يشعر المطالع لثورة ابن مضاء على نحاة المشرق وكأنه يتحدث بلسان عصرنا رغم ان بيننا وبينه الف عام من الزمن تقريبا، حين شن حملته الشعراء على النحاة وما ذهبوا اليه من ايغال فى القضايا النحوية والصرفية حتى آل امر اللغة العربية الى عدة «لغات » حمل بعضها سميات هي الى الغرابة والتفكه اقرب منها الى التأصيل والتعمق فهناك لغة كنانة ولغة هزيل ولغة "خرق الثوب المسمار" ثم لغة "اكلونى البراغيث" وما الى ذلك من لغات وما اشتملت عليه من منازعات .
ذلك الى جانب حشد كبير من صفوف الاعلال والابدال والاشتقاق والتنازع والاشتغال وغيرها من «الظواهر النحوية » التي احالت كتاب النحو العربي الى الغاز وعقد تستعصى على الجهبذ الحصيف فما بالنا بالمتناول العادى للغة .
من هنا شن ابن مضاء حملته من خلال كتابه "الرد على النحاة " داعيا الى تخليص النحو العربي مما علق به من اعباء.
ولعمرك لقد هالني بعد الشقة ما بين جلال التعبير فى الحديث الشريف من خلال قوله "صلى الله عليه وسلم" "يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار» وبين تخريجات النحاة للحديث من حيث مجىء الفعل مجموعا على تقدمه اذ قال النحاة ان ذلك جاء على لغة "اكلونى البراغيث " وعليه ايضا قاسوا قول الشاعر: يلومونني فى اشتراء النخيل اهلي فكلهم يعزلون وكان النحاة قد قطعوا بعدم جواز مجىء الفعل مجموعا إلا اذا تأخر على الفاعل الجمع ، فلما وجدوا فى الحديث الشريف واشعار العرب الاقدمين ما يخالف قولهم اخترعوا هذه اللغة ذات الاسم الغريب مهما قيل فى اسباب التسمية لها من اقوال طريفة .
ولسنا نحن المتأخرين زمنا من عانى اقوال النحاة تلك بل ان ثمة من حيره ذلك فى زمانهم فاحدهم راعه نصب المضارع تقديرا بعد واو المعية او ناء السببية واعتبار النحاة لذلك انه بسبب "ان " المحذوفة وقد كاد الرجل ان يمسه الجنون من ذلك القول فكتب الى نحوى من نحاة البصرة المعاصرين له ، وهو ابن عثمان بكر المازني يشكو ما لقيه من عنت فى فهم النحو ومرادات النحاة … يقول
تفكرت فى النحو حتى مللت
واتعبت نفسي له والبدن
واتعبت بكرا واصحابه
بطول المسائل فى كل فن
فكنت بظاهره عالما
وكنت بباطنه ذا فطن
خلا ان بابا عليه العفا
ء للفاء يا ليته لم يكن
وللواو باب الى جنبه
من المقت احسبه قد لعن
اذا قلت هاتوا لماذا يقال
لست بآتيك او تأتين
اجيبوا لما قيل هذا كذا
على النصب قيل لاضمار "ان "
فقد كدت يا بكر من طول ما
افكر فى امر "ان " ان اجن
فالمضارع المقترن بغاء السببية أو واو المعية اذن ليس منصوبا بهما وأن كانتا ظاهرتين بل هو منصوب بـ "أن" المضمرة وفى ذلك تعسف بين يأباه حس النحوي العالم بالنحو كصاحب الابيات وكاهن مضاء الذي وردت تلك الابيات فى كتابه الذي بين ايدينا حيث يعكف صاحبه على التدليل على فساد رأى النحاة فيه وفى غيره من تقديرات وتأويلات .
وفى عصرنا الحديث قيض الله لكتاب ابن مضاء يدا حدبة وعينا فاحصة لاحد علماء العربية المعاصرين هو الدكتور شوقي ضيف الذي ازال غبار الزمن والنسيان عن الكتاب واخرجه فى الصورة التي هو عليها الآن بعد جهد جهيد اذ نراه يقول فى مقدمة الطبعة الثانية من الكتاب الذي صدر بتحقيقه :
(منذ نحو خمسة وثلاثين عاما عثرت على فهرس المكتبة التيمورية بدار الكتب المصرية على كتاب بعنوان الرد على النحاة لابن مضاء القرطبي، فطلبته للا طلاع عليه ، واذا هو مخطوطة مليئة بالتصحيف والتحريف غير ان طرافة موضوعها اغرتني بتحقيقها ونشرها اذ رأيت ابن مضاء فيها ثائرا على نظرية العامل فى النحو ثورة عنيفة .
