرجان الشعر العماني الثاني، وبعد أن احتضنت مدينة نزوى المهرجان الاول قبل عامين في باحة قلعتها الشهيرة، تعود صحار لإحياء سوقها الشعرية المعروفة، مع كوكبة من الشعراء العمانيين، يمثلون اتجاهات قصيدة الشعر العربي الفصيح الكلاسيكية وكذلك قصيدة الشعر الشعبي النبطية. وأستمر المهرجان من الأول حتى الخامس من شهر أكتوبر الحالي.
وتبرز أهمية المهرجان في اتجاهه صوب الحفاظ على شكل القصيدة العمودية، أي القصيدة الخليلية (نسبة الى الخليل بن أحمد العماني واضع علم العروض )، مع تكريسه للشعر النبطي الذي يعد فنا شعبيا لا يخلو بيت عماني من قائل له أو حافظ لقصائده ومتذوق لجرسه، ناهلا من معين الحس الشعبي العماني. كما أنه يعد – بجوائزه النقدية – أكبر مهرجان عماني يحتفي بالشعر، إضافة لما يحظى به من حضور سواء برعايته من المسؤولين، أو من الأكاديميين العاملين في جامعة السلطان قابوس ومن الجامعات العربية، وهم يجدونها الفرصة الأمثل لتقديم إضاءات ودراسات ومداخلات حول وجوه الشعر العمانية الكلاسيكية، وهي كثيرة. وقد كرم مهرجان الشعر العماني الأول شاعر عمان الأشهر الشيخ عبد الله الخليلي، الذي يحتفى به في هذا العدد من (نزوى) في ملف خاص، وقد رحل الخليلي قبل أسابيع بعد مسيرة حافلة ومعطاءة، فيما كرم هذا العام الشاعر أبو سرور، الغزير إنتاجا ومسيرة، والذي دشن مهرجان هذا العام بإحدى قصائده.
وشارك في الندوات النقدية التي تناولت شعر أبي سرور الدكتور خليل الشيخ (القضايا المعاصرة: الحس الوطني والقومي)، والدكتور محمد جمال صقر (المعارضات والتخميسات )، والدكتور حواس بري (البيئة وأثرها)، والدكتور حمدي بدر الدين (الجانب اللغوي والفقهي). وعلى مدار الأيام الخمسة من عمر المهرجان، وفي ساحة القلعة التاريخية في صحار، تسابق 100 شاعر، من بينهم 9 شاعرات فقط، حيث شهدت الليالي 4 أمسيات حافلة وقد تناول الجوانب الجمالية والصور الفنية للقصائد الفصحى المشاركة في المهرجان الدكتور أحمد درويش، فيما تحدث الدكتور أحمد ميدان عن وسائل التشكيل في تلك القصائد. وتناولت الدكتورة هدى النعيمي الصور البيانية في القصائد النبطية المشاركة فيما عرض شبر الموسوي للبيئة وأثرها في البنية الشعرية لتلك القصائد.