في المدينة ضوضاءٌ هائلة
واحتشاد يعمي الأبصار
لأنهم ينشئون خط الترامواي
على آثار الموحدين
ولكن البحر لا يزال في مكانه
وكذلك الحدائق العجيبة..
الضجيج يزداد
والمارة قانطون
والبار القريب
يشتكي من شحّة الزبناء
الذين أبعدهم
عن كؤوسهم
عويل الآلات.
البحر بعيد ولا شأن له بالموضوع
وكذلك الحدائق العجيبة
ولكن النادل الشلحي
وحارس السيارات
متورطان حتى العظم
في شقّ طريق الترامواي.
تمضي الخطوط
راسمة في أحشاء المدينة
نذوبا داكنة
من الإسمنت والفولاذ
والأشجار التي جرى اقتلاعها
مثل أسنان منخورة
انتهت صلاحيتها
تنتحب على الرصيف
تحت الأعين الساخرة
للمارة المستعجلين.
العمال المشمّرون
عن سواعد افتراضية
وقد نسوا عضلاتهم في الصحراء
ينثرون عرقهم في الخنادق
مثل جنود لم يحاربوا مع حمو الزياني.
صديقي التراموي
تمهّل قليلا قرب باب السفراء
ولا تغتر كثيرا
بالفولاذ المستورد بالعملة الصعبة
الذي يحيط بخاصرتك
هناك الأسوار التي شيدها الأسرى
بتراتيل إنجيلية
ورسائل سلطانية
هي التي ستقود إلى الجنة.
أيها العابر بنعال من فولاذ
أنظر لحظة
لهذا البناء الشامخ
الذي شيّده سادتك الموحدون
واعتبر قليلا
أمام صومعة حسان
وأقواس باب الأحد
وانظر بعين المحبة
لقصر البحر
وقصبة الأوداية
ثم اختل ركنا
في حانة بيتري
لتحتسي كأسك
وتمضغ لقمتك
وتمضي إلى حال سبيلك
مثل شخوص ثملين
في رواية لمحمد زفزاف.
حسن بحراوي*