وعكفت عليها اصلح تحريفاتها واصحح تصحيفاتها وارم اسقاط الكلام بها مستعينا فى ذلك بأصول علم النحو وأمهاته المطبوعة والمخطوطة مما اشار اليه ابن مضاء فى كتابه وما لم يشر اليه حتى استقامت نصوصها وزايلتها أفات التصحيفات والتحريفات وسواقط الكلمات واصبحت بذلك نقية مصفاة من الشوائب وانا فى اثناء ذلك اعارض نصوص الكتاب وامثلته وشواهده على تلك الأمهات والاصول مثبتا ذلك فى هوامشه كما اثبت ما اقتبسته منها لشرح غوامضه وبيان ما قد يستغلق على القارىء او الباحث منه "كتاب الرد على النحاة ص 3").
ان هذا الوصف التفصيل لعملية اعادة النبض والحياة الى مؤلف من المؤلفات فى اللغة العربية بعد ذلك البون الشاسع من الزمن هو الذي يعطينا الدلالة على اهمية جهد الخلف فى الحفاظ على تراث السلف وخطورة ما يقدمون عليه من انجاز.
وبالقطع لانقصد من وراء تناول هذا الكتاب مزيدا من البحث والاستقصاء فقد تتقاصر عجالتنا هذه عن نبل المقصد انما اردنا ان نميط اللثام عن واحد من الجهود المخلصة للحفاظ على اللغة العربية واجلائها والتخفيف من اثقال النحاة عن كاهلها حتى تتبدى فى حلة بهية بقبل عليها أهلها وغير أهلها فى غير ما عنت او استغلاق .
ولعلنا نلاحظ انه رغم الثورة العارمة التي شنها ابن مضاء على الالغاز والتعقيد فى "صناعة" النحو العربي إلا ان احدا لم يستأنف ذلك الجهد من بعده حتى العصر الحاضر، حين قام محقق الكتاب بوضع منهج نحوى يستجيب لجل ما ارتاه ابن مضاء إلا انه ايضا لم يلق استجابة واعية لما طرح من ابحاث جديرة كل الجدارة بالبحث والتنفيذ خدمة لمناهج تدريس اللغة العربية واستعمالاتها.
وهكذا ظل النحو العربي على حاله يثقل حركة اللغة ويعرقلها حتى ايقظتنا ثورة أخرى لم نكن نحسب لها حسابا وهى ثورة المعلومات التي جاء بها عصر التكنولوجيا فأيقظت ما غفا من دعوات التي التخفيف بغية اللحاق بعصر الكمبيوتر، وتأهيل لغتنا الجميلة لان تمتطي متنه الى درب الديمومة والازدهار الفكري، بصفة أن اللغة هي حامل الفكر ووعاء الحضارة مثلما انها اداة للتوصيل .
ولم يعد الامر مجرد نظريات لغوية تنفتق عنها عقول النحاة واللغويين تتجاذبها التخريجات الذهنية المتعارضة بقدر ما هي اداة توصيل ينبغى ان تكون اكثر طواعية لحمل اعمال الفكر المتنامى والمتسارع الى عالم المستقبل واجياله القادمة حتى لا يؤول مصير اللغة العربية الى مثل مصائر اللغات التي عاقها جمودها عن مسايرة التطور الحضاري فكان مالها الى الزوال او الانزواء فى اقبية كهنوتية لا تكاد تراما عين او تلمسها يد.
ولطالما حيرتني تلك الثنائية فى تعاطى اللغة العربية منذ بدء المدارس النحوية واتقادها فى الكوفة والبصرة ثم امتدادها الى اليوم ، فنحن نرى اللغة من خلال النص القرآني الكريم طيعة سهلة المأخذ تتخطى الكثير من الكوابح النحوية التي رسختها مدرستا الكوفة والبصرة وما أعقبهما من مدارس الشروح والتبويب النحوى.
