أَسْرِقُ مَوْتَاً مِنْ فَمِ اليَاسَمِين
وَأَزْرَعُ أَيَّامِي عَلَيْكِ
أَنَا مُنسِّقُ الزُّهُورِ الأَعْمَى..
لَا أَقْوَى عَلَى اِنْسِكَابِ لَحْظَتِكِ
فِي سَاعَةِ الأَمَلِ النَّاطِقَةِ بِمَا لَمْ يَقُلْهُ الله
فِي أَحْلَامِ اليَقْظَة.
كَالعَادَةِ..
أُشْرِقُ كُلِّ يَوْمٍ
أَنَا القَمَرُ المَحْظُوظُ بِلَمْسَةِ عَيْنَيْكِ.
نِسْيانٌ يَعْبُرُ أَثْنَاءَكِ
وَقَيْظٌ مُنْقَسِمٌ عَلَى امْرَأةٍ وَنَخْلَة
يَقْطُنُ المَكَانَ وَيُحَرِّرُ أَسْرَابَ الزَّمَنِ
مَن اِنْهَمَاكِهَا فِي السَّفَرِ مِن ضَوْءٍ إِلَى آخَر.
تَسِيلُ ضِفَّتُكِ عَلَى نَهْرِي
الذي يَشْرَبُ الشَّايَ وَيَجْهَلُ المَزْرَعَة.
رُبَّمَا..
سَيَذُوبُ شَالُكِ عَلَى قُطْنِ الطَّرِيقِ مِنْ شِدَّةِ أَطْيَافِكِ.
وَعَلَى كُلِّ حَالٍ؛
أَنْتِ الرُّوحُ التِي تَعْمَلُ عَلَى تَشْجِيرِ السَّمَاءِ
بِالكَوَاكِبِ الضَّهْبَانَةِ فِي بَحْرِ العَدَم.
تَنْزِفِينَ شَهْرَاً مِنَ الأَحْلَامِ المَذْعُورَة
وَتَرْطُنِينَ سَنَوَاتٍ مِنَ الرِّحْلَةِ إِلَى الله
وَأَنَا المَدِينُ لِرِقَّتِكِ بِالسَّمَاءِ وَمَا حَوْلِهَا مِنْ مَجْهُول
أَنْثُرُ أَنْوَائِي عَلَى مَلَاءَةِ اللُّغَة.
كُلُّ طَيْرٍ يَنْأَى إِلَى أَسْمَائِكِ الأَلْفِ
وَكُلُّ هَوَاءٍ لَا تَسْلُكِينَه لَعْنَة.
مِنْ أَيِّ بَحْرٍ تَغْرِفِينَ الرِّقَّة؟
وبِأَيِّ آلائِكِ سَتَنْهَضِين؟
يَنْسَاكِ الرَّبُّ فِي بُسْتَانِ العَالَم
دُونَ أَنْ تُدْرِكَ الغَابَةُ مَدَاهَا.
بَحْرٌ شَاعِرٌ يَغْفُو عَلَى رِمْشِكِ المَأْهُولِ بِالمَوْت
فِي كُلِّ طَرْفَةِ عَيْنٍ تَنْطِقُ بِالحِكْمَةِ المَأْزُولَةِ
فِي الكَلَامِ السَّائِل.
أُنَادِيكِ وَأَنْتَظِرُ الصَدَى الهَيْمَانَ
مَحْمُولاً عَلَى طَيْرِ اللغَةِ الحَائِر
وَلِكُلِّ لُغَةٍ حَالٌ فِي شَأْنِكِ.
تَشْدَهُنِي آلَةُ الحَدِيقَة
التِي تُسَرِّبُ صَوْتَكِ إلَى السَّمَاءِ
حَيْثُ لَا يَنْفَدُ دُعَاؤُكِ للحَمَام
وَلَا تَفْنَى ذَرَّةٌ مِنْ رُخَامِه.
وَلَرُبَّمَا
كُنْتِ تَحْلُمِينَ بِالهَدَيلِ
أَثْنَاءَ طَفْوِكِ عَلَى مَاءِ كِتَابٍ مَقْتُولٍ
بِالحُبِّ وَأَعْمَالِ المَوْتَى.
إِنْسَانُكِ الذِي لَا يَنَامُ
فِي جَنَّة المُوسِيقَى
يَقْتَبِسُ لَيْلَهُ عَنْ لَيْلٍ كَوْنِيٍّ سَائِرٍ
وَيَسْبَحُ مُخْتَمِرَاً كَأَنَّه المَاءُ الضَّاحِكُ
عَلَى يَقِينِ اليَابِسَة.
أَسْمَاءٌ تَلْبَسُكِ لِتَعْبُرَ نَهْرَ المَارَّة،
وَقَرَابِينُ سَعِيدةٌ بِالذَّبْحِ عَلَى مَلَأ المُشَاهَدَة،
تُنْقِذِينَ النَّائِحَةَ مِنْ غَيْبَتِهَا،
وَتُزْهِرِينَ فَمَاً عَلَى تِلَالِ رَاحَتِكِ الفَاصِلَةِ بَيْنَ الحَيَاةِ وَالمَوْت.
بَلْ؛
مَا زَالَ صَوْتُكِ يَفْلَحُ أَشْجَانَ الرَّأْفَة
صَوْتُكِ:
العُصْفُورُ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ لَا تَدُلَّ عَلَى المَكَان؛
المَوْجَةُ المُعَذَّبَةُ بِفِرْدَوْسِ السَّمَاع؛
الحُمَّى المَشْحُونَةُ بِالنُّعَاسِ؛
مَا يُطْرِبُ جُدْرَانَ الخِفَّة؛
وَمَا يَلْتَبِسُ بِصَمْتِ الوُجُود.
صُوتك النائم: بُحَيْرَةٌ
تَصْحُو أَطْيَارُهَا مِن العِبَادَةِ
لِتَهْلَكَ فِي النِّسْيَان.
تَقْرَأينَ كِتَابَاً أَعْمَى
فَتُبْصِرُ غَابَاتُ عَيْنَيْكِ بَنَاتِ الله
تُغَنِّينَ الوُجُودَ بِحَنَاجِرَ مَسْنُونَة
وتُدْرِكِينَ القُلُوبَ التِي تَسَاقَطَتْ
قَبْلَ أَنْ تَلْعَقَهَا الهَاوِيَة
القُلُوب التِي لَا عُقُولَ لَهَا
القُلُوب التي تَحْرِثُ الهَوَاءَ الإِلَهِي،
القُلُوب المُعبَّدَة للنِّسْيَان
والمَحْفُوفَةُ بِالمَلَاحِم
فأيُّ مَعْرِفَةٍ أَنْتِ؟
وَمِنْ أَيِّ دَهْرٍ تَنْبُعِينَ
أَيَّتُهَا الوَرْدَةُ المَكْنُونَةُ فِي عَيْنِ الظَّلَام؟
حاتم الكناني*