«للكاتب، بطبيعة الحال، أفراح، من أجلها يعيش، ووحدها تكفيه لبلوغ الكمال»
ألبير كامي.
كامي شخصية فذة بأكثر من معنى. أولها فكريا، ثانيها وجدانيا ثالثها إيطيقيا رابعها سياسيا.الرجل فذ في فكره لأنه من الصعب أن يندرج تحت يافطة مذهب من المذاهب الفلسفية أو أن يلتصق اسمه بتيار فكري معين. لذلك، فهو أعظم ما يكون عن كل مذهبية و أكبر من كل نزعة فكرية ضيقة، تريد أن تخندقه في خانة من الخانات البئيسة، سيما منها تلك الضاربة في العدمية والغاصة في السلبية، والتي وسمت عصره بأكمله. آيتي في ذلك، كون كامي، خلافا لمعاصريه، هو من سَخَّر حياته القصيرة زمانيا (مات في سن 46 عاما) والغنية إبداعيا، خدمة لقضايا الإنسان الكبرى، فبرهن كطبيب العصر، على إمكانية شفاء البشرية من مرض العدمية الذي شَخَّصه أيما تشخيص، عبر أعماله الإبداعية المتنوعة بدءا بالرواية والمسرح مرورا بالقصة والإقتباس المسرحي والمقال الصحفي وانتهاء بالفلسفة والمحاولات، النثر الشعري والسيرة الذاتية. إن الرجل، استطاع بحق أن يزاوج مابين الفكر والحياة على نحو غريب ومدهش، وكان يحدوه باستمرار، طموح مؤداه أن يجعل من حياته لوحة فنية. كان همه، أن تضحى حياته تحفة أصيلة، بلا مثيل، جدابة وثرية، سواء بالموسيقى و الشعر، أو الرقص والغناء، أو العربدة والباخوسيات. لذلك، ظل يحتاط من أجواء المثقفين المزيفين، وبقي وفيا لطفولته الفقيرة مثلما لصداقاته الحقيقية حتى عندما عانق الشهرة وحاز على جائزة نوبل. ولنعلم بالمناسبة أن عوامل كثيرة لعبت دورا هاما في صنع هذا العبقري. نذكر منها على سبيل الذكر لا الحصر، المرض والفقر، ثم الجزائر بشمسها و بَحْرها ناهيك عن مُعلمه السيد لويس جرمان و أستاذه جان غرونيي . يحكي بعضا من هذه الحيثيات في تقديمه لكتابه: «الظهر والوجه» قائلا : بالنسبة لي ، أعرف أن نبعي يكمن في «الظهر والوجه»، في عالم الفقر والنور هذا ، حيث عشت لزمن طويل، والذي لا يزال تذكره يصونني من الخطرين الإثنين المتناقضين المهددين لكل مبدع، وهما البحل والإشباع.(1) إن الفقر في أعين كامي، ليس رهانا فحسب بل هو أيضا قوة لا تنضب ، مَكَّنَتْه من التخلص من الأهواء الحزينة بشتى تلاوينها (الحقد، الضغينة ، الخبث ، النهم ، الجشع، السادية) واعتناق الخصال الإيجابية (العقل ، الحوار، السلم ، الود ، الحب ، المتعة ، العدالة، الحرية). وعلى نهج رواقي، استطاع أن يبدد الظلم الإجتماعي، بفضل هبة طبيعية، هي مناخ الجزائر المشمس. ذلك أن «الدفء الجميل ، يقول ، والذي كان يحلق فوق طفولتي ، هو ما خَلَّصني من كل حقد. لقد عشت في العوز، لكني عشت كذلك في نوع من المتعة. كنت أشعر بقوى لامحدودة تغمرني: وما علي إلا أن أجد لها مجالا للتفعيل. لم يكن الفقر هو المعرقل لهذه القوى : بحيث أن الشمس والبحر في أفريقيا ، بالمجان و دونما تكلفة . المعرقل بالأحرى كان هو الأحكام المسبقة أو الغباء. (2)» على هذا النحو، يكون كامي قد حَوَّل الفقر، من فقر اجتماعي، إلى فقر ميتافزيقي، منتصرا في ذات الوقت لمتعة الوجود بدل متعة