اننا نرى النص القرآني يخاطب المفرد أحيانا بلغة الجمع والجمع بلغة المفرد والمثنى بلغة الجمع فان قالت الاية ( وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما) ولم تقل اقتتلا فإنما بذلك نستمد بعدا بلاغيا من التعبير متجاوزين القياس النحوى الى جلاء البلاغة فى القول والفصاحة فى الاسلوب بل ان بعض المفسرين ذهب فى تفسيره لاحدي الايات على انها نفى يراد به الاثبات وذلك لما ظن من تعارض ظاهر الاية مع ما شرع فى شأن الصوم وهى الاية الكريمة ( وعلى الذين يطيقونه فدية كا اذ ليس من الوارد الفدية مع استطاعة الصوم ، وهو الأولى بالاداء شرعا وبالطبع ثمة تخريجات عدة للاية فى كتب المفسرين ولم يجد المفسر حرجا فى تأويل النص القرآني بما يتفق والاجماع فى احكام الصيام حتى لو كانت وسيلته ابدال صيغة الاثبات بصيغة النفى وهما طرفا نقيض فى التعبير والمدلول .
وقد اورد ابن مضاء شواهد كثيرة على سهولة التعبير فى النص القرآني من حيث الايجاز فى المواقف والاقتصاد فى المفردات تاركا للقارىء ادراك المعنى المراد اذا كان فطنا بأمور اللغة مدركا لمضامينها ومدلولاتها، وهو انجاز بليغ لاينتقص من المعنى شيئا ومن ذلك الأيات الكريمة : ( وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا) وقوله تعالى : ( ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو) وفى قراءة العفو على النصب او الرفع ففي الحالين تؤدي الآية المعنى المراد.
ولانبغى بالطبع هنا الاضطلاع بمهمة التفسير القرآني فذلك أولى به علماء التفسير والقراءات إلا ان ما يهمنا ان نلفت اليه النظر هو مدى التسامح الجم فى التعامل مع اللغة من خلال النص القرآني وهو احداهم مصادرها بل ربما كان اهمها على الاطلاق بينما راح النحاة يتنازعون الاحكام النحوية ويتعسفون فى صناعة قاعدة او «لغة » لكل ما يواجهونه من خروج فى لغة السابقين على ما استن النحويون من قواعد واقيسة اثارت استياء ابن مضاء وغيره بما حملت من تعقيدات . اطلاله على النص يقوم كتاب «الرد على النحاة » على أحدى وخمسين ومائة صفحة من القطع المتوسط ، شاملة الفهارس وقوائم بأسماء كتب أخرى للمحقق ومقدمة الطبعات الثانية والثالثة ثم الأولى وبعدها مدخل الى الكتاب اورد فيه المحقق ملامح العصر الذي تم تأليفه فيه والمناظرات اللغوية والفقهية التي صاحبت تأليفه وما اتسم به ذلك العصر، فى المغرب العربي، من ازدهار فكرى فى ظل دولة الموحدين فى القرن السادس الهجري.
ولا غرر ان يظهر فى ذلك العصر مفكرون مثل ابن مضاء وهو العصر الذي شهد ظهور ابن رشد وابن طفيل وابن زهر وغيرهم ممن شغل التاريخ بفكره ـ وما يزال .
كان ابن مضاء يشغل منصب قاضي القضاة فى دولة الموحدين ، وهو منصب اتاح له تناول قضايا فقهية ولغوية لفقهاء المشرق ولغوييه ، تناولا لم يخل من نقد ومآخذ.
انه ابو العباس محمد بن مضاء اللخمى واصله من ترطبة وكان عالما بالطب والحساب والهندسة الى جانب علمه باللغة والفقه كما كان شاعرا بارعا وكاتبا مبرزا وقد وردت سيرته تفصيلا فى كتاب "بغية الوعأة " للسيوطى و«الديباج المذهب » لابن فرخون .
ولم يقتصر ابن مضاء فى سعارضته لنحاة المشرق على كتابه هذا وانما سبقه بكتابين هما «المشرق فى النحو» و«تنزيه القرآن عما لا يليق بالبيان ».
والذي يطالع كتاب "الرد على النحاة " يدرك لاول وهلة ان المؤلف قد اطلع على اغلب كتب النحو التي الفها المشارقة من امثال سيبويه وابن جني والسيرا في وغيرهم .
يقول محقق الكتاب ان ابن مضاء لم يكن يعنيه التوفيق بين أراء النحاة ، وانما كان حريصا على مهاجمة النحو جملة وان كان اختار المذهب البصري فى النحو دون الكوفى لان النحو البصري كان شائعا حوله ، وما يزال حتى عصرنا الحاضر «الرد على النحاة ص 20».
