مع نهضة عمرانية تشهدها السلطنة ، تتمثل في التنقيب عن ثرواتها المعدنية ، وتكريس مزايدها الاستراتيجية ، وسط هذا الزخم كله يأتي لتوجيه السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم لتنظيم مهرجان الشعر العماني لاول .. للتنقيب في تلك الارض الطيبة عن أنفس ما فيها، الانسان صاحب الكلمة الشاعرة .. انها لفتة حضارية تؤكد حضور الشعر في عمان وحضور عمان في الشعر، وعلى مدى عام متتام ندوات تمهيدية ، يقدد فيها الشعراء المنتخبون قصائدهم الفصحى والنبطية للجمهور العماني.
ورغم كثرة ما تندم من نماذج.، كتبها نحو500 شاعر، فان اللجنة المنظمة والتي اعتمدت نهر المسابقة ، قد اختارت 89 نصا ( شعريا)، ليشارك اصحابها في المهرجان ، فقد جاءت الامسيات التمهيدية للشعراء المشاركين عوضا عما قد تفتقده الامسيات الاخيرة للمهرجان من وقت ، حيث فيوجب كل المنظمين تقديم23 شاعرا على مدى ساعتين خلال الامسيات الختامية الاخيرة .إلإ أن التكريم الحقيقي الذي ينتظر المشاركين سيكون – اضافة للجوائز المادية – طباعة القصائد وتسجيلها على اشرطة سمعية وبصرية .
ومن المقرران يقام المهرجان كل 3سنوات .
تأتي مسرحية البئر، التي كتبتها آمنة ربيع سالمين في عام 1997، كانضج تجاربها، واكثرها ارتباطا بالواقع العماني، ففي محاولتيها: الطعنة والجسر ألح المشهد العربي الكبير كأرضية النصين ومرجعيتهما. في الطعنة كان اسلهامها لنص امل دنقل]لا تصالح [ وفي الجسر، التي تهديها لعبد الرحمن منيف ، كانت تستلهم احد موضوعاته الاثيرة . لكنها في البئر تختار (معالجة ) طقس يعرفه مزارعو محافظة ظفار بسلطنة عمان حيث كان من بعض عاداتهم (ممارسة طقس يرتبط ارتباطا وثيقا بالماء والارض ، يعرف قديما بالمقود، وهي الارض التي كان يستخرج منها الماء لتوافر عدد من الآبار فيها، وكان الشخص الذي يقوم على استخراج الماء من البئر يغني اغنية تصور ان العمل الذي يقوم به ، فيه الكثير من التعب والانهاك وايضا المتعة ).. هذا الاغنية ، وسوأها، هي ما طرزت به آمنة نصها المسرحي وبشكل يتضافر مع العمل بل ويكون أحدى ضروراته .
وعلى مستويين متوازيين ، تقدم الكاتبة شخوص مسرحيتها، فهناك الاطفال /الاطفال ، وهناك الكبار / الاطفال . ان محاولتها في صياغة النص على مستوى اللغة ، والاداء بشكل طفولي لهو نزوع الى تجسيد مرحلة البدايات : في البدايات الاولى لتفتح الاشياء، كان الاطفال يغنون ، هم ايضا يلعبون … يغنون كلاما جميلا (مستدركا) ولكن لا معنى له ، لانه غير مفهوم .هكذا تسوغ لنا الكاتبة معادلتها الأولى في ان الجمال لا يتطلب بالضرورة ان يكون مفهوما، ولا يمكن لتفسير المتعة ان يكون عوضا عنها.
ألعاب الاطفال التي تنثرها آمنة بين السطور محاولة منها لاخراج البطلين من حالة الثبات الزائف والهدوء العقيم : دعينا ننسحب من هذه الاجساد ونحلق بروحينا صوب تلك الاشياء الاول ، لو ملكنا زمام خلقنا بأيدينا لافترضنا مثلا انت تكونين أنا، وأنا مثلا أكون انت . هكذا يخاطب نصيب زوجته صباح ، نصيب في الخمسين وهو صياد وصباح هي زوجته التي تصغره بسنوات .
لا يعنيني كثيرا ان افرق بين قائلي عبارات مسرح آمنة ، فهي توزع آراءها هي على شخوصها بدرجات متفاوتة ، بل ان صوتها هو الاكثر صدى من صوت ابطالها. حتى وهي تتقمص عبرهم كافة الادوار .