الإمتلاك. مما أسعفه على تبني منظور وجودي متعوي تحرري ، اختبره عمليا ، ونحثه فكريا، مدركا منذ صغره أن حقيقة العالم ليست تكمن في الكتب والمكتبات ، إنما في الحياة التي نحياها والعالم الذي نراه ونلمسه ، ننصت إليه ونتدوقه. يوضح ذلك في موضع آخر مؤكدا: «يكفيني أن أتعلم بأناة ، علم الحياة الصعب، والأفضل من فن عيشهم كله»(3). أجل إن تعلم الحياة ، ليس بالأمر السهل ، ويتطلب المران الدؤوب . مران سبق لكامي، أن اختبره عمليا ، فالرجل يعمل مفكرا، ويفكر عمليا، على حد تعبير برغسون، وذلك ما يتضح عندما نعلم أنه لا يتفلسف عبر التعليق على النصوص الفلسفية أو بتحليله لأفكار الآخرين ، إنما يتفلسف وهو يحيا حياة فلسفية. ومثل الرواقيين ، أدرك باكرا، ما كان يتوقف عليه من الأمور وما لم يكن متوقفا عليه. فاشتغل بهذا النهج تقويضا مثلا للمرض الذي عانى منه ، مثلما عدَّل من تمثلاته للشر والخير، السعادة والحزن. يكفينا أن نتذكر شدراته من قبيل: «بوسع المرء أن يشفى :يكفيه فقط أن يكون راغبا في ذلك»(4). وفي أحيان أخرى يلح :»لا أريد أن أموت»(5). إن إرادة الحياة هاته ، هي التي أتمرت الرواية الأولى لكامي بعنوان: «الموت السعيد»وهو الكتاب الذي لم يكتب له النشر إلا سنة 1971، أي بعد موت المؤلف . وفي عز هدا التشبت بالحياة ، يروى أن كامي، قد قضى ذات مرة ، أسبوعا بأكمله في الشاطئ ، وحيدا في الماء، يتغدى متقشفا، ينام فوق الرمل وتحت النجوم . مما علَّمه أن الحرية والحقيقة ، إنما تكمنان في معانقة نظير هذه التجارب. أي في أن تكون فقيرا، دونما إحساسك بحب الإمتلاك المولِّد للنقص والحرمان. ذلك أن حتمية العوز، بدل أن تهزمك ، وأن تجعلك منخورا ، ينبغي أن تردك قويا وغنيا. مما يستدعي التحلي بحكمة التزهد الرواقية، تلك التي تشبع بها كامي، فصار بالرغم من أنه لا يملك أي شيء، يطمح ألا يملك أي شيء. لماذا؟ لأنه ببساطة ، يملك ذاته ، ومكتف بنفسه، ومن ثمة فهو مالك لكل شيء. وإذا كان الفقر، كما أوضحنا قد لعب دورا كبيرا في تكوين كامي ، فكذلك المرض. إذ اكتشف، منذ سن السابعة عشر من عمره، أنه مصاب بداء السل ، مما اضطرالأطباء ، إلى نصحه بالخلود للراحة، مانعينه من القراءة. لكنه شرع يقرأ «إبكتيت»، على اعتبار أن «ما لا يقتلنا يقوينا كما قال نتشه». هكذا ، بدأت معالم الفيلسوف ، ترتسم على محياه. لأنه عاش الفلسفة كأسلوب حياة، وتعامل مع الفكركتقنية للعيش تفيد في نحث الذات وبناء معمارها .ومنذ سن التاسعة عشر ، أغرم بنظرية صاحب زرادوشت، في الموسيقى، محتفيا بالعوالم الخيالية التي خلقها هذا الفن القادر على تجسيد إرادة القوة ومنح المرء أفقا سعيدا . ليس هذا فحسب، بل يبدو أنه متأثر بالفيلسوف الألماني أيما تأثر. إذ ما حدث بحسب، اعترافه هو نفسه ، أن قرأ قصة انهيار نتشه، والتي كتبها «فرانز أفرباك»دون أن ينتابه البكاء. وفضلا عن ذلك، فمن المعروف عليه ، أنه كان يضع صورة نتشه بالقرب من صورة أمه. أما عندما استضافته الجمعية الثقافية الإيطالية، لإلقاء محاضرات بـ«تورينو» و«جنوا» و«روما»، فلم تفته الفرصة دون زيارة «Paestum» و«نابولي» وكلها مدن نتشاوية . فجاب كل شوارع «تورينو» متذكرا نتشه، مثلما زار مقر سكناه . زيادة على ذلك ، فالرجل مات وفي حقيبته ، كتاب «العلم المرح». لكن ، بعد هذا كله ، أية فلسفة نتشاوية يتبناها كامي؟ ذلك أن فلسفة نتشه فلسفات بالجمع، بدءا باليمين حتى اليسار. وفي هذا السياق، يمكننا القول بأن كامي، ولئن اعتز بالنتشاوية فكرا فهو من رفض النتائج المأساوية لبعض من مفاهيمه من قبيل: براءة الصيرورة ، حب القدر والعود الأبدي. إن نتشه ، يرى أن الحتمية الأنطولوجية لإرادة القوة، تلزمنا بالقبول ببراءة الصيرورة، أي أن نقول «نعم» لكل ما يوجد ولكل ما يصيبنا في الحياة، سواء كان سلبيا أو إيجابيا، محزنا أو مفرحا ، شرا أو خيرا ، ألما أو طمأنينة ، لأنه الإمكان الوحيد لخلق الفرح. كان نتشه إذن وعلى هذا النحو، يقول «نعم» لكل شيء؛ أما كامي فهو لا يقول «نعم» إلا لما يُنَمِّي الحياة. فهو حيثما وجد السلبي ، تَمرَّد عليه. يبدو واضحا ، بعد هذا ، أن كامي ولئن اختلف مع نتشه ، وعارضه في أكثر من قضية، فهو من ظل نتشاويا حتى النخاع . وإن دعت الضرورة إلى تصنيفه قلنا أنه يتبنى النتشاوية اليسارية. كيف لا، والرجل عاش وفيا لفلسفة نتشه كما رأينا، معترفا بأن جزءا منه مصوغ ومعدل على مقاسها . كتب سنة 1954 يقول: «إني مدين لنتشه بجزء مما أنا إياه».(6) ثمة إذن جزأين من كامي، هما ما يؤلفان كامي بأكمله. الجزء الأول عرفناه بنتشاويته اليسارية ، لكن ما الجزء الثاني؟ ولمن هو مدين له به؟ إنه مدين به لكل ما عاشه، وتكبده وهو ما يزال طفلا، كما أسلفنا. ذلك أن إبداعاته كما فكره ، كلها تكاد تنغرس في جزء منها في وفائه لطفولته بالأساس. يتجلى ذلك، فضلا عما سبق لنا وأن أكدنا عليه ، في احتفاءه بمعلمه «لويس جرمان» سنة 1957 بستوكهولم ، حيث اعترف وهو يتسلم جائزة نوبل، بجميل هذا المعلم عليه، مستهلا خطابه بالمناسبة ، قائلا: «إلى السيد لويس جرمان». فهو وحده، يعرف الدور الذي لعبه هذا المعلم في إنقاد حياته وقلبها رأسا على عقب. ولو لاه لما صار كامي، كامي. لقد لعب الرجل دور الأب، بحيث تدخَّل عند الجدة الصارمة والقاسية على حفيدها، لتتركه يتابع دراسته ويتهيأ لمبارة ولوج السلك الإعدادي والثانوي. هذا ناهيك ، عن مفعول ذلك الكتاب، الذي أصر الأستاذ أن يقرأ كل مرة فصولا منه على تلامذته ومن بينهم كامي بطبيعة الحال. أما الكتاب فهو بعنوان «صلبان من خشب» لـ«رولان دوجليس»، أهداه إياه معلمه إبان زيارته له وهو في سن الخامسة والأربعين، مكتفيا بأن قال له «لقد بكيت ذلك اليوم، هل ما زلت تتذكر؟ منذئذ وهذا الكتاب لك». بدهي إذن أن نؤكد على عظمة هذا الفيلسوف ، على أكثر من مستوى. ومما يدل على تميزه الإطيقي والوجداني ، إنما هو ما أوردناه من وفائه للطفولة وعدم تنكره لمعلميه وكل من ساهم في صياغة حياته. فهو من أهدى كذلك ، كتابه «الظهر والوجه» لأستاذه «جان غرونيي» الذي حفزه على التفكير والكتابة. وفضلا عن ذلك، يتضح أن هذه المميزات التي نادرا ما تجتمع في شخص ما ، هي ما مكَّن كامي أيضا، من التفوق في كل ما أنتجه. فكيف بمن كتب : «من أدرك ما هو عظيم عليه أن يعيشه.