نظرية العامل :
استهل ابن مضاء كتابه بحملة موجهة الى النحاة محاولا ان يسدى لهم النصح بقوله : اما بعد فإنه حملني على هذا المكتوب قول الرسول صلى الله عليه وسلم «الدين النصيحة » ذلك ان ابن مضاء كان يرى ان نحاة المشرق ضلوا واضلوا الناس فى وعشاء النحو وشهابه «ص 24».
كما وأهم اكثروا من الفروع والحجج والعلل ، ورأى ان ذلك ينبغى ان ينفض عن النحو وان يؤخذ المأخذ المبرأ من الفضول … يقول (وأنى رأيت النحويين – رحمة الله عليهم – قد وضعوا صناعة النحو لحفظ كلام العرب من اللحن ، وصيانته عن التغيير فبلغوا من ذلك الى الغاية التي اموا وانتهوا الى المطلوب الذي ابتغوا إلا انهم التزموا ما لا يلزم وتجاوزوا فيه القدر الكافى فيما ار ادوه منها فتوعرت مسالكها ووهنت مبانيها وانحطت عن رتبة الاقناع حججها "ص 72" ).
واخذ ابن مضاء يدعو الى حذف ما يمكن ان يستغنى عنه وينبه الى ما اعتبره اجماعا منهم على الخطأ واسس دعوته على ضرورة الفاء ما يعرف فى النحو باسم «نظرية العامل » اي المسبب فى الموقع الاعرابي للكلمات من حيث عمل الرفع والنصب والجر والجزم كقول النحاة ان رفع الخبر سببه وجود المبتدأ اما رفع الفاعل ونصب المفعول فالسبب وجود الفعل وهكذا، وزاد الكوفيون على هذا القول ان الذي عمل النصب فى المفعول هو الفعل والفاعل معا «الرد على النحاة ص 81».
إلا ان ابن مضاء يرى ان هذه التخريجات «فاسدة » لان الذي يعمل الرفع والنصب والجر والجزم فى المفردات انما هو المتكلم ذاته الذي ينطق بالجملة ولا شىء غيره مما ورد فى الجملة من عوامل النحاة .
وبالطبع فان عدم وجود الفاعل ظاهرا فى الجملة دفع النحاة الى القول بالتقدير فى المحذوف فالفاعل إذا يوجد ظاهرا فهو «ضمير مستتر» وهذا الاستتار والتقدير هو ضمن ما دعا ابن مضاء الى حذفه مطلقا من الاعراب بل دفع بأن ذلك التقدير «حرام » اذا قيل فى القرآن به ، موردا الحديث النبوى شاهدا على قوله ، ذلك الحديث الذي يقول أدمن قال فى القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار» وزاد ابن مضاء على ذلك يقول «مما يدل على انه حرام ، الاجماع على انه لايزاد فى القرأن لفظ غير المجمع على اثباته ، وزيادة المعنى كزيادة اللفظ ، بل هو احرى، لان المعاني هى المقصودة والالفاظ دلالات عليها، ومن اجلها" "ص 82".
كما دعا ابن مضاء الى الغاء"التنازع" وهو وجود اعرابين لكلمة واحدة حسب الموقع فى الجملة على اعتبار ان اكثر من عامل يتنازع اعرابها، ومثله "الاشتغال" وهو امر شبيه بالاول
تقريبا .
وقد رأى ابن مضاء ان القول ليس بحاجة الى استنباط علة لرفع الفاعل او نصب المفعول ولم يقتنع بالقول ان ذلك ما سمع عن العرب او لان رفع الفاعل يميزه عن المفعول او لان الفاعل فى الجمل واحد لكن المفاعيل تعدد.
بل هو يرى الاكتفاء بالعلم بأن الفاعل مرفوع والمفعول منصوب دون البحث عن علة ذلك وسببه ، ويقول ان جهلنا بالسبب لن يضر "اذ قد صح عندنا رفع الفاعل الذى هو مطلوبنا باستقراء المتواتر، الذى يوقع العلم " (الرد على النحاة ص 131).
كما دعا ابن مضاء الى الغاء القياس ، اى قياس عامل بعامل أخر فى العمل ، كذلك الغاء التمارين غير العملية ومنها ابدال حرف علة محل أخر، وانتهى الى القول بأن الناس عاجزون عن
حفظ اللغة الفصيحة الصحيحة فكيف بهذا المظنون المستغنى عنه واختتم قائلا ومما يجب ان يسقط من النحو الاختلاف فيما لايفيد نطقا "ص 141" .