طفولتنا المنسية (وأشياء اخري) سنعيشها مع آمنة ، مع حكاية الذئب وأم مبارك ، مع مغامرة الذهاب للبئر ]مكمن الخوف [مع الخوف من عبورنا حدود مراحلنا السنية .
يبقى من الحديث عن البئر ما ناقشت فيه الكاتبة بأن يكون هذا النص الناضج تأشيرة دخول لمسرحها الى الشاشة العمانية . ان اسلها مع للقصص الشعبي العماني والاغنية التراثية العمانية والرقصات الظفارية لمؤشرات نجاح له ، وليدشن تجربة تدفع الجادين ومنهم – بلا شك – آمنة ان يدقوا باب المسرح بأكثر من 3دقات او 3نصوص . فالمشاهد العماني له الحق في متابعة انتاج مبدعيه .
عزمت على أن أكتب كتابا يجمع بين الطب والعربية ، ويضم الامراض والعلل والادواء، وما يجب أن يتأتى لها من العلاجات والادوية .. فأنشأت كتابي هذا على حروف اللغة مبتدئا بالهمزة فالباء والتاء، حتى آخر الحروف وهو الياء، ورتبته على الثلاثي في جميع مادته ، تيسيرا للطلب ، وتسهيلا لمن رغب ، وسميته «كتاب الماء" باسم أول أبوابه ، على نحو ما رسمه ابو عبد الرحمن الخليل ، رحمه الله .
وجعلته مختمرا لا يمل ، ونافعا من حيث لا يخل ، لمن شاء أن يتعرف داء او دواء. وقد ألزمني ذلك أن أذكر اسماء النبات والحيوان وأعضاء بدن الانسان ، مما يوجبه ذكر الداء أو الدواء.
وأردته نافعا لمن سمت به همته ، من غير الاطباء، الى ان يتعرف منعة الطب ، ويتشرف الى معنى حديث النبي صل الله عليه وسلم : (ما وضع الله داء الا وضع له دواء)، ومسعفا للطبيب الراغب في تعريب لسانه ولوازم صنعته وآلات مهنته . فلقد بلغنا عن أطباء عصرنا ومتطببيه، وصيادلته وعطاريه ، وأهل الجراحة والتشريع، والكحالين ، ما بلغنا من خروجهم على لغة العرب ، وتفضيلهم لكلام العجم ، يتمادحون بذلك فيما بينهم ، ويغمضون فيه أمام مرضاهم ، اظهارا لقدرة لا تستحق الاظهار، وعجمة لا تستوجب الافتخار(لسان الذي يلحدون اليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين )، فجهدت جهدي أن أعيد الاعجمي من لفظ الاطباء الى رسوم لسان العرب .
وقد عولت في هذا الكتاب على ما اختبرته بنفسي، وما أفاضه علي الشيوخ الاطباء الكبار، فأولهم استحقاقا للتنويه الشيخ العلامة ابن سينا، فله على كل كلمة ، ها هنا، عارفة ، وعلى كل علم نولينه طارفة . فمنه أخذت معظم ابواب صنعة الطب .
وعن أبي عبد الرحمن الخليل بن أحمد أفدت تعريب ما كنت أصلت من اسماء وسميات .
فاليهما فضل ما في هذا الكتاب من طب نافع ، ومعنى شافع ، وبه ، جل وعز، استعنت وبه أستعين ).
هكذا يقدم أبو محمد عبدالله بن محمد الازدي الصحاري، لمؤلفه ، كتاب الماء، أول معجم طبي لغوي في التاريخ ، والذي حققه الدكتور هادي حسن حمودي، ونشرته وزارة التراث القومي والثقافة في ثلاثة اجزاء تجاوزت1400 صفحة من القطع المتوسط وقد ولد المؤلف في صحار بسلطنة عمان ، كما نقرأ في مغلف الكتاب أواسط القرن الرابع للهجرة ، وبعد ان تلقى علومه الاولية بها على يد شيوخ عصره انتقل الى حي الازديين بالبصرة حيث درس تراث الخليل بن احمد، ليرحل بعدها الى بغداد، وسافر طلبا لعلم الطب ، فتلمذ لأبي الريحان البيروني في فارس ولكنه آثر الانتقال الى ابن سينا ليأخذ كل علومه الطبية عنه . وفي رحلته الى الاندس مر ببلاد الرافدين والشام حيث مكث في بيت المقدس بعض الوقت ، برحلة افادته بشكل كبير في اكتشاف نباتات طبية وطرق علاج مفيدة . وكثف عن عبقريته النادرة في الطب والكيمياء، وغيرهما من العلوم في بلنسية التي استقر بها حتى وفاته في جمادي الآخرة في عام456 للهجرة .