(7) ألا يضحى جبلا شامخا على طول مسار حياته. فكان أن عاش براهفة حسية عز نظيرها، يحدو حدو الكبار، مدافعا عن المظلومين و المقهورين ، مناضلا ضد الإستعمار ونصرة للعدالة والسعادة البشرية. وبدل أن ينحاز سياسيا، لذوي النفوذ، والحكام ، أصحاب المال والجاه ، كافح إلى جانب الفوضويين ومريدي الحرية. فمنح قسطا كبيرا من المال الذي اكتسبه إبان تسلمه لجائزة نوبل، لثلة من الفوضويين الإسبان، أولئك الذين تم نفيهم قسرا، جراء نضالهم ضد نظام فرانكو الفاشي. ومن وجهة نظر سياسية ، بوسعنا القول بأن هذا الفيلسوف قد عاش ، مؤمنا بإمكانية يسار لا ماركسي؛ يسار كفيل بتحقيق الثورة السلمية، بعيدا عن العنف، والحقد، الاعتقالات والاغتيالات ؛فتبنى فكرا تحرريا، براغماتيا وملموسا ضد يوتوبيا يسارية تسلطية دموية وعنيفة ، عَمَّت أجواء القرن العشرين بأكمله. وفي هذا الباب يُعَرِّف الدمقراطية مؤكدا على «أنها ليست قانون الأغلبية ، بل هي الحفاظ على الأقليات». من هنا يتبدى أنهم مخطئون كل أولئك الذين يعتبرون ألبير كامي اشتراكيا ديمقراطيا، بل وأحيانا أخرى اشتراكيا ليبراليا(8)؛ لأنه منذ سنة 1954، بدأ يوضح ميولاته السياسية مطالبا بجمهورية اشتراكية تحررية ، والتي كشكل من أشكال السلطة تسمح في الآن ذاته بالعدالة والحرية . ملحا على أن الأولى دونما الثانية استبداد بينما الثانية دونما الأولى فوضى ، بالمعنى المبتدل للكلمة . على هذا الدرب ، يدعو كامي إلى يسار لا يتبنى الفكر البرجوازي (كفكر رايمون آرون) ولا الماركسية القيصرية (ماركسية سارتر). في خضم سوء الفهم هذا ، إذن ، لا بأس لنا من التذكير بالسمعة السيئة التي لحقت كامي، وكان زعيمها سارتر وتياره الماركسي. وليس يخفى على أحد ما كتبه «جان جاك بروشيي» ذات مرة حيث مضى واصفا كامي بأنه «مجرد فيلسوف للقسم النهائي». يعود ذلك طبعا للأحقاد التي عانى منها كامي، جراء مواقفه الإيطيقية ومبادراته السياسية. سيما لَمَّا انهار صرح الأخوة والتضامن الذي كان يُعوِّل عليه لمكافحة العدمية، ومقاومة كل أشكال السلبية وحَلَّت التوتاليتارية السوفييتية محل التوتاليتارية الإشتراكية الدمقراطية ، التي ناضل ضدها هو ورفاقه لسنوات طوال. هكذا صار يتكبد مكائد ، رفاق الأمس، جراء تشبعهم بإديولوجية الشيوعية من جهة ، ومشاركة بعضهم من جهة أخرى، حتى قبل نهاية الحرب، وفي عز النازية، مواقف أكثر رجعية من قبيل مناهضة اليهود، وتأييد أحكام الإعدام. بدهي إدن أن تزداد معاناة الرجل، على اعتبار أن الماركسية صارت هي القانون حتى في المجال الفكري. وبما أن كامي، ليس من طبعه أن يبرر وجود المعتقلات والغولاغ، فسارتر، حريص على إطلاق كلابه الضارية، وتوجيه ضرباته لكامي حتى غدت لاشيوعيته اليسارية تبدو كما لوكانت لاشيوعية يمينية ، جراء حبكة أتقنها اليسار الماركسي. كتب الناقد الأدبي «برنار فرانك» في ذات السياق: «إن أسلوبه