تصنيف جسيد للنحو:
وعن قناعة بوجاهة رأى ابن مضاء وضع محقق الكتاب تصنيفا جديدا للنحو على ضوء أراء صاحب (الرد على النحاة) ودعوته للتيسير، وقد اقام المحقق تصنيفه على ثلاثة اسس هى :
اولا: تنسيق ابواب النحو بحيث يستغنى عن طائفة منها بردها الى ابواب اخرى.
ثانيا: الغاء الاعراب التقديرى فى الجمل وكذلك فى المفردات مقصورة ومنقوصة ومبنية .
ثالثا: إن ألا تعرب كلمة لايفيد اعرابها شيئا فى تصحيح الكلام والنطق به نطقا سديدا.
رأى:
لقد سرج واضعو كتب النحو العربى الذى يتلقاه الدارسون فى مراحلهم الابتدائية والاعدادية والثانوية على وضع القواعد النحوية بشمولية تغرق احيانا كثيرة فى التفاصيل والتشعيبات
وايراد الاوجه التى تشكل خروجا على القاعدة العامة وكذلك على ايراد التأويلات والاقوال المتعددة فى القضية الواحدة او الباب الواحد من ابواب النحو لتبرير اسباب الاعراب او علله .
وأرى – قياسا على آراء المطالبين بالتخفيف من المتقدمين والمتأخرين على السواء – ان تقتصر كتب النحو فى المراحل الابتدائية والاعدادية والثانوية على القضايا الاساسية دون اختلاف او شواذ ودون القضايا الفرعية منها، وعلى الواجب منها دون الجائز، بل ارى حذف الجواز من النحو جملة، وايراد الواضح المتفق عليه دون الغامض والمستشكل والمتنازع فيه وارجاء ما دون ذلك الى المراحل الجامعية لمن اراد الاستزادة والتخصص ممن يجد لديه ميلا الى الاشتغال باللغة العربية
وآدابها ونتيجة ذلك – ان اخذ به – ان يتفرغ الطلاب فى مراحل الدراسة الاولى الى تمثل بنية الجملة العربية دون ايغال فى التعقيد والتعامل معها فى سلاسة ويسر ويمكن الاخذ بالسهل
المتدارك من ابواب النحو فى تلك المراحل على النحول التالي :
اولا: الجملة وشبه الجملة واقسام الكلمة
ثانيا: البناء والاعراب "مع استبعاد الازدواجية بينهما فى الكمة الواحدة كاعراب وبناء الفعل المضارع ".
ثالثا: النواسخ
رابعا: التوابع بلا تفريعات من مثل انواع البدل او النعت .
خامسا: بعض منصوبات الاسماء الضرورية لبناء الجملة كالحال والمفعول به مع ارجاء دراسة بعض ما لايكثر استخدامه كالمفعول فيه والمفعول معه والمفعول لاجله وما الحجازية وغيرذلك .
سادسا: حذف "الاساليب " عدا الضرورى منها كأسلوبى الاستفهام والنفى واستبعاد – أو ارجاء – دراسة اساليب مثل اساليب القسم والاختصاص والنفى والاستغاثة والمدح والذم والتفضيل والنداء ولاسيما والاغراء والتحذير والشرط والاستثناء.
سابعا: ارجاء وظائف الحروف "العوامل منها اما الهوامل فلا تأثير لها" واعراب المعتل ، ومكان الجملة من الاعراب وشروط ذلك .
حينئذ يتوفر التلميذ علىدرس ينمى فيه رغبة البحث والاطلاع واخصاب ملكاته اللغوية من حيث الفصاحة والبلاغة فى التعبير وتذوق جمال اللغة ومواطن الجمال فى النصوص وسبر اغوار المعانى ومدلولات الالفاظ حتى يستقيم لسان النشء وتنساب عليه اللغة انسيابا يسيرا، فتتحرر الافكار وينطلق الخيال وتصفو القرائح وتعود اللغة العربية – كما كانت لغة الفصاحة والبيان ويعود الشعر من جديد ليحتل مكانه كديوان للعرب ونروة لسنام لغتهم ، حتى فى عصر الكمبيوتر.
محمد عبدالخالق : (كاتب مصري يعمل بعمان)