ويقول الدكتور حمودي ان الازدي استطاع (وصف كثير من الامراض التي مازالت شائعة الى اليوم ، وان يرسم لها علاجاتها.. فقد ذكر السيلان والسفلس والايدز بأوصافها واعراضها.. وتحدث عن امكانية علاجها.. كما تحدث عن الاوبئة كالطاعون والسل ، والهيضة وغيرها، وشخص علاماتها والادوية النافعة لها).
واذا كنا نعيد هنا الاشارة الى هذا المعجم الفريد، الذي قدمته نزوى لقارئها الكريم قبل صدوره ، فإنما لاهميته وفرادته على الصعيدين اللغوي والطبي، وريادته التي جاوزت الف عام . وسيكون من المفيد أن نقتطف هنا أحدى مواد هذا المعجم ، وهي ]رعف[ التي جاءت في الجزء الثاني منه (ص 162،163): الرعف : السبق .
والرعاف : الدم الذي يسبق من الأنف ، سمي رعافا لسبقه علم الراعف . وهذا الدم يكون إما عن كثرته وغلبته وهو لا يقطع الا عند افراحه ، وإما عن دفع الطبيعة له في الأمراض الحارة ، وهو البحراني، وهو لا يقطع أيضا إلا عند افراطه، وإلا عن انفجار عروق الشبكة وهذا- في الاكثر- اما عن ضربة واما سقطة .
واما عن شدة غليان الدم فينصدع الوريد أو الشريان لفرط التمديد. ويتقدمه صداع مبرح ، وهذا غير قابل للعلاج في الاكثر.
والدم الوريدي منه غليظ القوام أحمر اللون ، والشرياني رقيق القوام أشقر اللون .
والفصد أفعل شيء يحبس به الرعاف اذا فصد فصدا ضيقا من الجانب الموازي المشارك ، وخصوصا اذا وقع الغشي .
وأما الصعب منه الكائن لغليان الدم عن حرارة شديدة او انفجار الشرايين فلابد فيه من فصد القيفال الذي يلي ذلك المنحر فصدا ضيقا.
ومن الحجامة في مؤخرة الرأس بشرط خفيف ، وعلى الثدي الذي يليه بلا شرط .
والماء البارد اذا صب على الرأس له تأثير قوي في حبسه. والاشربة المطفئة للدم كشراب العناب ان شربت أعانت على حبسه .
والادوية الحابسة له تفعل ذلك اما بقبضها وهي كالجلنار والاقاقيا والعفص والعدس واقماع الورد، واما بتبريدها وتجميدها وهي كالكافور والافيون وبذر البنفسج الابيض وبذر الخس وعصارة لسان الحمل وماء الكزبرة الخضراء، واما بتطريتها وهي كعنب الرحى ودقاق الكندر، واما بخاصيتها وهي كعصارة روث الحمار الطري، او بكبسها كالزاج ، وهو اذا استعمل فيجب ان يستعمل بالاحتياط لانه ربما أحدث تسمما اذا وقه أحدث شرا.
يستعمل ما ذكر بالفتائل المتخذة من العنكبوت بأن تغمس في العصارات ثم تلت في الادوية اليابسة بعد دقها ناعما.
وأما الاغذية فهي كالقدس بقليل خل او سماق او ماء حصرم ، والالبان ، حتى يغلظ ، وأدمغة الدجاج . وجميع الاغذية الباردة الرطبة المحمضة قليلا لما تقدم لان الحوامض القوية تضر بتلطيفها وتقطيعها.
واذا رأيت الدم يجيء بحفز وشدة فلا تنطل ولا تدافع فتسقط القوة ولا يمكن العلاج ، لكن بادر بالفصد من الجانب المقابل ثم شد الاطراف من الابط الى الكف ، ومن الحالب الى القدم ، ثم ضع المحاجم على المراق ، فان هذا يقطع الدم سريعا. وأعلم ان الادوية التي ذكرها الاطباء مما ينفح في الأنف او يطلى بها على الرأس والجبهة فكلها ضعيف .