الرفيع، الأكثر تحفظا، هو أسلوب رجل محتشم ، رجل من الغوغاء، يدلف لأول مرة باب صالون أدبي، بقفازين يدويين وقبعة على الرأس. ليلتفت باقي الضيوف ، عارفين من يَمْثُلُ أمامهم. هكذا نخلص إلى استنتاج مؤداه أنه لم يكتب قط أي شيء يذكر»(9). هذا ناهيك عن نعثه بالمفكر المناصر لفئة البيض الجزائريين والمستعمِرين النافدين. ليس ذلك ، فحسب ، بل بوسعنا أن نستشف حدة الحقد والكراهية التي باتت تحاصر كامي، من تصريح أدلى به لصديقه «روني شار» في رسالة وجهها إليه يوم 30 يونيو 1947 ، حيث يقول: «هل بوسعي الآن أن أطلب منك خدمة، باعتبارك صديقي القديم؟ إني متعب من باريز كما من طبقة اللصوص التي نصادفها بها . أرغب بكل ما أوتيت من قوة في العودة إلى بلدي الجزائر، لأنه بلد الرجال، بلد حقيقي، أحرش ولا ينسى. لكن الأمر مستحيل لأسباب عدة. والحالة هاته، فأعز بلدات فرنسا إلى قلبي هي بلدتك. وبالضبط، قدم «لوبرون»، جبل اللور، لوريس ، لوماران … إلخ. -إن الأدب حتى اللحظة، لم يُثْرِيني. لكن «الطاعون» سيجلب لي بعض المال. أريد أن أشتري بيتا في هذا البلد، فهل تساعدني؟(10). وبعد سنوات من ذلك (1958)، سيكتب إليه رسالة يقول له فيها: «لقد اشتريت بيتا في لورماران، إنه جميل وفي مِلْكِكْ. سوف أُحدِّثُك عنه.(11)» خلاصة القول ، أن كامي وهنا قوته ، مكث بالرغم من كثر الأحقاد وكثر الأعداء وفيا لمبادئه الإنسانية، ومخلصا لأفكاره التحررية؛ فكتب، وعاش على نحو دنوزوسي، ساخرا من كل التصورات الأرتودوكسية، والآراء الفجة ، تلك التي تؤيد تفعيل أحكام الإعدام والمتعطشة للحرب . وهو، ضد غريزة الموت انتصر لغريزة الحياة . لذلك ، لا يمكنك أن تقرأه دون أن تنتابك قشعريرة فرح منقطع النظير؛فرح استلذذت به، شخصيا ، أيام كنت أقرأ له «الغريب» بمنطقة إسوال، الجبلية، على طريق مراكش – ورززات. وتلكم كانت أولى انفتاحاتي على عوالم هذا الفيلسوف، الذي سوف تظل أعماله مستعصية عن الإستنفاذ، من لدن القراءات الجديدة. وذلك نظرا، لطابع نصوصه المبرومة، والمتشعبة، بنبرتها الساخرة وميزتها الباروكية.
الهوامش:
(1)Edition électronique,realisée par charles Bolduc.les classiques des sciences sociales.
(2)نفسه.
(3)Michel onfray,L›ordre Libertaire,La vie philosophique d›Albert Camus,Ed.Michel onfray et Flammarion,2012,P.141.
(4)نفسه، ص.114.
(5)نفسه، ص.115.
(6( édition électronique,realisée par Jean-Marie Tremblay.les classiques des sciences sociales.
(7) ورد ضمن كتاب ،ميشال أنفراي،السالف الذكر،ص.89.
(8) أنظر كتاب،رونالد أرونسو،بعنوان :كامي و سارتر،ترجمة شوقي جلال،منشورات عالم المعرفة،ع.334؛2006؛ص.105.حيث جاء في سياق النص أن كامي دعا إلى «اشتراكية ليبرالية جديدة» .ونحن هنا لا نعرف هل الهفوة تعود إلى المترجم الذي يكون قد عرب لفظة «libertaire» بـلفظة «ليبرالي «،أم إلى الكاتب نفسه،مادام أننا لا نتوفر على النص الإنجليزي.
(9) ميشال أنفراي،كتاب مذكور،ص.620.
(10) نفسه،ص.621.
(11) نفسه،ص 622 و623.